وصلات
الأرض
هي الكوكب الثالث بعد عطارد والزهرة في بعده عن الشمس ويقدر هذا البعد بنحو 150مليون كيلو متراً "96 مليون ميلاً " وبسبب هذا البعد القليل نسبياً فإن الأرض تتلقى من الشمس مقداراً عظيماً من الحرارة يؤثر في مجرى حياة الأرض وحياة المخلوقات التي تحيا على سطحها.
والأرض ليست كوكباً بارداً كما يتراءى لنا بل هي كوكب ملتهب بردت قشرته فحسب علماً بأن هذه القشرة بما فيها من جبال شاهقة ووديان سحيقة ومحيطات عميقة تبدو رقيقة جداً إذا ما قورنت بحجم اللب الملتهب فهي بالنسبة إلى اللب كقشرة البرتقالة إلى البرتقالة !
ولب الأرض هذا ليس ساكناً مستقراً بل هو في حالة حمى لا تهدأ وهو يعبر عن حماه هذه عبر البراكين التي تنتشر في أصقاع عديدة من الأرض ويقدر عددها بنحو " 485" بركاناً نشطاً على اليابسة وأكثر من " 80 " بركاناً في أعماق البحر والمحيطات ومن عجائب صنع الله أن البراكين التي تنفجر في أعماق المياه أشد و أعنف من تلك التي تنفجر على اليابسة وقد كان البركان الذي ثار في البحر قرب جزيرة كراكاتوا مابين جاوه وسومطرة عام 1883م أعنف بركان عرفته البشرية فقد قدرت قوته بما يعادل 26 قنبلة هيدروجينية !
وبالرغم من الدمار الرهيب الذي تخلفه البراكين فإنها تعتبر نعمة كبيرة من نعم الخالق العظيم .
فقد رأينا أن الأرض تتكون من كتلة ملتهبة تتفاعل في جوفها الحرارة والضغط تفاعلاً عنيفاً يجعل باطن الأرض في حالة حمى دائمة ولهذا فهي تحتاج إلى منافذ أو مسامات تسري عنها بعض حرارتها وقد خلق الله عز وجل للأرض البراكين لتكون بمثابة مسامات تنفس من خلالها بعض الحرارة والضغط المتفاعلين في جوفها ؛ ولولا البراكين لتأزمت المشكلة بصورة تهدد الحياة على سطح الأرض وذلك لإن البراكين تعمل كعمل صمام الأمان الذي يسرب الضغط من القدر البخارية ؛ فالقدر عندما يغلي على النار ويرتفع الضغط في جوفه إلى حد عال يصبح بحاجة إلى منفذ يخفف بعض هذا الضغط وعندئذ يرتفع الصمام ويحرر بخار الماء المضغوط نحو الخارج فيعود الضغط داخل القدر إلى الحد الذي لايهدد بالخطر ؛ ولو أن الصمام لم يرتفع في الوقت المناسب فإن الضغط العالي داخل القدر يؤدي إلى انفجار القدر دون شك !
وكذلك تفعل البراكين فهي تعمل على تعديل الضغط في جوف الأرض ؛ ومن رحمة الله بنا أن معظم البراكين المنتشرة في الأرض تتصف بنشاط هادئ فهي تسرب الضغط والحرارة من باطن الأرض بصورة تدريجية لا تسبب الضرر ولكن في بعض الظروف تحتبس الحرارة والضغط في جوف الأرض عند منطقة معينة فتحتقن الأرض كما يحتقن القيح في الدمل و تزداد الحمى في جوف الأرض حتى تبلغ درجة عالية جداً ؛
وعندئذ ينفجر أحد البراكين في المنطقة مثلما يفجر الجرح الدمل المتورم ويستخرج القيح منه . وبذلك تأخذ حمى الأرض بالتراجع ؛ وتبدأ الأرض تستعيد صحتها وعافيتها!
التوازن الحراري فوق سطح الأرض
وهكذا يبدو سطح الأرض الذي نعيش عليه محصوراً بين نارين : نار الشمس الملتهبة التي تنصب عليه من فوق والنار المتأججة في باطن الأرض ولهذا يحتاج سطح الأرض إلى وسيلة فعالة لتبريده وجعله صالحاً للحياة وقد زود الله عز وجل سطح الأرض بوسيلة التبريد هذه وهي " الماء " فكما يساهم الماء في استقرار حرارة الإنسان فإنه كذلك يساهم في استقرار حرارة الأرض لاسيما وأنه متوافر بكميات هائلة فوق سطح الأرض إذ يغطي أكثر من ثلثي هذا السطح وهذا وجه آخر للتشابه بين وسيلة التبريد في الإنسان ووسيلة التبريد في الأرض فالماء يشكل أيضاً نحو ثلث جسم الإنسان.
ويخضع الماء على سطح الأرض لدورة مستمرة لاتهدأ أبداً فهو يتنقل في حركة دائمة مابين البحار والغيوم والأنهار فيوزع الحرارة توزيعاً متوازناً بين هذه المجالات كلها ؛ يساعد في حفظ التوازن الحراري في الأرض !
ولكي ندرك أهمية الماء وأثره في التوازن الحراري على سطح الأرض ماعلينا إلا أن ننظر إلى حال القمر الذي يعاني سطحه من تفاوت كبير جداً في درجات الحرارة مابين الليل والنهار إذ تبلغ درجة حرارة سطحه في النهار 101°م ظهراً "200 فهرنهايت" بينما تبلغ درجة حرارة سطحه في الليل أقل من 153° "200فهرنهايت" تحت الصفر !
وما ذلك التفاوت إلا نتيجة لانعدام الماء من على سطح القمر ولهذا أنعدمت الحياة فيه.
وما يساعد الماء على قيامه بوظيفة التوازن الحراري أنه يتشكل في صور المادة الثلاث بسهولة فهو يمكن أن يكون سائلاً أو بخاراً أو جليداً وإن كان غالباً ما يبقى في صورته السائلة لإن تحويله إلى بخار يتطلب كمية كبيرة من الحرارة ؛ وللماء كذلك خواص أخرى تدل على أن مبدع الكون سبحانه قد صاغه في صورة تحقق مصالح المخلوقات جميعاً فالماء هو المادة الوحيدة التي تقل كثافتها ويزيد حجمها عندما تتبخر ولهذه الصفة أهمية عظيمة في حياة المخلوقات المائية خاصة لأنها تجعل الجليد يطفو فوق سطح الماء بدل أن يغوص في قاع المحيطات و البحار فيشكل طبقة عازلة تحفظ الماء الذي تحتها من التجمد كما أن الماء الذي تجمد يطلق كميات كبيرة من الحرارة قبيل تجمده مما يساعد في تدفئة بقية الماء وهكذا يساهم الماء في الحفاظ على التوازن الحراري الذي يضمن للمخلوقات المائية حياتها المستقرة.
ومن جهة أخرى يساهم الماء في الحد من ارتفاع معدل الحرارة على سطح الأرض فعندما يشتد الحر يمتص الماء مقداراً كبيراً من حرارة الجو لأن سعته الحرارية كبيرة وهو عندما يسخن يتبخر ويرتفع في طبقات الجو العليا ليبدد الحرارة التي هناك بعيداً عن سطح الأرض.
ثبات الحرارة فوق سطح الأرض
وهكذا يحافظ سطح الأرض على معدل حرارة ثابتاً على مدار الفصول والأعوام ولكن هذا لايعني أن درجة حرارة الطقس ثابتة بل هي تتغير خلال ساعات اليوم وعلى مدار الفصول .
وقد سجلت أعلى درجة حرارة على سطح الأرض وهي 58°م في صحراء العزيزية "ليبيا" وكذلك في وادي الموت في الولايات المتحدة الأمريكية في أيلول في عام 1922 أما أدنى درجة حرارة فقد سجلت في مدينة فوستوك "القطب الجنوبي" في آب من عام 1958م وكانت 3,88° تحت الصفر ومع هذا فإن المعدل العام للحرارة يبقى ثابتاً لايتغير وإن كانت الملاحظات والدراسات التي جرت مؤخراً بدأت تشير إلى احتمال حدوث اضطراب في معدل حرارة جو الأرض ويرجع ذلك لإسباب عديدة منها التزايد المستمر في النشاط الصناعي وتدمير الغابات والقضاء على الأراضي الزراعية وزيادة عدد السكان واختراق الصواريخ للغلاف الجوي مما أثر في تركيب أجزاء من هذا الغلاف " كما حدث لطبقة الأوزون التي أصبح فيها ثقوب خطيرة " .
وقد أدت الاضطرابات الحرارية التي حدثت في السابق إلى كوارث عديدة لعل أسوأها تلك الكارثة التي أصابت لندن أيام 8-5 كانون الأول من عام 1952م حين أرتفع الضغط الجوي مع قدوم تيارات هواء قطبي قاري ساكن حجز الانعكاس الحراري وأدى إلى تجمع طبقة كثيفة من الضباب والدخان المنطلق من مداخن المصانع والمدافئ التي لم تهدأ في تلك الأيام الباردة ومع اشتداد الأزمة ابتدأ الناس يتساقطون مختنقين وقذف كثيراً منهم أنفسهم إلى نهر التايمز هرباً من الموت اختناقاً فماتوا غرقاً !
وعندما أنحسرت موجة الحر وانقشع الضباب واعتدل الجو وحصرت الخسائر البشرية كانت النتيجة ما يزيد عن أربعة آلاف ضحية.
وعلى الرغم من أن هذه الحادثة ومثيلاتها قد اعتبرت في حينها مآس إنسانية مروعة إلا أنها عادت على البشرية بفوائد جمة لأنها لفتت انتباه العلماء كافة وعلماء البيئة بصورة خاصة إلى الأضرار الكبيرة التي يمكن أن تنجم عن تلويث البيئة والعبث بالتوازن الرائع القائم بين عناصرها المختلفة وابتدأ الناس يبحثون عن الحلول المناسبة للحد من أخطار التلوث الصناعي على الحياة وراحوا كذلك يصنعون القواعد والقوانين التي تكفل الحفاظ على بيئة الأرض في توازن واستقرار.
-73°س | القطب الجنوبي | 11-5-1957 |
---|---|---|
-68°س | اوييمباكون-سيبيريا | 6-2-1933 |
-80,7°س | فوستوك-القطب الجنوبي | 15-8-1958 |
-89,2°س | فوستوك-القطب الجنوبي | 21-7-1983 |
35°س | أوراغلا -الجزائر | 27-8-1884 |
---|---|---|
54,4°س | آموس-كالفورنيا | 17-8-1885 |
56,7°س | وادي الموت-كالفورنيا | 10-7-1913 |
58°س | العزيزية-ليبييا | 13-9-1922 |
مراجع
- كنعان, أحمد. [الحرارة في الطبيعة والإنسان الحرارة في الطبيعة والإنسان].