هي عادة مصرية قديمة منذ عهد الفراعنة مازل المصريون يزاولونها حتى اليوم, وهي الذهاب إلى قبر الميت وإحياء ذكراه بعد موته بأربعين يوماً وفي ذكرى وفاته وفي ذكرى الاربعين ويجتمع اهل الميت ويبدئون قراءة القران وذكر الله ترحما على روح الميت ،ولا ينزعون لبسهم الأسود إلا بعد الأربعين.
يتكرّر ذكر العدد الأربعين في القرآن الكريم وفي الأحاديث الشّريفة، وكذلك في تفاسير كثيرة لآيات بيّنات عند المفسرّين على اختلاف مذاهبهم، فعلى سبيل المثال، ورد في القرآن الكريم:
﴿وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ﴾البقرة:51.
﴿قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ﴾ المائدة: 26.
﴿وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ﴾ الأعراف: 142.
﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ الأحقاف: 15.
أمّا الأحاديث الوارد فيها ذكر "الأربعين"، فتكاد لا تحصى، واخترنا منها بعض ما له علاقة بالبكاء على الميت:
- عن رسول الله : إنّ الأرض لتبكي على المؤمن أربعين صباحاً.
- عن الإمام محمد الباقر (ع) أنّه قال: إنّ السّماء بكت على الحسين أربعين صباحاً.
كما تتزامن إقامة الشعائر الحسينيّة في يوم الأربعين مع ذكرى رجوع رأس الامام الحسين من الشام إلى العراق ، ودفنه مع الجسد في يوم العشرين من صفر كما جاء في الروايات ، ويسمى هذا اليوم في العراق (مَرَد الرأس) , فتقام الشعائر استذكاراً لهذه الحادثة الأليمة فتتجدّد الأحزان .
وفي تفسير آيات القرآن الكريم نجد تكراراً للعدد "الأربعين"، عند المفسّرين المسلمين، شيعة وسنّة، من ذلك ما رواه الطّباطبائيّ عند الحديث عن مقتل ابن آدم(ع) على يد أخيه وشرح الأسباب والنتّائج، في الآيات: 27، 28، 29، 30، 31 في سورة المائدة:«انصرف آدم يبكي على هابيل أربعين يوماً وليلة».
ومما قاله الماورديّ في "النّكت والعيون" في قوله تعالى: ﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِم السَّمَاءُ وَالأَرْضُ﴾ الدّخان/29: «أنّ السّماء والأرض تبكيان على المؤمن أربعين صباحاً ؛ قاله مجاهد».
ومن لطائف المعارف التي أوردها وِل ديورانت Durant Will في موسوعة: قصّة الحضارة في حديثه عن زراعة الزّيتون في اليونان القديمة:«أنّ شجرة الزّيتون لا تُؤتي أُكلها إلّا بعد ستّة عشر عاماً من زرعها، ولا يُكتمل نُموّها إلّا بعد أربعين».