الأرثوذكسية الشرقية هي مذهب من المسيحية يُرجع جذوره بحسب أتباعه إلى المسيح والخلافة الرسولية والكهنوتية. وكانت المسيحية كنيسة واحدة حتى الانشقاق الذي حصل بين الكنيسة الغربية (الرومانية الكاثوليكية) والشرقية (الرومية الأرثوذكسية).
ومعنى كلمة أرثوذكسية (باليونانيَّة: Ορθοδοξία) الرأي القويم، أو الإيمان المستقيم. الكنائس الأرثوذكسية التقليدية هي الكنائس الشرقية، منها البيزنطية (أي الرومية التي تسمى أيضًا باليونانية) والسلافية، وقد تم انشقاق الكنيسة بين الغرب (الكرسي الرسولي والمسماة اليوم الرومانية الكاثوليكية) وبين الشرق (الرومية، البيزنطية، والمسماة أيضًا اليوم الرومية الأرثوذكسية). وقد استفحل هذا الانشقاق في أيام ميخائيل كيرولارس بطريرك القسطنطينية عام 1054 ،لأسباب سياسية أكثر منها عقائدية. ومن المعلوم أن المراجع القديمة بما فيها العربية كانت تسمي رومان القسم الشرقي من الإمبراطورية الرومانية روم تميزاً لهم عن رومان القسم الغربي من الإمبراطورية، في حين سمّأهم الغربيون منذ القرن التاسع "اليونانيين".
الأرثوذكسية الشرقية هي ثاني أكبر الكنائس المسيحية بعد الكنيسة الكاثوليكية في العالم؛ بالمقابل تتخطى المذاهب البروتستانتية مجتمعة الكنيسة الأرثوذكسية، وتتراوح أعداد أتباع الأرثوذكسية الشرقيين بين 223 مليونًا و300 مليون.[1] وانتشرت الأرثوذكسية الشرقية في روسيا وبلاد البلقان واليونان وعموم الشرق الأدنى، اما المسيحيون التابعين للكنيسة الأرثوذكسية والساكنين في البلدان العربية فيطلق عليهم اسم كنيسة الروم الأرثوذكس بسبب انهم يتبعون الطقوس الدينية اليونانية البيزنطية. ويعيش معظم المسيحيين الأرثوذكس الشرقيين في أوروبا الشرقية واليونان والقوقاز، مع مجتمعات أصغر في المناطق البيزنطية السابقة في بلدان شرق المتوسط وشمال أفريقيا، وإلى درجة متناقصة أيضًا في الشرق الأوسط بسبب الإضطهاد. هناك أيضا العديد في أجزاء أخرى من العالم، تشكلت مجتمعات أرثوذكسية شرقية خلال الهجرة والشتات والتحويلات الدينية والنشاط التبشيري.
الكنائس الأرثوذكسية
و تتبع الكنيسة الأرثوذكسية النظام البطريركي القديم، ولهذا رئاسة الكنائس الأرثوذكسية تتبع نظام البطريركية فيدعى رئيسها بطريرك. وهي:
- بطريركية القسطنطينية المسكونية، ومركزها في القسطنطينية - إسطنبول، تركيا
- بطريركية وسائر أفريقيا مركزها في الإسكندرية، مصر
- بطريركية أنطاكية مركزها في دمشق، سوريا.
- بطريركية القدس مركزها في القدس الشرقية في فلسطين و إسرائيل.
- بطريركية موسكو في روسيا
- بطريركية بلغراد في صربيا
- بطريركية بوخارست في رومانيا
- بطريركية صوفيا في بلغاريا
- بطريركية تبيليسي في جورجيا
والكنائس التالية تتبع النظام الرئاسي الذي يكون برئاسة الأساقفة وهي:
- الكنيسة القبرصية الأرثوذكسية في قبرص
- الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية في اليونان
- الكنيسة البولونية في بولندا
- الكنيسة الألبانية في ألبانيا
- كنيسة تشيكوسلوفاكيا في جمهورية التشيك و سلوفاكيا
- الكنيسة الأوكرانية الأرثوذوكسية في أوكرانيا
وهذه كنائس شبه مستقلة تتبع للكنائس الشرقية الأم:
- الكنائس الأرثوذكسية في المهجر في الولايات المتحدة و كندا
- الكنيسة الفنلندية في فنلندا
- الكنيسة الإستونية في إستونيا
- الكنيسة المولدافية في مولدوفا
- أسقفية غرب أوروبا ومركزها في فرنسا
- أسقفية بيسارابيا في مولدوفا
- أسقفية أوهريد في مقدونيا
- الكنيسة اليابانية في اليابان
- الكنيسة الصينية في الصين
- كنيسة خارج روسيا ومركزها في الولايات المتحدة
- كنيسة سيناء في مصر
- جبل آثوس في اليونان
- يمكن الاطلاع عليها جميعها في الصندوق على اليسار.
قانون إيمانها
- "أومن بإله واحد، آبٍ ضابط الكل، خالق السماء والأرض، ما يرى وما لا يرى، وبرب واحدٍ يسوع المسيح، ابن الله الوحيد المولود من الآب قبل كل الدهور، نور من نور، إله حق من إله حق، مولود غير مخلوق، مساوٍ للآب في الجوهر الذي به كان كل شيء، الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نزل من السماء وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء وتأنس، وصُلِبَ عَنّا على عهد بيلاطس البنطي وتألم و قُبِر وقام في اليوم الثالث كما في الكتب، وصعد إلى السماء وجلس عن يمين الآب وأيضاً يأتي بمجد ليدين الأحياء والأموات، الذي لا فناء لملكه. و بالروح القدس الرب المحيي المُنبَثق من الآب، الذي هو مع الآب والابن، مسجودٌ له وممجد، الناطق بالأنبياء. وبكنيسة واحدة جامعة مقدسة رسولية. وأعترف بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا، وأترجى قيامة الموتى، والحياة في الدهر الآتي. آمين ".
- إننا نعلّم جميعنا تعليماً واحداً تابعين الآباء القديسين. ونعترف بإبن واحد هو نفسه ربنا يسوع المسيح. وهو نفسه كامل بحسب اللاهوت وهو نفسه كامل بحسب الناسوت. إله حقيقي وإنسان حقيقي. وهو نفسه من نفسٍ واحدة وجسدٍ واحد. مساوٍ للآب في جوهر اللاهوت (إله) وهو نفسه مساوٍ لنا في جوهر الناسوت (إنسان)، مماثل لنا في كل شيء ماعدا الخطيئة. مولود من الآب قبل الدهور بحسب اللاهوت. وهو نفسه في آخر الأيام مولود من مريم العذراء والدة الإله بحسب الناسوت لأجلنا ولأجل خلاصنا. ومعروف هو نفسه مسيحاً وإبناً وربّاً ووحيداً واحداً بطبيعتين بلا اختلاط ولا تغيير ولا انقسام ولا انفصال من غير أن يُنفى فرق الطبائع بسبب الاتحاد بل إن خاصة كل واحدة من الطبيعتين ما زالت محفوظة تؤلفان كلتاهما شخصاً واحداً وأقنوماً واحداً لا مقسوماً ولا مجزّءاً إلى شخصين بل هو ابن ووحيد واحد هو نفسه الله الكلمة الرب يسوع المسيح كما تنبأ عنه الأنبياء منذ البدء وكما علّمنا الرب يسوع المسيح نفسه وكما سلّمنا دستور الآباء.
- ونعترف بالمثل، بحسب رأي الآباء القديسين: في المسيح مشيئتان و إرادتان طبيعيتان وفعلان طبيعيان بدون افتراق، بدون استحالة، بدون انفصال، بدون اختلاط، (ونعترف): في إرادتان طبيعيتان غير متضادتين... و لكن الإرادة الإنسانية (في يسوع) مطيعة وغير مقاومة وغير ثائرة بل خاضعة للمشيئة الإلهية والكلية القدرة. فكان على مشيئة الجسد أن تتحرك، ولكن أن تخضع للإرادة الإلهية وذلك بحسب أثناسيوس الحكيم جدا.ً
- إننا نقبل الأيقونات ونسجد لها ونكرمها، احتراماً للذين صوّرت عليهم لا عبادة لهم، لأن العبادة إنما تجب لله وحده دون غيره".
الديموغرافيا والإنتشار
الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية هي ثاني أكبر الكنائس المسيحية بعد الكنيسة الكاثوليكية في العالم؛ بالمقابل تتخطى المذاهب البروتستانتية مجتمعة الكنيسة الأرثوذكسية، وتتراوح أعداد أتباع الأرثوذكسية الشرقيين بين 223 مليونًا و300 مليون.[1]
ما يقرب من أربعة من كل عشرة مسيحيين أرثوذكس في جميع أنحاء العالم (39%) يقيمون في روسيا،[2] وهو أكبر بلد أرثوذكسي في العالم. على الرغم من أن تركيا هي مقر بطريركية القسطنطينية المسكونية، أي مركز المسيحية الأرثوذكسية فعدد المسيحيين الأرثوذكس فيها صغير نسبيًا (حوالي 180,000 يشمل الرقم الأرثوذكس المشرقيين).
معظم البلدان التي تضم أعدادًا كبيرة من المسيحيين الأرثوذكس فيها أغلبية الأرثوذكسية، المسيحيين الأرثوذكس يشكلون الغالبية العظمى في 12 بلدًا. يذكر أنه تنتشر أقليات أرثوذكسية شرقية ذات شأن في أذربيجان، وألبانيا، والبوسنة والهرسك، وجمهورية كوسوفو، وإستونيا، ولاتفيا، وكازاخستان، وأوزبكستان، وقيرغيزستان، وطاجيكستان، وتركمانستان، والأردن، وسوريا، ولبنان، وفلسطين وإسرائيل وتركيا.
ينتشر الأرثوذكس بشكل خاص في أوروبا الشرقية حيث الغالبية هناك أرثوذكسية. ويعيش بالمجمل 76.9% من الأرثوذكس في أوروبا،[2] ويتواجد 6.7% من أرثوذكس العالم في تركيا ووسط آسيا والشرق الأوسط،[2] أمّا الأمريكتين ففيها 1% من مجمل الأرثوذكس.
تعتبر بطريركية موسكو أكبر الكنائس الأرثوذكسية في العالم ويبلغ عدد أتباعها 150 مليون. ومن ثم بطريركية رومانيا ويبلغ عدد أتباعها 18.8 مليون. وبطريركية صربيا ويبلغ عدد أتباعها 11 مليون. ومن ثم كنيسة اليونان ويبلغ عدد أتباعها 11 مليون. وبطريركية بلغاريا حيث يبلغ عدد أتباعها 10 مليون.
الحضارة الأرثوذكسية
الحضارة البيزنطية أهم ما فيها الثقافة. عرفت الخط مكتوبا باليونانية واللاتينية في أعمال المؤرخين القدامى ورسائل في الزراعة والفن العسكري، في الطب والطب البيطري، في تأويل الأحلام، كل هذا الف مكتبة كبيرة.
التعليم
كانت مكتبة البطريركية المسكونية التي كانت تحوي أعمال المجامع وكتب الآباء. إلى هذا مكتبات خاصة. هنا وهناك كتب طقوسية. ندرة الكتب نابعة من كونها غالية.الوصول إلى الكتاب يسهل في العائلات الغنية. المدرسة الابتدائية يشرف عليها الأسقف، يتعلّم الولد فيها القراءة والكتابة والحساب. الكتاب الرئيس هو المزامير. في المدرسة علم الجمل حيث لكل حرف قيمته في الرقم كما في العالم العربي. الترتيل متقن في المدارس. كل الأولاد كانوا يتبعون المدارس الوسطى. تعلم الناس كل ما في الحضارة القديمة: هوميروس، الهندسة، البلاغة، الرياضيات. كانت الفلسفة تتضمن اللاهوت والرياضيات، الموسيقى، علم الفلك، الطبيعيات. في القرن الثالث عشر ظهر في الترجمة أعمال لاتينية وفارسية وعربية. أخذ القوم عن اللاتينية مفردات الحياة الإدارية وعن العربية تلك المتعلقة بالنسيج. كانت الكنيسة متعلقة باللغة القديمة. عرفت القسطنطينية غير مؤسسة جامعية، ثم كان للبطريركية تعليم جامعي. المعرفة العالية كان لا بد ان تتضمن تفسير الكتاب المقدس، وبعد تحديد العقيدة ظهرت المفردات اللاهوتية. لقد اثر النسك والتصوف في التعليم وتركزت العقيدة على كتب يوحنا الدمشقي. الصوفيون الكبار كانوا سمعان اللاهوتي الحديث وغريغوريوس بالاماس ونيقولاوس كبازيلاس. هنا تظهر سير القديسين. الكتب الطقوسية وضعت بين القرن الرابع والقرن الخامس عشر وعليها يعيش الأرثوذكسيون حتى اليوم.
اللغة والأدب
جزء أساسي من الثقافة البيزنطية ان تعرف استعمال كتب العبادات ولا سيما حسب الأعياد والمواسم. ثم تأتي الأعمال الأدبية الموضوعة بلغة العلماء. وتعالج التاريخ والجغرافية والفن العسكري والبلاغة والقصة، والفلسفة والألسنية وقواعد اللغة. التاريخ يبدأ من بدء الخليقة وينتهي عند زمن الكاتب. إلى هذا الفلسفة اليونانية التي أظهرت اباء الكنيسة. وقد استعار الفكر المسيحي مصطلحات الفلسفة لينتقل ورأى انه يكمل الفكر القديم بالوحي. غير انها بقيت مستقرة في جوهرها. استعملت أساليب مختلفة في بناء اللاهوت غير ان عدد الفلاسفة الأصيلين كان قليلا ولكن كثر العالمون بالآداب اليونانية الكلاسيكية والنقاد وعلماء اللغة وبرز شعراء مسرحيات. لعل أجمل ما كتب الشعر الديني. كل ما يسمى في الصلوات القنداق والقانون شعر. إلى هذا عرفت بيزنطية الشعر الشعبي والقصة بالفصحى وبالعامية.
العلوم والطب
كذلك عرفت الحضارة البيزنطية الأرثوذكسية علماء رياضيات وفيزياء وبصريات. عرف البيزنطيون علم الحيوان من الناحية التطبيقية وعلم النبات التطبيقي أي استعمال النبات في الطب والصيدلة. اخذوا الخيمياء عن سترابون وطبقوها في المعادن والصبغة والأدوية والزجاج. على الصعيد الطبي في التنظيم الصحي. أسست مستشفيات وصار للأطباء تعليم نظامي وعززت مواردهم. اشتهروا في علم العين: بولس من ايجينا كان دارس الجراحة والتوليد وأثر في الطب العربي. ميخائيل بسيلوس وضع قاموسا في الأمراض. خصصوا كتبا في طب الأسنان والتمعوا في البيطرة وفي طعام الحيوان. الصيدلة كانت عندهم جزءا من تعليم الطب وأخذوا في الصيدلة شيئا من العرب والفرس.
السياسة
عظمت الخطابة وسيلة للدعوة السياسية والدينية. ومن الخطابة الوعظ الذي اشتهر فيه القديس يوحنا الذهبي الفم في القرن الرابع ومطلع الخامس في أنطاكية والقسطنطينية ولدينا مواعظه في اللغة اليونانية مترجمة إلى معظم اللغات الأوروبية وبعضها إلى العربية.
الفنون
ظهرت الأيقونة الخشبية أو الجدارية في الإمبراطورية ولا سيما لتعليم الأميين. منذ القرن الرابع بدأ الرسم كما الفسيفساء. أقدم الفسيفساء (العذراء، القديس جاورجيوس) في سالونيك. القليل حفظ في ايا صوفيا وبقيت ايقونات كشف عنها من عهد أتاتورك. القليل في قبرص والأكثر في رافينا (إيطاليا). وبسبب غلاء الفسيفساء استعيض عنها بالرسم الجداري الذي عرف كثيرا في ما هو الآن المشرق العربي وهو في حال التجدد اليوم في كل أنحاء سوريا ولبنان. كذلك زينت المخطوطات بالتصاوير ولا سيما كتب الأناجيل. وارتبطت الصور بصناعة الصياغة والتطريز. انتبهت الكنيسة إلى ضرورة الأيقونة في المجمع المسكوني السابع وحددت تكريمها تحديداً عقائدياً في السنة الـ787 ملأت الكنائس والبيوت في الدنيا الأرثوذكسية وكان بادئ التنظير لها القديس يوحنا الدمشقي الذي عاش راهباً في فلسطين بعد أن قطع يده الخليفة الأموي في دمشق وأعادتها له القديسة السيدة مريم العذراء في الليلة نفسها وفي الصباح دُهِشَ الخليفة وأعاد له مقامه في القصر ورجاه البقاء لكن يوحنا رفض البقاء في بلاط الخليفة ورحل إلى أريحا حيث أسس دير القديس سابا في القرن السابع ولا يزال إلى اليوم.
هذا وقد تبنت الكنيسة رأي يوحنا الدمشقي في الأيقونة وهو القائل ان التجسد الإلهي يفرضها. ان روحانية الايقونة في كل بيت أرثوذكسي في العالم إلى جانب استلهامها في الكنائس كان من العوامل التي حفظت الايمان.
مراجع
- Orthodox Denomination - تصفح: نسخة محفوظة 29 يناير 2017 على موقع واي باك مشين.
- المسيحية في العالم: تقرير حول حجم السكان الأرثوذكس وتوزعهم في العالم - تصفح: نسخة محفوظة 29 يوليو 2013 على موقع واي باك مشين.