الرئيسيةعريقبحث

الأدب المسرحي العربي

فن من فنون الأدب العربي

☰ جدول المحتويات


. '.

نشأة المسرح العربي

يذهب كثير من الدارسين إلى أن العرب عرفوا المسرح في الشام منذ منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، وبالضبط في سنة 1848م عندما عاد مارون النقاش من أوروبا إلى بيروت فأسس مسرحا في منزله فعرض أول نص درامي في تاريخ المسرح العربي الحديث هو" البخيل" لموليير، وبذلك كان أول من استنبت فنا غربيا جديدا في التربة العربية. بدأ المسرح العربي يعتمد على عدة طرائق في استنبات المسرح الغربي كالترجمة والاقتباس والتعريب والتمصير والتأليف والتجريب وشرح نظريات المسرح الغربي ولاسيما نظريات الإخراج المسرحي وعرض المدارس المسرحية الأوربية.

أسباب ظهور المسرح العربي

كانت هناك عدة عوامل ساعدت على الظهور المسرحي في البلاد العربية نتيجة للاحتكاك الثقافي مع الغرب عبر حملة نابليون بونابرت إلى مصر والشام وعن طريق الاطلاع والتعلم والرحلات العلمية والسياحية والسفارية .واجهت نشأة المسرح العربي ظاهرتا الاستنبات والتأصيل. الاستنبات هو : استنبات المسرح الغربي في التربة العربية من خلال التقليد و الاقتباس والترجمة والبيئة العربية: تمصيرا وتونسة ومغربة وسودنة... كما فعل مارون النقاش مع أول نص مسرحي وهو البخيل الذي استلهمه من موليير، وتابع كثير من المبدعين والمخرجين طريقته في الاقتباس والمحاكاة. التأصيل هو : تأصيل المسرح العربي وذلك بالجمع بين الأصالة والمعاصرة، أي التوفيق بين قوالب المسرح الغربي والمضمون التراثي.

مراحل نشأة الفن المسرحي العربي

وكما أسلف ذكره أن الأدب العربي القديم لم يعرف المسرح رغم إطلاعه عليه في الأدب اليوناني. أمّا في العصر الحديث ، فقد مر الفن المسرحي في الأدب العربي بثلاث مراحل:

أولا: مرحلة النشأة

اقتبس مارون النقاش هذا الفن من الغرب ، في مسرحية البخيل لموليير سنة 1847 م ، ثم أتبعها بمسرحيات أخرى مؤلفة، مثل: "أبو الحسن المغفل" أو "هارون الرشيد" 1849 م  ثم خطا أبو خليل القباني بالفن المسرحي خطوة إلى الأمام بتطويع الموروث الشعبي إلى المسرح مثل: "ألف ليلة وليلة" وجعل الفصحى لغة للحوار، ثم هاجر من دمشق إلى مصر حين أغلق مسرحه سنة 1884 م.

وفي عهد الخديوي إسماعيل أنشئت دار الأوبرا وقدم يعقوب صنوع مسرحياته المترجمة أو المقتبسة أو المكتوبة باللهجة العامية ؛ لنقد الأوضاع السياسية والاجتماعية.

ثانيا: مرحلة النضج

في سنة 1910 م عاد جورج أبيض إلى مصر من فرنسا بعد دراسة أصول المسرح وأُلّفت له مسرحيات اجتماعية وعُرّبت له بعض مسرحيات (شكسبير) مثل : "تاجر البندقية" أو "عطيل" وغيرها. ثم أسس يوسف وهبي فرقة "رمسيس" ، كما ظهرت بعدها فرقة "نجيب الريحاني" ، ثم تطور المسرح بعد الحرب العالمية الأولى بفضل جهود الأخوين : محمد ومحمود تيمور من خلال تناول المشكلات الاجتماعية وعلاجها علاجاً واقعياً. كما كتب أحمد شوقي عددا من المسرحيات الشعرية منها : "البخيلة" ، "علي بك الكبير" ، "مصرع كليوباترا" ، "مجنون ليلى" ، "عنترة" .. وغيرها ودفع فيها بالفن المسرحي دفعة قوية إلى الأمام ، فقد درس الفن المسرحي أثناء إقامته في فرنسا ، وكان له فضل السبق في تأسيس المسرح الشعري العربي.

ثالثا: مرحلة الإزدهار

منذ بداية الثلث الثاني من القرن العشرين 1933 م أصدر توفيق الحكيم مسرحيته "أهل الكهف" ثم أتبعها بأكثر من سبعين مسرحية ، مكتملة في موضوعاتها ، وبنائها ، وحوارها ، وشخصياتها ، وهو حريص على أن يساير بفنه حركات التطور الحديثة في المسرح ، وهو الذي درس القواعد الرئيسة للمسرح في فرنسا دراسة جادة ، لذا نراه دائم الاتصال بالمسرح الغربي واتجاهاته. فانتقل من المسرح التاريخي إلى المسرح الاجتماعي ، ثم إلى المسرح الذهني الذي يعالج قضايا مجردة ، مثل : علاقة الإنسان بالزمن ، أو علاقته بالقدر ، وأهل الكهف من مسرحيات هذه المرحلة.

وبعد توفيق الحكيم تطور الفن المسرحي على يد جملة من الأدباء ، ورجال المسرح ، مثل : علي أحمد باكثير ، عزيز أباضة ، صلاح عبد الصبور ، سعد الله ونّوس وغيرها

المسرحية

هي قصة حوارية تُمثّل وتصاحبها مناظر ومؤثرات مختلفة ، ولذلك يُراعى فيها جانبان : جانب التأليف المسرحي ، وجانب التمثيل الذي يجسّم المسرحية أمام المشاهدين تجسيماً حياً. وقد نقرأ المسرحية مطبوعة في كتاب دون أن نشاهدها ممثلة على المسرح  فتتحول إلى ما يشبه القصة ، ولكنها مع ذلك تظل محتفظة بمقوماتها الخاصة كمسرحية.

عناصر المسرحية

أ. الحادثة: وهي المواقف والوقائع والأحداث التي تتضمنها المسرحية ، وهي قليلة مقارنة بالقصة ؛ لأن المسرحية تقوم على الحوار لا على السرد ، فلا سبيل لاستقصاء التفصيلات ، اكتفاء بالوقائع المهمة.

ب. الشخوص: وهم في المسرحية قسمان:

·        شخوص رئيسية: ومن بينهم تبرز الشخصية البطل وهي الشخصية المحورية ، وتتعلق بها الأحداث منذ البداية حتى النهاية ، ويجب أن تكون نامية متطورة.

·        شخوص ثانوية: أدوارهم مكملة للدور الرئيسي الذي يقوم به الأبطال. وكل شخصية في المسرحية يتم اكتشاف أبعادها من خلال كلامها وحركاتها.

ج. الفكرة: وهي الحقيقة ، أو الحقائق التي يريد الكاتب أن يؤكدها ، عن طريق تجسيمها على المسرح من خلال الأحداث والشخوص. وتسمى المسرحية واقعية حين يعتمد الكاتب على الوقائع ، وتسمى تاريخية إذا اعتمد على التاريخ ، وأسطورية إذا اعتمد على الأساطير ، وذهنية إذا تناول قضية من قضايا الصراع النفسي.

د. الزمان والمكان: الزمان في المسرحية محدود لذلك لابد من استبعاد التفصيلات ، فعدد الفصول يكون بين واحد إلى خمسة فصول. وأمّا المكان فهو محدود أيضا إذ يجب التقيد فيه بإمكانات منصة المسرح.

هـ. البناء: يقوم شكل البناء على عدد محدودمن الفصول ، أما أسلوب البناء فيقوم على التصاعد بالصراع إلى غايته ، في خط متنام نحو قمة مشحونة بالتوتر ، ثم يتجه الخط نحو القرار الحاسم في النهاية.

و. الحوار: تقوم المسرحية على الحوار ، فلا مسرح بلا حوار ، وقد يكون بين شخصين ، أو مناجاة بين الشخص ونفسه ، وبه يكشف الكاتب أغوار الشخصية وهمومها ودوافعها الخفية.

ز. الصراع: هو عقدة المسرحية ، وإذا كان الحوار هو الجانب المحسوس للمسرحية ، فإن الصراع هو جانبها المعنوي ؛ لأنه عنصر قائم في الحياة بين الخير والشر ، سواء أكان بين أشخاص حول مبدأ ، أو فكرة ، أو نزعة ، أو هدف ، أم بين الشخص ونفسه. ويؤدي الصراع إلى تأزم الموقف ، حتى يكون الحل نهاية لتلك العقدة.

أنواع المسرحية

أ‌. المأساة

وهي التراجيديا وتنتهي بفاجعة ، ولكنها تؤكد قيمة إنسانية كبرى ، أبطالها من العظماء ، وتتميز بالجدية وحدّة العواطف ، وصعوبة الاختيار في المواقف ، وسمو اللغة التي يتكلم بها الأبطال.

ب‌. الملهاة

وهي الكوميديا وموضوعاتها واقعية من المشكلات اليومية ، ويغلب عليها الطابع الاجتماعي ، وعنصر الفكاهة ونهايتها غالباً سعيدة.

وفي المسرح المعاصر لم يعد هذا التقسيم قائما ، ف "مسافر ليل" مثلا لصلاح عبد الصبور ، تختلط فيها المأساة بالملهاة. 

أمثلة على رواد المسرح العرب

توفيق الحكيم بلعوينة علاء : هو ابن أخ المسرحية العربية بلا منازع بعد العلامة حذيفة. ولد بالإسكندرية 1898م والده من رجال القضاء وأمه تركية الأصل. درس بدمنهور ثم القاهرة حيث اطلع على التمثيل والموسيقى فبدا في كتابة بعض المحاولات المسرحية الناقصة . وبعد أربع سنوات قضاها في فرنسا ليتم دراسته العليا عاد إلى مصر ليعمل في سلك القضاء لكنه فضل الفن والصحافة . فكان عضوا في المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب. ومثل مصر في هيئة اليونسكو. وعضوا بمجمع اللغة العربية بالقاهرة. توفي سنة 1987م. من آثاره: أهل الكهف ، عودة الروح ، يوميات نائب في الأرياف ، شهرزاد ، أغنية الموت ، سليمان الحكيم... 

  • توفيق الحكيم.jpg

أحمد شوقي بلعوينة علاء

أحمد شوقي هو أمير الشعراء ولد بالقاهرة عام 1886م بعد إتمام دراسته في مصر التحق بفرنسا لدراسة الحقوق وهناك تأثر بالمسرح الفرنسي الكلاسيكي. فكتب مسرحيات شعرية وكان له قصب السبق فيها. تزعم جماعة ابلو المتأثرة بالمذهب الرومانسي وظل يبدع إلى أن وافاه الأجل عام 1932م. من آثاره: ديوان شعر من أربعة أجزاء بعنوان الشوقيات ، ومجموعة من المسرحيات الشعرية منها: مصرع كليوباترا ، مجنون ليلى  ، قمبيز ، الست هدى... 

  • Ahmad shawqy.jpg

يوسف إدريس

يوسف إدريس يعد من السباقين إلى التفكير في التأصيل المسرحي من خلال البحث عن قالب مسرحي جديد، وذلك بتوظيف السامر في مسرحية " الفرافير" سنة 1964م ، حيث أشرك المتفرجين مع الممثلين في اللعبة المسرحية في إطار دائري مشكلا بذلك حلقة سينوغرافية . وقد استلهم الكاتب في مسرحيته خيال الظل والقراقوز والأدب الشعبي .

  • Yusuf Idris.jpg

سعد الله ونّوس

سعد الله ونوس سعى إلى تأسيس مسرح التسييس من خلال مسرحيته " مغامرة رأس المملوك جابر". والمقصود بمسرح التسييس عند سعد الله ونوس أن مفهوم التسييس يتحدد" من زاويتين متكاملتين. الأولى فكرية وتعني، أننا نطرح المشكلة السياسية من خلال قوانينها العميقة وعلاقاتها المترابطة والمتشابكة داخل بنية المجتمع الاقتصادية والسياسية، وأننا نحاول في الوقت نفسه استشفاف أفق تقدمي لحل هذه المشاكل. ومن نافل القول: إن الطبقات الفعلية التي تحتاج إلى التسييس هي الطبقات الشعبية لأن الطبقة الحاكمة مسيسة، سواء كانت الحاكمة بمعنى السيطرة على أدوات السلطة أو الحاكمة بمعنى السيطرة على وسائل الإنتاج الاقتصادي في البلد.

المراجع

  1. المنتديات الشاملة: المسرح في الأدب العربي
  2. الإنسان والشيطان في الأدب المسرحي المعاصر ـ دراسة نقدية، د. السيد فضل، Kotobarabia.com ، 2007.
  3. الأدب العربي الحديث، سالم المهوش، دار المراسم، بيروت، 1999م.
  4. في الأدب وفنونه، علي بو ملحم، المطبعة العصرية للطباعة والنشر، صيدا، لبنان، 1970م.
  5. التحرير الأدبي، د. حسين علي محمد، مكتبة العبيكان، الرياض، 1996م.


موسوعات ذات صلة :