قوم تبع هو وصف ورد في القرآن الكريم، حسب الإخباريين والمؤرخين العرب لقوم/عشيرة ملك حميري يدعى تبع أسعد أبو كريب الحميري[1] وحسب نقوش المسند أسرة "بنو تبع" هم أقيال (أمراء) شعب حُملان. وقد ورد ذكر قوم تبع في القرآن الكريم مرتين في سورة ق وسورة الدخان.
تبع
تبع هو لقب ملوك مملكة حمير حسب ما ظنه المؤرخون العرب بينما بالنقوش اللقب الملكي الحميري هو "ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنت"، أما "بنو تبع" هم أقيال (أمراء) شعب حُملان بالنقوش. وتقع بلدة حُملان في مركز بنو أحمد الإداري، في مديرية حفاش، جنوب محافظة المحويت.
ويعتقد بعض المفكرين أنّ تبع كان رجلاً مؤمناً، واعتبروا تعبير (قوم تبّع) الذي ورد في آيتين من القرآن دليلاً على ذلك، حيث أنّه لم يُذَمّ في هاتين الآيتين، بل ذُم قومه، والرّواية المروية عن النّبي ﷺ شاهدة على ذلك، ففي هذه الرواية أنّه قال: (لاتسبّوا تبّعاً فإنّه كان قد أسلم).
وورد في رواية أُخرى: إنّ تبعاً لما قدم المدينة ـ من أحد أسفاره ـ ونزل بفنائها، بعث إلى أحبار اليهود الذين كانوا يسكنونها فقال: إنّي مخرب هذا البلد حتى لا تقوم به يهودية، ويرجع الأمر إلى دين العرب.
فقال له شامول اليهودي ـ وهو يومئذ أعلمهم ـ أيها الملك إنّ هذا بلد يكون إليه مهاجر نبي من بني إسماعيل، مولده بمكّة اسمه أحمد. ثمّ ذكروا له بعض شمائل نبيّ الإسلام ﷺ فقال تبّع ـ وكأنّه كان عالماً بالأمر ـ: ما إلى هذا البلد من سبيل، وما كان ليكون خرابها على يدي بل ورد في رواية في ذيل تلك القصة أنّه قال لمن كان معه من الأوس والخزرج: أقيموا بهذا البلد، فإنّ خرج النّبي الموعود فآزروه وانصروه، وأوصوا بذلك أولادكم، حتى أنّه كتب رسالة أودعهم إياها ذكر فيها إيمانه بالرّسول ﷺ، ويروي صاحب أعلام القرآن أنّ تبّعاً كان أحد ملوك اليمن الذين فتحوا العالم، فقد سار بجيشه إلى الهند واستولى على بلدان تلك المنطقة. وقاد جيشاً إلى مكّة، وكان يريد هدم الكعبة، فأصابه مرض عضال عجز الأطباء عن علاجه.
وكان من بين حاشيته جمع من العلماء، كان رئيسهم حكيماً يدعى شامول، فقال له: إنّ مرضك بسبب سوء نيتك في شأن الكعبة، وستشفى إذا صرفت ذهنك عن هذه الفكرة واستغفرت، فرجع تبع عما أراد ونذر أن يحترم الكعبة، فلما تحسن حاله كسا الكعبة ببرد يماني.
ذكر ابن كثير أن تبع اسمه أسعد أبو كريب وهو الذي مر على المدينة وحارب أهلها ثم سالمهم وترك عندهم لوحا فيه شعر، يذكر فيه أنه مؤمن بالنبي الذي سيبعث ويهاجر إلى المدينة، فتوارثوه إلى أن وصل إلى أبي أيوب الأنصاري، وهو الذي نزل عنده النبي ﷺ عندما قدم المدينة مهاجراً، وتبع هو الذي كسا الكعبة المشرفة ودعا قومه إلى الإيمان بالله تعالى، ثم لما توفي عادوا بعده إلى عبادة الأصنام والنيران. [2]
وقد وردت قصّة كسوة الكعبة في تواريخ أُخرى حتى بلغت حد التواتر. وكان تحرك الجيش هذا، ومسألة كسوة الكعبة في القرن الخامس الميلادي.
سبب التسمية
سبب التسمية قال في التحرير والتنوير: قيل سموه تبعًا باسم الظل لأنه يتبع الشمس كما يتبع الظل الشمس، ومعنى ذلك: أنه يسير بغزواته إلى كل مكان تطلع عليه الشمس، كما قال تعالى في ذي القرنين: (فأتبع سببا * حتى إذا بلغ مغرب الشمس.. إلى قوله: لم نجعل لهم من دونها سترا) وقيل لأنه تتبعه ملوك مخاليف اليمن، وتخضع له جميع الأقيال والأذواء من ملوك مخاليف اليمن وأذوائه، فلذلك لقب تبعًا لأنه تتبعه الملوك.[3]
تبع نبيًا أم ملكًا فقط
اختلف هل كان نبيًا أو ملكًا فقط؟ فقال ابن عباس: كان تبع نبيًا، وقال كعب: كان تبع ملكًا من الملوك، وكان قومه كهانًا، وكان معهم قوم من أهل الكتاب، فأمر الفريقين أن يقرب كل فريق منهم قربانًا ففعلوا، فتقبل قربان أهل الكتاب فأسلم، قالت عائشة رضي الله عنها: لا تسبوا تبعًا فإنه كان رجلًا صالحًا. وقال الكلبي: تبع هو أبو كرب أسعد بن ملك يكرب، وإنما سمي تبعًا لأنه تبع من قبله، وقال سعيد بن جبير: هو الذي كسا البيت الحبرات، وقال كعب: ذم الله قومه ولم يذمه.[4]
الرسول إلى قوم تبع
ذكر القرآن أن الله أرسل رسول إلى قوم تبع فكذبوه
﴿ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ ﴾
﴿ أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ﴾
المروي عن النبي ﷺ في مسند أحمد قال: «لا تسبوا تبعًا فإنه كان قد أسلم»، وفي رواية «كان مؤمنًا»، فسر بعض العلماء الحديث بأن تبع كان على الديانة اليهودية المنتشرة باليمن قبل الإسلام.
النقوش
ذكرت النقوش أن أسرة "بنو تبع" هم أقيال (أمراء) شعب حُملان والتي تنتمي لاتحاد (سمعي) بقيادة (همدان) أحد البيوت القبلية الحاكمة في المرتفعات الشمالية لليمن لشعب (حاشد).
كان لقبائل اتحاد (سمعي) دور بارز في الصراع القائم بين ملوك سبأ وذي ريدان (حمير) خلال القرون الثلاثة الميلادية الأولى بسبب وصول الأسرة التبعية الهمدانية إلى الحكم في (سبأ) حيث برز دور الأقيال من بني همدان في الحياة السياسية للدولة السبأية – الريدانية (الحميرية)، ومن هذه الأسرة الهمدانية برز الملك الهمداني (شعر أوتر) ملكاً لسبأ وذي ريدان كأبرز الملوك في القرن الثاني الميلادي، وتمكن من إعادة توحيد الجزء الأكبر من اليمن.
المصادر
- تفسير ابن كثير - تصفح: نسخة محفوظة 28 ديسمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- تفسير ابن كثير
- (التحرير والتنوير) لابن عاشور
- الإمام القرطبي