الرئيسيةعريقبحث

أهيمسا


☰ جدول المحتويات


ماهافيرا حامل شعلة الأهيمسا في الجاينية

الأهيمسا (باللغة السنسكريتية: अहिंसा، وبالأبجدية الدولية من اللغة السنسكريتية: ahiṃsā،[1] وبلغة بالي: avihiṃsā) وتعني "عدم الإصابة" و"الرحمة" وتشير إلى فضيلة رئيسية في الهندوسية والجاينية.[2][3][4] وهي كلمة مشتقة من الجذر hiṃs في اللغة السنسكريتية وتعني "الضرب"، وhiṃsā وتعني الإصابة أو الضرر، و a-hiṃsā تعني عكس ذلك، أي لا تسبب أي إصابة ولا تؤذي.[5][6] ويشار إلى أهيمسا أيضًا باسم اللا عنف، وينطبق ذلك على جميع الكائنات الحية -بما في ذلك الحيوانات- في الديانات الهندية القديمة.[7]

تعدّ الأهيمسا هي واحدة من الفضائل الأساسية وتعتبر عقيدة هامة للجاينية والهندوسية وفي البوذية فهي تعد من أول المعتقدات الخمسة. إن الأهيمسا مفهوم[8] متعدد الجوانب ومستوحاة من افتراض أن جميع الكائنات الحية لديها شرارة لطاقة روحية إلهية وبالتالي يمكن أن تؤذي هذه الشرارة كائنًا آخر يعني أن تؤذي النفس. وقد ارتبطت الأهيمسا أيضًا بتصوّر أن أي عنف ترافقه عواقب أخلاقية "كرمية" (نسبةً إلى كارما وهي مفهوم أخلاقي في المعتقدات الهندوسية والبوذية واليانية).[9] وقد كان علماء الهندوسية القدماء رائدين في مبادئ الأهيمسا وأتقنوها على مر الزمن، إذ وصل المفهوم إلى مكانة استثنائية في الفلسفة الأخلاقية لليانية. وكان مهاتما غاندي الأكثر شعبية يؤمن بقوة بمبدأ الأهيمسا.[10]

يتضمن مفهوم الأهيمسا "عدم التسبب بأي ضرر" من أفعال المرء وكلماته وأفكاره.[11] يناقش الأدب الكلاسيكي للهندوسية مثل ماهابهاراتا ورامايانا وكذلك العلماء المحدثين مبادئ الأهيمسا عندما يواجه المرء الحرب والمواقف التي تتطلب الدفاع عن النفس. وقد ساهم الأدب التاريخي من الهند والمناقشات الحديثة في نظريات الحرب العادلة ونظريات الدفاع عن النفس اللازمة.[12]

أصل الكلمة

وردت كلمة الأهيمسا في بعض الأحيان أهينسا Ahinsa وهي مشتقة من الجذر في اللغة السنسكريتية hiṃs وتعني "الضرب"، وhiṃsā وتعني الإصابة أو الضرر، و a-hiṃsā تعني عكس ذلك، أي عدم التسبب بأي ضرر أو اللا عنف.[13]

بارسفاناثا هو المعلم الثالث والعشرين من التيرثانكاراس (المعلمين الأربع والعشرين) في اليانية، جدد ودافع ووعظ بمفهوم اللا عنف في حوالي القرن الثامن قبل الميلاد.[14] ثم جاء بعده ماهافيرا وهو المعلم الرابع والعشرين والأخير من التيرثانكاراس عزز الفكرة في القرن السادس قبل الميلاد والذي آمن بوجود المفهوم من قبل أول تيرثانكارا (معلم) يدعى ريشابهاناثا منذ أكثر من مليون سنة.[15][15]

الهندوسية

النصوص الفيدية القديمة

تطورت الأهيمسا في النصوص الفيدية كمفهوم أخلاقي.[16] حيث تذكر أقدم النصوص الأهيمسا بشكل غير مباشر، لكنها لا تؤكدها. وتنقح النصوص الهندوسية بمرور الوقت ممارسات الطقوس ويتزاكد معها التأكيد على مفهوم الأهيمسا، لتصبح الأهيمسا أخيرًا أسمى فضيلة في أواخر العصر الفيدي (حوالي 500 قبل الميلاد). على سبيل المثال، تستخدم الترتيلة 10.22.25 في كتاب الريج فيدا كلمات ساتيا (هي الكلمة السنسكريتية للمصداقية) وأهيمسا في صلاة للإله إندرا لاحقًا، ويرجع تاريخ نص ياجور فيدا إلى ما بين 1000 ق.م. و600 ق.م. والذي ينص على: "يمكن للكائنات أن تنظر إلي بعين ودودة، هل علي أن أفعل ذلك، وهل يمكننا أن ننظر إلى بعضنا بعيون صديق".[17]

يظهر مصطلح الأهيمسا في نص تيتيريا شاخا من نص ياجور فيدا (TS 5.2.8.7)، إذ يشير إلى عدم إصابة المضحي نفسه. ويظهر عدة مرات في نص شاتاباثا براهمانا بمعنى "عدم الإصابة". إن عقيدة الأهيمسا هي تطور متأخر للعصر الفيدي في الثقافة البراهمانية. وإن الإشارة الأولى إلى فكرة اللا عنف على الحيوانات ("باشو - أهيمسا") كما يبدو بالمعنى الأخلاقي هي في نص كابيشالا كاثا سامهيتا من نص ياجور فيدا (KapS 31.11)، والتي ربما تكون مكتوبة في حوالي القرن الثامن قبل الميلاد.[18] يبين بوكر أن الكلمة تظهر ولكنها غير شائعة في الأبانيشاد الرئيسي (نصوص هندوسية). وأعطت كانيدا أمثلة على كلمة الأهيمسا في هذا الأبانيشاد ويقترح علماء آخرون أن مفهوم الأهيمسا هو مفهوم أخلاقي بدأ يتطور في نصوص الفيدا ليصبح مفهومًا مركزيًا في الأبانيشاد على نحو متزايد.[19]

يعود تاريخ النصوص تشاندوجيا أوبانيشاد إلى القرن الثامن أو السابع قبل الميلاد، وهي أحد أقدم نصوص الأبانيشاد، وتحتوي على أول دليل على استخدام العصر الفيدي لكلمة الأهيمسا بالمعنى المألوف في الهندوسية (مدونة قواعد السلوك). والتي تمنع العنف ضد "جميع المخلوقات" (سارفابهوتا) ويُقال إن ممارسة الأهيمسا من أجل الهروب من دورة الولادة الجديدة (CU 8.15.1). ويوضح بعض العلماء أن إشارات القرن الثامن أو السابع قبل الميلاد ربما كان لها تأثير للديانة اليانية على الهندوسية الفيدية. ويقول باحث آخر إن هذه العلاقة تخمينية، ورغم أن اليانية هي تقليد قديم فإن أقدم النصوص التي يمكن أن تكون قابلة للتقصّي من التقاليد اليانية تعود إلى قرون عديدة بعد انتهاء العصر الفيدي.[20]

كما وذكرت نصوص شاندوجيا أبانيشاد أيضًا اسم أهيمسا باعتبارها واحدة من الخمس فضائل الأساسية (CU 3.17.4)، إضافة إلى ساتيافاكانام (والتي تعني الصدق)، وكلمة أريافام (وتعني الإخلاص)، ودانام (وتعني الإحسان)، وتابو (وتعني التوبة/ التأمل). وتدرج نصوص سانديليا أبانيشاد عشرة ضوابط للنفس: الأهيمسا وساتيا وأستيا وبراهماشاريا ودايا وأريافا وكشاما ودريتي وميتاهارا وسوشا. ووفقًا لكانيدا فإن مصطلح الأهيمسا يعني العقيدة الروحية المهمة المشتركة بين الهندوسية والبوذية واليانية. ويعني حرفيًا "عدم الإصابة" و"عدم القتل" ويعني تجنبًا تامًا لإيذاء أي نوع من الكائنات الحية ليس فقط بالأفعال ولكن أيضًا بالكلمات والأفكار.[21]

الملاحم

تضم مهابهاراتا (إحدى الملاحم الهندوسية) إشارات متعددة عن عبارة "أهيمسا بارامو دارما" (अहिंसा परमॊ धर्मः) والتي تعني حرفيًا: اللا عنف هو أسمى الفضائل الأخلاقية. على سبيل المثال، يحوي كتاب ماهابراثانيكا بارفا أو"كتاب الرحلة الكبرى" على الآية التالية:[21]

अहिंसा परमॊ धर्मस तथाहिंसा परॊ दमः।

अहिंसा परमं दानम अहिंसा परमस तपः।

अहिंसा परमॊ यज्ञस तथाहिस्मा परं बलम।

अहिंसा परमं मित्रम अहिंसा परमं सुखम।

अहिंसा परमं सत्यम अहिंसा परमं शरुतम॥

يؤكد المقطع أعلاه من مهارهاراتا على الأهمية الأساسية للأهيمسا في الهندوسية ويعني حرفيًا:

الأهيمسا هي أسمى فضيلة، والأهيمسا هي أقصى ضبط للنفس.

الأهيمسا هي أعظم هدية، والأهيمسا هي أفضل معاناة.

الأهيمسا هي أسمى تضحية، والأهيمسا هي أحسن قوة.

الأهيمسا هي أعظم صديق، والأهيمسا هي أكبر سعادة.

الأهيمسا هي أعلى حقيقة، والأهيمسا هي أعظم تعليم.

وتشمل بعض الأمثلة التي نوقشت فيها عبارة أهيمسا بارامو دارما، أدي بارفا وفانا بارفا وأنوشاسانا بارفا (وهي كتيبات صغيرة من الملحمة الهندوسية مهابهاراتا). ومن بين الأشياء الأخرى كان الكتاب الهندي المقدس البهاغافاد غيتا والذي يناقش الشكوك والأسئلة التي تدور حول الرد المناسب عندما يواجه المرء عنفًا ممنهجًا أو حربًا. وتطور هذه الآيات مفاهيم العنف المشروع في الدفاع عن النفس ونظريات الحرب العادلة. ورغم ذلك، لا يوجد توافق في الآراء بشأن هذا التفسير. على سبيل المثال، يعتبر غاندي هذا النقاش حول اللا عنف والعنف المشروع مجرد مجاز للحرب الداخلية داخل كل إنسان عندما يواجه هو أو هي مسائل أخلاقية.[22]

مراجع

  1. Rune E. A. Johansson (6 December 2012). Pali Buddhist Texts: An Introductory Reader and Grammar. Routledge. صفحة 143.  . مؤرشف من الأصل في 16 ديسمبر 2019.
  2. موسوعة جاينية
  3. موسوعة السيخية
  4. موسوعة الهندوسية
  5. موسوعة البوذية