الرئيسيةعريقبحث

سمعة


☰ جدول المحتويات



السمعة مصطلح إسلامي يشير إلى فعل عبادة سمعة أي ليَسمع الناس ذكره فيُشهروا ذلك منه ليذكر به[1]، ومن أعظم ماينافي تحقيق العبودية؛ الرياء والسمعة، فالرياء يختص بالعمل ليراه الناس، والسُّمعة تختص بالذكر ليسمعه الناس.

الفرق بين الرياء والسُمعة

الرياء هو مشتق من الرؤية، والمراد به إظهار العبادة لقصد رؤية الناس لها فيحمدوا صاحبها، فالرِّياء هو العمل لرؤية الناس كالصلاة والصدقة، وأما السُّمعة: فهي من السماع، والمراد العمل لأجل سماعهم كالقراءة والوعظ والذكر، فالرياء يتعلق بحاسة البصر، والسُّمعة بحاسة السَّمع[2].

التحذير من الرياء والسمعة في الكتاب والسنة

يعتقد علماء المسلمين أن إخلاص العبادة لله في القول والعمل وموافقة السنة، هي من الأعمال الصالحة المرضية عند الله، ومما ينافي تلك الأعمال الصالحة ويبطلها؛ الرياء والسمعة، فيشرك مع الله في هذه العبادة، ولايبقى له من أجره شيئا، مع وقوعه في وعيد الله وسخطه. قال الله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ۝ ﴾ [ الكهف:110]، قال سعيد بن جبير عن معنى لايشرك بعبادة ربه أحدا: " أي لا يرائي بعبادة ربه أحداً"[3].

وقال تعالى في الحديث القدسي الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري، تركتُه وشِركه))[4].

وجاء في السنة النبوية ذكر بيان من سَمَّع بعبادته ليسمعه الناس، وبيان عاقبته؛ منصوصا عليه في الأحاديث الصحيحة، ومن ذلك ماجاء في صحيح البخاري[5] ومسلم[6]

روي عن أبي هريرة أن رسول الله قال:

" من راءى راءى الله به، ومن سمَّع سمَّع الله به "

.

وفي معنى الحديث: من سمَّع أي عمل عملا على غير إخلاص وإنما يريد أن يراه الناس ويسمعوه جوزي على ذلك بأن يشهره الله ويفضحه ويظهر ما كان يبطنه[7]، ويجعله حديثًا عند الناس الذي أراد نيل المنزلة عندهم بعمله، ولا ثواب له في الآخرة عليه، وكذلك من راءى بعمله الناس راءى الله به، أي: أطلعهم على أنه فعل ذلك لهم، ولم يفعله لوجهه عزوجل فاستحق على ذلك سخط الله وأليم عقابه[8].

وروى البخاري في صحيحه[9]

روي عن أبي سعيد أن رسول الله قال:

" يكشف ربنا عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة، ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياءً وسمعة، فيذهب ليسجد، فيعود ظهره طبقاً واحداً "

.

وقال بشير بن عقربة الجهني سمعت رسول صلى الله عليه وسلم يقول: ((من قام بخطبة لا يلتمس بها إلا رياء وسمعة، أوقفه الله عز وجل يوم القيامة، موقف رياء وسمعة))[10]. قال السندي[11]: "قوله:"موقف رياء وسمعة"، أي: موقفا يجزيه فيه جزاء الرياء والسمعة، أو يظهر فيه رياءه وسمعته، أو موقفا يظهر له فيه أنه كرامة ويكون فيه فضيحة يسمع بها الخلق، والله تعالى أعلم".

قال ابن القيم[12]:"سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: كما أن خير الناس الأنبياء، فشر الناس من تشبه بهم من الكاذبين، وادعى أنه منهم وليس منهم، وخير الناس بعدهم العلماء، والشهداء، والمتصدقون المخلصون، فشر الناس من تشبه بهم، يوهم أنه منهم وليس منهم".

حكم السُمعة مع الدليل

تحدث علماء المسلمين عن حكم السمعة فقال النووي: "وكما أن الرياء محبط للعمل كذلك التسميع، وهو أن يعمل لله في الخلوة ثم يحدث الناس بما عمل"[13]. قال السعدي في بيان حكم الرياء الذي هو موافق لحكم السُمعة[14]. واعلم أن الرياء فيه تفصيل: 1-إن كان الحامل للعبد على العمل مراءاة الناس، واستمر على هذا القصد الفاسد، فعمله حابط، وهو شرك أصغر، ويخشى أن يتذرع به إلى الشرك الأكبر.

2-وإن كان الحامل للعبد على العمل إرادة وجه الله مع إرادة مراءاة الناس، ولم يقلع عن الرياء بعمله، فظاهر النصوص أيضا بطلان هذا العمل.

3-وإن كان الحامل للعبد على العمل وجه الله وحده، ولكن عرض له الرياء في أثناء عمله، فإن دفعه وخلص إخلاصه لم يضره، وإن ساكنه واطمئن إليه نقص العمل وحصل لصاحبه من ضعف الإيمان والإخلاص بحسب ماقام في قلبه من الرياء.

واستثنى العلماء إذا كان ممن يقتدى به، عالما بما لله عليه في فرضه ونفله، وذكر ذلك تنشيطا للسامعين ليعملوا به فلا بأس"[15].

قال الطبري[16]: "كان ابن عمر وابن مسعود وجماعة من السلف يتهجدون في مساجدهم ويتظاهرون بمحاسن أعمالهم؛ ليقتدى بهم. قال: فمن كان إماما يستن بعمله عالما بما لله عليه قاهرا لشيطانه، استوى ماظهر من عمله وما خفي لصحة قصده، ومن كان بخلاف ذلك فالإخفاء في حقه أفضل وعلى ذلك جرى عمل السلف".

مواضيع متعلقة

رياء

شرك أصغر

روابط خارجية

التحذير من الرياء والسمعة - جامعة أم القرى.

صور من الرياء والسمعة - صيد الفوائد

المصادر

  1. راجع لسان العرب لابن منظور 8/166، مجمع بحار الأنوار لجمال الدين الهندي الفَتَّنِي 3/66، شرح العمدة لابن تيمية ص577.
  2. انظر: إحياء علوم الدين للغزالي 3/279، فتح الباري لابن حجر 11/336، تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد لسليمان بن عبدالله ص452.
  3. راجع الدر المنثور في التفسير بالمأثور لجلال الدين السيوطي 5/469.
  4. أخرجه مسلم برقم (2985).
  5. صحيح البخاري برقم (6499).
  6. صحيح مسلم برقم (2986).
  7. ذكر ذلك الخطابي ونقل عنه محمد الكرماني في الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري 23/20.
  8. راجع: شرح ابن بطال لصحيح البخاري10/208.
  9. أخرجه البخاري برقم (4919).
  10. أخرجه أحمد برقم (16073) وقال محقق المسند شعيب الأرنؤوط وآخرون: إسناده حسن.
  11. راجع حاشية مسند الإمام أحمد25/476 بتحقيق شعيب الأرنؤوط - عادل مرشد، وآخرون.
  12. راجع: الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي ص34.
  13. راجع: شرح الأربعين النووية للنووي ص 9.
  14. القول السديد شرح كتاب التوحيد لعبدالرحمن السعدي ص219، 220 ، وراجع: حلية الأولياء وطبقات الأصفياء لأبي نعيم الأصبهاني8/171، وشرح الأربعين النووية للنووي ص 8.
  15. راجع: شرح صحيح البخاري لابن بطال10/208.
  16. راجع فتح الباري لابن حجر11/337.

موسوعات ذات صلة :