توحيد هيسبانيولا (بالإسبانية: Unificación de la Hispaniola / بالفرنسية: L'Unification d'Hispaniola/ Unification of Hispaniola)، هو إلحاق ودمج جمهورية هاييتي الإسبانية المستقلة في وقتها (سانتو دومينغو) مع جمهورية هاييتي، واستمر هذا الاتحاد لمدة اثنتين وعشرين سنة، وتحديدًا من 9 فبراير 1822 إلى 27 فبراير 1844.[1][2] عملت هذه المنطقة بصفتها كيانًا ذاتي الحكم تحت إشراف جنود دومينيكيين واستمر هذا الحال حتى تحقيق استقلالهم من هاييتي. تحركت مجموعة من الجنود الدومنيكيين في فبراير 1844 لاستعادة حريتهم المسلوبة من قبل الحكم العسكري الهاييتي في ثلثي الجزيرة التي يتحدث سكانها بالإسبانية. تألفت هذه المجموعة، التي أطلقت على نفسها اسم «الترينيتاريا»، من إسبانيين من شعب الكريول وشعب المولاتو والسود،[3] وكانوا تحت قيادة كل من خوان بابلو دوارتي وفرانسيسكو ديل روساريو سانشيز وماتياس رامون ميلا.[4]
توحيد هيسبانيولا | ||||||
---|---|---|---|---|---|---|
|
||||||
نظام الحكم | غير محدّد | |||||
| ||||||
التاريخ | ||||||
|
يُحتفل بيوم الاستقلال في جمهورية الدومينيكان في 27 فبراير من كل عام، وهو يوم انتفاضتهم ضد الحكم الهاييتي.[5]
خلفية
قُسمت جزيرة هيسبانيولا مع حلول القرن الثامن عشر إلى مستعمرتين أوروبيتين: سان دومينغ في الغرب، المحكومة من قبل فرنسا، وسانتو دومينغو، المحكومة من قبل إسبانيا، والتي تحتل ثلثي الجزء الشرقي من هيسبانيولا. اندلعت ثورات واسعة النطاق خلال تسعينيات القرن الثامن عشر في الجزء الغربي من الجزيرة، والتي قادها مجموعة من الرجال أمثال توسان لوفرتور وجان جاك ديسالين والتي قادت إلى إزالة الفرنسيين وإعلان استقلال هاييتي في نهاية المطاف. أُعدم العديد من السكان الفرنسيين المتبقين في هاييتي بعد إعلان الاستقلال. حضّر الجزء الشرقي نفسه للانفصال عن إسبانيا.
التوحيد الأول تحت الحكم الفرنسي
تطور الجانب الفرنسي من الجزيرة بسرعة خلال النصف الثاني من القرن الثامن عشر ليُصبح من أكثر المستعمرات الزراعية ازدهارًا في العالم الجديد. لُقبت سان دومينغ الفرنسية بلقب لؤلؤة الأنتيل، وذلك نتيجة لمزارع السكر العاملة بجهود العبيد الأفارقة؛ إذ أصبح السكر من السلع التي لا غنى عنها في أوروبا.[6] تنازلت إسبانيا عن ثلثي الجزيرة لصالح الفرنسيين في مقابل استعادة محافظة غيبوثكوا، وذلك بعد توقيع معاهدة بازل للسلام في 22 يوليو 1795. كان من الصعب على الفرنسيين الحفاظ على حكمهم، على الرغم من توحيد هيسبانيولا تحت إدارة واحدة، وذلك بعد أن شهد جزء الجزيرة الخاصة بهم ثورات من قبل نخبة المولاتو والسود المعتوقين منذ 1791، وإعلان قائد الثورة الهاييتية، جان جاك ديسالين، استقلال هاييتي. لم يأتي الاستقلال هذا بسهولة، إذ مثلت هاييتي المستعمرة الأكثر إدرارًا للربح بالنسبة للفرنسيين.
تناقصت قيمة الجزء الشرقي مع حلول 1795، والذي شكّل مركزًا رئيسيًا للقوة الاستعمارية الاسبانية سابقًا في العالم الجديد. تعطل الاقتصاد ولم تُستغل الأراضي بشكل صحيح واستُعملت لزراعة الكفاف وتربية المواشي وكان عدد سكانها أقل بكثير من عدد سكان هاييتي. تشير روايات الكاتب والسياسي الدومينيكاني، خوسيه نونيز دي كاسيريس، إلى وصول عدد السكان في المستعمرة الإسبانية إلى نحو 80,000 نسمة، والذين تألفوا بشكل رئيسي من سكان من أصول أوروبية ومن شعب المولاتو ومن المعتوقين والقليل من العبيد السود. في المقابل، اقترب تعداد العبيد المعتوقين في هاييتي إلى نحو مليون عبد معتوق.
أُلغيت العبودية للمرة الأولى في الجزء الشرقي من هيسبانيولا تحت حكم توسان لوفرتور، واستمر هذا الأمر حتى منح المستعمرة إلى الفرنسيين. خسر الفرنسيون مستعمرتهم السابقة، سان دومينغ، في 1804، ومع ذلك، فقد تمكن القائد الفرنسي للجزء الإسباني سابقًا من صد هجمات جان جاك ديسالين، لكن تمكن الثائرون في 1808 وفي السنة التي تلتها، وبمساعدة أسطول بريطاني، من إنهاء سيطرة الفرنسيين على مدينة سانتو دومينغو. أُعيد تأسيس الحكم الإسباني. مع ذلك، شكلت الفترة القصيرة التي خضعت فيها هيسبانيولا بأكملها لسيطرة الفرنسيين مبررًا رئيسيًا للهاييتييين المعتوقين لتوحيد الجزيرة تحت حكمهم.
1805: حصار مدينة سانتو دومينغو
أغارت القوات الهاييتية في 1805 بقيادة جان جاك ديسالين عن طريق المسار الجنوبي وواجهت مقاومة العبيد التابعين.[7] اضطر جيشا ديسالين وهنري كريستوف إلى الإغارة عن طريق المدن الدومينيكية الداخلية، سانتياغو وموكا، واجتاح ألكساندر بيتيون مدينة أزوا،[8][9] وذلك بسبب عدم قدرتهم على التغلب على الدفاع الإسباني-الفرنسي، وخشيتهم من وصول الأسطول الفرنسي المساند لبورغيلا في سانتو دومينغو. وصل ديسالين إلى سانتياغو في 12 أبريل 1805، وذلك بعد تراجعه من سانتو دومينغو. أشعلت القوات العسكرية الهاييتية النار في البلدة، من ضمنها الكنائس والأديرة،[10] وذلك خلال فترة بقائهم في مدينة سانتياغو. قتل الجيش ما يقارب 400 من سكان البلدة من ضمنهم بعض القساسوة وأخذوا العديد من السكان كأسرى إلى هاييتي.[11] قُتل المزيد من الناس بأوامر من ديسالين في الجزء الفرنسي من الجزيرة،[12] والتي تضمنت مدن مونت بلاتا وكوتوي ولا فيغا، إضافة إلى قتل نحو 500 شخص في البلدة الشمالية من موكا.[13] كتب غاسبار دي اريدوندو وبيشاردو، وهو محام بالقضاء العالي، ما يلي:«ذُبح 40 طفلًا دومينيكيًا في كنيسة موكا، وعُثر على الجثث في جزء الكنيسة المحيط بالمذبح...».[14] هرب الناجون من هذه الهجمات إلى مواقع في الغرب مثل مدينة هيغوي عن طريق مدينة كوتوي، إضافة إلى أراض أخرى في جزر الأنتيل [15]
1806: الصراع لتوحيد جنوب وشمال هاييتي
اغتيل ديسالين بعد اتفاق قادة الجيش الخاص به، هينري كريستوف وألكساندر بيتيون، على ترتيب مقتله. لم يتمكن كريستوف وبيتيون بعد ذلك من الاتفاق على القائد الأبدي (وهو لقب أطلقه ديسالين على نفسه)، وهذا ما أدى إلى انفصالهما عن بعضهما البعض؛ سيطر كريستوف على الجزء الشمالي من هاييتي (والذي أطلق عليه اسم «مملكة هاييتي»)، في حين سيطر بيتيون على الجزء الجنوبي من هاييتي (والذي أُطلق عليه اسم «جمهورية هاييتي») وبدأ الاثنان بعد ذلك مباشرة بسلسلة من الحروب مع بعضهما للسيطرة على النصف الآخر. استمرت الصراعات العسكرية الداخلية حتى 1820 بعد أن وحد الرئيس الهاييتي، جان بيير بوير، شمال وجنوب هاييتي. وجه بوير بعد هذا نظره إلى الجزء الإسباني المتصارع من الجزيرة.
1821: الاستقلال من إسبانيا
أُطيح بمستعمرة سانتو دومينغو الإسبانية من قبل مجموعة عاملة تحت قيادة مدير المستعمرة السابق، خوسيه نونيز دي كاسيريس، وذلك في 9 نوفمبر 1821،[16][17] وأعلن الثوار الاستقلال عن التاج الإسباني في 1 ديسمبر 1821.[18] عُرفت الدولة الجديدة باسم جمهورية هاييتي الإسبانية، إذ مثل هاييتي الاسم الأصلي للجزيرة. أُمر بإصدار ميثاق تأسيسي في 1 ديسمبر 1821 لطلب توحيد هاييتي الإسبانية بكولومبيا الكبرى.
تمهيد التوحيد
فضلت مجموعة من السياسيين والضباط العسكريين الدومينيكيين توحيد الدولة المستقلة حديثًا مع هاييتي، وذلك لرغبتهم بتحقيق استقرار سياسي تحت حكم الرئيس الهاييتي جان بيير بوير، ولانجذابهم لثروة وقوة هاييتي في ذلك الوقت. عارض فصيل كبير من الساكنين في منطقة سيباو الاتحاد مع كولومبيا الكبرى واصطفوا مع هاييتي أيضًا. امتلك بوير في المقابل أهداف عديدة في الجزيرة، وأعلن أنها «واحدة وغير قابلة للتجزئة»: الحفاظ على استقلال هاييتي من أي هجوم فرنسي أو إسباني محتمل والحفاظ على حرية العبيد المعتوقين.[18][19][20][21]
دخل جان بيير بوير في مباحثات مع فرنسا لمنع هجوم بحري من قبل 14 سفينة حربية فرنسية متمركزة قرب العاصمة الهاييتية بورت أو برانس، وذلك أثناء محاولته استرضاء الضباط الدومينيكيين. لم يعلم الدومينيكيون بالتنازل الذي قدمه بوير للفرنسيين، إذ وافق على دفع 150 مليون فرنكًا لفرنسا كتعويض لمالكي العبيد المعتوقين الفرنسيين. تسبب هذا بإجبار هاييتي على دفع تعويضات مالية مقابل الحصول على حريتها.[22]
مقالات ذات صلة
مراجع
- United States Geographic Board, المحرر (1890–1891). First Report of the United States - Board of Geographic Names 1890-1891. Washington Government Printing Office. صفحة 45. مؤرشف من الأصل في 1 مارس 202013 سبتمبر 2015.
haiti; island.
- "World Leaders Index: Dominican Republic". مؤرشف من الأصل في 20 يونيو 201526 أبريل 2015.
- Ricourt, Milagros (2016). The Dominican Racial Imaginary: Surveying the Landscape of Race and Nation in Hispaniola. Rutgers University Press. صفحة 30.
- Rout, Leslie B. (July 30, 1976). The African Experience in Spanish America. CUP Archive. صفحة 285.
- Dominican Independence Day - تصفح: نسخة محفوظة 8 ديسمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
- Haggerty, Richard A., المحرر (1989). "Haiti: Growth and Structure of the Economy" (الطبعة Haiti: A Country Study). Library of Congress. مؤرشف من الأصل في 3 نوفمبر 2016.
- Langley, Lester D. (1996). The Americas in the Age of Revolution, 1750-1850. Yale University Press. صفحة 136. . مؤرشف من الأصل في 1 مارس 2020.
- Ricourt, Milagros (2016-11-18). The Dominican Racial Imaginary: Surveying the Landscape of Race and Nation in Hispaniola. Rutgers University Press. صفحة 28. . مؤرشف من الأصل في 1 مارس 2020.
- Domínguez, Ángel (2014-04-03). "Opinión: El Degüello de Moca". Diario Libre (باللغة الإسبانية). Santo Domingo, Dominican Republic. مؤرشف من الأصل في 20 ديسمبر 2014.
- del Monte y Tejada, Antonio (1890). Historia de Santo domingo. Imprenta de Garcia hermanos. صفحات 196–198. مؤرشف من الأصل في 30 يناير 2012.
- Mackenzie, Charles (1830). Notes on Haiti: Made During a Residence in that Republic, Volume 1. H. Colburn and R. Bentley. صفحات 212–213.
- Martínez Fernández, Héctor (2012-01-28). "1805: ¿Degüello en Moca?". El Caribe (باللغة الإسبانية). Santo Domingo, Dominican Republic: Multimedios del Caribe. مؤرشف من الأصل في 08 ديسمبر 201508 سبتمبر 2018.
- Julia, Julio Jaime (1985). Notas para la historia de Moca: 1er centenario de la Provincia Espaillat (1885-1985). Editora Universitaria. صفحات 137–139. مؤرشف من الأصل في 1 مارس 2020.
- Gaspar de Arredondo y Pichardo, Memoria de mi salida de la isla de Santo Domingo el 28 de abril de 1805 (Memoirs of my leaving the island of Santo Domingo 28 April 1805)
- Matibag, E (2003). Haitian-Dominican Counterpoint: Nation, State, and Race on Hispaniola. Springer Publishing. صفحة 88. . مؤرشف من الأصل في 1 مارس 2020.
- Lancer, Jalisco. "The Conflict Between Haiti and the Dominican Republic". All Empires Online History Community. مؤرشف من الأصل في 13 أبريل 201824 ديسمبر 2007.
- "Haiti - Historical Flags". Flags of the World. مؤرشف من الأصل في 4 يوليو 201712 مايو 2017.
- Gates, Henry Louis; Appiah, Anthony (1999). Dominican-Haitian Relations. Africana: The Encyclopedia of the African and African American Experience. . مؤرشف من الأصل في 28 مارس 202024 ديسمبر 2007.
- Matibag, Eugenio (2003). Haitian-Dominican Counterpoint: Nation, State, and Race on Hispaniola. . مؤرشف من الأصل في 01 مارس 202024 ديسمبر 2007.
- Corbett, Bob. "1818-1843 The rule of Jean-Pierre Boyer". The History of Haiti. مؤرشف من الأصل في 1 أغسطس 201924 ديسمبر 2007.
- Franco Pichardo, Franklin J. (2009). "Capítulo XVIII: Período de Integración con Haití". Historia del Pueblo Dominicano (باللغة الإسبانية) (الطبعة 8th). Santo Domingo: Ediciones Taller. صفحات 175–178.
La actividad de los agentes haitianos, más los pronunciamentos de los pueblos de la zona Norte y de otras en la zona fronteriza, en favor de la unidad con Haití, y los constantes rumores sobre la entrada a la colonia del ejército de Boyer,... (...) El 15 de diciembre, Andrés Amarante, comandante de Dajabón, comunicó al presidente Boyer que la bandera de Haití había sido enarbolada en aquella ciudad y cinco días después, una junta popular organizada en Santiago denunció la obra de Núñez de Cáceres como "antisocial", llamando en su auxilio a Boyer. (...) En Haití, donde el movimiento unionista de los pueblos del Cibao Central y fronterizos había sido recibido calurosamente, el movimiento independentista de Núñez de Cáceres no encontró simpatía. Por ello, el periódico La Concordia "gazeta del gobierno de Haití" (...) censura la proclamación de la independencia de Núñez de Cáceres, cuestionando la confederación del nuevo Estado con Colombia. El periódico resaltaba que la confederación debió hacerse con Haití pues a su entender era "la confederación legítima preparada por la naturaleza"... (...) Boyer salió de Puerto Príncipe a finales de enero con su ejército que se dividió en dos partes: una que cruzó la frontera por el Norte y otra por el Sur, y el día 9 de febrero de 1822 hizo su entrada a la ciudad de Santo Domingo, donde luego de los actos de recibimiento oficiales de rigor que encabezó el Dr. Núñez de Cáceres, que envolvieron un tedéum en la Catedral y la entrega de la llave de la ciudad, que no quiso aceptar expresando «que no había entrado en ella como conquistador sino por la voluntad de sus habitantes»; poco después, en acto público solemne efectuado en la plaza principal, tomó su primera ejecutoria como Gobernador del territorio antiguamente español, proclamando la abolición de la esclavitud.
- Tharoor, Ishaan, المحرر (11 May 2015). "Is it time for France to pay its real debt to Haiti?". Washington Post. مؤرشف من الأصل في 2 سبتمبر 201910 أكتوبر 2015.