خلال الحرب العالمية الثانية، تبنت الدولة الإسبانية (إسبانيا الفرانكوية) بقيادة فرانثيسكو فرانكو الحياد كسياسة رسمية في زمن الحرب. كان هذا الحياد متذبذبًا في بعض الأحيان وأفسحت سياسة «الحياد التام» الطريق إلى سياسة «عدم القتال (غير المحارب)» بعد سقوط فرنسا في يونيو 1940. كتب فرانكو إلى أدولف هتلر عارضًا الانضمام إلى الحرب في 19 يونيو 1940. في وقت لاحق من نفس العام، التقى فرانكو مع هتلر في هينداي لمناقشة انضمام إسبانيا المحتمل إلى دول المحور. لم يتوصلا بالاجتماع إلى أي اتفاق، لكن إسبانيا كانت ستساعد المحور –بسبب دعم إيطاليا وألمانيا العضوين في دول المحور لفرانكو خلال الحرب الأهلية الإسبانية– بطرق مختلفة.[1]
على الرغم من التعاطف الأيديولوجي، فقد وضع فرانكو جيوشًا ميدانية في جبال البرانس لردع دول المحور من احتلال شبه الجزيرة الإيبيرية في عام 1940. السياسة الإسبانية خيبت آمال دول المحور ومقترحاتها التي كانت تُشجع فرانكو على الاستيلاء على جبل طارق الخاضع لسيطرة بريطانيا. يعود السبب الأكبر لتردد إسبانيا من الانضمام إلى الحرب إلى اعتمادها على الواردات من الولايات المتحدة. كانت إسبانيا لا تزال تتعافى من حربها الأهلية وعرف فرانكو أن قواته المسلحة لن تكون قادرة على الدفاع عن جزر الكناري والمغرب الإسباني (تحت الحماية الإسبانية) من أي هجوم بريطاني.[2][3]
في عام 1941، وافق فرانكو على تجنيد متطوعين للقتال مع ألمانيا على أساس ضمان مشاركتهم في القتال فقط ضد الاتحاد السوفيتي وليس ضد الحلفاء الغربيين. وعلى هذا الأساس شُكلت الفرقة الزرقاء التي قاتلت كجزء من الجيش الألماني على الجبهة الشرقية بين عامي 1941 و1944.
ستعود السياسة الإسبانية إلى «الحياد التام» مع بدء تغير مسار الحرب سلبيًا بالنسبة لدول المحور. أدى الضغط الأمريكي في عام 1944 على إسبانيا من أجل إيقافها لصادرات التنجستن إلى ألمانيا وسحبها للفرقة الزرقاء إلى فرض حظر على النفط مما أجبر فرانكو على الخضوع. بعد الحرب، لم يُسمح لإسبانيا بالانضمام إلى الأمم المتحدة التي أُنشئت حديثًا بسبب دعمها في زمن الحرب لدول المحور وستقاطع من قبل العديد من الدول الأخرى حتى منتصف الخمسينيات.
السياسة الداخلية
خلال الحرب العالمية الثانية، كانت إسبانيا تحكمها حكومة أوتوقراطية، ولكن على الرغم من ميول فرانكو المؤيدة للمحور والشعور بالامتنان لبينيتو موسوليني وأدولف هتلر، كانت الحكومة منقسمة بين الألمانوفيلين (المحبين ألمانيا) والأنجلوفيلين (المحبين لإنجلترا). عندما بدأت الحرب، كان خوان بيجبدير أتينزا، وهو أنجلوفيلي، وزيرًا للخارجية. أدى التقدم الألماني السريع في أوروبا إلى إقناع فرانكو باستبداله برامون سيرانو سونير، وهو صهر فرانكو وألمانوفيلي كبير «18 أكتوبر 1940». بعد انتصارات الحلفاء في شمال إفريقيا، غير فرانكو موقفه مرة أخرى، حيث عين فرانشيسكو جوميز جوردانا سوزا، الذي كان متعاطفًا مع البريطانيين، وزيرًا في سبتمبر 1942. وكان أنجلوفيليًا مؤثرًا آخر والذي كان دوق ألبا، وسفير إسبانيا في لندن.[4]
الدبلوماسية
منذ بداية الحرب العالمية الثانية، فضلت إسبانيا قوى المحور. بصرف النظر عن الإيديولوجية، كانت إسبانيا مدينة لألمانيا بمبلغ 212 مليون دولار مقابل لوازم العتاد العسكري أثناء الحرب الأهلية. في الواقع، في يونيو 1940، بعد سقوط فرنسا، قدم السفير الإسباني إلى برلين مذكرة دبلوماسية أعلن فيها فرانكو أنه «مستعد في ظل ظروف معينة للدخول في الحرب إلى جانب ألمانيا وإيطاليا». قرر فرانكو بحذر الدخول في الحرب إلى جانب دول المحور في يونيو 1940، ولتهيئة شعبه للحرب، أُطلقت حملة معاداة لبريطانيا وفرنسا في وسائل الإعلام الإسبانية التي طالبت بالمغرب الفرنسي والكاميرون وعودة جبل طارق. في 19 يونيو 1940، مرر (الفعل في ويكبيديا على الأرجح خاطئ) فرانكو رسالة إلى هتلر قائلًا إنه يريد الدخول في الحرب، لكن هتلر انزعج من مطالب فرانكو بمستعمرة الكاميرون الفرنسية، التي كانت ألمانية قبل الحرب العالمية الأولى، والتي كان هتلر يخطط لاستعادتها.[5][6]
في البداية لم يتشجع أدولف هتلر على عرض فرانكو، لأنه كان مقتنعا بالفوز في نهاية المطاف. في أغسطس 1940، عندما أصبح هتلر جادًا بشأن دخول إسبانيا الحرب، كانت المشكلة الرئيسية التي ظهرت هي الطلب الألماني لقواعد جوية وبحرية في المغرب الإسباني وجزر الكناري، والتي عارضها فرانكو تمامًا. بعد الانتصار على فرنسا، أحيا هتلر الخطة زد «التي عُلقت في سبتمبر 1939» التي تهدف لامتلاكه لأسطول ضخم بهدف قتال الولايات المتحدة، وأراد قواعد في المغرب وجزر الكناري لغرض المواجهة المخطط لها مع أمريكا. كتب المؤرخ الأمريكي جيرهارد واينبرج: «حقيقة أن الألمان كانوا على استعداد للتخلي عن مشاركة إسبانيا في الحرب بدلاً من التخلي عن خططهم للقواعد البحرية على ساحل شمال غرب إفريقيا وقبالته (قبالة ذلك الساحل)، بالتأكيد يُظهر مركزية هذه القضية الأخيرة لهتلر مع تطلعه إلى الحرب البحرية مع الولايات المتحدة». في سبتمبر، عندما أظهر سلاح الجو الملكي البريطاني قدرته على الصمود في هزيمة ال «لوفتفافه» «القوات الجوية الألمانية» في معركة بريطانيا، وعد هتلر بمساعدة فرانكو في مقابل تدخل إسبانيا الفاعل (الفعال). أصبح هذا جزءًا من استراتيجية لمنع تدخل الحلفاء في شمال غرب إفريقيا. وعد هتلر بأن «ألمانيا ستبذل كل ما في وسعها لمساعدة إسبانيا» وأنها ستعترف بالمطالب الإسبانية بالأراضي الفرنسية في المغرب، مقابل الحصول على حصة من المواد الخام المغربية. لقد استجاب فرانكو بحرارة (أيد المقترح بشدة)، لكن دون أي التزام ثابت. حرضت وسائل الإعلام الفالنجستية (التابعة للحزب الإسباني فلانجي) على الوحدوية، مدعية أن لإسبانيا أجزاء من كتالونيا ومن بلاد البشكنش «الباسك» التي كانت لا تزال تحت الحكم الفرنسي.[7][8][9][10]
التقى هتلر وفرانكو مرة واحدة فقط في هينداي بفرنسا في 23 أكتوبر 1940 لإصلاح (لبحث) جزئيات التحالف. بحلول هذا الوقت، أصبحت المزايا أقل وضوحًا لكلا الجانبين. طلب فرانكو الكثير من هتلر. كمقابل للدخول في الحرب إلى جانب تحالف ألمانيا وإيطاليا، طالب فرانكو، من بين العديد من الأشياء، كتحصين قوي لجزر الكناري وكميات كبيرة من الحبوب والوقود والمركبات المسلحة والطائرات العسكرية وغيرها من الأسلحة. ردًا على مطالب فرانكو المستحيلة التحقيق تقريبًا، هدد هتلر فرانكو باحتمال ضم فرنسا الفيشية لأراضي إسبانية. في نهاية اليوم، لم يُتوصل إلى اتفاق. بعد بضعة أيام في ألمانيا، سيقول هتلر لموسوليني جملته الشهيرة، «أفضل أن يُقلع ثلاثة أو أربعة من أسناني على التحدث مع هذا الرجل مرة أخرى!» إنه موضوع نقاش تاريخي حول ما إذا كان فرانكو قد تمادى بمطالبته هتلر بالكثير من أجل دخول إسبانيا في الحرب، أو إذا كان أحبط (أعاق) عن عمد الديكتاتور الألماني من خلال وضع ثمن مرتفع بشكل غير واقعي للتحالف معه، عالمًا أن هتلر سيرفض مطالبه وبالتالي إنقاذ اسبانيا من الدخول في حرب مدمرة أخرى.
اعتمدت إسبانيا على إمدادات النفط من الولايات المتحدة، وكانت الولايات المتحدة قد وافقت على الاستماع إلى التوصيات البريطانية في هذا الشأن. ونتيجة لذلك، قيل للإسبانيين أن الإمدادات ستكون مقيدة، وبالرغم من احتياطي سيصمد لمدة عشرة أسابيع. بسبب الافتقار إلى قوة بحرية، فإن أي تدخل إسباني سيعتمد حتمًا على قدرة ألمانيا على توفير النفط. اعتمدت بعض من أنشطة ألمانيا الخاصة على احتياطيات النفط الفرنسية التي استولي عليها، لذا فإن الاحتياجات الإضافية من إسبانيا كانت غير مساعدة. من وجهة النظر الألمانية، كان رد فعل فرنسا الفيشية الفعال على الهجمات البريطانية والفرنسية الحرة «تدمير الأسطول الفرنسي في معركة المرسى الكبير ومعركة داكار» مشجعًا، لذلك ربما كان التدخل الإسباني أقل أهمية. إضافةً لذلك، من أجل الحفاظ على فرنسا الفيشية «على الجانب»، أصبحت التغييرات الإقليمية المقترحة في المغرب إحراجًا محتملًا وخُففت. نتيجة لذلك، لن يقدم أي من الطرفين تنازلات كافية وبعد تسع ساعات، فشلت المحادثات.[11]
مصادر
- Weinberg, Gerhard A World In Arms, Cambridge: Cambridge University Press, 2005 page 177.
- The History Channel. "November 19, 1940: Hitler urges Spain to grab Gibraltar." http://www.history.com/this-day-in-history/hitler-urges-spain-to-grab-gibraltar
- Sager, Murray (July 2009). "Franco, Hitler & the play for Gibraltar: how the Spanish held firm on the Rock". Esprit de Corps. Archived from the original on 2012-07-08.
- [1] - تصفح: نسخة محفوظة 2 يوليو 2018 على موقع واي باك مشين.
- Weinberg, Gerhard A World In Arms, Cambridge: Cambridge University Press, 2005 page 133.
- Weinberg, Gerhard A World In Arms, Cambridge: Cambridge University Press, 2005 page 177.
- Weinberg, Gerhard A World In Arms, Cambridge: Cambridge University Press, 2005 pages 176-177.
- Weinberg, Gerhard A World In Arms, Cambridge: Cambridge University Press, 2005 page 178.
- Serrano Suñer, tragedia personal y fascismo político, Javier Tusell, الباييس, 2 September 2003: "Serrano ante él [Hitler] llegó a sugerir que el Rosellón debia ser español, por catalán, y que Portugal no tenía sentido como unidad política independiente." "نسخة مؤرشفة". Archived from the original on 20 مايو 201113 يناير 2020.
- El último de los de Franco, Santiago Pérez Díaz, الباييس 7 September 2003 نسخة محفوظة 12 ديسمبر 2011 على موقع واي باك مشين.
- باللغة الإيطالية Quotation of Mussolini, Album di una vita by Mario Cervi at the Bordighera site. Accessed online 18 October 2006. نسخة محفوظة 30 مايو 2020 على موقع واي باك مشين.
وصلات خارجية
- 1939–1945: The Spanish Resistance in France
- Nueve Company (French Second Armoured Division)
- The Blue Division
- Spanish Involvement in World War II
- Operation Felix: Assault on Gibraltar
- Excerpt from Christian Leitz, "Spain and Holocaust"
- Libro Memorial. Españoles deportados a los campos nazis (1940-1945), Benito Bermejo and Sandra Checa, Ministerio de Cultura de España, 2006. Re-published in نسق المستندات المنقولة.
- Los vascos y la II Guerra Mundial, Mikel Rodríguez, Euskonews & Media 301.
- Jimmy Burns, Papa Spy: Love, Faith & Betrayal in Wartime Spain. London, Bloomsbury, 2009. [2]