كان التسابق الاستعماري على شرقي افريقيا يشمل ثلاث قوى متنافسة هي : سلطنة زنجبار و ألمانيا و بريطانيا، وكان أول من ظهر على الساحة هم العرب الذين اتخذو من زنجبار قاعده لعملياتهم. مصالحهم، سواء في المنطقة الساحلية أو الداخل .كانت تجارية إلى حد بعيد
تدهور القوة العربية في ساحل
قبل العقدين الاخيرين من القرن التاسع عشر .اخذت المصالح العربية في داخل شرقي أفريقيا تتعرض لتهديد من جانب المصالح ألمانية والبريطانية التي كانت تتغلغل بثبات في المنطقة وإزاء ذلك، حاول العرب ان يفرضو سيطرة سياسية على بعض المناطق لحماية امتيازاتهم التجارية، فأقاموا مستعمرة في أوجيجي على شواطئ بحيرة تنجانيقا، كما دبروا انقلاباً في بوغندا على حساب المسيحيين بعد ان تعاونوا معهم لخلع موانغا عن العرش . وكان الأوروبيون في داخل يضمون تجاراً ومبشرين يسعون جميعاً إلى ان تحتل بلدانهم شرقي أفريقيا حتى توفر لهم الأمان وتطلق يدهم في القيام بمشروعاتهم دون عائق
اسلوب التقدم الأوروبي
قد اختلفت أساليب التقدم الأوروبي من مكان إلى آخر، إلآ أنها تميزت بوجه عام باستخدام القوة مقترنة، حينما امكن . بتحالفات دبلوماسية مع فريق ضد فريق آخر . واتخذت القوة صورة الغزوات التي كانت، في كثير من الاحيان، أعمالاً للسلب والنهب أيضا. وقد مدت خطوط السكك الحديدية لتسهيل التقدم داخل البلاد . وقد وصل خط اوغندا الحديدي الذي يربط الجزء الداخلي من اوغندا وكينيا بالساحل، إلى حوض بحيرة فيكتوريا في عام 1905. كما بدأ الألمان، في مد خطوط للسكك الحديدية وشبكات للطرق . وقد بدأإنشاء أول خط حديدي على الساحل في تانغا بعد عام 1891، ووصل إلى سفوح جبال أوسامبارا في عام 1905
رد الفعل في كينيا
كان الرد الأفريقي إزاء هذه كله عسكرياً ودبلوماسياً على السواء، على الرغم مما كان يحدث من تراجع أو عزوف عن التعاون أو سلبية في بعض الاحيان .فقد تصدى الناندي في كينيا ، بالقوة المسلحة لمقاومة ضد مد الخط الحديدي عبر أراضيهم . وكانت مقاومتهم أعنف وأطول مقاومة خاضها شعب من شعوب كينيا ضد الامبريالية البريطانية .فقد بدأت منذ تسعينات القرن التاسع عشر الماضي، ولم تنته إلا باغتيال القادة البريطانيين لزعيمهم وهو في طريقه إلى المفاوضات التي دبرت بنية الغدر به . وقد أدى ذلك إلى إضعاف مقاومة الناندي وأفضى في النهاية إلى احتلال بريطانيا لأراضيهم .وأذا كان الناندي قد قاوموا البريطانيين مدة تزيد على سبع سنوات، فإن هذا يرجع إلى طبيعة مجتمعهم . فقد كان مجتمع الناندي مقسماً إلى وحدات إقليمية تسمى ( بوروريت ) . وكان المحاربون من كل وحدة يظطلعون بمسؤولية الدفاع عن إقليمهم، ولهذا كانوا ينامون في كوخ واحد . وكان هذه أقرب إلى مايكون إلى الجيش النظامي . وقد جمعت الجيوش الإقليمية تحت إمرة زعيم تقليدي ( أورجويت )، كان هو الذي يقرر موعد قيام الجيش بشن غاراته . وكانت الجيوش ترتبط بح من خلال ممثل شخصي يحضر اجتماعات المجلس الإقليمي. وحيث كان الإقليم، لا العشيرة، هو مركز الحياة الاجتماعية للناندي، فإن هذه كان يعني اختفاء التنافس العشائري. وقد أفضى ذلك إلى قيام مجتمع متماسك، وكان هذه التماسك هو الذي أتاح للمجتمع التفوق العسكري على جيرانه.
رد الفعل في تنجانيقا ( تنزانيا)
كان نمط رد الفعل في تنجانيقا - تنزانيا . مماثلاً لذلك الذي حدث في كينيا، فقد جمع بين استخدام القوة وبين التحالفات الدبلوماسية فقد اشتبك مونغا مع القوات الألمانية في عام 1891 وعام 1893، بينما كانت المنطقة الخلفية الواقعة وراء كلوه مقاومتها المسلحة التي نُظمت بقيادة حسن بن عمري . وتحدى الماكوندي التغلغل الألماني حتى عام 1899. واشتبك الهيهي، بقيادة زعيمهم مكواوا، مع القوات الألمانية في عام 1891 وقتلوا حوالي 290 منهم . وأخذ الألمان يعملون للأنتقام لما لحق بهم من خسائر، فاجتاحوا في عام 1894 منطقة الهيهي واستولوا على عاصمتها . ولكن القائد مكواوا تمكن من الهرب . وبعد مطاردة من اعدائه استمرت اربع سنوات، انتحر حتى لايقع في اسرهم، وقد نظم سكان تنجانيفا الساحليون مقاومتهم حول شخصية وزعامة ابوشيري. وكان ساحل تنجانيفا يغلب عليه من الوجهة الاجتماعية، لعدة قرون، شانه شأن ساحل كينيا، السواحيليون و الثقافة الإسلامية . فهنا كان يعيش خليط من العرب و الأفارقة يتزاوجون فيما بينهم بلا عائق ويتولون أمور التجارة المحلية .وكان عرب السواحل آنذاك، القرن التاسع عشر، قد عملوا على زيادة نشاطهم زيادة كبيرة في المناطق الداخلية نتيجة للطلب على العاج و الرقيق .وقد أدت هذه التجارة المزدهرة إلى إنشاء العديد من المدن الجديدة على امتداد الساحل . وهدد مجيء الألمان هذه التجارة التي كانوا يريدون أن يحلو مكانها تجارتهم . أثار هذا حنق السكان المحليين، وبخاصة العرب، فشرعوا في المقاومة . وقد ولد الزعيم أبو شيري قائد حركة المقاومة هذه في عام 1845 لأب عربي وأم من الأورومو ( الغالا ) . وكان حفيداً لواحد من المستوطنين العرب الاوائل الذين أقاموا على الساحل كأحد افراد جماعة اعتبرت نفسها من السكان المحليين . وقد قاوم مثل الكثيرين غيره .
رد الفعل في أوغندا
شهدت أوغندا نمطا مماثلاً من رد الفعل تجاه الاستعمار البريطاني . فشهدت الفترة بين عامي 1891و 1899 صداماً بين قوات كاباريغا ملك بونيورو وقوات لوغارد والوكلاء البريطانيين الآخرين .وقد لجا كاباريغا إلى الدبلوماسية بعد بعض الاشتباكات التي مني فيها يالهزيمة، فحاول مرتين الاتفاق مع لوغارد ولكن هذا الاخير رفض الاستجابة لهذه المبادرات . وحاول موانغا، كاباكا بوغندا، التوسط أحياناً لصالح ملك بونيورو، ولكن دون طائل . وفي النهاية لجأ كاباريغا إلى شن حرب عصابات . ربما كان الاولى من نوعها في شرقي أفريقيا . فانسحب من بونيورو إلى لانغو في الشمال، ومن هناك اخذ يغير على القوات البريطانية مرة بعد أخرى .
المراجع
- اللجنة العلمية الدولية لتحرير تاريخ افريقيا العام ( اليونسكو ) ، تاريخ أفريقيا العام . المجلد السابع أفريقيا في ظل السيطرة الاستعمارية 1880-1935 ، المشرف على المجلد : أ. آدوا بواهن، اليونسكو- أديفرا