الرئيسيةعريقبحث

استعمار استيطاني


☰ جدول المحتويات


الاستعمار الاستيطاني هو أخطر وأقسى ألوان الاستعمار، فالاستعمار العادي الذي مارسته كثير من الإمبراطوريات الاستعمارية قديما وحديثا يحتل الأرض لينهب خيراتها وليجعلها قاعدة لأمن "المركز" الذي جاءت منه جيوشه وليستغل شعوب البلاد المحتلة.[1]

أما الاستعمار الاستيطاني هو الاستيلاء على الأرض واستغلال سكانها واقتلاعهم من أراضهم وديارهم بالإبادة أو التهجير، فهو يحول البلاد التي يستعمرها إلى "أرض بلا شعب" ليجعلها أرضا خالصة له من دون أهلها!. فالاستيطان هو أن يقوم غرباء باستيطان أرض لا تخصهم بتأييد من دول أوروبا الاستعمارية، فقد تم نقْلُ سكان من أوروبا إلى المناطق المكتشفة في العالم والخالية من الحضارة الأوروبية، كأميركا وأستراليا. وحصل المستوطنون على الأرض وأبادوا أو عزلوا سكانها الأصليين. وتنبثق الطبيعة العنصرية للاستعمار الاستيطاني من إيمان المستوطنين بتفوقهم الحضاري واحتقارهم للسكان الأصليين، وشعورهم بالتفوق عليهم وتمدينهم بالقوة.

ركّز المستوطنون على احتلال الأرض من السكان الأصليين واستعمارها وجعلها خالية منهم، وترحيل السكان الأصليين خارج الحدود إلى الدول المجاورة.[2] فالمستوطنون غرباء جاؤوا من وراء البحار واستقروا في أراض ليست لهم وهدفهم زيادة الهجرة وزيادة الأراضي المغتصبة وكسر إرادة السكان الأصليين بالقوة والإرهاب والإبادة والعنصرية. ويعمل الكيان الاستيطاني على تشجيع الهجرة، هجرة البيض، وازدواجية الجنسية. ويترافق تشجيع الهجرة مع عملية تهجير (ترحيل) السكان الأصليين وحصر ملكية الأرض بالأوروبيين، فملكية الأرض تنتقل من السكان الأصليين إلى المستوطنين.

وتدّعي النظم الاستيطانية بأنها نظم ديمقراطية، وهي في الحقيقة ديمقراطية للمستوطنين فقط ونظم إرهابية وعنصرية تجاه السكان الأصليين. وتتجلى عنصرية المستوطنين وإغراقهم في التمييز العنصري والإبادة باستخفافهم بحقوق وحياة وكرامة السكان الأصليين، فارتكاب المجازر حدث طبيعي في سلوكهم وممارساتهم وثبت بجلاء التحالف الاستراتيجي بين أنظمة الاستعمار الاستيطاني والدول الاستعمارية.

وتحتل عملية الاستيلاء على الأرض مكان الصدارة في الصراع بين المستوطنين وسكان البلاد الأصليين، تماماً كما فعلت فرنسا في الجزائر والنظام العنصري السابق في جنوب أفريقيا وروديسيا. وشكل الاستعمار الاستيطاني جزءاً لا يتجزأ من الاستعمار التقليدي في كينيا والجزائر وأنجولا.

يتعارض الاستعمار الاستيطاني مع مبادئ القانون الدولي المعاصر التي تؤكد على ضرورة إنهاء الاستعمار بكافة أشكاله، وفي مقدمتها الاستعمار الاستيطاني الذي يشكل أبشع وأخطر أنواع الاستعمار. فأنظمة الاستعمار الاستيطاني بحكم نشأتها الاستعمارية، وطبيعتها العنصرية، وممارساتها الوحشية تنتهك أحكام ومبادئ القانون الدولي وأهم العهود والمواثيق والاتفاقات الدولية، وتخالف قرارات الأمم المتحدة ولا تلتزم بتنفيذها، وبشكل خاص قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في عام 1960 حول "منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة وتصفية الاستعمار". ويعترف القانون الدولي والأمم المتحدة بشرعية كفاح الشعوب الرازحة تحت السيطرة الاستعمارية والأجنبية، وبشرعية الكفاح بكافة الوسائل بما فيها المقاومة والكفاح المسلح لنيل الاستقلال وحق تقرير المصير وكنس الاستعمار بشكليه التقليدي والاستيطاني.

في العالم القديم

الإغريق

حين دخلت القبائل الدُورية البلاد اليونانية هاجر كل من يستطيع أن يهاجر من أصحابها هاربًا إلى آسيا الصغرى شرق بحر إيجة، حيث استوطنوا شمالها وجنوبها ووسطها، لما لقوه من قتل وتعذيب من قبل الدُوريين، ولصعوبة العيش في ظل وجودهم، وبعد أن امتزجت القبائل الدُورية مع من بقي من سُكان البلاد اليونانية مدة قرنين ومع ازدياد العدد السكاني أصبح العيش شبه مستحيلاً في الأرض اليونانية مما أدى إلى خروج الكثير من السُكان الممزوجين ما بين اليونان الأصليين والدُوريين إلى بلدان أخرى يستوطنوها بحثًا عن حياة سياسية واقتصادية واجتماعية أفضل، فالوضع أصبح لا يُطاق بالنسية لهم إذ تغيرت أشياء كثيرة في حياتهم وانتفلوا من حال إلى حال آخر، فمن الناحية السياسية تغير الحُكم من النظام الملكي إلى النظام الأرستقراطي الأمر الذي جعل الحُكم في أيدي كبار الأسر دون سواهم، والذي تسبب في جعل فجوة طبقية بين عامة الشعب الفقراء وبين هؤلاء المُتحكمين الأغنياء من الناحية الاجتماعية ما جعل هنالك إحساس لدى هؤلاء الفقراء من عامة الشعب بأنهم أقل بكثير من هؤلاء الأرستقراطيين، كما أنهُ بعد استيلاء هؤلاء الأرستقراطيين على الأراضي الزراعية من الناحية الاقتصادية أبعدوا العُمال الأحرار الذين كانوا يعملوا بهذه الأراضي بأجر واستبدلوهم بعبيد كانت أجورهم أقل بكثير منهم، وبالتالي أصبحوا عاطلين بلا عمل، كما أن صغر الأرض اليونانية كما ذكرنا وضيقها كان لهُ أثره في الهجرة إذ بعد دخول الدُوريين ازداد العدد وأصبحت الأرض صغيرة على كليهم ما ساهم في محاولتهم الاستيطان، وتوزعت هذه المستوطنات ما بين بلاد العالم القديم، مصر، وجزيرة قبرص، وجنوب إيطاليا، وجزيرة صقلية.[3]

الروم

مراجع

  1. د. محمد عمارة. "الاستعمار الاستيطاني". صحيفة المدينة. مؤرشف من الأصل في 09 ديسمبر 2019.
  2. سمير الاحمد/ عن الدكتور غازي حسين. "الاستعمار الاستيطاني". دنيا الرأي. مؤرشف من الأصل في 26 مايو 2013.
  3. جمال خالد الطريفي. وحضارة اليونان والرومان.aspx "تاريخ وحضارة اليونان والرومان". جامعة الملك سعود. مؤرشف من الأصل في 15 يناير 2018.

موسوعات ذات صلة :