كان أمون Amun, Ammon حسب رواية ديودور الصقلي Diodorus Siculus ملكاً أسطورياً ألّهه اللوبيون (الليبيون القدماء: الجرمنت، البربر، الليبومصريين، الليبوأثيوبيين)، وبالرغم من أن عبادة الإله أمون قد انحسرت في مصر في عصر متأخر إلا أن تقديسه في لوبيا (ليبيا القديمة) ظل سائداً حتى بعد أن احتلّ المصريون واحة سيوة في القرن السادس ق.م. وقد صوّر بالإضافة إلى رمز الكبش الذي يعلوه قرص الشمس على هيئة رجل على رأسه قلنسوة مزينة بريشتين طويلتين، وهو شعار عدد من القبائل اللوبية القديمة، وقد ازدهرت عبادة أمون في القرن الخامس ق.م. بانتشار الأمونيات (معابد أمون) في معظم مدن وواحات الساحل والصحراء.[1]
أمون اللوبي وأمون المصري
ويختلف أمون اللوبي عن أمون المصري في أن الأول كان إلهاً للنبوءات والوحي، بينما كان الثاني إلهاً للحصاد والزرع قبل أن يُجعل كبيراً للآلهة باسم أمون رع. وقد أمر قمبيز الفارسي بهدم معبد أمون اللوبي (واحة سيوة) وترك أمون المصري (طيبة) حسب رواية هيرودوت. وعرفه الإغريق باسم زيوس أمون، وأطلقوا على المركب الإلهي المقدس اسم: سلامينا أمونياس.[2]
ألقابه
من ألقابه العديدة: الأب، المعين، نبيّ الغرمنت، ذو القرنين، عالي المقام، المرعِد، سيد الأولمب، واللقب الأخير أطلقه الشاعر بندار في قصيدة أرسلها إلى كهنة أمون في سيوة قائلاً: "أيا أمون يا سيّد الأولمب".[2]
وحى أمون
ذكر هيرودوت عن منشأ الوحيين (اللوبي واليوناني) روايتين عن كهنة زيوس الطيبي وعرافات دودونا، فهما إما امرأتان مقدّستان من طيبة، أو حمامتان سوداوان من طيبة أيضاً، قال في الكتاب الثاني(2 : 54): "هذا ما يقوله المصريون بشأن الوحيين الذين يوجد أحدهما عند الإغريق والآخر في لوبيا. قال كهنة زيوس الطيبي إن الفنيقيين قد خطفوا امرأتين مقدّستين من طيبة، وإنهم عرفوا أن إحداهما قد بيعت في لوبيا والأخرى في اليونان، وإن هاتين المرأتين هما اللتان أنشأتا الوحيين أول الأمر عند الشعبين المذكورين... هذا إذن ما سمعته من الكهنة في طيبة، وفي ما يلي ما رواه عرّافات دودونا: طارت حمامتان سوداوان من طيبة التي في مصر، ذهبت إحادهما إلى لوبيا وجاءت الثانية إليهم. وعندما حطت هذه فوق شجرة سنديان أعلنت بصوت آدمي أنه يجب إنشاء موحى لزيوس هناك. وأدرك القوم أن هذا نبأ جاءهم من إله. وتصديقاً له أقاموا الموحى. أما الحمامة الثانية التي توجهت إلى لوبيا فتقول العرافات إنها أمرت اللوبيين بإقامة موحى أمون، وهو أيضاً خاص بزيوس". ويبدو أن هاتين الروايتين صدى لمعتقد مصري يتعلق بالنوّاحتين إيزيس ونفتيس اللتين كان المصريون يصورنهما على شكل حدأتين.[2]
معابد أمون
نال وحي أمون شهرة كبيرة في الجزء الغربي من المتوسط، حتى أن الاسكندر المقدوني عندما احتلّ مصر (332 ق.م) زار معبد سيوة ليُعمّد هناك ابناً للإله أمون، وكان له معبد في طبرق يعرف باسم أمونوس، وفي بنغازي (ليبيا الحالية) موقع يعرف باسم "تل أمون" ويلفظه الأهالي "طيلمون"، أما في خليج سدرة، فعلى ساحل مدينة سرت كانت هناك محلة تدعى أمونكلا، وأخرى تدعى أمونيس، كما عُرف المكان الذي سمي لاحقاً باسم مذبح الأخوين فليني باسم أمونيس هالوس، وكان له معبد في واحة أوجلة، وبونجيم وزاوية المحجوب وترهونة.
من الإشارات المتأخرة عن ذلك ما كتبه بروكوبيوس القيصري في كتابه: العمائر، وقد عاش المؤرخ حتى 560 م تقريباً، قائلاً أن أوجلة اسم يشار به إلى مدينتين (جالو وأوجلة)، وهما: "مدينتان قديمتان احتفظتا بعبادات الأقدمين [وكان المؤرخ نصرانياً كاثوليكياً] ... وتوجد هنا معابد من الأزمنة الغابرة مكرّسة لأمون والاسكندر المقدوني [تم تعميده ابناً لأمون وأصبح مؤلّهاً] وقد تعوّد الأهالي فعلاً أن يقدموا لها القرابين حتى عهد الإمبراطور جستنيان [أي الزمن الذي عاش فيه المؤرخ]، وفي هذا المكان عدد كبير ممن يدعو عبيد الهيكل أو المعبد [أي سدنته والقائمين على خدمته]". ثم يشير إلى أن الإمبراطور جستنيان "علمهم مذهب العقيدة الحقة [يعني الكاثوليكية] فحوّل السكان جميعهم إلى النصرانية ومهد السبيل لتبديد عادات أجدادهم الرجسة، وبنى لهم كنيسة مكرسةً لأم الرب [يعني مريم العذراء] لتكون حارساً لأمن المدينتين وعقيدتهم".
هذا عن شرق لوبيا، أما في غربها فربما دمج اللوبيون في العصر القرطاجي عبادة أمون بعبادة بعل الكنعاني باسم بعل حمون الذي رمزوا له بالكبش وأصبح سيد الآلهة في قرطاج وأقاليمها مرفوقاً بعبادة الإلهة تانيت. وبشكل عام، لم يكن أمون – كما يذكر إريك بيتس في كتابه "الليبيون الشرقيون"– مشخّصاً في أعين أتباعه تشخيصاً بشرياً ولا حيوانياً، والمرجّح أن عبادة أمون قد ظلت سائدةً حتى قدوم الإسلام.[2]
مراجع
- عبد المنعم المحجوب، (مادة أمون في) معجم تانيت، دار الكتب العلمية، بيروت، 2013.
- معجم تانيت، مادة أمون.