الروكوكو (بالفرنسية: Rocaille) أو الركوكو كلمة معناها الصدفة أو المحارة غير المنتظمة الشكل ذات الخطوط المنحنية والتي استمدت منها زخارف في تلك الفترة ويعدّ فن التزين الداخلي. ظهر هذا الطراز من الفن في القرن الثامن عشر ويعد امتدادا للباروك ولكن بمقاييس جمالية تتسم بالسلاسة والرقة. واستمر هذا الطراز مزدهراً في ألمانيا وفرنسا بصفة خاصة واختفى من فرنسا بعد قيام الثورة الفرنسية في عام 1789.
روكوكو | |
---|---|
سقف بهو كا ريتزونيكو في البندقية مع رسومات تربيع لجيوفاني بتيستا كروساتو (1753)، صندوق بأدراج لتشارلز كريسينت (1730)، بهو إقامة فورتسبورغ ليوهان بالتازار نويمان (1749-50) | |
فترة النشاط | من ثلاثينات إلى ستينات القرن الثامن عشر |
الدولة | فرنسا وإيطاليا ووسط أوروبا |
وهو فن ينتمى إلى الزخرفة في العمارة والديكور الداخلي والخارجي وكذا الأثاث والتصوير والنحت، هو فن منبثق من المحارة غير المنتظمة، وقد كانت بداية ظهور هذا الفن في فرنسا إبان القرن الثامن عشر الميلادي، ويرجع إلي الأصول الكلاسيكية وهو يعدّ من الأساليب الزخرفية التي تعالج الأنماط الساكنة ليكسبها الحركة والحيوية وهذا الفن تم استقائه من فن الزخرفة العربي التقليدي الأرابيسك[1].
أصل المصطلح
استُخدمت كلمة روكوكو لأول مرة تغييرًا فكاهيًا لكلمة روكاي.[2][3] رمزت كلمة روكاي في الأصل إلى أسلوب في التزيين يستخدم الحصى والصدف والإسمنت، غالبًا ما اتُبع في تزيين الكهوف والنافورات منذ عصر النهضة.[4][5] أصبحت كلمة روكاي مصطلحًا لنوع من الرسوم التزيينية، أو لعناصر الزينة التي ظهرت في أواخر أسلوب لويس الرابع عشر على شكل صدفة بحرية تتشابك مع أوراق الأقنثا. نشر المصمم والجواهري جان موندون الكتاب الأول لشكل روكاي وكارتل، وهو عبارة عن مجموعة من التصاميم لزخارف الأثاث والديكور الداخلي. تضمنت هذه المجموعة الظهور الأول لمصطلح «روكاي» لتصنيف النمط. جُمع بين الرسم التزييني الصدفي المحفور أو المصبوب، وسعف النخيل أو العروق الملتوية، لتزيين كل من المداخل، والأثاث، والألواح الجدارية، وغيرها من العناصر المعمارية.[6]
استُخدم مصطلح روكوكو لأول مرة في طبعة عام 1825 لوصف الزخرفة التي تميزت بكونها «قديمة الطراز». استُخدم لأول مرة في عام 1828 للزخرفة «التي تنتمي إلى أسلوب القرن الثامن عشر والحاوية على كثير من الزخارف الملتوية». وصف المؤلف ستندال الروكوكو في عام 1829 بأنه «أسلوب الروكاي المتبع في القرن الثامن عشر».
استُخدم المصطلح لوصف العمارة أو الموسيقى المزخرفة بشكل مفرط في القرن التاسع عشر.[7][8] اعتمد مؤرخو الفن المصطلح منذ منتصف القرن التاسع عشر، في حين لا يزال هناك بعض الجدل حول الأهمية التاريخية لهذا الأسلوب. تُعتبر الروكوكو الآن فترة مميزة في تطور الفن الأوروبي.
الاختلافات بين الباروك والروكوكو
في ما يلي الخصائص التي نجدها في أسلوب الروكوكو، بينما لا نجدها في الباروك:
- التخلي الجزئي عن التناظر، يتكون من خطوط ومنحنيات رشيقة على غرار الفن الجديد.
- الكم الهائل من المنحنيات غير المتناظرة والحليات الحلزونية التي تأخذ شكل حرف C بالإنجليزية.
- الاستخدام الكبير للزهور في الزخارف، كمثال على ذلك: الأكاليل المصنوعة من الزهور.
- الرسوم الزخرفية الصينية واليابانية.
- ألوان الباستيل الدافئة (الأبيض، والأصفر، واللون القشدي، والرمادي اللؤلؤي، والدرجات الفاتحة جدًا من اللون الأزرق).[9]
فرنسا
ظهر أسلوب روكاي، أو الروكوكو الفرنسي، في باريس في عهد لويس الخامس عشر، وازدهر بين عامي 1723 و1759. استُخدم هذا الأسلوب خصوصًا في الصالونات، وهو أسلوب جديد لتصميم الغرفة، يهدف إلى إبهار الضيوف والترفيه عنهم. كان أبرز الأمثلة على هذا الأسلوب صالون الأميرة في فندق سوبيس في باريس، الذي صممه جيرماين بوفراند وشارل جوزيف ناتوار (1735- 1740). تضمنت سمات الروكوكو الفرنسي براعة فنية استثنائية لاسيما في أطر اللوحات والمرايا معقدة التصميم التي نُحتت في الجص وكانت مذهبة في الغالب، إلى جانب استخدام الأشكال النباتية (العروق، وأوراق الشجر، والأزهار) التي تتشابك في تصاميم معقدة. يتميز الأثاث أيضًا بمنحنيات متعرجة وتصميمات نباتية. يعد جوست أوريل ميسونير، وتشارلز كريسنت، ونيكولا بينو، من أبرز مصممي الأثاث والحرفيين الذين اتبعوا أسلوب الروكوكو.[10][11]
استمر أسلوب الروكاي في فرنسا حتى منتصف القرن الثامن عشر، وعلى الرغم من أنه أصبح أكثر انحناءً ونباتية، لكنه لم يحقق الوفرة المفرطة من الروكوكو التي استُخدمت في بافاريا، والنمسا، وإيطاليا. تحولت اكتشافات الآثار الرومانية، التي بدأت في عام 1738 في هركولانيوم وخاصة في بومبي عام 1748، إلى العمارة الفرنسية باتجاه الكلاسيكية الجديدة الأكثر تناظرًا والأقل زخرفة.
إيطاليا
اتبع الفنانون في إيطاليا وخاصة في البندقية أسلوب الروكوكو. قلدت القوافل الفينيسية الخطوط المنحنية والزخارف المنحوتة للروكاي الفرنسي، مع تباين فينيسي معين، إذ رُسمت المناظر الطبيعية، أو الأزهار، أو مشاهد من لوحات غاردي وغيره من الفنانين، أو الزخارف الصينية على خلفية زرقاء أو خضراء، ومطابقة لألوان مدرسة الفنانين في البندقية الذين زينت أعمالهم الصالونات. من بين أبرز الرسامين جيوفاني باتيستا تيبولو الذي رسم أسقف وجداريات في كل من الكنائس والقصور، وجيوفاني باتيستا كروساتو الذي رسم سقف قاعة الرقص في كا ريزونيكو بأسلوب التربيع، مع إعطاء وهم ثلاثي الأبعاد. سافر تيبولو إلى ألمانيا مع ابنه خلال الفترة بين عامي 1752 و1754 لتزيين أسقف إقامة فورتسبورن، أحد المعالم الرئيسية للروكوكو البافارية. رسم الرسام الفينيسي الشهير جيوفاني باتيستا بيازيتا عدة أسقف كنائسية بارزة.[12]
تميز أسلوب الروكاي الفينيسي بأوانٍ زجاجية استثنائية خاصة زجاج مورانو، الذي كان منقوشًا وملونًا في أغلب الأحيان، وصُدّر عبر أوروبا. تضمنت الأعمال ثريات متعددة الألوان، ومرايا بإطارات تحمل الكثير من الزخرفة.[12]
جنوب ألمانيا
بلغ أسلوب روكوكو الزخرفي قمة ازدهاره في جنوب ألمانيا ووسط أوروبا منذ ثلاثينيات القرن الثامن عشر وحتى سبعينياته. قُدم لأول مرة في فرنسا من خلال منشورات وأعمال المهندسين المعماريين والمصممين الفرنسيين، بمن فيهم النحات كلود الثالث أودران، والمصمم الداخلي جيل- ماري أوبنوردت، والمهندس المعماري جيرمان بوفران، والنحات جان موندون، والرسام والنقاش بيير ليبوتر. امتلك عملهم تأثيرًا مهمًا على أسلوب الروكوكو الألماني.[13]
تبنى مهندسو العمارة الألمانيون أسلوب الروكوكو، لكنهم جعلوه غير متناظر، وضمنوه زخارف منمقة أكثر من تلك التي احتواها الأصل الفرنسي. تميز الأسلوب الألماني بانفجار الأشكال التي توالت لأسفل الجدران، والزخارف التي تأخذ شكل المنحنيات والمنحنيات المعاكسة، وأنماط الالتواء، والالتفاف، والأسقف والجدران التي لا تحوي زوايا قائمة، وأوراق الشجر الجصية التي تبدو أنها تزحف على الجدران والسقف. كانت الزخرفة مذهّبة أو فضية في كثير من الأحيان لإعطائها تباينًا مع جدران الباستيل باللون الأبيض أو الباهت.[14]
كان المهندس المعماري والمصمم البلجيكي فرانسوا دي كوفيلييس من أوائل الذين أنشأوا مبنى روكوكو في ألمانيا، مع جناح أمالينبورغ في ميونيخ (1734- 1739)، المستوحى من أجنحة تريانون ومارلي في فرنسا. بُني ليكون كوخًا للصيد مع منصة على السطح لإطلاق النار على طيور التدرج. تتميز قاعة المرايا التي صممها الرسام والنحات يوهان المعمدان زيمرمان بأنها أكثر وفرة من أي نمط روكوكو فرنسي.[15]
من الأمثلة البارزة على الروكوكو الألمانية المبكرة، إقامة فورتسبورغ (1737- 1744) التي شيدها يوهان بالتازار نويمان لصالح الأمير الأسقف في فورتسبورغ. كان نيومان قد سافر إلى باريس وتشاور مع كل من فناني زخرفة الروكاي الفرنسي جيرماين بوفراند وروبرت دي كوت. على الرغم من أن اتباع القسم الخارجي للمبنى أسلوبًا باروكيًا أكثر رصانة، لكن المساحة الداخلية وخاصة السلالم والأسقف كانت ذات نمط أخف وأكثر زخرفة. استدعى الأمير الأسقف رسام الروكوكو الإيطالي جيوفاني باتيستا تيبولو بين عامي 1750 و1753 لإنشاء لوحة جدارية على الجزء العلوي من السلم الاحتفالي المكون من ثلاثة مستويات. وصف نيومان الجزء الداخلي من الإقامة بأنها «مسرح الإضاءة». شكل الدرج العنصر المركزي في إقامة بناها نيومان في قصر أوغسطبورغ في برول (1743- 1748). قاد الدرج الزائرين إلى الأعلى، بين خيال مصنوع من الجص يتضمن اللوحات، والنقوش، والأعمال الحديدية، والزخارف التي عرضت مناظر مذهلة مع كل منعطف.[16]
شُيد عدد من كنائس الحج البارزة في بافاريا خلال أربعينيات القرن الثامن عشر وخمسينياته، تضمنت زخارف داخلية متنوعة ومختلفة من أسلوب الروكوكو. تعدّ كنيسة الحج في ويز (1745- 1754) أحد أبرز الأمثلة على ذلك، إذ صممها دومينيكوس زيمرمان. كان الجزء الخارجي بسيطًا للغاية مثل معظم كنائس الحج البافارية مع جدران الباستيل والقليل من الزخارف. يواجه الزائر عند دخوله الكنيسة مسرحًا للحركة والضوء. يتميز التصميم برواق الجزء الداخلي من المعبد بيضوي الشكل الذي يملأ الكنيسة بالضوء من كل جانب. تتناقض الجدران البيضاء مع أعمدة من الجص باللونين الأزرق والوردي في المساحة المغلقة أمام المحراب، والسقف المقبب المحاط بملائكة من الجص أسفل القبة التي تمثل السماوات المزدحمة بأشكال توراتية ملونة. تشمل كنائس الحج البارزة الأخرى كنيسة المساعدون القدامى الأربعة عشر التي صممها بالتازار نويمان (1743- 1772).[17][18]
عوامل ظهور طراز فن الروكوكو
- نظرا أن أوروبا كانت تعيش في حالة من الرخاء، فانتشرت مظاهر الرفاهية.
- اتساع مجال الحياة الاجتماعية.
- بدأ انتشار هذا الطرازفى عام 1715 حيث فضل الأمراء والنبلاء الإقامة في باريس بدلاً من العودة إلى قصورهم العظيمة في الريف، فشيدوا منازل عرفت باسم "لوكاندة" مثل لوكاندة سوبيز وماتينيون، وبدلاً من الاهتمام بالوجهات الأرستقراطية التي نشرها ليبران، اهتم النبلاء بزخرفة منازلهم من الداخل. واِبتكر المهندسون زخارف استمدوا زخارفها من شكل الصدفة وقد عم هذا الطراز في ميادين التصوير والنحت وفي الاثاث وما شاكله.
- وبدأ الفن في أن يلعب دوره كمظهر للحياة ويعبر عنها ويجسد ملامحها.
- ظهر طراز فن الروكوكو بعد أن وصل فن الباروك إلى أقصى درجة ممكنة من الزخرفة خارج العمائر فبدأ ينعكس عليها من الداخل وبذلك بدأ الأسلوب الجديد في التزيين قصد منه تجميل القصور.
سمات طراز فن الروكوكو
- كان هدفه الأساسي المتعة والترفيه والاستحواذ على استحسان المجتمع الطبقي الجديد.
- لقد احتلت المرأة في هذا العصر مكانة عالية في المجتمع وحظيت باهتمام كبير من قبل الفنانين ابتداء من المعماري إلى الصانع الدقيق فكانوا يسعون إلى رضاها فيصهرون الحياة بأكملها ويصوغونها من جديد على هواها.
- واتسم طراز هذا الفن بأنه فن ذا طابع دنيوي سقط منه كل إدراك للمقدسات والتحليق فيما وراء الطبيعة. بما فيها الأساطير القديمة رغم أن آثاره ظهرت في التصوير والنحت ولكنها اتخذت شكلا دنيوياً مسرحياً.
- يرجع الفضل في نشأة هذا الطراز الفريد من نوعه في الرقة والأناقة والأسلوب المبتكر الذي ابتدعه المصور واتو في أعماله التي تعتبر بمثابة تحول كبير في أسلوب الفن إلى اتجاهه الجديد.
- فن الروكوكو لم يكن فن الملوك، كما كان فن الباروك، وانما كان فن الطبقة الأرستقراطية والطبقة الوسطى الكبيرة. لقد ظهر في عصر الروكوكو اتجاه حسي وجمالي. فقد كان مفرط بعبادته الحسية للجمال، وتميزت لغته الشكلية المتكلفة، والشديدة البراعة، ذات الرشاقة المنغمة. لقد كان اتجاهاً طبيعياً لمجتمع هوائي، وسلبي متعب، يلتمس في الفن لذة وراحة.
صور من فن الروكوكو
مصادر
- gate.ahram.org.eg/Topics/10338/حي-السكاكيني-بين-الماضي-والحاضر.aspx
- Merriam-Webster Dictionary On-Line
- Monique Wagner, From Gaul to De Gaulle: An Outline of French Civilization. Peter Lang, 2005, p. 139. (ردمك )
- Larousse dictionary on-line
- Marilyn Stokstad, ed. Art History. 4th ed. New Jersey: Prentice Hall, 2005. Print.
- Renault and Lazé, Les Styles de l'architecture et du mobilier(2006) p. 66
- Rococo – Rococo Art. Huntfor.com. Retrieved on 2011-05-29. نسخة محفوظة 7 أبريل 2019 على موقع واي باك مشين.
- Ancien Regime Rococo - تصفح: نسخة محفوظة 11 April 2018 على موقع واي باك مشين.. Bc.edu. Retrieved on 2011-05-29.
- Graur, Neaga (1970). Stiluri în arta decorativă (باللغة الرومانية). Cerces. صفحة 192.
- Kleiner, Fred (2010). Gardner's art through the ages: the western perspective. Cengage Learning. صفحات 583–584. . مؤرشف من الأصل في 26 يناير 202021 فبراير 2011.
- De Morant 1970، صفحة 382.
- de Morant 1970، صفحة 383.
- Ducher 1988، صفحات 150-153.
- De Morant, Henry, Histoire des arts décoratifs (1977), pp. 354–355
- "https://www.bavaria.by/experiences/city-country-culture/castles-palaces/wuerzburg-residence; B.M. Field The World's Greatest Architecture: Past and Present, Regency House Publishing Ltd, 2001". مؤرشف من الأصل في 30 أكتوبر 2018.
- Prina and Demartini (2006) pp. 222–223
- Cabanne & 1988 pp. 89–94.
- Ducher 1988، صفحة 152.