علم تجويد الأصوات أو النُّطقيَّات[1] أو الفونولوجيا [2] (Phonology) أو علم الأصوات اللغوية أو التصريف الصوتي أو الصوت الكلامي هو فرع من اللغويات يهتم بتنظيم الأصوات في اللغات. يركز هذا العلم تقليدياً بشكل كبير على دراسة نظم الفونيم في لغات محددة، ولكن قد تغطي أيضاً أي تحليلات لسانية سواءً على مستوى ما دون الكلمة (كالمقاطع اللفظية وغيرها) أو على جميع مستويات اللغة حيث يتم اعتبار الصوت هيكلياً لنقل المعنى اللغوي.
تاريخ علم الكلام في العربية
نشأت بداية علم التصريف الصوتي عندما فكر الخليل في جمع اللغة عن طريق الحصر والاستيعاب لا عن طريق الجمع أو التصنيف، فاتجه نحو الترتيب الألفبائي، وساعده على ذلك وعيه بالأسس الصرفية وخصائص ائتلاف وجمع الأصوات جنبا إلى جنب في اللغة العربية، وساعده على ذلك عقليته الرياضية، فقدم معجمه عن طريق الصور المختلفة لتقاليب الأصوات، أو نظرية التوافيق والتباديل -إن صح التعبير- فجاء معجمه غاية في الإتقان وقمة في الإحكام.
والأسس الصوتية التي يحفل بها كتاب العين على وجه العموم ومقدمته على وجه الخصوص يمكن أن ندرجها تحت فرعين أساسيين من فروع علم الأصوات الحديث، الفرع الأول هو ما أطلق عليه الصوتيات أو الفوناتيكا والفرع الآخر هو النطقيات أو الفونولوجيا، وكلا العلمين يبحثان في الصوت اللغوي، أو بعبارة أخرى يبحث كل منهما في جانب من جوانب هذا الصوت اللغوي، ويعتمد كل منهما على أسس وأساليب خاصة للبحث.
وشاع المصطلح الأول حتى أصبح علما على الدراسات الصوتية عامة، وكان هذا الإطلاق هو الأشهر حتى أواخر القرن التاسع عشر، حيث بدأ التطور البحثي يلقي بظلاله على علوم اللغة، واتضح للباحثين أن هناك جوانب للصوت اللغوي.
والفوناتيك عند مقابلته بالفونولوجيا يصبح ذا مدلول ضيق نسبيا: إذ هو يطلق حينئذ ويراد به دراسة الأصوات من حيث كونها أحداثا منطوقة بالفعل لها تأثير سمعي معين دون النظر في قيم هذه الأصوات أو معانيها في اللغة المعينة، إنه يعنى بالمادة الصوتية لا بالقوانين الصوتية، وبخواص هذه المادة أو الأصوات بوصفها ضوضاء لا بوظائفها في التركيب الصوتي للغة من اللغات.
فالفوناتيك يوجه اهتمامه نحو القضايا الصوتية بوجه عام، أو ربما دلالته إلى نحو أبعد حيث يقصد به: "التنبيه على عدم قصر بحوث هذا الفرع ومناقشاته على أصوات لغة بعينها، وفي بيان أنه معني بالصوت اللغوي في عمومه والنظر في مشكلات هذا الصوت بوصفه خاصة مشتركة بين اللغات جميعا.
تمثيل وحدات الكلام
تعتمد عملية كتابة بعض اللغات على المبادئ أبجدية صوتية دولية ذات حرف (أو مجموعة من حروف) للوحدة الكلامية والعكس صحيح. في الحالة المثالية، يمكن للمتحدثين كتابة أيا مما يقولونه، ويستطيعون قراءة أي شيء مكتوب.
مع ذلك فإن الإنكليزية مثلا تستخدم تهجئات مختلفة لتمثيل نفس الوحدة الكلامية (على سبيل المثال، rude-تلفظ: رود وfood-تلفظ: فود لهما نفس الأحرف الصوتية) كما يمكن أن نجد أن نفس الحرف أو مجموعة من الحروف تمثل وحدات كلامية مختلفة (على سبيل المثال لفظ الحرف الصوتي المركب "th" يختلف في كل من this حيث يلفظ "ذ" وthin حيث يلفظ "ث"). لتجنب مثل هذا فإن اللغويين يمثلون الوحدات الكلامية بين علامات مائلة " / / " بينما يرمز للكلمات الصوتية الحقيقية والتي قد تبدو مختلفة في نطق الوحدة الكلامية بحصر الكلمة الصوتية ضمن حاصرتين مربعتين " [ ] ". في العربية كذلك يتم تمييز الاختلاف في النطق بواسطة علامات خاصة تدعى علامات التشكيل والتي يعود الفضل بها للفراهيدي.
فهذا العلم هو المعني بالبحث في وظيفة الصوت اللغوي كما يعنى بوضع الأسس العامة التي تحكم هذه الأصوات في لغة من اللغات، فالفونولوجيا العربية لها أسسها العامة التي تميزها عن الفونولوجيا الإنكليزية أو الفرنسية أو غير ذلك. لكل لغة نمط صوتي خاص يتمثل في:
- مجموعة الأصوات التي تكون هذه اللغة
- التراكيب المسموح بها لهذه الأصوات في الكلمات
- عمليات حذف وإضافة وتغيير الأصوات.
فالفونولوجيا –كما أسلفنا- علم يختص بدراسة النظم والأنماط الصوتية التي تميز كل لغة عن غيرها "والنظام الصوتي هو جميع الأصوات اللغوية المتمايزة عن بعضها البعض في لغة ما". "ولكل لغة أنماطها الصوتية الخاصة بها إضافة لاشتراكها مع لغات أخرى في أنماط موحدة. فالكلمات في اللغة العربية، على سبيل المثال لا تبدأ بصامتين. بينما نجد في اللغة الإنجليزية كلمات تبدأ بصامتين بل وثلاثة صوامت مثل: "يطير" "”fly” و"شارع" “street” فالمقطع في اللغة العربية لابد أن يبدأ دائما بصامت واحد يليه صائت، والكلمة تبدأ بمقطع. أما في الإنجليزية فإن المقطع يمكن أن يبدأ بثلاثة صوامت، أو صامتين، أو صامت واحد، أو بلا صامت".
مراجع
- محمد هيثم الخياط (2009). المعجم الطبي الموحد (الطبعة الرابعة). بيروت، لبنان: مكتبة لبنان - ناشرون. صفحة 1579. .
- روحي البعلبكي (1995). المورد قاموس عربي - إنكليزي (الطبعة السابعة). بيروت، لبنان: دار العلم للملايين. صفحة 83.