الهادي عمراني (1931-1956)[1] مناضل جزائري إبان ثورة التحرير الجزائرية
الهادي عمراني | |
---|---|
معلومات شخصية | |
تاريخ الميلاد | 1931 |
تاريخ الوفاة | 1956 |
نبذة
ولد الهادي عمراني بن محمد بن عبد الله بن الرحمان العمراني. والهادي هو الابن الأكبر إذا كان له أخوه يدعى يحيى، وهما الطفلين اللذين أنجبتهما الأسرة وعلى الرغم من أن أبيهما محمد تزوج عدة مرات وعندما توفي أبوهم تركهما يتيمان وتزوجت أمهم مرة ثانية وأنجبت بنت تدعى مسعودة واستشهدت هي الأخرى في ميدان الشرف سنة 1957 بمنطقة الزيريز دوار طامزة . وتكفلت برعايتهم جدتهم عائشة عمراني حتى سن الرشد، في سنة 1950 تزوج الهادي عمراني بتوتة بنت بربوش ناصري وهي من أقاربه.
وفي طفولته تعلم الكتابة وحفظ القرآن العظيم في أحد الزوايا التي كان يشرف عليها مشايخ بني عمران الذين جاؤوا من جلال إلى طامزة لنشر العلم والمعرفة عامة وتعليم القرآن الكريم لسكان المنطقة بخاصة. وعند بلوغ سن الثانية عشر أصبح الهادي من التلاميذ الممتازين والمتفوقين من بين أقرانه، مما جعل ودفع المشرفين على هذه الزواية في التفكير لإرساله في بعثه علمية إلى جامعة الزيتونة بتونس (كلية الشريعة وأصوله الدين ) لكن الظروف الاجتماعية والمادية لم تسمح لهم بتنظيم هذه البعثة إلى تونس حيث انقسمت الزواية إلى عدة فروع منها فرع بجلال وهو الأساسي من حيث التنظيم والثاني بواد طامزة بتاجموث والرابع بلفام وهذه الفروع الثلاث الأخيرة كانت في عرش أولاد يعقوب، وهكذا تعلم وحفظ القرآن وأعاده مرة ثانية وأصبح معلما في نفس الزاوية في دشرة أولاد عمران لبضعة شهور حيث ترك الزاوية وأصبح يمارس مهن ونشاطات تجارية حرة وذلك بعدما زادت حاجيات الأفراد وتوسعت مطالبهم إلى تقسيم التركة التي تركها جدهم عبد الله وأصبح الهادي عمراني مسؤولا على نفسه وأخيه يحي المجاهد، حيث ورثوا حوالي ستة هكتارات من ألأراضي الفلاحية والمواشي كالأغنام والمعز والبقر والأحصنة والبغال ...الخ حيث اشتغل بالفلاحة وقام برعي هذه المواشي بمعية أخيه (يحي الذي التحق بالثورة التحريرية فما بعد سنة 1956 بالأوراس واستشهد هو الآخر في منطقة أريس 1960) وتفرغ إلى مهنة التجارة إذ يشتري أشجار الجوز ويقوم بقطع جذورها (السواك) ويبيعها بمناطق عدة بالأوراس منها تبسة وواد سوف وبسكرة وبخاصة منطقة أريس أين تعرف على سكان المنطقة من بينهم البطل مصطفى بن بولعيد وهذا قبل الثورة التحريرية .
وتطورت هذه العلاقة بينهما وأصبحت علاقة عمل وصداقة، فمارس هذا النشاط التجاري وتوسع وتنوع فيه، حيث ازداد الطلب عليه من الدول المجاورة كتونس وليبيا، فقام بتصديره عدة مرات إلى تونس. وهكذا ارتفع وازداد دخل العائلة وثروتها. واشترى عدة أشياء ثمينة منها بندقيتان: الأولى النوع الذي كان يسمى " الستاتي" والثانية بندقية صيد، ويقال أن البطل بن بولعيد كان على علم بهذين النوعين من الأسلحة التي كان يملكها الهادي عمراني.
إرهاصات الثورة
وفي بداية الخمسينيات وبالضبط في مارس 1954 تأسست أول خلية ثورية ضد الاستعمار الفرنسي تسمى " باللجنة الثورية للوحدة والعمل" حيث كتب فيما بعد عمار أوزقان يقول[2]: «إن اللجنة الثورية للوحدة والعمل مسحت الماضي بالقطع مع الإيديولوجية السياسية المرابطية (الزوايا) للوطنية التوفيقية... واللجنة الثورية للوحدة والعمل المستمرة والوراثة للمنظمة الخاصة والمغذية للحركة من أجل الإنتصار للحريات الديمقراطية، لم تبق انعكاسا لأي اتجاه أو لأي حزب أو لأي وطنية خاصة، ولكنها تعد المترجم الحقيقي للوطنية المتجذرة، تتماشى مع روح المجتمع كله»
وفعلا قامت هذه اللجنة بتأسيس جبهة التحرير الوطني التي تحملت ثقل المسؤولية التاريخية ليس في عهد الثورة التحريرية فقط بل أيضا في عهد الاستقلال الوطني لمدة خمسون سنة من معركة البناء والتشييد والتطور والازدهار بالرغم من التحديات الكبرى المرفوضة على المجتمعات البشرية.
وبحكم العلاقة والأرضية التي كانت موجودة بين البطل مصطفى بن بولعيد والهادي عمراني عند معظم المجاهدين خاصة والأسرة الثورية بصفة عامة.
حيث كلف عمراني من قبل البطل بن بولعيد بفتح خلية والإشراف عليها بدوار طامزة حيث وافق دون تردد وسخر كل طاقاته وإمكاناته المادية والروحية، وقام بتوعية الأهالي وتهيئة النفوس للقيام بثورة ضد الاستعمار الفرنسي واسترجاع السيادة الوطنية من مخالبه، وألغى كل مشاريعه التجارية وطموحاته المستقبلية حتى أنه لم يلب دعوة السفر إلى مرسيليا بفرنسا من قبل ابن عمه عبد الرحمان عمراني الذي كان يشتغل كعامل في ميناء مرسيليا - حيث حدث العكس– ولبي هذا الأخير الدعوة لنداء الواجب وعاد من فرنسا وانظم إلى الخلية التي كانت موجودة بدوار طامزة، وناضل وجاهد في سبيل الله والوطن إلى أن أصبح ملازما وقائدا للناحية وسجل اسمه في تاريخ الثورة الجزائرية واستشهد في أواخر الخمسينيات بدوار طامزة.
حقيقة أن هذا الاختيار الذي قام به البطل بن بولعيد للشهيد الهادي عمراني كمسؤول الخلية جاء بعدة نتائج أهمها
1- توعية الأهالي والسكان، وتهيئة النفوس وتوحيد الشعب للقيام بثورة ضد الإستعمار الفرنسي .
2- انتشار الوعي الثوري والسياسي بين الأهالي والسكان.
3- تعميم الثورة المسلحة في المنطقة.
4- المشاركة الواسعة للأعراش ( عرش أولاد يعقوب، عرش أولاد سعيد عرش أولاد أملول، وعرش البرارجة).
5- وتتمثل هذه المهمة النبيلة والشريفة في الوقت نفسه في تشجيع عرش أولاد عمران من دوار طامزة إلى جبال عالي الناس بجلال للإنظام والمشاركة أفواجا أفواجا في الثورة الجزائرية فيما بعد، حيث استشهد أكثر من سبعين شهيدا أو دمرت وأحرقت عدة مداشر منها دشرة أولاد عمران بواد طامزة مسقط رأس وما زالت هذه الآثار إلى يومنا هذا.
وفعلا أن هذه المهمة النبيلة والشعور بالمسؤولية الكبرى والوعي الثوري دفع الهادي عمراني أن يدرك الحقائق والتنبؤات المستقبلية التي تنتظره، وكيف ولماذا يكسب ثقة الشعب؟ وما هو الهدف الأساسي للقيام بالثورة ضد الاستعمار؟
الانضمام للثورة
وعندما انفجرت الثورة في ليلة أول نوفمبر 1954 كانت المشاركة لعضو من أعضاء الخلية ألا وهو ناصري عبد الرحمن وهو من الأقارب وينتمي إلى عائلة أولاد عمران بطامزة والذي شارك مشاركة فعلية في عملية الهجوم على مدينة خنشلة، والذي قبض عليه فيما بعد واستشهد تحت أبشع أنواع التعذيب في سجن تازولت (لامبيز سابقا).
ومن هنا بدء العمل الفعلي الحربي الثوري ضد الاستعمار الفرنسي واستعمل سلاحه الخاص وكل ما يملك لتحقيق الحرية والاستقلال ونجح في عدة معارك حربية ضد الاستعمار الفرنسي وترقى إلى رتبة ملازم ثم قائدا للناحية.
فعلا أن الملازم الهادي عمراني قاد معارك حربية يعجز المؤرخون عن كتابة أحداثها، ويعجز ابن عن كتابة الاستجوابات مع بعض المجاهدين والمناضلين في تصنيف أحداثها ووقائعها ومن بين هذه المعارك الحربية التي قادها ونجح في قيادتها هي معركة "أولاد ميرة" ببودرهم بلدية الحامة التي ما زال أهل المنطقة يتذكرونها جيدا حيث أدرك فيها الاستعمار الفرنسي حقيقة الثورة الجزائرية المسلحة في بداية عام 1955. وهذه المعركة لقنت درسا للجيش الفرنسي وألحقت بهم خسائر في الأرواح والعتاد وشجعت أهل المنطقة(بودرهم، الرميلة وأيضا أولاد خليفة) للالتحاق بصفوف جيش التحرير الوطني. أما المعارك الأخرى التي رويت لنا كانت كلها في مناطق جبلية من دوار طامزة إلى ملاقو إلى لمصارة إلى غابة لبرارجة ثم جبال شليا.
أما الضباط الأوائل الذين كانوا يحاربون العدو الفرنسي مع يقال عنهم بأنهم أحمد زروال وبن عمران تاج الدين وعمراني عبد الرحمان وعبد الحفيظ سوفي وعشي عمار، وعباس لغرور، وشيحاني بشير. ومن بين المجاهدين الذين كانوا معه وهم مازالوا على قيد الحياة محمد الهادي ارزايمية، ومحمد الشريف عباس، وعبد الرزاق بوحارة وبوزيد عباسي ...الخ.
أهتم بعض الباحثين في التاريخ بالمعركة التي قادها الهادي عمراني وانتصر فيها.[3] وانظر أيضا إلى المقال الذي كتبته الأستاذة الباحثة جميلة عمران [4]
مما قاله المجاهدون المخلصون عن الهادي عمراني الذي استشهد في ظروف غامضة في غابة لبرارجة كما يقول عليه بعض المجاهدين وهذا سنة 1956.
والجزائر أثناء الاستقلال كرمت وشرفت شهداء الثورة التحريري بتسمية مؤسسات الدولة بأسماء أبطالها الشهداء حيث سميت شوارعها ومدنها ومراكزها باسم الشهداء الخالدين منهم الهادي عمراني الذي سمي المعهد الوطني المتخصص في التكوين المهني بخنشلة باسمه.
الهادي عمراني خلف ولدين الأول ولد سنة 1952 يسمى عبد المجيد والثاني ولد سنة 1955 ويسمى الجمعي ولم يعش أكثر من تسعة أشهر؟
أما عبد المجيد فهو أستاذ التعليم العالي بجامعة باتنة حاليا ومدير مخبر حوار الحضارات والعولمة منذ 2003 وعميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية سابقا (1999-2010) وله عدة مؤلفات وبحوث حول موقف النخبة الفرنسية المثقفة والثورة الجزائرية باللغة العربية والإنجليزية.
المصادر الأساسية المعتمدة
1 - حوار مع محمد الهادي أرزايمية المجاهد بمنطقة الاوراس النمامشة 22 سبتمبر 1991 – المحمل- خنشلة .
2 - حوار مع المجاهد بومعراف عمر المدعو لبلالي البرجي بملاقو- بوحمامة - ولاية خنشلة 1991.
3 - حوار مع مجموعة من المجاهدين الأبطال منهم محمد الشريف عباس وبلقاسم حفصاوي وبوزيد عباسي وغقالي بلقاسم - بوحمامة - قايس خنشلة - جوان – جويلية 1991.
4 - حوار مع الدكتور بلقاسم درارجة المؤرخ الجزائري – جامعة الجزائر شهر ماي 1992.
5 - حوار مع مجموعة مجاهدي أولاد عمران، (عمراني عبد اللطيف، عمراني محمد الطيب، عمراني كمال، بن عمران مسعود، بن عمران الحمزة، وناصري توتة أرملة التي توفيت في 1995 بقايس، وبن جدو محمد الطيب -جوان – جويلية - 1992.
6 - الدكتور بلقاسم درارجة، معركة أولاد ميرة، بودرهم ( الحامة ) الرميلة ( قايس ) ولاية خنشلة حاليا( جريدة الشعب 04نوفمبر 1994) .
7 - عبد المجيد عمراني، النخبة الفرنسية المثقفة والثورة الجزائرية 1954-1962 ( باتنة : دار الشهاب، 1995) .
8 - عبد المجيد عمراني، جان بول سارتر والثورة الجزائرية: 1954-1962 (القاهرة: مكتبة مدبولي، 1996) .
DJAMILA AMRANE , LE RETENTISSEMENT DE LA REVOULUTIN ALGERIENNE , COLLOQUE , INTERNATIONAL DALGER ,24-28, NOVEMBER 1985 PP. 90–108. 10- THE ALGERIAN BOLOODBATH « SELECTED ARTICLES – FREEDOM , VOL ;4-10-1954-1960 ,PP.55-7 ». 11 -12ALISTAIRE HORNE ,A SAVAGE WAR OF PEACE : ALGERIA 1954-1962 (LONDON : MACMILLAN , 1997). 12 - AMAR OUZEGANE , LE MIELLEUR COMBAT (PARIS, JULLIARD , 1962
المراجع
- "نبذة تاريخية عن الشهيد الملازم عمراني الهادي". sites.google.com. مؤرشف من الأصل في 11 يونيو 201622 فبراير 2020.
- Le Meilleur Combat (باللغة الفرنسية). صفحة 158. مؤرشف من الأصل في 22 فبراير 2020.
- جريدة الشعب 04 نوفمبر 1974
- République); Touili, Mohamed, المحررون (1985). Le retentissement de la Révolution algérienne: colloque international d'Alger, 24-28 novembre 1984. Alger; Bruxelles: ENAL ; GAM. . OCLC 761370960. مؤرشف من الأصل في 22 فبراير 2020.