علي بن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد بن معاوية بن أبو سفيان بن حرب بن أميّة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشيّ الأمويّ.
ملاحقة العباسيين له
بعد معركة الزاب التي انتصر فيها العباسيون على الأمويين عام (132 هجري) بدأ الأمويون يفرون نحو الغرب وانطلق جند بني العباس يتابعونهم كي يقضوا عليهم خوفاً من التفاف بعض الناس حولهم ومنازعة العباسيين ثانية، لذا كلما وجدوا أن بعضهم كاد يفلت من قبضتهم أعطوه الأمان وأغروه بالاستسلام فيقبل الخائف الطامع في الدنيا. وقد لاحقوا عبد الرحمن الداخل واستطاع الفرار إلى الأندلس حيث أقام دولته هناك، وتابع بقية الأمويين مع من بقي معهم السير باتجاه جنوب بلاد الشام وحشدوا جمعهم والتقوا مع العباسيين في معركة ثانية قرب مدينة الرملة بفلسطين على نهر أبي فطرس. دارت الدائرة عليهم وشتت شملهم وفر بعض كبارهم فأعطاهم العباسيون الأمان ولكنهم لم يثقوا بهم، فقد أعطى العباسيون الأمان ونكثوا عدة مرات. وجد كل رجل منهم طريقاً له ويمم وجهه شطر جهة قصدها منهم من سار إلى أفريقية باتجاه الأندلس ومنهم من انطلق إلى جنوب جزيرة العرب ودخل قسم منهم السودان أما من استسلم وخدع بالأمان فقد جمعهم قائد العباسيين عبد الله بن علي عم الخليفة السفاح وقتلهم جميعاً. كان علي بن محمد بن عبد الرحمن في نفر من أخواله بني غياث إحدى عشائر بني زيد بن عمرو الأزدية فدخلوا منازل أخوال جده بني كلب التي كانت تنزل جنوب بلاد الشام فحموهم وانطلقوا بهم نحو عسير برئاسة دغفل بن دحل بن بدر بن فضل الشامي الكلبي واخيه حنتوش.
توليه الإمارة في عسير
لما وصلوا إلى عسير استقروا بها ودخلوا في بني وازع من قبائل الأزد والتي أصبحت في عداد بني مغيد وأصبحت مشيختها لهم ثم انتقلت مشيختهم على البقوم بعد إخماد ثورتهم مع بني هلال وخلع طاعتهم للأمير عبد الله بن علي بن محمد عام (173) إذ كانوا قد انضموا إلى قوات الغامدي فجهز الأمير عبد الله قوات من عسير برئاسة حنتوش بن دحل وعينه أميراً على تربة وبيشة والقبائل المحيطة بهما وأبقى لديه قسماً من بني وازع مع الكلبيين أحتياطاً له .
بايع العسيريون علي بن محمد وقوي امره ودخل في سلطانه قبائل الأزد وكنانة ومذحج (الذين عرفوا فيما بعد بولد روح بن مدرك والحارث بن كعب ويطلق عليهم الآن عبيدة نسبة إلى امهم عبيدة بنت عدي بن ربيعة الملقب بالمهلهل)وقبائل نهد وبنو زيد وبنو النخع في بيشة وبنو قضاعة وأراشة بن عمرو وعنز بن وائل ورفيدة بن عامر وخثعم وعقيل بن كعب الحارثي.
كانت قبائل الأزد (عسير) في صراع مع من جاورها من القبائل حينذاك فاستطاع علي بن محمد أن يجمع صفها وأن يوحد كلمتها وأن يزيل ما بينها من خلافات حيث حدد لكل قبيلة حدودها والزمها بالحفاظ عليها وحماية من يمر بارضها من القتل أو السلب والتعدي ثم رتب هذه القبائل في الحرب فجعل بني أسلم بن عمرو بن عوف (ثمالة) والذين تفرع منهم قبيلتا (مغيد) و(علكم) في المقدمة ثم ربيعة ورفيدة أبناء عنز بن وائل ثم بني مالك بن نصر بن الأزد ويطلق على هؤلاء عسير السراة. ثم قسم عليهم قبائل تهامة عسير (رجال ألمع) و(رجال الصيق بن عمرو بن عامر) و(بارق بن عدي بن عامر) ومن حالفهم من كنانة وخزاعة ثم رجال الحجر (بالأسمر، بالأحمر، بنو شهر، بنو عمرو) وشمران وغامد وزهران ثم قبائل مذحج (قحطان) وخثعم (ناهس شهران) وقسم فيهم بقايا قبائل قضاعة واستمر هذا الترتيب يتعاقب عليه الأمراء من ال يزيد حتى أيام الأمير (حسن بن علي آل عائض) ووضع مجلس شورى يضم مشايخ عسير السراة وتهامة فقط وجعل السقا مركز إمارته بعد (أبها) وبنى في جبل (جلب) قصره المشهور الذي سماه (القرن). وتفرعت أصول هذه القبائل بعد القرن السادس إلى فروع أصبحت أصولاً لقبائل تضم عشائر عديدة، وتطرق لها والدي في كتابه (المتعة) ، وذكر منازلها القديمة في جنوب الجزيرة.
حربه مع العباسيين
خشي العباسيون اتساع نفوذ علي بن محمد على تلك المنطقة وخافوا من امتداده إلى الحجازين وسير بني أمية وانصارهم نحوه فوجهوا له الجيش إثر الاخر غير أن هذه الجيوش كانت تفشل في مهمتها حتى جهز له المهدي قبل وفاته جيشاً كثيفاً بإمرة (عبد الله بن عبد الرحمن بن النعمان الغامدي الأزدي فالتقى به في بلاد غامد وجرت معارك بين الجانبين انتهت بمقتل الأمير علي بن محمد عام 169 فبايع العسيريون مكانه ابنه عبد الله فتابع القتال وتمكن من قتل قائد الغزاة عبد الله بن عبد الرحمن بن النعمان الغامدي وشجعه موت الخليفة المهدي وتولي ابنه موسى الهادي مكانه وكان ضعيفاً وبقي عبد الله أمير عسير حتى قتل أيام الرشيد فخلفه في الإمارة ابنه خالد واستمرت الإمارة في أحفاده (واستوفى في متعته أخبار المنطقة وأحداثها وحروبها ورجالها في هذه الحقبة).
اوصافه
جاء في وصف الأمير علي انه معتدل القامة، ممتلئ الوجه أبيض اللون واسع العينين كبير الرأس بدين الجسم ضخم الكف أخنس الأنف طموحاً جلداً عالي الهمة ذا قوة وشجاعة وله شعر يدل على طموحه وصبره وجلده وعزة نفسه