محمد صالح كبة (1201-1287هـ / 1787-1870م): رجل علم وأدب , وتاجر من كبار تجار بغداد في القرن التالث عشر الهجري. لعب دوراً كبيراً في دعم النهضة العلمية والأدبية التي شهدتها بغداد والنجف وكربلاء في القرن المذكور.
الحاج محمد صالح كبة | |
---|---|
معلومات شخصية | |
الميلاد | 1201هجرية,1787ميلادية بغداد |
تاريخ الوفاة | 1287هجرية,1870ميلادية |
مواطنة | العراق |
الديانة | الاسلام |
اسمه ونسبه
الحاج محمد صالح بن الحاج مصطفى بن الحاج درويش كبة. ينتمي إلى أسرة بغدادية عريقة سكنت بغداد منذ العهد العباسي. وقد قيل أن في كتاب (تاريخ الطبري) لأبي جعفر الطبري (839 – 923م) (دسكرة آل كبة) , وهي مجمع قصور وبساتين في الجانب الغربي من بغداد فيما تدعى اليوم بـ (كرادة مريم)(1). وهو والد العالم والفقيه والشاعر الحاج محمد حسن كبة , وجد الشيخ محمد مهدي كبة الوزير وعضو مجلس السيادة السابق.
منزلته العلمية
كان الحاج محمد صالح على حظ وافر من العلوم العربية وقسط من علوم الدين وعلى جانب عظيم من الورع والنسك. وكان محباً للعلماء والشعراء، ولهم عليه عِدات يتقاضونها شهرياً وسنويا. غير أن مزاولته للتجارة صرفه عن مواصلة دراساته واهتماماته. لعب دوراً كبيراً ومهماً في النهضة العلمية والأدبية التي شهدها القرن الثالث عشر الهجري، في بغداد والنجف وكربلاء والتي ازدهرت بكبار العلماء والفقهاء (2) .
دواوينهُ وندواتهُ العلمية والأدبية
وكانت داره في بغداد والنجف قبلةً يقصدها رجال العلم والأدب , وكان بمثابة ندوة أدبية ومنتدى شعري، يَؤمُّهُ الداني والقاصي من ارباب العلم والأدب ومن شعراء العصر قاطبة. ولا تغرب عنه الشمس إلا بجديد يضاف إلى حلبات الشعر والأدب (3). وكان دوره في تعضيد العلماء ورجال الأدب كبيراً , وخير دليل على ذلك ما ورد في العقد المفصل للسيد حيدر الحلي عن دور الحاج محمد صالح في دعم الحركة العلمية حين نوه عن الإسناد الذي قدمه للشيخ محمد حسن النجفي وتقديمه ما يحتاج اليه لتصنيف كتابه المشهور (جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام) في بضعةٍ وأربعين مجلداً (4) .
علاقاته مع علماء وأدباء عصره
وتوطدت علاقاته وصلاته مع العديد من العلماء والشعراء أمثال العالم الجليل الشيخ مرتضى الأنصاري والشيخ محمد حسن النجفي والشاعر المعروف صالح الكواز والشاعر عبد الباقي العمري والشاعر السيد مهدي داود الحيدري وكثرين غيرهم. حتى أن الشيخ الأنصاري، وكان زعيم الإمامية في عصره، قد عينه نائبا خامساً له بعد نوابه الأربعة(5) , اكراماً له ولمنزلته لدى العلماء والمراجع.
اسهامه في بناء الخانات
ومن مآثر الحاج محمد صالح الاجتماعية التي ما زالت شاخصة حتى يومنا هذا اسهامه الفاعل في تشييد الخانات للمسافرين وزوار العتبات المقدسة، بالاشتراك مع مجموعة من الخيرين، أمثال السيد جعفر السيد حمود والحاج حسين بن محمد والسيد بحر العلوم والشيخ مرتضى الأنصاري(6) . حيث كانت المسافة بين النجف وكربلاء قرابة الثمانين كيلومترا، ولم تكن البلدتان متسعتين بالنحو الذي عليه اليوم. وكانت هذه المسافة تعتبر شاسعة ومضنية للزائرين. وهي في ذات الوقت مليئةً بالضواري من قبيل الضباع والذئاب الجائعة، فضلا عن كونها معرضة لغارات اللصوص والسراق. وكانت تلك من الاسباب التي دفعته مع الآخرين من الخيرين إلى بناء الخانات . وقد ساعدت هذه الخانات المسافرين المعتمدين على وسائل النقل البدائية يومذاك بمواصلة رحلاتهم. وهي أشبه ما تكون ببيوت الاستراحة، حيث تتوفر فيها مستلزمات السفر من طعام وشراب ومنام وكذلك حظائر للخيول ومخازن لتكديس امتعة المسافرين وغيرها من الخدمات. وكانت على نوعين: خانات للوقف الذري واخرى للوقف الخيري. والأخيرة جرى وقفها لزائري العتبات المقدسة سواء من العراقيين أو غيرهم من رعايا الدول الاسلامية المجاورة.
وفاته
وقد عمر الحاج محمد صالح كبة نحو 86 عاما هجريا، وشهد وفاة اثنين من أبناءه الذكور (المهدي والرضا) . وكانت وفاته سنة 1287 هـ الموافق 1870 م. وحمل باحتفال عظيم إلى النجفالأشرف ودفن مع ابيه المصطفى في مقبرة لهم قرب باب الطوسي.
قالوا عنه
- الشيخ محسن الأمين العاملي (1865-1952): كان من أهل العلم والفضل ومن أعاظم تجار بغداد، وله من الخيرات والصدقات الجارية الشيء الكثير.(7)
- السيد مهدي داود الحلي (1807-1870) : وقد وصفه في كتابه (مصباح الأدب الزاهر) بالعالم العامل والفاضل الكامل فخر الأكوان وجوهرة الزمان.
- الشاعر السيد حيدر الحلي (1830-1887) : وقد وصفه بهذه الأبيات الجميلة:
مولىً على الكرخ بنى دار علىً...... للوفد والأضياف تسمو الفرقدا
أرسى لهـا قواعــداً من حلمــــه...... ثم أقــــــــام مـن عــلاه عمــدا
ومـد سـقفــاً فوقهـــا مـن مجــده...... حتى الثريـا قصرت عنه يـــدا
وقـد زهـت من فضلـه شــقـائـق...... غــدا بـهــنّ خـــــدهــا مـورّدا (8)
- وقال مؤيد مهدي كبة (أحد أحفاده) يصف أفضاله:
يا عِتْـرَةً بِمَكـارِمِ الأخْـلاقِ تُنْتَـدَب.... وَشـيمَةِ الأبْـرارِ عِنْدَ اللَّوْذِ والطَلَبِ
تَمازَجَتْ بِالبِرِّ وَالإحْسـانِ تُربَتهــا.... فأثْمَرَتْ مَدَّاً مِنَ الأَفضْالِ وَالحَسَبِ
وَالنُّبْـلُ في مُحَمَّـدٍ الصّـالِح الزَّمَنِ.... وَالمَكْـرَمـاتُ مِـنْ جــودٍ وَمِـنْ أَدَبِ
فهذِهِ الخاناتُ تحْكي غُرَّةَ الشِّـيَمِ.... وَصَفْوَة الأعْلامِ في الدِّيوانِ فَاحْتَسِبِ (9)
- إبراهيم عبد الغني الدروبي (1894- 1959) : كان أديباً فاضلاً ثقةً , وكان صاحب خيرات ومَبَرّات.(10)
- د. مضر سليمان الحلي: كان رجل وجاهة وتجارة، ورجل صلاح وورع، ورجل أريحية ومروءة، ولاتزال شواهد ما قدمه من دعم عريض واسع للعلم والأدب والدين قائمة وثابتة إلى الآن.(11)
المصادر
(1) كتاب اعيان الشيعة - محسن الامين العاملي - جزء الثاني - دار التعارف للمطبوعات - بيروت - ص 93.
(2) جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام - الشيخ محمد حسن النجفي- المجلد الأول- دار احياء والتراث العربي - بيروت - 1981 - ص9.
(3)كتاب اعيان الشيعة- مصدر سابق - المجلد التاسع - ص174.
(4) العقد المفصل في قبيلة المجد المؤثل - السيد حيدر الحلي - تحقيق د.مضر سليمان الحلي - بغداد - 2014.
(5) مجلة المهجر اللندنية - جمعية رعاية العراقيين - العدد 49- مقالة د.جودت القزويني - 2008.
(6) كتاب اعيان الشيعة - مصدر سابق - المجلد التاسع - ص368 .
(7) كتاب اعيان الشيعة - مصدر سابق - المجلد التاسع- ص368
(8) ديوان السيد حيدر الحلي - تحقيق علي الخاقاني - المطبعة الحيدرية - النجف - 1950 .
(9) تجليات - مجموعة شعرية- مؤيد كبة - مطبعة الرفاه - بغداد-2016- ص90.
(10) البغداديون أخبارهم ومجالسهم - إبراهيم الدروبي - مطبعة الرابطة - بغداد - 1958 .
(11) العقد المفصل في قبيلة المجد المؤثل - مصدر سابق.