تتصف هذه المرحلة بظهور الفلك الرياضي الذي يعتمد على حسابات رياضية دقيقة وظهور الجداول والأزياج الفلكية وظهور الأسطرلاب بصورته المتقنة وبروز علماء معروفين في علم الفلك القديم .
فأول ذكر للتسمية الكلدانية في الكتاب المقدس كان من خلال مدينة اور الكلدانية التي تقع على نهر الفرات في جنوب العراق ، حيث من مواليدها اختار الله أحد ابناءها ليكون ( ابآ لجميع الذين يؤمنون )( رو 4 ? 11 ) وهو ابينا إبراهيم الذي ولد وعاش مع والده تارح في تلك المدينة الكلدانية، الله خاطب ابينا إبراهيم في مدينة اور الكلدانية ومنها تلقى دعوة الخروج إلى كنعان عبر حاران، كما نقرأ في سفر التكوين [1] 11 ( 31 واخذ تارح ابرام ابنه ولوطا بن هاران ابن ابنه وساراي كنته امرأة ابرام ابنه. فخرجوا معا من اور الكلدانيين ليذهبوا إلى ارض كنعان. فأتوا إلى حاران واقاموا هناك. ) وقد اكد ذلك الوحي الإلهي على فم استفانوس شهيد المسيحية الأول كما هو مذكور في اعمال الرسل 7 : 2 ? 4 ( 2 فقال ايها الاخوة والآباء اسمعوا. ظهر اله المجد لابينا إبراهيم وهو في ما بين النهرين قبلما سكن في حاران 3 ? وقال له اخرج من ارضك ومن عشيرتك وهلم إلى الارض التي اريك. 4 فخرج حينئذ من ارض الكلدانيين وسكن في حاران. ومن هناك نقله بعد ما مات ابوه إلى هذه الارض التي انتم الآن ساكنون فيها. )[2] . كل هذه التأكيدات تدل على ان اصل ومنبع أبو المؤمنين، ابينا إبراهيم هو من الامة الكلدانية ومن الديار الكلدانية، فكيف لا يفتخر الكلداني أو يتباهى بأن يتكنى بالتسمية الكلدانية المقرونة بأسم ابنها البار، ابينا إبراهيم الذي اختاره الله لكي يعطيه المواعيد المقدسة
الزمان : احتار العلماء بزمان الكلدانيين لقدمهم والكل متفق ان زمانهم سبق التاريخ المدون وعلى يدهم وفي زمانهم د وّن التاريخ، وهم الذين فصلوا الزمان وقسموا السنة إلى أشهر فأسابيع فأيام والايام إلى ساعات والساعات إلى دقائق والدقائق إلى ثواني، فكيف لا يفتخر الكلداني بامته الكلدانية التي اخضعت الزمان وفصلّت منه اوقاتآ لتنظيم حياة البشر . وبمناسبة ذكر الساعة اتساءل، إذا كان اليوم يتكون من 24 ساعة، لماذا آلة حساب الوقت والتي نسميها الساعة قسمت إلى 12 رقم فقط ؟ نعم انه التقليد الذي ظل جاريآ ومصانآ منذ ان قسموا اجدادنا الكلدانيين القدامى اليوم إلى 12 ساعة التي كان مقدارها آنذاك ضعف ساعتنا الحالية، فكيف لا يفتخرالكلداني بأجداده الكلدانيين الذين فصلوا الزمان ليلائم كل زمان ومكان ولكل البشرية .
المكان: لا اذهب ابعد من التواجد السومري حيث اقول : يكفي الكلدانيين انهم جاوروا السومريين في جنوب وادي الرافدين ليكونوا من السكان الأصليين لعراق اليوم، اما عاصمتهم فكانت مدينة بابل العظيمة فليس غريبآ ان ينسبوا إلى عاصمتهم المقدسة أو كما يقول ديدروس الصقلي ( ان الكلدان هم قدامى البابليين لا بل الأقدم بينهم ) ، ويزيدهم فخرآ انهم الورثة الحقيقيين للسومريين والاكاديين والدليل ان مدينة اور السومرية العريقة والاكادية فيما بعد صارت تعرف في القرن السادس ق . م بحسب التوراة الذي كتب في تلك الفترة ب أور الكلدانيين، وفي سنة 612 ق . م مارس كامل سيادتهم على كل ارض وادي الرافدين ، وتواجدهم اليوم هو امتداد طبيعي لمسيرة الانسان الكلداني على هذه الارض، امام هذه الاصالة والعراقة، كيف لا يفتخر الكلداني بل لا يتمنى المرء ان يتكنى بالكلداني ؟ .
الأزياج ( التقاويم )
هي قياسات فلكية تعتمد على قوانين عددية تخص الكواكب السيارة عند حركتها في السماء بحيث يعرف بها مواضع الكواكب في مداراتها في أي وقت وقد شملت الازياج الفلكية البابلية التقاويم الشمسية والقمرية والكوكبية [3]:
فتشير بعض التقاويم الشمسية ( المدارية ) ان طول السنة 365 يوما و6 ساعات و12 دقيقة وتكون تسبة الخطأ قياسا إلى الحسابات الحديثة هي 24 دقيقة و36 ثانية . كما عرفوا ان كل 325 شهرا قمريا يساوي 19 سنة شمسية وجدولوا مبدا كبس الأشهر ( سبع مرات كل 19 سنة ويوم كل ثلاث سنوات قمرية لتصبح السنة القمرية 355 يوما ) .كما تم تعيي وقائع الاقتران والتقابل للشمس والقمر في التقاويم القمرية والرؤيا الأولى والأخيرة والخسوف والكسوف ومراحل حركة القمر اما التقاويم الكوكبية فتخص الكواكب السيارة الخمسة واهمها كوكب الزهرة وعرفوا ان مدة اقترانها 584 يوما وتظهر خمس مرات في الموقع نفسه كل ثماني سنوات
كما واكتشفوا حوالي 71 نجما ثابتا وحددوا اماكنها وتمكنوا التمييز بين النجوم الثابتة والكوكب السيارة التي عرفوها ووضعوا جداول َ لهذه النجوم والمسافات التي بينها وكان قياس المسافات يجري بطريقتين :
1- الساعة المائية : وكانت تستخدم لمراقبة مرور نجمين في برج واحد عند الأوج وقياس مايسقط من الماء في الساعة المائية فيقال مثلا ً المسافة من غامتو إلى برج الجوزاء هي غثنان ونصف مينا من وزن الماء . 2- القياس بمقدار حجم القوس 3- القياس بمقدار الطول حيث يتم تحويل نتائج قياس الساعة المائية بوحدة الدانا والكش اينا ككوري إلى درجات أو وحدات من دائرة تخيلية يفترض فيها انها تقع على الأرض . 4- النصوص الأسطرلابية : تطورت هذه النصوص من ناحية القدرة واتسعت المعلومات التي تحتويها وشملت كواكبا ونجوما جديدة وأرقاما ً ومقاسات لم تكن مالفوة في الأسطرلابات البابلية[4] .
علماء فلك كلدان
- نابو ريمانو: يرجح انه عاش في القرن الخامس قبل الميلاد وقد استطاع ان يجمع الارصادات التي سبقته بحوالي ربع قرن ويستخدمها في وضع جداوله لحركة الشمس والقمر اليومية والشهرية والسنوية كما ارخ وقتكسوف الشمس وخسوف القمر واوقات وقوع بعض الاحداث الفلكية المهمة . لقد حسب طول السنة ب365 يوما و6 ساعات و50 دقيقة و 41 ثانية وكان هذا الجدول الزمني اقدم بحث علمي ذي قيمة انشاية في علم الفلك ومن اعماله ماه حسب طول السنة النجمية التي قدرها بـ 365 يوما و6 ساعات و 90 دقيقة و15 ثانية وهو زمن دوران الارض حول الشمس بالنسبة للنجوم والقياس الحديث يزيد أو ينقص عن هذا المقياس بمقدار 6.5 دقيقة .
- كدينو: عاش في حدود 379 قبل الميلاد ووضع مجموعة من الجداول المشابهة كانت أكثر دقة من جداول نابو ريمانو فلم تزد ارقامه التي بين بها الوقت اللازم لورة الشمس والقمر عن ثانية واحدة من الوقت الحقيقي بل ان بعض حساباته لدورة الاجرام السماوية تعد أكثر دقة وصدقا من من الأرقام التي كان يستخدمها الفلكيون المحدثون إلى وقت قريب . ويرجع الفضل في ذلك ان الفلكي الكلداني كانت لديه تحت تصرفه سجلات عن الارصاد القمرية خلال فترة 360 سنة وهذا لم يتيسر لاي عالم فلكي محدث، واثبت كدينو ايضا ان هناك اختلافا بين بين طول السنة الذي يقاس بين الاعتدالين وبين قياسها على اساس الوقت بين مرتين لاقتراب الارض إلى ادنى بعد ممكن من الشمس . وقد عرف كدينو الـ ( نودان ) وهو نقطة تقع على تقاطع مدار الكوكب معين مع دائرة سمت الشمس واستطاع ان يقيس النودان الشمسي الأرضي وظهر انه اقل من الخطأ الفلك الحديث المسمى اوبولزر oppoizer [5].
الفلك الكلداني السلوقي 331 ق . م – 75 م
رغم ان العصر السلوقي المقدوني لم يستمر الا حوالي قرنا ً واحدا في وادي الرافدين الا انه يحمل اهمية خاصة فقد التقت الحضارة الاغريقية بجذورها في وادي الرافدين وقد سمي هذا العصر اجمالا ً بالعصر الهلسنتي . وشهد هذا العصر امتزاجا كبيرا بين الفلك العراقي والفلك اليوناني . وحفلت هذه المرحلة بظهور أعلام عراقيين في مجال الفلك ووضع خريطة البروج البابلية وظهر الأصل البابلي للهيئة الثلاثية اليونانية، وتم رصدمذنب هالي إضافة إلى الاستمرار في ظهور الارصادات والازياج التي كانت اصولها قد وضعت في الماضي .
أ – خرائط البروج : كانت خرائط البروج تستخدم أولا ً كاداة ضبط الوقت وقياس الزمن ولتسجيل الحوادث الهامة وتاثير النجوم على الملوك . وتخبرنا وثائق كثيرة ان تثبيت الابراج وخرائطها حصل منذ العهد البابلي البابلي القديم ولكن تقدم هذا العلم حصل بعد سقوط بابل فقد ثبت تقسيم كل أشارة إلى ثلاثين درجة . الامر الذي يثبت ان رسم البروج هو من تخصص الميزوبوتاميين .
ب – الأصل البابلي للهيئة الثلاثية اليونانية
كسوف الشمس
ان الجداول واللوحات والروزنامات الفلكية الكلدانية التي كانت تهدف وصف حركة الكواكب والشمس والقمر اظهرت مقدرة على التنبؤ وكسوف الشمس بطريقة جبرية فهي جداول تنبؤوية رياضية وليست رصودات حقيقية .
فلكيون كلدان من العصر السلوقي
لاتمنحنا المصادر المتوفرة المثير من التفاصيل الخاصة بأعلام الفلك الكلداني في العصر السلوقي لذا سنشير إشارة سريعة عنهم وهم :
سودينيا، جبارو، برغاشا ( بيرسيوس ) ، ديويجن، أرشيدم التارزي .
مراجع
- سفر التكوين
- سفر التكوين
- Asger., Aaboe, (2001). Episodes from the early history of astronomy. New York: Springer. . OCLC 44732327. مؤرشف من الأصل في 12 ديسمبر 2019.
- The scientific enterprise in antiquity and the middle ages : readings from Isis. Chicago: University of Chicago Press. 2000. . OCLC 42934662. مؤرشف من الأصل في 12 ديسمبر 2019.
- Writing Science before the Greeks: A Naturalistic Analysis of the Babylonian Astronomical Treatise MUL.APIN