أوريليان (باللاتينية: Lucius Domitius Aurelianus Augustus)[1][2] هو إمبراطورٌ روماني وُلد في بيئةٍ متواضعة ، وتدرج في الرتب العسكرية حتى وصل إلى عرش الإمبراطورية الرومانية. استطاع في عهده و بعد حربٍ طاحنةٍ أن يهزم الألمانيين (قبائل جرمانية)، كما نجح في إلحاق الهزيمة بكل من القوط، الواندال، اليوتونجيين ، السارماتيين، والكاربيين. قام أوريليان بضم سوريا و بعض الأجزاء من آسيا الصغرى و مصر إلى الإمبراطورية الرومانية من جديد، حيث كانت الإمبراطورية التدمرية المتمركزة في سوريا قد نجحت في انتزاع استقلالها من روما و التوسع شمالاً و جنوباً. قام لاحقاً بغزو الإمبراطورية الغالية في الغرب، كما شهد عهده بناء الأسوار الأوريليانية في روما ، و الانسحاب من ولاية داقية. لعبت انتصاراته دوراً فعالاً في وضع حدٍ لأزمة القرن الثالث التي عصفت بالإمبراطورية الرومانية ، كما أهلته ليحمل لقب " مُعيد العالم" . رغم أن الإمبراطور دوميتيان كان أول من أمر بأن يُخاطب بلقب dominus et deus (السيد و الرب)، إلا أن أوريليان كان أول من وردت هذه الألقاب في عهده مكتوبةً في المستندات الرسمية.[3]
أوريليان | |
---|---|
(باللاتينية: Lucius Domitius Aurelianus) | |
إمبراطور روما | |
معلومات شخصية | |
اسم الولادة | (باللاتينية: Lucius Domitius Aurelianus) |
الميلاد | 214 أو 215 |
الوفاة | 275 (قتل) تشورلو |
مواطنة | روما القديمة |
الحياة العملية | |
المهنة | سياسي |
حياته
حياته المبكرة
تُجمع معظم المصادر بأن أوريليان كان قد ولد في ولاية إليريا الرومانية التي قام أوريليان بتأسيسها إدارياً بعد انسحابه من إقليم داقية،[4] كما تُجمع الأوساط الأكاديمية على أنه كان ينتمي إلى أسرةٍ متواضعةٍ و بأن والده كان فلاحاً بسيطاً.
حياته العسكرية
يُعدّ من المقبول لدى الباحثين أن أوريليان كان قد التحق بالجيش في العام 235 م حيث كان في العشرينات من عمره،[5] كما يُفترض بأن تجنيده كان في الفيالق،[6] وذلك لأنه كان من أبناء الطبقة الاجتماعية الدنيا من المواطنين، إلا أن الشجاعة و السمعة الحسنة اللتان كان يتحلى بهما سمحا له بالارتقاء ليصل إلى مراتبٍ رفيعة. اقترح بعض المتمسكين بفرضية الأصول الرومانية لعائلة أوريليان بأن أصوله الرومانية كانت قد ساعدته في الارتقاء السريع في الجيش الروماني،[7][8][9] غير أن فرضية كونه ينتمي إلى أسرة إليرية فقيرة مازالت الأكثر قبولاً في الأوساط الأكاديمية. ساهمت نجاحاته كقائد للجنود الفرسان في جعله أحد المقربين من الإمبراطور غالينوس. اشترك أوريليان مع فرقة الجنود الفرسان في معركة نايسوس التي انتصر فيها القائد كلاوديوس على القوط.[10] عارض أوريليان كينتيلوس شقيق كلاوديوس بعد وفاة كلاوديوس، إذ سيطر كينتيلوس على السلطة، إلا أن الجيش رفض الاعتراف به بصفته إمبراطورا، مفضلاً أن يستلم المنصب أحد القادة المهمين في الجيش. نجح أوريليان في هزيمة كينتيلوس و تقلد منصب الإمبراطور بعد وفاته.
أوريليان الإمبراطور
شهدت الإمبراطورية الرومانية بعد عهد الإمبراطور فيليب العربي الكثير من الضغوطات الخارجية، كما عصفت بها الحروب الأهلية، فقد فاقم الساعون لاغتصاب السلطة من وهن الإمبراطورية و هددوا وجودها. كذلك الأمر، فقد عانى اقتصاد الدولة المرتكز على الزراعة و التجارة معاناةً جمة، وذلك نتيجةً لحالة عدم الاستقرار التي كانت الدولة ترزح تحت وطئتها. إلى جانب كل ما ذكر، فقد اجتاح الوباء الدولة في حوالي العام 250، ما أسهم في إضعاف القوة العاملة فيها. أثّر القبض على الإمبراطور فاليريان تأثيراً كبيراً على الإمبراطورية، و سبب حالةً من عدم الاستقرار، إذ قَبض عليه الفرس في العام 260م. تنامى دور حكام تدمر في سوريا و الأجزاء الشرقية من الإمبراطورية الرومانية، فقد أثبتوا جدارتهم في محاربة الفرس، و استطاعوا أن ينتزعوا استقلالهم من روما و أن يؤسسوا إمبراطوريتهم في موطنهم سوريا و تمددوا إلى أجزاءٍ من مصر و الأناضول. استطاعت إمبراطورية الغال في الغرب أن تنتزع استقلالها من روما مقتطعةً أجزاءً أخرى من أراضي الإمبراطورية. في روما انشغل الأمبراطوران كلاوديوس و غالينوس في مكافحة الأخطار الداخلية التي كانت تهدد عروشهم، وقد كان على أوريليان أن يواجه كل هذه المخاطر و يحسن التعامل معها، و ذلك منذ المراحل الأولى من استلامه للسلطة.[11]
إعادة توحيد الإمبراطورية
سعى أوريليان إلى إعادة توحيد الإمبراطورية و ضم الأجزاء التي انفصلت عنها و صد الهجمات الخارجية التي أنهكت قواها، فقد شن في أواخر العام 270 و بدايات العام 271 عدة حملاتٍ عسكريةٍ ضد الواندال و اليوتونجيين في شمال إيطاليا، و نجح في طردهم من أرضي الإمبراطورية، لذلك فقد مُنح أوريليان لقب Germanicus Maximus ( المنتصر على الجرمان) تكريماً له.[12] بقي خطر الشعوب الجرمانية ماثلاً، ما دفع أوريليان إلى بناء ما سمي بالأسوار الأوريليانية حول مدينة روما حمايةً لها.[13] استطاع أوريليان أن ينتصر على القوط في شبه جزيرة البلقان و أن يدفعهم للتراجع إلى ما وراء نهر الدانوب كما نجح في قتل قائدهم كانابوديس، غير أنه قرر الانسحاب من إقليم داقية الواقع إلى الشمال من نهر الدانوب بسبب الكلفة الباهظة عسكرياً التي قد تترتب عليه جراء وجوده هناك، لذلك فقد أسس ولاية جديدةً إلى الجنوب من نهر الدانوب و أطلق عليها اسم داقية الأوريليانية و عاصمتها سيرديكا.[14]
اجتياح الإمبراطورية التدمرية
في العام 272 توجه أوريليان بنظره صوب الأجزاء الشرقية التي استطاعت أن تخرج عن سيطرة الأمبراطورية الرومانية، و التي كانت تتمثل بالامبراطورية التدمرية التي كانت تحكمها الملكة السورية زنوبيا.[15] استطاعت الملكة زنوبيا أن تُنشئ إمبراطوريتها التي ضمت كلاً من سوريا الكبرى بالإضافة إلى مصر[16] و أجزاءٍ من آسيا الصغرى.[17] انطلق أوريليان باتجاه آسيا الصغرى أولاً و تمكن هناك من استعادة المدن من قبضة التدمريين الواحدة تلو الأخرى.[18] دمر أوريليان جميع المدن التي أبدت مقاومةً لجيوشه حتى بلوغه مدينة تيانا الواقعة في قبادوقيا،[19] فقد أعفاها من التدمير نتيجةً لرؤيا كان أوريليان قد أبصرها في نومه، حيث رأى الفيلسوف أبولونيوس التياني يعظه بأن يكون رحيماً بالأبرياء، علماً بأن أوريليان كان يُكن له الكثير من الاحترام.[20][21] لاحقاً استطاع أوريليان أن يهزم زنوبيا في معركة أنطاكيا[22] (battle of immae) و أن يصل فيما بعد إلى أسوار تدمر [23] أُسرت الملكة زنوبيا التي كانت في طريقها إلى الإمبراطورية الساسانية هاربة من قبضة الرومان.[24] أُجبر أوريليان على العودة إلى تدمر من جديد في العام 273 ليقمع تمرداً جديداً كان قد اندلع ضد الرومان،[25] سمح اوريليان لجيشه إذ ذاك أن ينهب المدينة و يدمرها.[26] لُقب أوريليان بلقب Restitutor Orientis (معيد الشرق) إثر انتصاره على تدمر ، كما نجح أوريليان أيضاً في استعادة مصر .
إنجازات أخرى
استطاع أوريليان في عام 274 أن يجتاح إمبراطورية الغال و حظي بلقب (معيد العالم)، كما تمكن أوريليان من إجراء عدة إصلاحاتٍ في المجالات الاقتصادية و الإدارية و الدينية.
وفاته
قتل الإمبراطور اوريليان في تراقيا حين كان متجهاً لقتال الإمبراطورية الساسانية التي كانت تشهد ضعفاً كبيراً ما شجع أوريليان آنذاك على مهاجمتها.
كان أوريليان شديد الصرامة فيما يتعلق بالموظفين و الجنود الفاسدين، و كان لأوريليان أمين سر يدعى إروس (بحسب المؤرخ زوسيموس) كان أمين السر هذا قد كذب على الإمبراطور في أمرٍ قليل الأهمية، إلا أن خوفه من العقاب دفعه إلى تزوير قائمة فيها أسماء عددٍ من كبار الموظفين مؤشرٌ عليهم من قبل الإمبراطور على أنهم محكومون بالإعدام، نتيجة لذلك و بعد أن دب الرعب في نفوس الحراس الشخصيين للإمبراطور مخافة أن يقوم بإعدامهم، قاموا بقتله في أيلول من عام 275 في كاينوفروريوم الواقعة في تركيا الحالية.
ثمة أدلةٌ عدة تشير إلى أن زوجة أوريليان أولبيا سيفيرينا، حكمت الأمبراطورية لمدةٍ من الزمن بعد مقتله.[27][28]
سبقه كوينتلوس |
إمبراطور روما | تبعه تاسيتس |
مراجع
- ^ In Classical Latin, Aurelian's name would be inscribed as LVCIVS DOMITIVS AVRELIANVS AVGVSTVS.
- ^ His full name, with honorific and victory titles, was Imperator Caesar Lucius Domitius Aurelianus Augustus, Germanicus Maximus, Gothicus Maximus, Parthicus Maximus, Restitutor Orientis, Restitutor Orbis.
- ^ G.H. Halsberghe, The Cult of Sol Invictus, Leiden, 1972, p. 152.
- ^ Milošević(2010:pp 106-7)
- Watson(1999:1).
- Had Aurelian's family been enfranchised by virtue of the Constitutio Antoniniana (212 AD) his nomen would have been "Aurelius".
- Saunders(1992:109).
- ^ The tres militia were: (I) prefecture of a cohort of auxiliary infantry; (ii) tribunate of a legionary cohort; and (iii) prefecture of an ala of auxiliary cavalry.
- ^ Compare the career of Pertinax who pursued the Tres Militia with those of Publius Aelius Aelianus, Lucius Aurelius Marcianus (both probably) and Traianus Mucianus (certainly) who rose e caliga - i.e. through the
- Watson, p. 41
- Watson, p. 23.
- Zosimus, 1,48f.; Eutropius; Dexippus, FGrH IIA 460 F7; Historia Augusta – Aurelianus xxi,1–3 and xviii,2.
- Watson, pp. 51–54, 217.
- Watson, pp. 54–55.
- The war against the Palmyrene Empire is described in Zosimus, 1,50,1–1,61,1, and Historia Augusta, Aurelianus, 22–31.
- Trevor Bryce (2014). Ancient Syria: A Three Thousand Year History.
- Warwick Ball (2002). Rome in the East: The Transformation of an Empire. p. 80.
- Trevor Bryce (2014). Ancient Syria: A Three Thousand Year History. p. 307.
- Alaric Watson (2004). Aurelian and the Third Century. p. 71.
- Alaric Watson (2004). Aurelian and the Third Century. p. 72.
- Richard Stoneman (1994). Palmyra and Its Empire: Zenobia's Revolt Against Rome. p. 167.
- Trevor Bryce (2014). Ancient Syria: A Three Thousand Year History. p. 309.
- Alan Bowman,Peter Garnsey,Averil Cameron (2005). The Cambridge Ancient History: Volume 12, The Crisis of Empire, AD 193-337. p. 52.
- Alaric Watson (2004). Aurelian and the Third Century. p. 77.
- ^ Jump up to: a b c d e Andrew M. Smith II (2013). Roman Palmyra: Identity, Community, and State Formation. p. 180.
- Alan Bowman,Peter Garnsey,Averil Cameron (2005). The Cambridge Ancient History: Volume 12, The Crisis of Empire, AD 193-337. p. 515.
- Watson, Alaric (1999). Aurelian and the Third Century. London: Routledge. .
- Körner, Christian (23 December 2008). "Aurelian (A.D. 270–275)". De Imperatoribus Romanis: An Online Encyclopedia of Roman Rulers and Their Families. Archived from the original on 2 December 2010. Retrieved 6 January 2011.