الرئيسيةعريقبحث

العزمية


☰ جدول المحتويات


شعار الطريقة العزمية

الطريقة العزمية هي: إحدى الطرق الصوفية المعروفة في العالم الإسلامي، وأما الدعوة العزمية فهي دعوة إصلاحية شاملة.

أسسها محمد ماضي أبو العزائم عام 1353 هـ/1934 م في مصر. فقد كان صوفياً، وكان إلى جانب هذا عالماً من علماء الأزهر ومجاهداً ومصلحاً سياسياً، ناهض الأستعمار البريطاني في مصر والسودان وبينما كان سعد زغلول هو المحرك الظاهر لثورة 1919 كان محمد ماضي أبو العزائم هو المحرك الباطن لتلك الثورة. ولا تزال الطريقة العزمية تسير على خطى مؤسسها، بقيادة حفيده محمد علاء الدين أبو العزائم وتعتبر هي المتحدث باسم التصوف والصوفية، في وسائل الإعلام والحياة السياسية، حيث أن شيخها محمد علاء الدين أبو العزائم يرأس أحد الأحزاب السياسية الكبرى في مصر، وهو حزب التحرير المصري.

السيد محمد ماضي أبو العزائم (1869م - 1937م)

خلفاء الإمام أبي العزائم

السيد أحمد ماضي أبو العزائم الخليفة الأول للإمام

خليفته الأول: ابنه الأكبر الإمام أحمد ماضى أبو العزائم، شكل عمرا جديدا لدعوة الإمام ونشر تراثه وانتقل إلى الرفيق الأعلى يوم20 ربيع أول سنة 1390ه الموافق 26/5/1970م ودفن بمسجده والده الإمام بشارع الشعب

خليفته الثاني : عز الدين ماضى أبو العزائم المحامى، وحفيد الإمام والابن الأكبر للخليفة الأول.

خليفته القائم : محمد علاء الدين أبو العزائم شيخ الطريقة العزمية الحالي وإمام جماعة آل العزائم ورئيس الإتحاد العالمي للطرق الصوفية.

نائب الخليفة القائم : أحمد علاء الدين أبو العزائم.

إضاءات لفهم ماهية الدعوة العزمية

أساس الدعوة العزمية

يقول عز الدين أبو العزائم موضحاً حقيقة الطريقة العزمية وأبعاد دعوة آل العزائم:

دعوة آل العزائم، هي ما كان عليه السلف الصالح من الصحابة والتابعين لهم بإحسان حسب وجهة نظر أتباعها، وأساسها مقام الإحسان بعد مقام الإسلام والإيمان، والسالك في هذه الدعوة، يجب عليه أن يكون محصلا ما لابد له من العقيدة الحقة، والعلم بأحكام العبادات والمعاملات والأخلاق، كما هي سنة المرشدين [1].

ومفهوم كلامه:

  1. أن المبتدئ في هذه الدعوة أقل مقاماته أن يكون محسناً (مقامه مقام الإحسان)، الذي قال عنه رسول الله ص (أن تعبد الله كأنك تراه).
  2. أن هذه الدعوة إحياء لمنهج السلف الصالح على الحقيقة، منهج إصلاح القلوب وتزكية النفوس، وصناعة الشخصية المسلمة الصالحة، لا بالشعارات وعلم شقشقة اللسان، لأن أساس هذه الدعوة هو مقام الإحسان.
  3. كما أنها دعوة وسطية، لا تميل إلى فكر الغلاة (من الشيعة) ولا البغاة (من الخوارج)، بل تتمسك بالشريعة دون تطرف يميناً أو يساراً.

مأخذ الدعوة العزمية

  1. كتاب الله تعالى بعد علم محكمه ومتشابهه وناسخه ومنسوخة، عملا بالمحكم وإيمانا بالمتشابه، بقدر الاستطاعة وتركا للمنهى عنه جملة واحدة إلا لضرورة شرعية.
  2. أقوال رسول الله ص بعد العلم بصحة السند فيما يؤدى إلى علم اليقين، والأخذ بأقواله بدون ملاحظة إلى السند فيما يؤدى إلى فضيلة أومكرمة، وأعماله صالتى تثبت من طرقها الصحيحة، وأحواله صالمبينة في كتب السيرة الصحيحة، التي يستند بها المرشد عند مقتضيات ذلك.
  3. هدى الخلفاء الراشدين وأئمة الصحابة المأخوذ من تراجمهم، والأخذ بالعزائم في كل ذلك.
  4. أعمال السلف الصالح وأئمة المسلمين، ومواحدهم الصادرة عن عين اليقين وصدق التمكين، وصفاء الضمير، والإخلاص في المعاملة لرب العالمين.
  5. طمأنينة القلب بعد العلم بكل ذلك، حالة دخوله في العمل، أوالقول أوالحال، لأن كل ذلك خالص لوجه الله تعالى، بحيث أن السالك في هذه الدعوة إذا لم يستبن له الأمر في كتاب الله ولا في سنة رسول الله ص أوفى هدى السلف الصالح، يلزمه أن يتوقف حتى يطمئن قلبه أنه خير، وأنه خالص لله تعالى [2].

حقيقة التصوف

  • يخطئ كثير من الناس في فهم التصوف على حقيقته أوفى تقدير قيمته وأهميته، فينظر إليه البعض على أنه مذهب دخيل على الدين الإسلامى، وليس له أى علاقة من قريب أوبعيد بما تعبد الله به المسلمون، وينظر إليه آخرون على أنه علم ثانوى، مما توسع فيه التابعون والأئمة وهومن نوافل العبادات التي يستحب للمسلم أن يتزود منها إن استطاع، فإن لم يستطع فلا حساب عليه في تركها. أما العامة والجهلاء فينظرون إليه على أنه سبح فلسفى خيالى، وضعف وزهد انعزالى، وفرار وانهزام وهروب من واقع الحياة ونضالها. كان هذا الجهل الموروث لمذهب التصوف هو العلة الأساسية في إعراض طبقة النشء الحديث عن الإقبال على هذا المذهب الجليل، والبحث عن أصوله العريضة من الدين وتتبع الأدوار والأوساط التي نشأ فيها وتنقل بينها، وسجل بمداد من نور صفحات خالدة من العلم الروحى والإيمان العميق، والدعوة الصادقة إلى طريق الهداية والحق، والعبادة الخالية من الشوائب.

بيد أن هؤلاء وأولئك قد يلتمسون لأنفسهم العذر في تلك النظرة التي ينظرون بها إلى التصوف مما يقع تحت أسماعهم وأبصارهم، من عبث البعض الذين يدعون الانتساب لهذه الطائفة، وهم يرتكبون اشنع الجرائم، وينشرون البدع والأضاليل على أنها من تعاليم التصوف وأعمال الصوفية.

  • من أجل هذا رأينا أن نجدد هذه الدعوة الدينية مما يمتزج بها من ملابسات البدع والأوهام، وأن نظهرها بمظهرها اللائق بها، وأن نسهم بنصيب من الجهاد في إعلاء هذه الطائفة ونصرة مبادئها ونفى ما ألصقه المبتدعة بها مما ليس فيها.

ومن ثم أخذت الدعوة العزمية على عاتقها تبصرة الناس برسالة التصوف الروحية والأخلاقية، وتبين لهم أن التصوف ليس ضعفا ولا خمولا ولا انعزالا، بل هوالجهاد في أعلى ذراه، والعلم في أصفى موارده، والخُلُق في أعلى مُثُلِه، والإيمان في أسمى أنواره وإشرقاته.

  • فالصوفية يعتبرون القلب هو دائرة اختصاص علمهم بكل ما يدخل فيه وما يخرج منه، من العقائد والهمم والخواطر والوساوس.

فكأن الصوفية حينما يعلقون على تصفية القلب وإصلاحه شرط الانخراط في مذهبهم، إنما يفعلون ذلك طبقا لتعاليم الرسول ص، لأن إصلاح القلب يجب أن يكون أول ما يعنى به الراغب في إصلاح الجوارح، وتقويم النفس، ومتى ترك القلب دون إصلاح وتطرقت إليه عوامل الفساد والاعوجاج، فمحال أن ينتفع الإنسان بعمل الجوارح ولو ملأ الدنيا عملا وحصّل أمثال الجبال علما.

من هذا ترى أن تعاليم الصوفية نور ينبعث من مشكاة النبوة، وينتقل بطريق الوراثة الروحية بين أبدال الرسل من قلب إلى قلب فيملأ الأرض نورا وهدى، ويرشد الخلق إلى طريق الحق، ويربى النفوس على تقديس الله تعالى ومراقبته والتفانى في مرضاته. فالصوفية هم الأقلون عددا الأكثرون مددا، وهم المقبلون بكليتهم على الحق الملتفتون عن جانب الغرور والفناء، إلى اليقين الحق والبقاء، وهم الرجال الذين عرفوا قدر الدنيا والاخرة وفروا إلى الله مع الوقوف عند الأسباب، مرتبطة بعضها ببعض، قال ص: ( نعمت الدنيا مطية المؤمن ) فبها ينال الإنسان أرقى مراتب السعادة في الآخرة، ودار رسل الله، ومحل العمل لله، والمسارعة في محابه ومراضيه سبحانه، قال تعالى : ﴿ وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا ۝ ﴾ إن رسالة التصوف تستهدف القلب والروح والوجدان والسلوك الإنسانى في طريقه إلى الله وفي طريقه إلى الحياة.

  • فكما أجتهد الفقهاء في الفروع، وكما أبتدع رجال الحديث القواعد للرواة والسند، وكما تحدث علماء التفسير عن مناهجهم في أسباب النزول والرواية، وكما سن علماء الكلام مبادئهم في البحث عن الذات والصفات والأسباب والمسببات، والقضاء والقدر :

اجتهد علماء التصوف، وأقاموا معارفهم وعلومهم في العبادات والأخلاق، ومناهجهم في السلوك وامراض القلوب وعلل النفوس ونوازع الخير والسر وأنوار الذكر والطاعة ومقومات الشخصية الإسلامية.

وكما حفظ علماء الظاهر حدود الشريعة، كذلك يحفظ علماء التصوف آدابها وروحها.

وكما أبيح لعلماء الظاهر الاجتهاد في استنباط الأدلة واستخراج الحدود والفروع والحكم يالتحليل والتحريم على ما لم يرد فيه نص وترك أمره للاجتهاد والاستنباط، فكذلك الصوفية أن يستنبطوا آدابا وأذواقا ومنهجا للمريدين والعابدين في السلوك والمعرفة والأخلاق والآداب، والأذكار والأوراد والفتح وكشف أسرار النفس.

تبسيط الإمام أبي العزائم علوم التصوف بما يناسب هذا العصر

يقول محمد علاء الدين أبو العزائم في ترجمته لجده في كتاب (خاتم الوراث المحمديين) : "لقد تكلم الكثير والكثير من العلماء بالله في عصورهم عن النفس وأمراضها وطرق تزكيتها، وذلك من باب أمر رسول الله ص عندما عاد من غزوة من غزواته وقال: (رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر: جهاد النفس). وقد سار الإمام علي نهج من قبله، ولكنه بسط الأمر علي أهل عصره واختصر لهم الطريق. وما من كتاب من كتبه إلا وتكلم فيه عن النفوس وتزكيتها، وفي كل كتاب لون مخالف لما سبقه، وأفرد لذلك المقالات العديدة التي تحث علي ذلك، ولم يترك مريد الحق بدون أن يُوجدَ له العلاجَ وفي دائرة التحصين بحصون الأمن والأمان..

ووضع مفاهيم جديده لهذا العلمَ متمثلة في كتاب: (محكمة الصلح الكبري)، تلك الجامعة الكبيرة والحديثة التي تمثل منهج الإمام التربوي في علوم النفس، وتوج هذا العمل بمناهج السير والسلوك التي بثها في مواجيده المتعددة، وهي ما تعرف بمواجيد السير والسلوك".

"بسّطَ الإمام الأمر، وأراد أن يختصر الكلام الصعب، وكذلك أن يخرج من دائرة الفلسفات التي لاتغني ولا تسمن من جوع، فشرح للمريد النفس وتطورها وترديها ليكون علي بينة من الأمر.. أن الإنسان مثنوي من حيث تركيبه، فهو مكون من: جسم ظاهر بجوارح، وحقيقة باطنة وهي ماتسمي بالحقيقة الروحانية. والحقيقة الروحانية أيضًا لها ظاهر وباطن، وهي ما يطلق عليها بالنفس، إذ أن المثنوية لا تفارق الإنسان حتى ولو كان في الجنة حتى ينفرد الله بالأحدية.

والجسم وهو الظاهر، مدته محدودة في الدنيا، وعند نداء الحقيقة الروحانية للخروج من الدنيا فإنها تترك الجسم وتعود. وقد يسر الله لعباده هذا الفهم في الدنيا عن طريق الرؤيا، فعند الإستغراق في النوم يبقي الهيكل أو الجسم في مكانه وتنطلق الحقيقة وتتجول، فلا تتقيد بالجسم، بل تكون في حالة إطلاق كامل ومبهر، فقد تتواجد في أماكن مختلفة وبعيدة عن بعضها في لحظات، وقد تطير في الهواء، وقد تمشي علي الماء، وقد تلتقي بالأحياء والأموات، وقد يكون من تلتقي بهم نائمين أو أيقاظًا، فهذا كله لا يختلف، والله سبحانه يقول: ﴿ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ۝ ﴾ ورسول الله ص يقول عند نومه ويعلمنا أن ندعو بهذا الدعاء قبل النوم: (باسمك ربي وضعت جنبي "عند النوم" وبك أرفعه "عند الاستيقاظ" إن أمسكت نفسي "أي أمتها أثناء النوم" فارحمها "أي في البرزخ" وإن أرسلتها "أي أعدتها إلى هيكلها ليستيقظ فاحفظها "في الدنيا" بما تحفظ به عبادك الصالحين.

ويبين الإمام أن الحقيقة الروحانية كانت قبل خلق جسم آدم في عالم الإطلاق سابحة في الملأ الأعلى، وقد شاهدت هذه الحقيقة جمال ربها وسمعت لذيذ كلامه في يوم "ألستُ بربكم" أو "يوم الذر"..

فقد تجلى لها الحق، فشهدت وسمعت، وعوهدت ووثقت وقالت (بَلَى شَهِدْنَا ) مصداقا لقول الحق تبارك وتعالى ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ۝ أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ۝ ﴾ ولما أراد الله إبراز كل حقيقة بحسب ظهورها علي مسرح الحياة الدنيا لازمت كل حقيقة روحانية هيكلها في عالم الأرحام واستترت به، فأصبح الهيكل بُرقُعًا وسِتارًا لها..

وهذا اليوم هو ما يعبر عنه بيوم بطن الأم من ضمن أيام الله (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ) إبراهيم: 5.

ويبين الإمام أن النفس ظلّت (وهي اللطيفة النورانية الربانية) في صفائها وفي طُهرها، إذ أن أصلها صفاء في صفاء وطهر في طهر، إلى أن اتصلت بالهيكل العنصري الترابي.. وبعد أن امتزجت به اختلف أمرها، فقد تهادت من عليائها ونزلت إلى أرض المادة واتصلت بهيكل مادي لتظهر على مسرح الدنيا من خلاله، وهذا الهيكل المادي ظُلماني بطبيعته ويميل إلى أسفل، فما هو من الأرض فهو أرض، فحجب الهيكل الحقيقة الروحانية بظلمته، والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ۝ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ ۝ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ۝ 

ويوضح الإمام أنه بطول المدة، نسيت الحقيقة الروحانية عالمها الروحاني باختلاطها بالمادة والتراب فاحتاجت لمذكِّر، وهذا هو سر إرسال الرسل وبعث الأنبياء، قال تعالى لحبيبه المصطفي ص : ﴿ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ۝ ﴾، وقال جل شأنه ﴿ سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى ۝ ﴾، وقال تعالى ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ۝ ﴾ وعندما يذكُرُ المذكِّر تتذكر الحقيقة الروحانية عالمها الروحي، وتذكر يوم ألست بما فيه من عهود ومواثيق، وما فيه من جمال وجلال وكمال، وما كانت عليه الحقائق في صفاء وطهر وعفاف.

ولما كانت كل نفس بعد الحياة الدنيا ستعود إلى أصلها في يوم البرزخ وترجع إلى العالم الذي قدمت منه والذي سترجع إليه (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) (وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّه) ﴿ وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ۝ ﴾ ﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ ۝ ﴾ (كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) ﴿ يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ۝ ﴾، وأول خلق في الوجود هو المصطفي ص، وأول خلق في الإنسان هو حقيقته الروحانية: احتاج الإنسان للمذكر في الحياة الدنيا، واحتاجت النفس لداع يدعوها للإيمان، فهي مؤمنة أصلاً ولكنها نسيت عهدها وميثاقها بسبب مُلابَسَتِها لهذا الهيكل الطيني والذي له مستلزمات ومتطلبات تختلف بالكلية عما تحتاجه الحقيقة الروحانية، ليبين لها طريق المجاهدة حتى تصفو وتعود إلى أصل فطرتها النورانية الصفائية وهي هنا في الدنيا، بعد أن أتاها ما عكر صفوها.

والنفس تميل إلى الرياسة لأنها تحس بأصلها، والإمام يبين ذلك فيقول:

والنفس داعية الرياسة فاحذرن * فرعونها تنجو من الداء الدفين

والمثال هنا أن الإنسان عندما يكون أبوه أو جده من أصل عريق أو مرموق في المجتمع حتى لو لم يكن يملك شيءًا ولكنه يحس بنفسه أنه علي صورة أبيه أو صورة أجداده. ولكن الصورة التي أسجد الله لها ملائكته تحس أنها الكل في الكل، والحديث النبوي الشريف يقول: (خلق الله آدم علي صورة الرحمن) وفي حديث آخر (خلق الله آدم علي صورته) وكذلك الصور التي خرجت منها، ولكن ليس الكل قد خلق علي الصورة.. ولكن النفس التي زكت وصفت واستقامت هي التي خلقت علي الصورة، لأنها استنارت واتحدت بأصلها فوصلت واتصلت وأشرق عليها نور الأًصل فظهرت من خلالها الأنوار وسمعت منها الأسرار، وما جاز لأبينا آدم يجوز لكل نفس زكاها ربنا.

وعلي ذلك، فإن الإمام يقرر أن التزكية معناها أن يستحضر العبد العَود للبدء الذي جاء منه وهو هنا في عالم الدنيا حتى يحين موعد انتقاله إلى برزخه. فإذا عاد للبدء بالعلم النافع والإشراق والحكمة الصادقة سار في الدنيا كما سار أئمة السلف بالحق واليقين وبالإقبال والتمكين وبالقبول من حضرة رب العالمين" [3].

اتباع السنة واجب لصحة الإسلام

إعلم يا أخى – وفقنى الله وإياك لما فيه اتباع سنة رسول لله ص-أن أبلغ آية دعانا الله فيها إلى اتباع السنة هي قوله تعالى : ﴿ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ۝ ﴾ ثم قوله سبحانه : ﴿ فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا ۝ ﴾ من هاتين الآيتين وغيرهما يتضح لك أن اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض واجب لصحة الإسلام وكل من يخالف السنة فقد عرض نعمة الإسلام للزوال. قال ص: ( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به ) وقال ص: ( من ضيع سنتى حرمت عليه شفاعتى، ومن أحيا سنتى فقد أحيانى ومن أحيانى فقد أحبنى ومن أحبنى كان معى يوم القيامة في الجنة ) وجاء في الآثار المشهورة أن المتمسك بسنته صعند فساد الخلق واختلاف المذاهب والملل، كان له أجر مائة شهيد، وأنه كالقابض على الجمر، اى : لا يسعه تركه ولا إمساكه. والمراد بالسنة : ما نقله إلينا أتباع رسول الله ص وأصحابه، من أقواله وأعماله وأحواله وإقراراته، وما كان عليه الخلفاء الراشدون وأصحابه الذين عاصروه من بعده، ثم الذين يلونهم من التابعين ومن بعدهم، وكل ما أحدث بعد هؤلاء مما يخالف منهاجهم فهوبدعة، وكل بدعة ضلالة، يجب علينا محاربتها قدر استطاعتنا، فإن الصحابة هم القدوة المثلى لنا بعد رسول الله ص وقد كانوا ينكرون أشد الإنكار على من أحدث أمرا أوابتدع رسما لم يعهدوه في عصر النبوة، سواء كان في صغير أوكبير، في المعاملة أوفى العبادة والذكر

ومن الأدب ترك البحث والتفتيش فيما جاءت به السنة إذا صح سنده استقام متنه، فإنه يجر إلى الطعن في الدين لذى هومفتاح الضلال، وما هلكت الأمم الماضية إلا بطول الجدال وكثرة القيل والقال وإنما يجب على المسلم أن يعض بنواجذه على ما ثبت من السنة، ويعمل به، ويدعوإليه، ويحكم به، ولا يصغى إلى كلام أهل البدعة ولا يميل إليه.[4]

السالك في الدعوة العزمية في جهاد أكبر مع حقائقه التي رُكِّب منها..

فيجاهد قواه الجمادية ليكون نشيطا متحركا للخير

وقواه النباتية ليكون متألما من المعاصى، مفكرا فيما يحصل به الخير الباقى

ومجاهدا لقواه الحيوانية ليكون آلفا مألوفا، مسارعا إلى منفعة الغير ببذل ما لديه للمستحقين

ومجاهدا قواه الإبليسية أكبر المجاهدة، حتى يتطهر من دنس الكبرياء، ونجاسات العلو بالباطل، وقاذورات العناد، وأوساخ الجدل، وقبيح التفرقة، ورذائل الظهور، وخبائث الرياسة، وظلمات الشكوك والريب، وضلالات عدواة الإخوان، والسعى في مضرتهم، قال رسول الله ص: ( ألا أخبركم بأحبكم إلى وأقربكم مني مجالس يوم القيامة ؟ قالوا : بلى يا رسول الله، قال : أحاسنكم أخلاقا، الموطئون أكنافا، الذين يألفون ويؤلفون، ألا أخبركم بأبغضكم إلى وأبعدكم منى مجالس يوم القيمة ؟ قالوا : بلى يا رسول الله، قال : الثرثارون المتفيقهون الذين لا يألفون ولا يؤلفون، ألا أخبركم بشر من ذلكم ؟ قالوا : بلى يا رسول الله، قال : من ضرب عبده ومنع رفده وأكل وحده ) وقالص: ( المرء مع من أحب ).

ودلائل الحب الأخلاق، فمن أحب الله تخلق بأخلاقه، ومن أحب حقيقة من الحقائق تخلق بأخلاقها، وشر الأخلاق الأخلاق الإبليسية من الكبر، وحب الرياسة، والحسد، وإيثار النفس على الغير، والاستئثار بالنافع لضرر الخلق، ومن تخلق بخلق من الأخلاق الإبليسية وأمر بمجاهدة نفسه فغضب، قليس من فقراء الدعوة العزمية وإن منح أعلى الأحوال، فإنه لا يلبث إلا ويرتد عن الحق، أعاذنى الله وإخوانى من التشبه بإبليس [5].

الأدب مع السلف

السلف الصالح : قوم نصروا الله ورسوله، بذلوا أموالهم وأولادهم وأنفسهم وديارهم، وتركوا دنياهم في حب الله تعالى وحب رسوله وحب دينه، ورضيهم الله أنصارا لنبيه، وحملة لدينه، وأئمة للمخلصين من عباده، مدحهم في كتابة، ورضى عنهم، وأخبر برضوانه عنهم في الذكر الحكيم، بهم قام الدين وانتشر، وعضد النبى ص وانتصر، هلك من خالفهم أونقصهم أونقدهم، خصوصا أولوالعزائم منهم، الأئمة المرشدون، والخلفاء الراشدون، المشهود لهم بالجبنة من الصادق الأمين [6].

الأدب مع المعاصرين

يقول السيد عز الدين أبو العزائم : المعاصرون إخوانكم في الدين وأصدقاؤكم، ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَويْكُمْ ﴾ ليكن الكبير كالوالد والمساوى أخا والصغير ولدا بجميع شروطهم، لا تفرقوا بين بينكم، ولا تحتقروا مسلما، فإن الله تعالى ما رضيه للإسلام إلا وهوعنده عظيم.

يقول السيد محمد ماضي أبو العزائم : [ "محمد ماضى" برئ ممن يفرق بين مسلم وبين نفسه لسبب "محمد ماضى".

إخوانى إنى أعتقد أن كل مسلم خير منى – ولوارتكب أكبر الكبائر غير الشرك – لأن الله سبحانه له سر بينه وبين من رضى لهم الإسلام دينا يخفى عن البصيرة، ويسترهم بستور لتخفى مراتبهم.

"محمد ماضى" لا يرى مسلما مرتكبا كبيرة إلا نظر له بعين الشرع رحمة له، ويعظه بالحسنى نيابة عن صاحب الشريعة، ونظر له بعين الحق فأول حاله قائلا : لعله من أهل الخصوصية الإلهية، وستره الله تعالى بفضله، فإنى أعتقد أن القضاء لا يمنع الإعطاء من فضل الله تعالى، فأعظمه في قلبى، وأخافه في نفسى، تعظيما لسر الله الذي ورد على قلبى، لأن الله تعالى لا يعطى فضله لعلة عمل، ونصحته بلسانى حبا له، وتعظيما للشرع، فأكون معظما الله تعالى في الحالتين.

إخوانى، اتقوا الله في عباده، وعليكم أنفسكم، فاجلوا مرآة قلوبكم بعمل القلوب، واشتغلوا بذنوبكم، فإنكم محاسبون عليها لا على ذنوب غيركم، وارحموا عباد الله تعالى، ذكروهم بالحسنى، عظوهم باللين، أعينوهم بفضل أموالكم وجميل كلامكم، وأحبوا لهم ما أحببتم لأنفسكم، والله ولى المؤمنين، وصلى الله على سيدنا محمد الرءوف الرحيم وعلى آله وصحبه وسلم] اهـ [7].

أوصاف أهل الفرقة الناجية

نحن نعتقد أن الفرقة الناجية هم السلف الصالح، لا السلف الطالح، الذي يأخذ بالمعنى الحرفى للقرآن – حتى في الآيات التي توهم بالتجسيم – فيقولون باعتقاد الجهة لله قياسا للخالق على المخلوق. أما السلف الصالح فهم الذين ينزهون المولى سبحانه وتعالى عن متشابهات الحوادث.

والفرقة الناجية هي التي ترى أن التوحيد لون واحد، لا كما يخترع السلف الطالح بأن التوحيد توحيدان : توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية، فزعموا أن جميع المسلمين عبدوا غير الله لجهلهم توحيد الإلوهية، ولم يعرفوا من التوحيد إلا توحيد الربوبية، وهوالإقرار بأن الله خالق كل شئ، فزعموا أن هذا اعتراف به المشركون، وبذلك يهجمون على قلوب كثير من المسلمين ويحكمون عليهم بالشرك.

والفرقة الناجية هم السلف الصالح الذي يوقر النبى ص، ويشد الرحال لزيارة روضته الطاهرة، ويسودونه في الصلاة، ويحتفلون بمولده، ويتوسلون ويستغيثون ويتشفعون به ص

والفرقة الناجية هم السلف الصالح، لا السلف الطالح الذي يعتقد أن مصطلحات القرآن الأساسية الإله والرب والعبادة والدين، والذين ينادون بأن أصول الإسلام تتغير عند المصلحة، وأن عصمة الأنبياء غير مستمرة، وأن أصول الدين الخلافة والحكومة فقط.

والفرقة الناجية هي التي تعتقد بإمامة الأئمة من أهل البيت، لأن أهل البيت هم المرجع الأصلى بعد النبى ص لأحكام الله المنزلة، فهم خزانة علمه ومعرفته، وتراجم وحيه، وأركان توحيده، كما قال ص : ( النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وأهل بيتى أمان لأمتى من الاختلاف ) وكما قال عنهم الرسول ص: ( إنما مثل أهل بيتى فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق ) وزيادة على وجوب التمسك بأهل البيت يجب على كل مسلم أن يدين بحبهم ومودتهم، قال تعالى : (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) وقال تعالى : ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾[8].

خصائص الطريقة العزمية

تتميز الطريقة العزمية بخصائص كثيرة تجل عن الحصر، ولكن أهمها خمس خصائص رئيسية :

1- الطريقة العزمية ليست مجرد طريقة صوفية وإنما هي دعوة الوراثة المحمدية في هذ الزمان، وسيأتي تفصيل ذلك.

2- صبغتها العلمية الأصيلة المستمدة من الكتاب والسنة، لأن بيت أبي العزائم هو بيت علم وفضل معروف في مصر، من سلالة النبوة ومعدن الرسالة. فمشرب الطريقة العزمية هو العلم الحقيقي الذي يورث الخشية في القلب، وبذلك تكون الطريقة العزمية من أبعد الطرق عن الخرافة والدجل، بل على العكس : ينصب جزء كبير من نشاطها حول محاربة الدجل والغلو والخروج عن السياق إفراطاً أو تفريطاً, سواء صدر عن السلفية أو عن العلمانية أو عن بعض الشيعة أو بعض الصوفية، فالانحراف عن السنة والمنهج النبوي إفراطاً أو تفريطاً مذموم أياً كان، ومرفوض من أي أحد كائن ما كان.

3- أنها دعوة وسطية لا تميل إلى فكر الغلاة من بعض الشيعة، ولا إلى فكر البغاة من جماعات الخوارج أهل التكفير والتشريك والتحقير.

4- تتميز الطريقة العزمية بأنها تعيش واقع المسلمين وتسعى في حل مشاكل الأمة، وليست طريقة منعزلة عن المجتمع بل على العكس تماماً, ترى ضرورة المشاركة السياسية والظهور الإعلامي والحضور التام في المشهد. وليس أدل على هذا من عقد المؤتمرات والندوات التي تمس الشأن العام، وكذلك مشاركة أبناء الطريقة في ثورتي 25 يناير و 30 يونيو بشكل ملحوظ ولافت للنظر في ميدان التحرير وكافة محافظات مصر، وإنشاء حزب التحرير والمشاركة السياسية الفعالة من قبل السيد علاء أبو العزائم في المؤتمرات والندوات العامة التي تمس حاجة مصر والوطن العربي، ولقاءاته عبر الفضائيات وكتاباته المتميزة في علاج قضايا الفساد والإرهاب والإستبداد السياسي، بالإضافة إلى تكريم عدد كبير من الشخصيات الفكرية والسياسية والإعلامية والدينية على جهودهم المشكورة في خدمة الوطن الإسلامي.

5- ما أن يأخذ المسلم البيعة للإمام أبي العزائم، إلا وتظهر عليه السكينة وتتزكي نفسه، وتُصقل شخصيته الدينية، ويتطهر قلبه من الدغل، حتى يكون صورة مجملة من أصحاب رسول الله ص، ذو أخلاق فاضلة تحن إليها القلوب وتهفو إليها الأرواح، وذلك من أقرب طريق وبأيسر السبل، دون حمل للمريد أو السالك ما لا يطيق لا سيما في عصرنا الحاضر بظروفه الخاصة المعروفة وغير المسبوقة من ضيق الوقت وانشغال الناس بلقمة العيش وتنافسهم في الاستهلاك بسبب ضعف الهوية والثقافة الإسلامية وحركة العولمة وسيطرة النموذج الغربي على نمط حياتنا.

دور الطريقة العزمية في إحياء روح الجهاد ومقاومة الإستعمار

تركزت أبحاث المؤرخين الإنجليز الذين أرخوا لإستعمار بريطانيا العظمى للسودان، ذلك الاستعمار الذي جُهِدَ فيه غلاة الاستعماريين علي توطيد أركانه وتثبيت جذوره وتدعيم وجوده بنية إبقاء السودان تحت الحكم البريطاني لقرون طويلة حتى يستطيعوا أن يحكموا قبضتهم ويعززوا سيطرتهم علي القارة كلها.

علي أن أسباب فشل جهود طواغيت الاستعمار البريطاني في إطالة أمد استعمارهم للسودان ترجع كلها إلى مناهضة الإسلام لهم كدين تعمقت جذوره في أفئدة المؤمنين السودانيين فهبوا في انتفاضتين عارمتين جرفتا كل مخططات الإستعماريين فدمرتا كل آمالهم في دوام احتلالهم للسودان المسلم.

  • الانتفاضة الأولي : فكانت الحركة المهدية.
  • الانتفاضة الثانية: فكانت الحركة العزمية.

ولقد أسهب هؤلاء المؤرخون، ومن بينهم جون سبنسر تريمنجهام في كتابه (الإسلام في السودان)[9] على المقارنة بين الحركتين: المهدية والعزمية، وأجمعوا علي أن الحركة العزمية كانت أكثر خطرًا وأقوي تأثيرًا لأنها قامت على أفكار زرعها داعيتها الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم في عقول الصفوة المثقفة الممتازة من أبناء السودان، ودأب علي رعايتها وتنميتها حتى أثمرت وآتت أُكُلها وانتشرت بواسطة تلاميذه ومريديه بين كل أفراد الشعب السوداني وطوائفه، فتأسست على مبادئه وأيديولوجيته الجمعيات الوطنية التحررية، وقامت صحف سياسية بإلهاب حماس الشعب للنضال من أجل حريته والدفاع عن كرامته.

وعندما تحدث المؤرخ الإنجليزي جون سبنسر تريمنجهام عن الحركة المهدية والعزمية قال: ( أما العزمية فإنها أخذت طبيعة مؤسسها الأستاذ الذي مهنته التعليم والتثقيف فكان يتعامل بالفكر مع عقول رواد حلقاته وبث فيهم المباديء الإسلامية التحررية، وأحسن عرض الشريعة الإسلامية في محاضراته بأسلوب شيق رزين، ولذلك فإن رواد حلقاته يمكن تصنيفهم علي أنهم تلاميذ لا مريدون).

وكانت للدروس التي ألقاها بالقاهرة فضل كبير في إيقاظ الشعور بين طبقات الأمة السودانية، فما من حر أبي رفع رأسه في النهضات الإسلامية الوطنية منذ أن رحل الإمام أبو العزائم عن السودان سنة 1915م إلا وهو يدين بهذا الشعور وهذه الروح القوية التي تسوقه سوقًا إلى ميادين الجهاد وتشعل النار في قلوب السودانيين حقدًا علي الغاصبين، وقد كان ذلك حين عم هذا الوعي الإسلامي في بلاد السودان سنة 1924م حين ثارت فصيلة علي عبد اللطيف وبعض إخوانه على جيش الإنجليز المدجج بالسلاح والعتاد وكادت الدائرة تدور عليه لولا خيانة أعداء الحرية من أرباب السلطة في ذلك الحين الذين اتخذهم الإنجليز مخلب القط فسلم الجيش المصري تسليمًا مخزيًا لأعدائه الإنجليز.

إن البطل علي عبد اللطيف حين سأله القاضي الإنجليزي أبان محاكمته: من أين لك هذه الروح القوية الوطنية؟، فأجابه على الفور:

من شيخ مصري يدعى "محمد ماضي أبو العزائم" كان يخصنا بها في دروسه بالكلية ووعظاته بمسجد الخرطوم الذي ألهب بها القلوب حين كان يقول: "إن الإسلام وطن وإن ذلك الوطن يجب أن يحرر وإن كل قاعد عن التحرير هو مشرك بالله لن ينال رضاه وإن صلي وصام وحج البيت وإن الجهاد فريضة علي كل مسلم حر قادر كسائر الفرائض" [10].

النشاط الحالي للطريقة العزمية بقيادة السيد علاء أبو العزائم

  1. التصدي للعولمة والجات والنظام العالمي الجديد :

التزاما بما قاله الإمام أبو العزائم في كتابه (وسائل نيل المجد الإسلامى ) تحت عنوان : (بم تنال الحرية؟): تقوم الطريقة العزمية بتبصير الأمة بحقيقة العولمة والجات والنظام العالمى الجديد وفضح أساليب الأعداء في احتواء الأمة والقضاء عليها مع وضع الوسائل المناسبة لكيفية التصدى لهذه الأفكار الخبيثة كما يلي:

"بالنسبة للعولمة ": لابد من المحافظة على القيم والتقاليد وعودة الأخلاقيات الإسلامية الفاضلة التي تساهم في بناء الشخصية الإسلامية السوية، وكذلك المحافظة على اللغة العربية، والمراقبة الشديدة لما يبث في الإعلام من سموم سواء المقروء أو المنظور أو المسموع.

"بالنسبة للجات" : لابد من تشجيع المنتجات الوطنية أو الإسلامية ومقاطعة بضائع الأعداء، مع تحسين الصناعة وترويج البضاعة وتخصيب الزراعة، وبث روح الابتكار والاختراع في الأمة.

"بالنسبة للنظام العالمى الجديد" : لابد من اتحاد الأفراد والجماعة، ونبذ الفرقة والتشاحن والبغضاء، والاستعداد الجيد بقدر الاستطاعة لمواجهة هؤلاءالأعداء.

2. الاهتمام بالتصوف والصوفية : اختار السيد أبو العزائم المنهج الصوفى لدعوته، لأنه مستمد من كتاب الله وسنة رسوله وهدى السلف الصالح، وعمل الإمام جاهدا على تنقية الطرق الصوفية من بعض الشوائب، وإعادتها إلى صحيح المنهج.

ومن ثم فقد قام سماحة الإمام علاء أبو العزائم بعقد ملتقيات صوفية إقليمية لتفعيل النشاط الصوفى، لما تميز هذا العصر بانتكاسة لعلم التصوف، حيث تعرض كسائر العلوم الأخرى إلى ظهور أفكار منحرفة، وظواهر غريبة كالدجل والشعوذة والتواكل وترك التسبب، وتصدر المشيخة من ليس لها أهلاً من علم وتقوى وعرفان، الأمر الذي دعا الطريقة العزمية إلى الغيرة والتنبيه على هذه الأخطاء والانحرافات .. في جميع لقاءات أهل التصوف، ودعوتهم لحضور احتفالات الطريقة العزمية، وحضور احتفالاتهم لهذا الغرض، والخروج ببعض مشايخ الطرق الصوفية من الخلوات إلى الجلوات، ومن الساحة المحلية إلى الساحة العالمية.

  • وتمثل ذلك في حضور ملتقيات الاحتفال بالمولد النبوي الشريف مع القائد معمر القذافى يوم الأربعاء 19/3/2008 م بكمبالا عاصمة أوغندا.
  • وحضور مؤتمر (التصوف في أمريكا ) في الفترة من 25 إلى 28/4/2008 م في ضاحية سان رفائيل بولاية كاليفورنيا.
  • وحضور الاحتفال المولد النبوي يوم الثلاثاء 14/3/2009 م في العاصمة الموريتانية نواكشوط
  • وحضور الاحتفال بالمولد النبوي يوم الخميس 25/3/2010 في مدينة بنى غازى بليبيا، وكان هؤلاء المشايخ يصحبهم سماحة شيخ الطريقة العزمية، قد حضروا الاحتفالات بالمولد النبوي قبل ذلك في مالى والنيجر.. وغيرهما.

3. جائزة الإمام أبي العزائم : تم توزيع جائزة عالمية سنوية باسم الإمام السيد محمد ماضى أبو العزائم في 27 من رجب بدأت في ذكرى مولده 1416 هـ واختيرت الأسماء المكرمة (82 شخصية حتى الآن ) بعد دراسة مستفيضة نظراً لجهدهم الكبير في خدمة الدعوة الإسلامية ( 76 ) من مصر و (5) من ليبيا و(1) من نيجيريا.

4. المقاطعة : التزاما بقول الإمام أبو العزائم : (الاستغناء بمحصولات البلاد ومصنوعاتها ومنتجاتها عن الأشياء المجلوبة من الخارج[11])، قامت الطريقة العزمية برعاية شيخها السيد محمد علاء الدين ماضى أبى العزائم بحملة منظمة لمقاطعة أعداء الأمة الإسلامية البارزين وهم أمريكا وإسرائيل وذيولهما - ابتداء من شهر رمضان 1415 ه الموافق فبراير 1995 م حتى جمادى ثان 1428 ه الموافق يوليه 2007 م- متخذة الخطوات التالية:

1 - إصدار العديد من الكتب التي تفضح أساليب السياسة الأمريكية والإسرائيلية في مفهوم السلام والصداقة.

2 - إقامة ندوات في مختلف المحافظات بجمهورية مصر العربية لتبصير الناس بأعداء الأمة في الداخل والخارج، ونشر مق الات في مجلة (الإسلام وطن)- لسان حال الدعوة العزمية - لخدمة هذا الغرض، وكذلك بعض الصحف بالقاهرة.

3 - عمل برنامج لجميع وعاظ ودعاة الطريقة العزمية بالتحدث على المنابر وفي الدروس في هذه القضية وتفهيمها للناس.

4 - قامت الطريقة العزمية بالرد على العلمانيين، بإصدار كتاب (العلمانية الوجه الآخر لليهودية ) مما فضحهم وكشف حقيقتهم وأنهم إما يهود بأسماء إسلامية أو عملاء لليهود.

خامساً: الاحتفال بموالد أهل البيت وأتباعهم بإحسان وتم الاحتفال بذكرى دفن رأس الإمام الحسين في شهر ربيع ثان، وليلة بدر الكبرى وليلة القدر في شهر رمضان، وكذلك موالد الكثير من الأولياء والصالحين في مختلف المحافظات مثل مولد السيد أحمد البدوى بطنطا، والسيد إبراهيم الدسوقى في دسوق، وتم إضافة الاحتفال بليلة عاشوراء ومولد الإمام السيد عز الدين ماضى أبى العزائم، واستشهاد الإمام الحسين ومولد السيدة فاطمة الزهراء، ومولد الإمام على بن أبى طالب، والإمام الحسن، والإمام الحسين، والسيدة زينب، والسيدة آمنة بنت وهب ومولد الشيخ طاهر مخاريطة، بالإسماعيلية.. وقد تمت جميعها في نظام كامل، ومحبة صادقة، وأخوة جامعة.

سادساً: النشاط الشهري •تقوم مشيخة الطريقة العزميةً: في الجمعة الأولى من كل شهر عربى بعقد ندوة بعنوان : ليالى أهل البيت، يحضرها علماء من الأزهر الشريف والأوقاف ورجال الصحافة والإعلام وكبار المفكرين. •وفى الجمعة الثانية تعقد ندوة عن التاريخ الإسلامي يحاضر فيها أساتذة من الجامعات المصرية، حيث بدأ الحديث من بداية عهد الخلفاء الراشدين. • وفي الجمعة الثالثة تعقد ندوة الشهر حيث يناقش موضوع الساعة، حيث تم مناقشة قضايا عديدة منها : العلمانية وأثرها في بلاد الإسلام، العولمة، القدس، توحيد الأمة، الثقافة الإسلامية، زي المرأة المسلمة، أعداء الأمة في الداخل والخارج، اتفاقية الجات وأثرها على الاقتصاد الإسلامى. •وفى الجمعة الرابعة تعقد ندوة عن الإعجاز العلمي في القرآن والسنة.

الليالى المحمدية : طمعا في الفضل الذي بشر به السيد أبو العزائم بقوله:

فبُشرى لمن أحيا ليالى محمد * فها هي بالإقبال لاحت بدورها

ونظرا لعدم تدريس السيرة النبوية بالمراحل المختلفة للتعليم، حتى غاب عن كثير من المسلمين أبسط المعلومات عن سيدنا رسول الله ص كأبنائه وزوجاته، وغزواته، وغيرها .. رأت مشيخة الطريقة العزمية أن تقوم بعمل ليالى محمدية لتدريس هذه السيرة العطرة، شرحا لكتاب (النجاة في سيرة سيدنا رسول الله) للإمام أبى العزائم.

وقد كانت بداية تلك الليالى يوم الجمعة 4 شعبان 1999 م بقاعة الإمام أبى العزائم بالقاهرة، الموافق 12/11/ 1420 هـ

وبعد الانتهاء منها يتم الآن تدريس سيرة أهل البيت مسلسلة.

سابعاً : الانطلاق بالدعوة عالمياً: انطلاقًا للعالمية في الدعوة فقد قام الإمام القائم السيد محمد علاء الدين ماضى أبو العزائم على رأس وفد من أبناء الطريقة العزمية بحضور ملتقيات ومؤتمرات كثيرة ولسنوات طويلة حول التصوف ومناقشة قضايا الأمة فيي بلاد عديدة حول العالم مثل ليبيا والأردن وسوريا والجزائر والمغرب ونيجيريا والصومال ومالي وقبرص وأذربيجان وسريلانكا، وأندونيسيا وتايلاند والولايات المتحدة وكندا وإيران[12].

  • وقد تم ترجمة كتاب (أيها القرنيون هلاَّ فقهتم ) للإمام السيد عز الدين ماضى أبى العزائم في جمهورية أوزبكستان الإسلامية حيث يطبع ويوزع هناك.
  • وتم إيفاد بعض أبناء الطريقة العزمية إلى المجر والدانمارك (الشيخ عبد الستار شوشة والأستاذ قنديل عبد الهادي ) لنشر الدعوة الإسلامية داخل هذه

المجتمعات التي قتلتها المادية.

روابط خارجية

مقالات ذات صلة

مراجع

  1. كتاب "دعوتنا" ص 23
  2. المرجع السابق 25
  3. كتاب "خاتم الوراث المحمديين" ص 150 - 157
  4. السابق 76 - 77
  5. السابق 100 - 101
  6. السابق 78
  7. السابق 79
  8. السابق 66 - 68
  9. -Islam in Sudan (1965), 2 nd Ed. By G.S. Trimingham. Frank Cass & Co. LTD, London.
  10. كتاب "خاتم الوراث المحمديين" 87 - 101 بتصرف.
  11. كتاب (وسائل نيل المجد الإسلامى) ص 158
  12. [التفاصيل في كتاب (التبيان في الرد على أصحاب البيان) ص 68 - 79 ].

موسوعات ذات صلة :