نص غليظ
التجربة الماليزية الاقتصادية
المقدمة
التجربة الماليزية في التنمية تعد من التجارب التي تمتاز بخصوصيتها واهميتها بالنسبة لدول العام الثالث والتي يمكن السير على خطاها للنهوض من التخلف والتبعية في الاقتصاد، فقد تحولت من بلد يعتمد على تصدير المواد الاولية البسيطة إلى أكبر الدول المصدرة للسلع والتقنية الصناعية في منطقة جنوب شرقي آسيا. واستطاع الخروج من الازمة الاقتصادية الخانقة التي عصفت بدول جنوب شرقي آسيا في العام 1997 ، حيث لم تخضع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي لعلاج ازمتها بل عالجت المشكلة من خلال برنامج اقتصادي وطني متميز عمل على فرض قيود مشددة على سياسة البلاد النقدية والسير بشروطها الاقتصادية الوطنية ، وليس الاعتماد على الآخرين الذين يبغون استغلال ازمتها .
التنمية الاقتصادية
إحداث تغييرات جذرية في هيكل الاقتصاد الوطني يؤدي إلى زيادة ملحوظة ومستمرة في معدل نمو الدخل القومي بحيث تؤدي هذه الزيادة إلى التغلب على المشاكل التي تواجهها الدولة، مما يؤدي إلى ارتفاع في مستوى من معيشة الأفراد.
اليوم، ماليزيا في طليعة ما يسمى النمور الآسيوية، في 1970s، بدأت ماليزيا لمحاكاة اقتصادات النمور الآسيوية الأربعة جمهورية كوريا (كوريا الجنوبية)، وجمهورية الصين (تايوان)، والتاج البريطاني مستعمرة في هونغ كونغ وجمهورية سنغافورة والتزمت بالانتقال من التعدين والزراعة إلى اقتصاد أكثر اقتصادا. ومع الاستثمارات اليابانية، ازدهرت الصناعات الثقيلة منذ سنوات، وأصبح الدعامة الرئيسية للبلد المحرك الرئيسي للنمو. وقد حققت ماليزيا باستمرار معدل نمو محلي إجمالي يزيد على 7 في المائة مع انخفاض التضخم في الثمانينات والتسعينيات. ماليزيا اليوم هي واحدة من أكبر الشركات المصنعة للأقراص الصلبة الكمبيوتر.
في مفاجأة من العيار العالي الذي كشف عنه تقرير نشر قبل اجتماع قمة مجموعة "بريكس" مشكلة بعض القوى الاقتصادية الناشئة والسعي لمواجهة التحالفات الاقتصادية الغربية في جنوب أفريقيا عام 2013 على حجم الاستثمارات الماليزية في أفريقيا ، مما مكنها من المرتبة الثالثة في قائمة المستثمرين الأجانب في القارة بعد فرنسا والولايات المتحدة، لوضع العديد من علامات الاستفهام وتسبب العديد من القوى الاقتصادية الأخرى للصدمة. وأشار تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة إلى أن حجم الاستثمارات الماليزية في أفريقيا تجاوز 19.6 مليار دولار بنهاية عام 2011، مقابل 16 مليار دولار للصين و 14 مليار دولار للهند. وقد دفع هذا المجتمع الاقتصادي العالمي إلى دراسة هذه الظاهرة الفريدة بعد أن ظلت ماليزيا بعيدا عن متناول مؤسسات الاستشارات الاقتصادية الدولية.
أهم التحديات التي واجهت التجربة الماليزية:
- قيام أمة موحدة يحكمها الشعور بالمصير الواحد المشترك ومتحد اجتماعياً وأمنياً قوي متطور شديد الثقة بنفسه وفخور ببلده.
- بناء مجتمع ناضج ديمقراطي بفعالية في تطوير بلده تسوده الأخلاق والقيم والاحترام المتبادل.
- بناء مجتمع متسامح مخلص لوطنه دون الالتفات لعرق معين أو فئة.
- بناء مجتمع علمي تقدمي، غير مستهلك فقط للتقنية بل منتج وقادر على الابتكار والإبداع والتصنيع في كافة المجالات.
- بناء مجتمع يهتم بالآخرين ويعترف بالآخر ودوره في مجتمعه مع ضمان مجتمع تسوده العدالة الاقتصادية والاجتماعية وتسوده روح الشراكة.
- حماية البيئة والحفاظ عليها ومنع ما يهددها من عوامل التلوث.
- تحقيق التنمية الشاملة المتوازنة بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتعليمية والثقافية.
- انتشال المجتمع من الفقر والجهل ومحدودية الدخل وقلة فرص العمل والإنتاج إلى مجمع صناعي تقدمي ينعم أفراد مجتمعه بموارد مالية جيدة واستثمارات ومشاريع ضخمة وفرص عمل كبيرة. http://www.al-jazirah.com/2007/20070920/ar8.htm https://web.archive.org/web/20170520030340/http://www.arab-ency.com/ar أ) المرحلة الأولى من التنمية الاقتصادية الماليزية:
لقد مر الاقتصاد الماليزي بمراحل عديدة حتى وصل إلى موقعه بين الاقتصادات الكبرى في العالم. بدأت تجربة التنمية الاقتصادية في ماليزيا منذ الاستقلال في عام 1958. تميل ماليزيا إلى الاعتماد على القطاع العام بدلا من الاعتماد على القطاع الخاص، الذي كان سائدا خلال الاستعمار البريطاني في ماليزيا، حيث سياسة الاعتماد على القطاع العام الذي جاء في إطار المرحلة الأولى من التنمية الماليزية بدءا من اتجاه التصدير، بدلا من استيراد والذهاب إلى الصناعات الإلكترونية، وهي الصناعات التي تعتمد على العمالة المكثفة وكانت الخطوات الأولى للنجاح؛ حيث أدى ذلك إلى خفض معدلات البطالة وشركات النفط الماليزية لها دور حيوي في هذه المرحلة حيث شكلت ما يمكن أن يسمى الشركة القابضة للسيطرة على الشركات المملوكة من قبل الإنجليز أو الصينية وجعلتهم ماليزية الملكية في إطار تحرير الاقتصاد الماليزي للرقابة الأجنبية ونجحت في هذه الخطوة حيث كانت هذه الشركات قادرة على القيام بهذه المهمة حتى نهاية السبعينات. وشملت هذه المرحلة "السياسة الاقتصادية الجديدة" التي عملت على القضاء على الفقر والقضاء على الصلة بين العرق والوضع الاقتصادي، حيث عملت على تحسين الطبقة الملايو وتحسين الظروف التي تدهورت في ظل الاستعمار الماليزية ماليزيا مقارنة مع الهند الطبقة الصينية في ماليزيا، وبذلك أنهت المراحل الأولى من تجربة التنمية الماليزية في الاقتصاد.
ب) المرحلة الثانية من التنمية الاقتصادية الماليزية:
بدأت في أوائل الثمانينيات واستمرت حتى عام 2000، في البداية تم القضاء على العمال الأجانب وزيادة القوى العاملة الوطنية لخفض مستوى البطالة الذي كان أعلى بنسبة 52٪. وركزت على مجموعة جديدة من الصناعات لتحل محل الواردات من أجل دعم الاقتصاد الماليزي وتقليل اعتماده على الخارج، فضلا عن الاستمرار في وضع الأطر الأساسية له في المرحلة الأولى، والتي تقع ضمن القطاع العام، وهذا وتشمل المرحلة الثانيةوالثالثة خمس خطط تستهدف مجموعة من الأهداف التي ترفع النمو في الاقتصاد الوطني وتزيد معدلات التصدير بدلا من استيراد وتحديث البنية التحتية الأساسية للاقتصاد الماليزي. وبطبيعة الحال، بما أن ماليزيا انضمت إلى مجموعة (آسيان) ، فإن أهدافها تشمل تعزيز التعاون بين بلدان هذه المجموعة وبينها من أجل أن تكون عضوا فعالا في هذه المجموعة. وقد وضعت الحكومة الماليزية عددا من الخطط الخمسية؛ بدأت بداية من 1970 إلى 1990. وقد وضعت الحكومة الماليزية فئة من رجال الأعمال لمنع ما يمكن أن يسمى الاقتصاد المزدوج الذي تهيمن عليه الشركات متعددة الجنسيات أو المستثمرين الأجانب كما. واحدة من أهم الأسس التي كانت التجربة الاقتصادية الماليزيةفي هذه المرحلة وفقا لما قاله مهاتير محمد:أ- الحاجة إلى إزالة العقبات أمام الاستثمار الأجنبي.ب- الاعتماد على الموارد الذاتية، ورفض الاقتراض من الخراج.ج- الاهتمام بالقضاء على البطالة في المجتمع وتوفير التعليم الجيد للمواطنين ووقف الفقر بجميع أشكاله.
ج) المرحلة الثالثة من التنمية الاقتصادية الماليزية:
بدأ العمل على النحو الذي حدده مهاتير محمد، وكان يسمى "رؤية 2020"، التي بدأت في عام 1990 وتنتهي في عام 2020. تهدف هذه الرؤية إلى نقل ماليزيا إلى صفوف الدول المتقدمة والعمل على تحسين ظروف الطبقة الملايو من خلال المساواة في المعاملة و وتعزيز العدالة الاجتماعية في هذه المرحلة ماليزيا تمكن من تحقيق نتائج رائعة وإثبات نجاح تجربة التنمية.
التحديات والعقبات
وقال إن تحقيق التنمية الاقتصادية في ماليزيا ليس سهلا كما قد يعتقد البعض، ولكنه كان صعبا ومعقدا. وقد واجهت التنمية الاقتصادية في ماليزيا العديد من الصعوبات والعقبات والتحديات المختلفة التي تم التغلب عليها وبداية أقوى من أي وقت مضى. هذا جعل من حقا تستحق الانضمام (الآسيان) وأصبحت واحدة من أهم اللاعبين الاقتصاديين في جنوب شرق آسيا، وهذه العقبات مثل:أ- الاضطرابات العرقية الدموية التي شهدتها ماليزيا في عام 1960، وفي مواجهة تحقيق التوازن بين الطبقات الاجتماعية جلب الاستعمار وفود الصينية والهندية للسيطرة على المطاط والمناجم والقصدير والشركات، ومعظمها في الفترة الاستعمارية ينتمي إلى الصينيين والهنود الطبقتان اللتان وضعهما الاستعمار لمحاولة تفكيك النسيج الاجتماعي الماليزي حتى يتمكن من السيطرة على الاقتصاد وتشديد قبضته الاستعمارية، وتمت مواجهة ذلك عن طريق العمل على رفع مستوى الطبقة الملايو وإعطائها الامتيازات والمقومات الضرورة لوضع حد للسيطرة على الصينية والهنود على الاقتصاد وشكلت الشركات الملايو المعروفة باسم الشركة القابضة للسيطرة على الشركات المملوكة من قبل الصينيين أو الهنود في ماليزيا وتحرير الاقتصاد الماليزي من سيطرة الأقليات الصينية أو الهندية.ب-تم عزل طريقة الملايو من قبل الاستعمار في المناطق الريفية، وبالتالي لم يكن لديهم وعي كاف من الاتحاد والاستعمار ووقف النهب من ثروة بلدهم، وفي مواجهة تحسين حياتهم وتوفير تعليما جيدا لهم.ج - أدى الاستعمار إلى خفض مستوى التعليم حيث كان التعليم في مرحلة التعليم الابتدائي فقط؛ تمت مواجهت ذلك عن طريق اعطاء التعليم حصة الأسد من التنمية الشاملة.د- في نهاية الاستعمار البريطاني لماليزيا، كان للصينيين حوالي ثلث ثروة البلاد والجزء الأكبر من الاقتصاد في أيديهم. وكان للهنود أيضا جزء كبير من الاقتصاد، تمت مواجهته ذلك عن طريق توفيرفرص متساوية لتنحسين الاوضاع الاقتصادية للوصول إلى معرفة حقهم وتحسين حياتهم .ه- اضطرت ماليزيا إلى توظيف العمال الأجانب، وخاصة في صناعة الإلكترونيات والصناعات الثقيلة، وقامت بتدريب العمالة المحلية لتكون أكثر تأهيلا لمثلهذه الاعمال.و- انتشار الفقر تمت مواجهة ذلك عن طريق إنشاء بنوك إسلامية ورفع مستوى الحياة بالإضافة إلى توفير التسهيلات للمشاريع المحلية.ز- عدم التوازن في الطبقات الاجتماعية، تمت مواجهة ذلك بالعمل على توفير و تحقيق المساواة والعدالة في المعاملة لجميع الطبقاتح - الفساد، تمت مواجهة ذلك عن طريق وضع قوانين صارمة للقضاء على هذا السلوك السيئ وإنشاء العديد من المنظمات لمكافحة انتشار الفساد.ط- أزمة الديون الخارجية، تم مواجهة ذلك عن طريق قيام الحكومة الماليزية في عام 1999 علان أنها أكملت سداد جميع الديون المستحقة ل (صندوق النقد الدولي) ، ولكن في هذه المرحلة كانت التجربة الماليزية مختلفة لأن ماليزيا لم تتبع الخطوات التي اتخذها صندوق النقد الدولي .
السياسات المستخدمة وكـان من عوامل نجاح السياسات التنموية في ماليزيا قدرتها على القضاء على مشكلة البطالة، وذلـك باتباعها العديد من السياسات والإجــراءات التي من شأنها الحد من ظاهرة البطالة في المجتمع الماليزي ومنها:
(a السياسات الاجتماعية وتـهـدف إلـى الحد مـن البطالة بمكافحة مشكلة الفقر، وذلـك باتباع استراتيجية مكافحة الفقر حيث لا تخفى علينا العلاقة الوطيدة بين الفقر والبطالة؛ فتقارير البنك الدولي تؤكد أن مشكلة الفقر ليست ً دائما مشكلة بطالة، فقد يكون العامل ً فقيرا إذا كانت الأجور منخفضة والقدرة الشرائية متدنية. وخــلال عشرين سنة تحولت ماليزيا مـن دولــة زراعـيـة تعتمد على إنـتـاج الـمـواد الأولـيـة وتصديرها، وبخاصة القصدير والمطاط، إلى دولة صناعية متقدمة يساهم قطاعا الصناعة والخدمات فيها بنحو 90 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، ولم يكن لها أن تقدم هذه النجاحات لولا وضع أسس من شأنها معالجة كل ما يهدد أمنها واستقرارها الاقتصادي والاجتماعي وأهمها علاج مشكلتي البطالة والفقر : (22) معا ومنها :
1-برنامج التنمية للأسر الأشد ً فقرا 2-برنامج أمانة اختيار ماليزيا 3-تقليص اختلالات التوازن بين القطاعات (bالسياسات التمويلية: فكانت على الشكل الآتي : منح الإعانات المالية للأفراد والاسر - تقديم قروض بلا فوائد لشراء المساكن قليلة التكلفة للفقراء في المناطق الحضرية. تقديم الـدعـم للمشروعات الاجتماعية الموجهة لتطوير الـريـف والأنـشـطـة الـزراعـيـة الخاصة بالفقراء. C) - السياسات الخدمية (D- السياسات الاقتصادية:
اتـبـاع استراتيجية الاعـتـمـاد على الــذات بـدرجـة كـبـيـرة، مـن خـلال الاعـتـمـاد على سـكـان البلاد الأصليين الذين يمثلون الأغلبية المسلمة. - اعتماد ماليزيا على الموارد الداخلية في توفير رأس المال اللازم لتمويل الاستثمارات فمن سنة 1970الى 1993 ارتفع الادخار المحلي الإجمالي بنسبة 50 بالمئة.
- النمو والتحديث والتصنيع (في مقابل الفقر والمرض والجهل)
الخاتمه
من مجمل دراستنا السابقة نرى ان التجربة الماليزية في التنمية احدى التجارب الفريدة التي يجب على الدول العربية والاسلامية الاستفادة منها واستلهامها، وهي الدولة الاسلامية الوحيدة التي يقوم اقتصادها على التنوع، والفضل يعود في ذلـك إلى اهتمـام الحكومات الماليزية منـذ الاسـتقلال في العـام 1957الى الاهتمـام بـالمواطن وتنميـة طاقاتـه وامكاناتـه الفكرية، ممـا حفـز المـواطن علـى رد الجميـل لدولتـه وحكومتـه الـتي قـدمت لـه كـل مسـتلزمات الرقـي البشـري المـادي والمعنـوي ، بحيـث تم تحجـيم الفقـر والبطالة. كمـا اسـتطاعت الدولـة في ماليزيـا الاهتمـام بـرأس المـال البشـري سـواء الاسـتفادة مـن اهـل الـبلاد الاصليين اومن المهاجرين من المسلمين التي ترحب السلطات الماليزية بتوطينهم
ماليزيا مهاتير محمد اقتصاد ماليزيا
<gallery> ملف:ماليزيا|تكبير|مقارنة بين مصروماليزيا
مراجع
- التجربة التنموية في ماليزيا من العام 2000- " 2010 المدرس الدكتورة نادية فاضل عباس فضلي
- مشكلة البطالة وآليات العلاج ((دراسة تطبيقية مقارنة بين َحالت ْي مصر وماليزيا بين 1991 و2013(سحر أحمد حسن )