كانت تجربة وو عبارة عن تجربة فيزياء نووية أجرتها عالمة الفيزياء الأمريكية الصينية شين-شيونغ وو في عام 1956 بالتعاون مع مجموعة درجة الحرارة المنخفضة التابعة للمكتب الوطني الأمريكي للمعايير. كان الغرض من التجربة هو تحديد ما إذا كان انحفاظ التكافؤ (مصونية التكافؤ) (P-Conservation)، والذي اُثبِت مسبقًا في التفاعلات (أو القوى) الكهرومغناطيسية والقوية، يطبق أيضًا على التفاعلات الضعيفة. إذا كان انحفاظ التكافؤ صحيحًا، فإن النسخة المعكوسة من العالم (حيث يكون اليسار هو اليسار واليمين يسارًا) ستتصرف كصورة المرآة للعالم الحالي. في حالة عدم صحة انحفاظ التكافؤ، فسيكون من الممكن التمييز بين النسخة المعكوسة من العالم وصورة المرآة للعالم الحالي.[1]
أثبتت التجربة انتهاك انحفاظ التكافؤ في التفاعل الضعيف. لم تكن هذه النتيجة متوقعة من قبل مجتمع الفيزياء، الذي كان يعتبر التكافؤ في السابق كمية محفوظة. حصل تسونج داو لي وتشن نينغ يانغ، الفيزيائيان النظريان اللذان انشأا فكرة عدم حفظ التكافؤ واقترحا التجربة، على جائزة نوبل لعام 1957 في الفيزياء لهذه النتيجة. ذُكر دور شين شيونغ وفي الاكتشاف في خطاب قبول جائزة نوبل، ولكن لم تُكرم حتى عام 1978، عندما حصلت على جائزة وولف الأولى.[2]
تاريخ
في عام 1927، صاغ يوجين فيغنر مبدأ انحفاظ التكافؤ، فكرة أن العالم الحالي والعالم المبني مثل صورته في المرآة سوف يتصرفان بنفس الطريقة، والفارق الوحيد هو عكس اليسار واليمين (على سبيل المثال، فإن الساعة التي تدور في اتجاه عقارب الساعة ستدور بعكس اتجاه عقارب الساعة إذا قمت بإنشاء نسخة معكوسة لها).[3]
قبل الفيزيائيون هذا المبدأ على نطاق واسع، وتم التحقق من انحفاظ التكافؤ بشكل تجريبي في التفاعلات الكهرومغناطيسية والقوية. ومع ذلك، خلال منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، لم يكن من الممكن تفسير بعض التحللات التي تشمل الكاونات بالنظريات الحالية التي كانت تفترض أن انحفاظ التكافؤ صحيح. يبدو أن هناك نوعين من الكاونات، أحدهما تتحلل لتنتج زوجًا من البيونات، والآخرى تتحلل لتنتج ثلاثة بيونات. عُرف هذا اللغز باسم لغز τ – θ «تاو-ثيتا».[4]
قام الفيزيائيون النظريون تسونج داو لي وتشن نينغ يانغ بمراجعة الأدب العلمي حول مسألة انحفاظ التكافؤ في جميع التفاعلات الأساسية. واستنتجوا أنه في حالة التفاعل الضعيف، لم تؤكد أو تدحض البيانات التجريبية مبدأ المحافظة على التكافؤ. بعد فترة وجيزة، اتصلوا بشين-شيونغ وو، التي كانت خبيرة في التحليل الطيفي لتحلل بيتا، وأخبروها بأفكار مختلفة للتجارب. لقد استقروا على فكرة اختبار خصائص الاتجاه لتحلل بيتا في الكوبالت -60. اتصلت وو بعد ذلك بهنري بورس ومارك دبليو زيمانسكي، اللذان يتمتعان بخبرة واسعة في فيزياء درجات الحرارة المنخفضة. بناءً على طلب من بورس وزيمانسك، اتصلت وو بإرنست أمبلر، من المكتب الوطني للمعايير (إن بي إس)، الذي رتب لإجراء التجربة في ديسمبر 1956 في مختبرات درجات الحرارة المنخفضة في إن بي إس.[5]
حصل لي ويانغ، اللذان دفعوا وو لإنجاز التجربة، على جائزة نوبل في الفيزياء في عام 1957 ، بعد وقت قصير من إجراء التجربة. ذُكر دور وو في الاكتشاف في خطاب قبول الجائزة، ولكن لم تُكرم حتى عام 1978، عندما حصلت على جائزة وولف الافتتاحية.[6]
نظرية
إذا كان هناك تفاعل معين يُطبق فيه تناظر التكافؤ، فهذا يعني أنه إذا بُدل اليسار واليمين، فإن التفاعل نفسه سوف يستمر تمامًا كما كان من قبل. هناك طريقة أخرى للتعبير عن ذلك وهي تخيل أن عالمين مبنيان يختلفان فقط بالتكافؤ - العالم "الحقيقي" وعالم "المرآة"، حيث يُبدل اليسار واليمين. إذا كان التفاعل متناظر التكافؤ، فهذا يعني أنه يحدث دون أي فرق في التأثير في "العالمين". كان الهدف من تجربة وو هو تحديد ما إذا كان هذا هو الحال بالنسبة للتفاعل الضعيف من خلال النظر في ما إذا كانت منتجات تحلل الكوبالت -60 قد تم اطلاقها بشكل تفضيلي في اتجاه واحد أم لا. هذا من شأنه أن يدل على انتهاك التناظر التكافؤي لأنه إذا كان التفاعل الضعيف محافظًا على التكافؤ، ينبغي أن تنبعث انبعاثات التحلل باحتمال متساو في جميع الاتجاهات. كما ذكرت وو وآخرون:
إذا لوحظ عدم تناسق في التوزيع بين الزاوية «θ» والزاوية «180°- θ» (حيث θ هي الزاوية بين اتجاه النواة الأم وزخم الإلكترونات)، فإنه يوفر دليلًا لا لبس فيه على أنه لا يُحافظ على التكافؤ في تحلل بيتا.
والسبب في ذلك هو أن نواة الكوبالت -60 تحمل لفًا مغزليًا (سبين)، والسبين لا يغير الاتجاه تحت التكافؤ (لأن الزخم الزاوي هو متجه محوري). على العكس من ذلك، يتغير الاتجاه الذي تنبعث إليه منتجات التحلل في ظل التكافؤ لأن الزخم هو متجه قطبي. وبعبارة أخرى، في العالم "الحقيقي"، إذا كان سبين الكوبالت -60 النووي وانبعاثات منتجات التحلل في نفس الاتجاه تقريبًا، فعندئذ في عالم "المرآة"، ستكون في اتجاهين متعاكسين تقريبًا، لأن اتجاه الانبعاثات سوف ينعكس، لكن اتجاه الدوران يبقى نفسه.[7]
قد يكون هذا فرقًا واضحًا في سلوك التفاعل الضعيف بين "العالمين"، وبالتالي لا يمكن القول إن التفاعل الضعيف متناظر التكافؤ. إن الطريقة الوحيدة التي يمكن أن يكون بها التفاعل الضعيف متناظر التكافؤ هي عدم وجود تفضيل في اتجاه الانبعاثات، لأنه عندئذٍ لن يكون اتجاه الانبعاثات في العالم "المرآة" مختلفًا عن العالم "الحقيقي" نظرًا لوجود أعداد متساوية من الانبعاثات في كلا الاتجاهين في كلا العالمين على اية حال.
المراجع
- Wu, C. S.; Ambler, E.; Hayward, R. W.; Hoppes, D. D.; Hudson, R. P. (1957). "Experimental Test of Parity Conservation in Beta Decay". فيزيكال ريفيو. 105 (4): 1413–1415. Bibcode:1957PhRv..105.1413W. doi:.
- "The Nobel Prize in physics in 1957". The Nobel Prize. مؤرشف من الأصل في 6 يوليو 201902 أكتوبر 2018.
- Wigner, E. P. (1927). "Über die Erhaltungssätze in der Quantenmechanik". Nachrichten von der Gesellschaft der Wissenschaften zu Göttingen, Mathematisch Physikalische Klasse. 1927: 375–381. مؤرشف من الأصل في 15 يناير 2020.
- Reproduced in Wightman, A. S., المحرر (1993). The Collected Works of Eugene Paul Wigner. Vol. A. سبرنجر. صفحات 84–90. doi:10.1007/978-3-662-02781-3_7. .
- Hudson, R. P. (2001). "Reversal of the Parity Conservation Law in Nuclear Physics" ( كتاب إلكتروني PDF ). In Lide, D. R. (المحرر). A Century of Excellence in Measurements, Standards, and Technology. المعهد الوطني للمعايير والتقنية. .
- Lee, T. D.; Yang, C. N. (1956). "Question of Parity Conservation in Weak Interactions". فيزيكال ريفيو. 104 (1): 254–258. Bibcode:1956PhRv..104..254L. doi:.
- "Chien-Shiung Wu Winner of Wolf Prize in Physics - 1978". Wolf Foundation. مؤرشف من الأصل في 11 سبتمبر 201409 ديسمبر 2019.
- Boyd, Steve (2016-04-20). "The Weak Interaction" ( كتاب إلكتروني PDF ). Warwick University. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 8 ديسمبر 201908 ديسمبر 2019.