القرينة هي بلدة تقع في وادي الشعيب المعروف قديما بوادي قران، ومن هنا جاءت تسميتها، تقع شمال غرب مدينة الرياض على بعد 87 كلم.
موقع القرينة
وتقع القرينة في وسط شعيب حريملاء الذي يمتد حتى ملهم بمحاذاة الوادي مما يضفي عليها جمالا خاصة عند هطول الأمطار وتشتهر بوفرة مياهها الجوفية مقارنة بالبلدان المجاورة لها. ويظهر إن القرينة تعدد عمرانها، فقد كانت قديما تعرف باسم (قرّآن) وكانت معمورة ذات نخل على ما ذكر البكري وياقوت وغيرهما.
تاريخيًا
القرينة كانت وادي هوذة بن علي بن ثمامة بن عمرو الحنفي، من بنو حنيفة، من بكر بن وائل صاحب اليمامة، شاعر بني حنيفة وخطيبها قبيل الإسلام، كان حليفاً لكسرى وحافظا لمصالحه، وهو الذي توجه كسرى، وكان نصرانيا، وهو من أهل قرّآن بضم القاف وتشديد الراء من قرى اليمامة، وقيل غير ذلك. وكان ممن يزور كسرى في المهمات. ويقال له: ذو التاج، فقد روي: أنه دخل على كسرى، فأعجب به ودعا بعقد من الدر، فعقد على رأسه، فسمي ذا التاج، وقيل: إنما كانت خرزات تنظم له. وهناك مسجد يعتقد أنه بني على أنقاض أقدم كنيسة في نجد. إذ تشير المصادر التاريخية إلى إيغال بلدة "القرينة" في القدم، كما تدل على ذلك الكتابات الثمودية التي وجدت في وادي "مليح" في "القرينة"، فضلاً عن ذكرها المتواتر في كثيرٍ من المراجع والروايات التاريخية، كما في كتاب صفة جزيرة العرب لـ أبو محمد الهمداني ، بل إنها وردت في قصيدة للشاعر الشهير جرير، حين قال: كأن أحداجهم تحدى مقفية نخلٌ بملهم أو نخل بقرّانا
كتابه رسول الله (صلّى الله عليه وسلام) إلى ملك اليمامة
وأرسل رسول الله (صلّى الله عليه وسلام) سليط بن عمرو إلى ملك اليمامة هوذة بن علي الحنفي يدعوه إلى الإسلام، وجاء في رسالته:
«بسم الله الرحمن الرحيم: من محمد رسول الله إلى هوذة بن علي، سلام على من اتبع الهدى، واعلم أن ديني سيظهر إلى منتهى الخف والحافر، فأسلم تسلم، وأجعل لك ما تحت يديك».
فلما أتاه سليط بن عمرو أرسل إلى النبي (صلّى الله عليه وسلام) وفداً فيهم مجاعة بن مرارة والرجال بن عنفوة يقول له: إن جعل الأمر له من بعده أسلم وسار إليه ونصره، وإلا قصد حربه، فقال رسول الله (صلّى الله عليه وسلام): «لا ولا كرامة، اللهم اكفنيه» فمات بعد قليل. وروي أن هوذة بن علي ملك اليمامة كتب إلى رسول الله (صلّى الله عليه وسلام) كتابا جاء فيه: ما أحسن ما تدعو إليه وأجمله، وأنا شاعر قومي وخطيبهم، والعرب تهاب مكاني، فاجعل لي بعض الأمر أتبعك. ثم أجاز سليطا بجائزة وكساه أثوابا من نسج هجر.
وقيل: إن هوذة أهدى إلى رسول الله (صلّى الله عليه وسلام) غلاما اسمه: كركر
مسجد القرينة
كنيسة تم تحويلها إلى مسجد والذي يعتبر أول مسجد في اليمامة[1] و أحد أوائل المساجد في الإسلام. وقد ورد عنها احاديث نبوية
فقد ورد في سنن النسائي :
عن طلق بن علي، قال خرجنا وفداً إلى النبي صلى الله علية وسلم، فبايعناه، وصلينا معه، وأخبرناه أن بأرضنا بِيعَةً لنا، فاستوهبناه من فضل طهوره، فدعا بماء، فتوضأ وتمضمض، ثم صبه في إداوة، وأمرنا، فقال «اخرجوا، فإذا أتيتم أرضكم فاكسروا بِيعَتَكُم، وانضحوا مكانها، بهذا الماء، واتخذوها مسجداً» ، قلنا : إن البلد بعيد، والحر شديد، والماء ينشف، فقال : «مدوه من الماء، فإنه لا يزيده إلا طيبا» فخرجنا حتى قدمنا بلدنا، فكسرنا بِيعَتَنَا، ثم نضحنا مكانها واتخذناها مسجداً، فنادينا فيه بالأذان، قال : والراهب رجل من طيء، فلما سمع الأذان، قال : دعوة حق، ثم استقبل تلعة من تلاعنا، فلم نره بعد.[2]، قال الالباني صحيح.
و ورد في صحيح ابن حبان :
عن قيس بن طليق عن أبيه، قال : خرنا ستة وفدٍ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، خمسة من بني حنيفة، والسادس رجل من ضبيعة بن ربيعة، حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبايعناه وصلينا معه، وأخبرناه أن بأرضنا بِيعَةً لنا، واستوهبناه من فضل طهوره، فدعا بماء فتوضأ منه وتمضمض، ثم صبه لنا في إداوةٍ، ثم قال : «اذهبوا بهذا الماء، فإذا قدمتم بلدكم، فاكسِروا بِيعَتَكُم، ثم انضَحُوا مكانها من هذا الماء، واتخذوا مكانها مسجداً» ، فقلنا : يارسول الله، البلد بعيد والماء ينشف، قال «فأمدوه من الماء، فإنه لا يزيدُهُ إلا طيباً» ، فخرجنا، فتشاححنا على حمل الإداوة أينا يحملها، فجعلها رسول الله لكل رجل منا يوماً وليلة، فخرجنا بها حتى قدمنا بلدنا، فعملنا الذي أمرنا وراهب ذلك القوم رجل من طيئٍ، فناديناه بالصلاة فقال الراهب : دعوة حق ثم هرب فلم يُرَ بعد[3]. و أورد المحقق لكتاب ابن حبان وهو شعيب الأرناؤوط تعليقاً على طلق رضي الله عنه فقال : قال أبو حاتم رضي الله عنه : ... طلق بن علي كان قدومه على النبي صلى الله عليه وسلم أول سنة من سني الهجرة، حيث كان المسلمون يبنون مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة[4].
و قد ذكر حمد الجاسر في كتابة وهو يتحدث عن وادي قُرَّان وقال «ومن بني سحيم اهل قُران اناس وفدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل طلق بن علي وعلي بن شيبان وغيرهما وكانت النصرانية قد انتشرت بين بعض قبائل العرب فكان لدي بني سحيم كنيسه فأعطاهم النبي صلى الله عليه وسلم اداوة فيها ماء وامر ان يهرق فيها لتطهيرها. ويشاهد المرء بين حريملاء وبين القرينة فوق جانب الجبل الواقع جنوب الوادي المطل عليه اثار بناء مرتفع يطلق عليه اسم ( الكُنيَّسة ) بالتصغير وقد يكون اثار حصن من الحصون لصق بها الاسم لاطلاقها على المكان الذي كانت تقع فيه الكنيسة لبعد المكان عن المدينة وارتفاعه عن الوادي الذي ينشر فيه السكان وقد تكون اثار دير قديم»[5] .
وقال عبدالله بن خميس في كتابة «قُرَّان بضم القاف، وفتح الراء المشددة، فألف ونون هي القرينة الآن، تتوسط وادي الشعيب اسفل من حريملاء واعلى من ملهم»[6] ثم قال «وقد اسلم اهل قران وحسن اسلامهم، وذهب وفد منهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فيهم طلق بن علي وعلي بن شيبان، وكان لديهم قبل كنيسه وفيهم انتشرت النصرانية، فاعطاهم النبي صلى الله عليه وسلم أداوة فيها ماء، وأمر بأن يهرق فيها لتطهيرها من رجس الكفر، وعلى قمة الحبل المقابل للقرينة بناء على غير مثال ادركنا بعض زواياه وجدره يسمى ( الكُنيَّسة ) بالتصغير قد يكون هو كنيسة قران وقد يكون ديرا من اديره النصرانية هناك، قاله الأستاذ حمد الجاسر»[7] .
وقال راشد بن عساكر في كتابة «ووفقاً لما ورد في الروايات الصحيحة فإن اقدم مسجد بني في الإسلام في بلاد اليمامة وبأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم هو مسجد قرّان ( القرينة ) والذي تم بناؤة بأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد وفد عليه في السنه الاولى من الهجرة اشراف القوم من قبيلة بني حنيفة»[8] ثم قال «ولهذا الحديث المتقدم يمكن القول بأن أول مسجد أسس في بلاد اليمامة وبأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم هو مسجد قرّان والذي حول من كنيسه إلى مسجد وقد سميت كنيسة قران فيما بعد وصغرت إلى الكُنيَّسة بتشديد الياء ولا تزال معروفه إلى اليوم»[9]
إعادة إنشاءها
يرجع إعادة إحيائها إلى حوالي مائتين سنة مضت، ففي عام 1222 هجرية خرج أبناء سند بن علي بن عبد الله بن فطاي الودعاني الدوسري الأربعة (مقرن – سلطان – زومان – علي) إلى القرينة فأسسوها وغرسوا نخلها وبنوا قصرها وأحكموا أسوارها وكان معهم العلامة الشيخ محمد بن مقرن الذي توفي سنة 1267 هجرية. (يراجع تاريخ الفاخري ونحوه لضبط المعلومات المتعلقة بهذه الفقرة)
مصادر
- راشد بن محمد بن عساكر (1420 هـ). تاريخ المساجد و الأوقاف القديمة في بلد الرياض (الطبعة الأولى). الرياض: المؤلف. صفحة 25. .
- محمد ناصر الدين الألباني (1419 هـ). صحيح سنن النسائي (الطبعة الأولى). الرياض: مكتبة المعارف للنشر والتوزيع. صفحة 231. .
- أبي حاتم محمد بن حبان البستي (1408 هـ). شعيب الأرنؤوط (المحرر). الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان (الطبعة الأولى). بيروت: مؤسسة الرسالة. صفحة 479.
- أبي حاتم محمد بن حبان البستي (1408 هـ). شعيب الأرنؤوط (المحرر). الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان (الطبعة الأولى). بيروت: مؤسسة الرسالة. صفحة 405.
- حمد الجاسر (1422 هـ). مدينة الرياض عبر أطوار التاريخ (الطبعة الأولى). الرياض: دارة الملك عبدالعزيز. صفحة 37. .
- عبدالله بن محمد بن خميس (1398 هـ). معجم اليمامة (الطبعة الأولى). الرياض: المؤلف. صفحة 268.
- عبدالله بن محمد بن خميس (1398 هـ). معجم اليمامة (الطبعة الأولى). الرياض: المؤلف. صفحة 271.
- راشد بن محمد بن عساكر (1420 هـ). تاريخ المساجد و الأوقاف القديمة في بلد الرياض (الطبعة الأولى). الرياض: المؤلف. صفحة 25. .
- راشد بن محمد بن عساكر (1420 هـ). تاريخ المساجد و الأوقاف القديمة في بلد الرياض (الطبعة الأولى). الرياض: المؤلف. صفحة 27. .
موسوعات ذات صلة :
- جمهرة أنساب الأسر المتحضرة في نجد ، حمد الجاسر ، دار اليمامة ، الرياض ، ط 3 ، 1421 هـ / 2001 م
- http://www.alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleId=18437 جريدة الوطن أون لاين
- عنوان المجد في تاريخ نجد ، عثمان بن عبد الله ابن بشر .