يعكس تاريخ فنزويلا الأحداث التي وقعت في المناطق التي استعمرتها إسبانيا في الأمريكتين ابتداءً من عام 1522، وسط مقاومة الشعوب الأصلية، بقيادة القادة الأصليين (الكاسيكي)، مثل غوايكايبورو وتاماناكو. ومع ذلك، في منطقة الأنديز غرب فنزويلا، ازدهرت الحضارة الأندية المعقدة لشعب تيموتو كويكا قبل الاتصال الأوروبي. في عام 1811، أصبحت فنزويلا واحدةً من أُوَل المستعمرات الإسبانية الأمريكية التي أعلنت استقلالها والذي لم ترسُ دعائمه حتى عام 1821، عندما أصبحت فنزويلا إدارة تابعة لجمهورية كولومبيا الكبرى الاتحادية. حصلت على استقلالها التام بوصفها دولةً منفصلة في عام 1830. خلال القرن التاسع عشر، عانت فنزويلا الاضطرابات السياسية والاستبداد، إذ رزحت تحت هيمنة القادة العسكريين المحليين (الكوديلو) حتى منتصف القرن العشرين. منذ عام 1958، تعاقبت على حكم البلاد سلسلة من الحكومات الديمقراطية. أدت الصدمات الاقتصادية في ثمانينيات القرن العشرين وتسعينياته إلى العديد من الأزمات السياسية، بما فيها أعمال الشغب المدمرة عام 1989 التي سميت كاراكازو، ومحاولتان للانقلاب في عام 1992، وعزل الرئيس كارلوس أندريس بيريز بتهمة اختلاس الأموال العامة في عام 1993. شهدت أزمة انهيار الثقة في الأحزاب الحالية انتخاب هوغو شافيز -الضابط السابق المشارك في الانقلاب- في عام 1998 وانطلاق الثورة البوليفارية، بدءًا من إنشاء الجمعية التأسيسية عام 1999 لكتابة دستور جديد لفنزويلا. غيّر هذا الدستور الجديد اسم البلاد رسميًا إلى جمهورية فنزويلا البوليفارية.
العصر ما قبل الكولومبي في فنزويلا
اكتشف علماء الآثار أدلة على وجود أقدم سكان معروفين في المنطقة الفنزويلية مثل أدوات الرقائق الحجرية ذات الأشكال الورقية، بالإضافة إلى أدوات التقطيع والسحج المحدبة المستوية المكتشفة على المدرجات النهرية المرتفعة لنهر بيدريغال غرب فنزويلا. اكتُشفت أدوات صيد تعود إلى مرحلة البليستوسين المتأخر، بما فيها رؤوس الرماح، في موقع مشابه شمال غرب فنزويلا يُعرف باسم إل جوبو. وفقًا للتأريخ بالكربون المشع، يعود تاريخ هذه الأدوات إلى الفترة بين عامي 15,000 و9,000 قبل الميلاد. تُعد تايما تايما ومواكو وإل جوبو في ولاية فالكون من المواقع التي عُثر فيها على أدوات أثرية تعود إلى تلك الفترات. تعايشت هذه المجموعات البشرية مع الحيوانات الضخمة مثل البهضم وأخدوديات الأسنان والتوكسودون. يحدد علماء الآثار امتداد فترة الهنود الوسطى منذ 9,000-7,000 وحتى 1000 قبل الميلاد. في هذه الفترة، بدأ الصيادون وجامعو الحيوانات الضخمة بالاعتماد على مصادر الغذاء الأخرى وأنشؤوا الهياكل القبلية الأولى.[1]
يُقدر عدد سكان فنزويلا في العصر ما قبل الكولومبي بمليون نسمة تقريبًا. بالإضافة إلى الشعوب الأصلية المعروفة اليوم، شمل السكان مجموعات تاريخية مثل كالينا (الكاريبيون)، وكيكويشياو، وأواكيه، وماريش، وتيموتو كويكا. كانت حضارة تيموتو كويكا من أكثر المجتمعات تعقيدًا في فنزويلا في العصر ما قبل الكولومبي، وذلك بقراهم الدائمة المخطّط لها مسبقًا، والمحاطة بالحقول المتدرجة المروية وخزانات المياه. صُنعت منازلهم بشكل رئيسي من الحجر والخشب بأسقف من القش. كانوا مسالمين، في الغالب، واعتمدوا على زراعة المحاصيل. شملت المحاصيل المحلية البطاطا والأولوكوس. تركوا وراءهم أعمالًا فنية، ولا سيما الخزف المجسم، ولكن دون وجود صروح رئيسية. غزلوا ألياف الخضروات للحصول على المنسوجات والحصير لبيوتهم. يُنسب إليهم الفضل في اختراع خبز آريبا، وهو عنصر أساسي في المطبخ الفنزويلي.[2][3][4]
يحدّد علماء الآثار فترة الهنود الجديدة ابتداءً من عام 1000 ميلادي تقريبًا، والتي تنتهي مع الغزو الأوروبي وفترة الاستعمار. في القرن السادس عشر، عندما بدأ الاستعمار الإسباني غزو الأراضي الفنزويلية، انخفض عدد سكان العديد من الشعوب الأصلية، مثل الماريش (أحفاد الكاريبيين). حاول القادة المحليون (الكاسيكي)، مثل غوايكايبورو وتاماناكو، مقاومة التوغّل الإسباني، لكنهم خضعوا في النهاية أمام الوافدين الجدد. يتفق المؤرخون على أن مؤسس كاراكاس، دييغو دي لوسادا، قتل تاماناكو في النهاية.
الحكم الإسباني
أبحر كريستوفر كولومبوس على طول الساحل الشرقي لفنزويلا في رحلته الثالثة عام 1498، وهي الرحلة الوحيدة -من أصل أربع رحلات له- التي يصل فيها إلى البر الرئيسي لأمريكا الجنوبية. اكتشفت هذه البعثة ما يسمى «جزر اللؤلؤ» في كوباغوا ومارغريتا قبالة الساحل الشمالي الشرقي لفنزويلا. عادت البعثات الإسبانية في وقت لاحق لاستغلال محار هذه الجزر الوفير باللؤلؤ، واستعباد سكان الجزر الأصليين وجمع اللؤلؤ بشكل مكثف. أصبح اللؤلؤ أحد أغلى موارد الإمبراطورية الإسبانية في الأمريكتين بين عامي 1508 و1531، في الوقت الذي تدهور فيه عدد السكان الأصليين ومحار اللؤلؤ.[5]
أطلقت البعثة الإسبانية الثانية بقيادة ألونسو دي أوخيدا، التي أبحرت على طول الساحل الشمالي لأمريكا الجنوبية في عام 1499، اسم فنزويلا («البندقية الصغيرة» بالإسبانية) على خليج فنزويلا؛ بسبب تشابهه مع المدينة الايطالية.
بدأ استعمار إسبانيا برَّ فنزويلا الرئيسي في عام 1502. أنشأت إسبانيا أول مستوطنة دائمة لها في أمريكا الجنوبية في ما أصبحت مدينة كومانا. عند وصول الإسبان، عاش السكان الأصليون بشكل رئيسي في مجموعات بصفتهم مزارعين وصيادين، على طول الساحل وفي سلسلة جبال الأنديز وعلى طول نهر أورينوكو.
كانت كلاين فينيديغ (البندقية الصغيرة) الجزء الأهم للاستعمار الألماني في الأمريكتين، منذ عام 1528 وحتى عام 1546، إذ حصلت عائلة فلسر المصرفية من أوغسبورغ على حقوق استعمارية في محافظة فنزويلا مقابل الديون المستحقة على كارلوس الأول ملك إسبانيا. كان الدافع الأساسي هو البحث عن المدينة الذهبية الأسطورية إل دورادو. ترأس المشروع في البداية أمبروسيوس إيهينغر، الذي أسس ماراكايبو في عام 1529. بعد وفاة إيهينغر أولًا ثم خلفِه جورج فون شباير، واصل فيليب فون هوتين الاستكشاف في المناطق الداخلية، وفي غيابه عن عاصمة المحافظة، ادعى أعضاء تاج إسبانيا (الملكية في إسبانيا) حقهم في تعيين الحاكم. عند عودة هوتن إلى العاصمة سانتا آنا دي كورو في عام 1546، أعدم الحاكم الإسباني خوان دي كارفاغال كلًا من هوتن وبارثولوموس السادس فسلر. ألغى كارلوس الأول في وقت لاحق ميثاق فلسر.
بحلول منتصف القرن السادس عشر، لم يكن هناك أكثر من ألفَي أوروبي يعيشون في المنطقة التي أصبحت فنزويلا. أدى فتح مناجم الذهب في عام 1632 في ياراكوي إلى إدخال العبودية، والتي طالت في البداية السكان الأصليين، ثم الأفارقة المستوردين. كانت تربية الماشية أول نجاح اقتصادي حقيقي للمستعمرة، إذ ساعدت على تربيتها السهول العشبية المعروفة باسم لانوس. تتمثّل الإقطاعية البدائية بالمجتمع الذي تطور بفضل بعض ملاك الأراضي الإسبان ورعاة الماشية الأصليين المنتشرين على نطاق واسع على الخيول التي جلبتها إسبانيا، وهي بالتأكيد مفهوم مؤثر في الخيال الإسباني في القرن السادس عشر (ربما على نحو مفيد أكثر) ويحمل مقارنة من الناحية الاقتصادية مع الأملاك الشاسعة في العصور القديمة.
خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر، عانت المدن التي تشكل فنزويلا اليوم إهمالًا نسبيًا، إذ أبدت النيابتان الملكيتان على إسبانيا الجديدة وبيرو (اللتان تقعان على الأراضي التي شغلتها عاصمتا الأزتيك والأنكا، على التوالي) اهتمامًا أكبر بمناجم الذهب والفضة القريبة مقارنة باهتمامها بالمجتمعات الزراعية البعيدة في فنزويلا. انتقلت الوصاية على الأراضي الفنزويلية بين النيابتين.
في القرن الثامن عشر، تشكل مجتمع فنزويلي آخر على طول الساحل مع إنشاء مزارع الكاكاو التي عمل فيها عدد أكبر بكثير من العبيد الأفارقة المستوردين. عمل عدد كبير من العبيد السود أيضًا في مزارع (هاسيندا) سهول لانوس العشبية. هاجر بحكم الضرورة معظم الهنود الأمريكيين الذين ما زالوا على قيد الحياة إلى السهول والغابات في الجنوب، والتي حظيت باهتمام الرهبان الإسبان فقط، خاصة الفرنسيسكان أو الكبّوشيين، الذين عملوا على تجميع قواعد اللغة والقواميس الصغيرة لبعض من لغاتهم. تطورت أهمّ ميسيون (اسم منطقة نشاط الراهب) في سان تومي في منطقة غوايانا.[6][7]
المراجع
- Silverman, Helaine; Isbell, William (Eds.) (2008): Handbook of South American Archaeology 1st ed. 2008. Corr. 2nd printing, XXVI, 1192 p. 430. (ردمك ). Pg 433–434.
- Mahoney 89
- Gilbert G. Gonzalez; Raul A. Fernandez; Vivian Price; David Smith; Linda Trinh Võ (2 August 2004). Labor Versus Empire: Race, Gender, Migration. Routledge. صفحات 142–. . مؤرشف من الأصل في 27 فبراير 2020.
- "Venezuela." - تصفح: نسخة محفوظة 4 September 2011 على موقع واي باك مشين. Friends of the Pre-Columbian Art Museum. (retrieved 9 July 2011)
- J.J.Esparza: Cubagua - تصفح: نسخة محفوظة 28 فبراير 2020 على موقع واي باك مشين.
- Baten, Jörg (2016). A History of the Global Economy. From 1500 to the Present. Cambridge University Press. صفحة 150. .
- Arcila Farias, Eduardo, Economia colonicla de Venezuela (1946)