تمهيد
وضع هذا النظام المكتبي البريطاني (جيمس دف براون) 1882- 1914 لكي يفي باحتياجات المكتبات البريطانية التي أهملها ديوي . عمل براون في مكتبة ميتشل في مدينة غلاسكو عام 1878 وتعين عام 1888, أميناً لمكتبة كلاركفويل العامة في ضواحي لندن ويعزى إليه اعتماد نظام الرفوف المفتوحة في المكتبات . ودارت مجادلات ومناقشات في بريطانية حول هذا النظام لأن الرفوف المغلقة كانت السائدة والمنتشرة واستدعى نظام الرفوف المفتوحة أن تكون الكتب مصنفة لمساعدة القراء على الوصول إلى ما يريدون . وتشجع براون على وضع نظام للتصنيف يكون بريطاني النشأة ز ولم يكن معروفا في بريطانيا سوى نظام ديوي الأميركي ووضع (التصنيف الموضوعي ) وصدرت الطبعة الأولى عام 1906 , والطبعة الثانية عام 1914 , وبعد تجربة استمرت 26 عاماً ظهر النظام في الطبعة الثالثة ستخدموا هذا النظام في تصنيف مقتنيات مكتباتهم . يتكون النظام من (11) أصلاً والرمز مختلط من الحروف والأرقام واستخدم الهجائية الكبيرة A-Z والأرقام 000- 999 واستخدام العلامات قي بعض الحالات مثل علامة الإضافة + فمثلاً : المنطق والبلاغة M170+3000 وخصائص هذا النظام أنه جمع نظريات الموضوع وتطبيقاته معاً , كما اعتمد نظرية المكان الواحد ( أي مكان واحد في النظام للموضوع الواحد ) , وهذه القاعدة كانت الثغرة الكبيرة في هذا النظام لأن معالجات الموضوع الواحد تنقله من مكان إلى أخر، فمثلاً جمع الصوت والموسيقى في مكان واحد، مع أن الصوت موضوع فيزيائي علمي، والموسيقى موضوع فني . لقد استخدمت هذا النظام مكتبات وصغيرة في بريطانيا عند ظهوره . ثم تحولت فيما بعد إلى تصنيف ديوي العشري . نشر هذا التصنيف لأول مرة في سنة 1906 , ونشرت الطبعة الثالثة والأخيرة منه ( التي قام ج . د ز ستيوراث بتحريرها ) في 1939 . وقد زعم براون أن تصنيفه يمثل " طريقة بسيطة ومنطقية وعلمية بالقدر المعقول، للتصنيف في المكتبات، والبريطانية منها بوجه خاص " , فإذا وضعنا هذه النقاط في أذهاننا فسوف تعد تقديمها وتعريفاً بالخصائص التي تتميز بها الخطة .
- حاول براون أن يحقق البساطة عن طريق وضع كل مظاهر موضوع محسوس مافي مكان واحد، على عكس ما يجده في التصنيف العشري العالمي من التوزيع الدقيق للمظاهر، الذي قال عند براون إنه محير . كما أن الكشاف، بوصفه مصاحباً للخطة ومقترناً بها، يهدف إلى أن يكون مفتاحاً مباشراً لمواضيع الموضوعات دون تعدد في المعاني ( المداخل ) ويزعم براون أنه بذلك يكون أفضل من الكشاف النسبي الدقيق المصاحب للتصنيف العشري .
- حاول براون أن يحقق تسلسلاً منطقياً إلى حد ما وذلك عن طريق مراعاته لترتيب " التقدم العلمي " بقد المستطاع ’ مع تطبيقاته تتبع أساسها النظري، كما حقق ذلك عن طريق تركه للتجميعات التقليدية ووجوده الفصل المفتعلة أكثر منها علمية ؛ مثال ذلك الفصل بين العلم والتكنولوجيا أو بين الفنون الجميلة و التطبيقية .
- اعتبر براون أن الخطة العلمية هي التي تنشأ نتيجة لهذه الصفات ( خطة بها مكان واحد لكل موضوع، تجمع معاً الوجهتين النظرية والعلمية ) ويصاحبها كشاف بسيط، أما عن صلاحيتها للاحتياجات البريطانية فهي لا تزيد عن كونها تجنبت الميل لوجهة النظر الأمريكية وهذا الميل ميزة من ميزات التصنيف العشري، كما أنها توفر قدراً لا بأس به من التفاصيل الجغرافية الخاصة بالجزر البريطانية في قسمي التاريخ والوصف .
وقد فشل التصنيف الموضوعي في أن يحل محل التصنيف العشري مع أنه يمتاز عليه بميزات معينة، بالنسبة للمكتبات البريطانية على الأقل . وفي الوقت الحاضر، يستعمله في بريطانيا ما يقرب من أربعين مكتبة . ومنذ فترة أخذت المكتبات التي تستعمل التصنيف الموضوعي تتحول عنه إلى التصنيف العشري، ومع أن هذا الأتجاه يتم ببطء، إلا أنه اتجاه جاد وثابت . وقد يرجع بعض هذا إلى الرغبة في أتباع الاتجاه العام السائد، ولكن يضاف إلى ذلك الأخطاء القاتلة في الترتيب والتجميع في التصنيف الموضوعي، علاوة على إخفاق القائمين بأمره في المحافظة على حداثته ومتابعة تفصيله وتوسيعه . فعلى مدى خمسين سنة لم يصدر منه إلا ثلاث طبعات فقط، ولم تظهر فيما بين الطبعات أيه خدمة أو تسهيل للمشتركين من مراجعة أو إضافات . ولا يبدو أن هناك مكتبات جديدة سوف تستعمل التصنيف الموضوعي كما لا يبدو أن أحدا من المكتبات الحالية سوف بتحول إليه .
المفاهيم الأساسية
نظرية المكان الواحد
أشار براون إلى أن الكثرة من أقسام المعرفة وأجزائها الداخلية من الضخامة بحيث يستحيل الكسف عن النتاج الفكري الكامل لواحد من الموضوعات الخاصة في مكان واحد ثابت ." فكل موضوع قابل لأن يعامل من وجهات نظر متعددة، وكل واحدة من هذه قد تكون موضوعاً لقدر هائل من الإنتاج الفكري ... مثال ذلك موضوع الزهور فيمكن أن ينظر إليه من وجهات نظر علم النبات و زراعة الزهور، التاريخ , الجغرافيا، الزينة , الرموز، الببليوغرافيا .. ألخ . ويعتمد براون أن الزهور تمثل موضوعاً محسوساً , وأن وجهات النظر تمثل موضوعات عامة . هو يسأل الآن : هل الأفضل أن نجمع الإنتاج الفكري حول موضوع محسوس ( بما فيه المركبات مثل الببليوجرافيات الخاصة بالزهور ) في مكان مخصص ( و "محلي" كما يسميه براون أيضاً ) ( مثل الوهور ) أو توزيعه ( الإنتاج الفكري) في مكان أعم ( مثال ذلك الببليوجرافيا ) . ثم يجيب براون : إن اهتمام الدارس بالزهور في كل وجهات النظر هذا هو أهتمام ثابت، أما اهتمام الببليوجرافي فهو مجرد اهتمام عرضي ؛ ولذلك " فينبغي أن يفضل الموضوع الثابت أو المحسوس على وجهة النظر الأعم أو الموضوع العرضي . وعلى ذلك فإن ببليوجرافية عن الزهور سوف تتفرع من الزهور، وليس من الببليوغرافيا، وكذلك توضع حدائق الزهور تحت الزهور وليس البساتين، عمارة المكتبات تحت علم المكتبات وليس العمارة اقتصاديات صناعة الفحم تحت استخراج الفحم وليس تحت الاقتصاد، كتاب عن شخصيات شكسبير تحت سيرة شكسبير ( اعتبر الشخص هنا الشيء المحسوس ) . والنتاج العلمي لهذه الخاتمة أو الخلاصة التي انتهى بروان إليها . هو أن قسم علم البساتين في التصنيف الموضوعي يفقد وجه النيات فيه، وأن قسم العمارة يفقد معظم وجه البناء فيه ( ويوجد هنا بعض التناقض – مثال ذلك أن عمارة الحوانيت توضع تحت التجارة عامة بدلاً من تجارة الحوانيت وأن الاقتصاد يفقد وجه الصناعة والعمل فيه ووأن لتاريخ الأدبي يفقد وجه المؤلف فيه . وهكذا فإن كل الأشياء المحسوسة ( مثل الأشخاص، الفحم , الزهور، المكتبات ) تعطي مكانا واحدا فقط في الخطة . أما وجهات النظر التي تصف هذه الأشياء ( وجهات النظر هي الأقسام " العامة " التي تمثل السياق الأوسع، أو المجموعة التي تعامل في نطاقها الأشياء، مثل علم البساتين، العمارة , الاقتصاد، الأدب ...الخ ( فتسجل على حدة – بالإضافة إلى مكانها من القوائم – في قائمة تجميعية " للأشكال، الجوانب , وجهات النظر، الصفات , ألخ "
نظرية العلم والتطبيق
في التصنيف العشري والخطط الأخرى، يوجد شيء مثل الزهور أو الفحم في سياقات متعددة وليس في موضع واحد . أما في التصنيف الموضوعي فيوجد هذا الشيء في مكان أو موضع واحد، ويقرر اختيار هذا الموضع وفقاً لمبدأ هو: وضع كل شيء ما أمكن – قريباً من الموضوع الذي يتخذه أساساً له ز وعليه توضع الزهور تحت علم النبات، والمكتبات تحت علم المكتبات ( في الببليوجرافيا ) , والفحم تحت علم المعادن، والأشخاص تحت التراجم .ومن نتائج المبدأ الأخير أن براون لا يأخذ " بالتقاليد، أوجه الفصل والجمع، التي هي مفتعلة أكثر منها علمية " مثال ذلك الفصل بين العلوم البحتة والتطبيقية، بين الفنون الجميلة والتطبيقية، بين العملات الجارية والمسكوكات الأثرية، بين العمارة والبناء، بين الحلل والأزياء .
الجداول
الرمز | الموضوع |
---|---|
A | القسم العام |
B/D | العلم الطبيعي والتكنولوجيا ( المادة والطاقة ) |
E/F | علم الحياة ( الحياة ) |
G/H | الانثولوجيا والطب |
I | علم الحياة الاقتصادي والفنون المنزلية |
J/K | الفلسفة والدين ( العقل ) |
L | علم الاجتماع وعلم السياسة |
M | اللغة والأدب |
N | الأشكال الأدبية ( التسجيل ) |
O/W | التاريخ والجغرافيا |
X | التراجم |
- عن هذا الترتيب يرى براون أنه يعكس تسلسلاً واسعاً : المادة، الحياة , العقل، والتسجيل . ولم يعلق على هذا الترتيب أي أهمية وإنما زعم براون أنه يحقق " ترتيباً منطقياً أو يحقق على أي حال ترتيباً حسب التقدم الذي من أجله يمكن للعقول، قوية كانت أم ضعيفة أن تتقدم في تطورها ".
هذا التصور ينشأ عنه – في الحقيقة – ترتيب معقول ومفيد، مشابه في أساسياته لذلك الترتيب الذي نجده في التصنيف الببليوجرافي، لكن الترتيب الداخلي في نطاق الأقسام مسألة لها شأن أخر .
- فالترتيب في نطاق كل قسم يبني على مبدأين على طول الخط : ( أ ) مكان واحد للموضوعات المحسوسة، وتحت كل موضوع من هذه المحسوسات نجد الترتيب الذي تحدده القوائم التجميعية هو نفسه ترتيب القوائم الرئيسية ( التي سحبت منها ) و (ب) تطبيقات تتبع أساسها النظري .
الترتيب غير المفيد في التصنيف الموضوعي
- هذا الضعف يرجع أساساً إلى أن التصنيف الموضوعي أهمل " الاصطلاح " العملي . وهذا الاصطلاح يعكس تخصص المعرفة وتقسيم العمل وهما صفتان أساسيتان في المجتمع الحديث تحددان إلى حد كبير الإنتاج الفكري فيه . أما تصنيف براون فالترتيب فيه يبني على أن المحسوس ( مثال ذلك الزهور أو الفحم ) هو موضوع التخصص – وأن الشخص نفسه سوف يدرس مثلاً جيولوجيا الفحم، وكيمياء الفحم، واستخراج الفحم، التنظيم الاقتصادي لصناعة الفحم، الخ , ولكن يندر أن يحدث هذا . فالتخصص الذي نجده في التربية والتعليم كما نجده في التدريب، هو التخصص في الكيمياء، الجيولوجيا , تكنولوجيا استخراج المعادن، الاقتصاد , علم المكتبات، الخ . والخط الباقية الأخرى مثل التصنيف العشري العالمي و تصنيف مكتبة الكونجرس تعكس هذا التخصص بصورته هذه وهي تقدم لنا ترتيباً أكثر فائدة من ترتيب براون . على أي حال، فإن براون قد تجبن كثيراً من وجوه الفصل التقليدي غير الضروري، مثل ذلك الفصل بين العلم والتكنولوجيا، أو بين الفنون الجميلة و التطبيقية .
- يرجع هذا الترتيب غير المفيد أيضاً إلى اتباع براون لمبدأ أن التطبيق يتبع النظرية ثم مضى في تطبيق هذا المبدأ إلى غاياته القصوى . وبناء على هذه المبدأ يوضع تصنيف المكتبات تحت المنطق، وتوضع عمارة الكاتدرائيات تحت الدين، وخدمات النار تحت الجزء الخاص بالحرارة من علم الطبيعة . مثل هذا التجميع غير مرض ويشتت – في أغلب الأحيان – موضوعات وثيقة الصلة، مثال ذلك أنه يضع اختيار الكتب تحت الببليوجرافيا , الفهرسة مع التكشيف والترتيب، التصنيف تحت المنطق، أي يفصلها عن علم المكتبات .
- خطة المكان الواحد
من الواضح أن وجود خطة توفر مكاناً واحداً فقط لكل موضوع ثم تسحب هذا على موضوعات المعرفة جميعاً – أمر يكاد يكون مستحيلاً فإن جمع مظاهر الموضوع الواحد معاً يجرم الموضوعات الأخرى تلقائياً من بعض أقسامها . وعلى هذا فإن التصنيف الموضوعي هو خطة المكان الواحد بالنسبة للموضوعات " المحسوسة " فحسب . [1]
المراجع
- ^ مدخل الى علم تصنيف المكتبات / برجس عزام ؛ مراجعة ماجد علاء الدين .- ط .-[د . م]: مطابع الصباح , 1986, ص 143- 148.