الأولياء التسعة أو الأوصياء التسعة (بالإندونيسية: Walisongo) شخصيات إسلامية اشتهرت في عالم الملايو خاصة في جزيرة جاوة الإندونيسية بسبب دورها التاريخي في انتشار الإسلام بإندونيسيا في القرن التاسع الهجري (الخامس عشر الميلادي). وهم سنيون في العقائد، وعلى المذهب الشافعي في الفقه، وإلى الآن مازال المذهب الشافعي هو السائد بين مسلمي إندونيسيا وماليزيا وما حولهما من البلدان، حتى الفلبين وسيام وجنوب الصين.
من هم
كان هؤلاء الأولياء من الدعاة الأوائل في جزيرة جاوة التي كان شعبها يعتنق الديانة الهندوسية والبوذية. ويسمى هؤلاء الأولياء بالتسعة لأنهم كونوا أنفسهم كفريق دعاة مكون من رجال لا يزيد عددهم عن تسعة أشخاص في وقت واحد، ويسمى رئيسهم الولي، وعندما يتوفى أحد منهم يحل محله داعية آخر ليكون العدد تسعة أفراد. وبالفعل اشتهر من بينهم تسعة دعاة شهرة كبيرة تفوق الباقين ومعظمهم من السادة الأشراف آل عظمة خان، وهم:[1]
- سونن غريسيك (Sunan Gresik)
- سونن أمبل (Sunan Ampel)
- سونن بونانغ (Sunan Bonang)
- سونن قيري (Sunan Giri)
- سونن درجات (Sunan Drajat)
- سونن كاليجاغا (Sunan Kalijaga)
- سونن قدوس (Sunan Kudus)
- سونن موريا (Sunan Muria)
- سونن جونونغ جاتي (Sunan Gunung Jati)
وهذه إنما ألقابهم وهم ينسبون إلى المواضع التي هم فيها. ولفظ "سونن" لقب تشريف يطلقونه على بعض الملوك وكبار دعاة الإسلام في جاوة.
عصرهم
كان القرن الخامس عشر والسادس عشر ميلادية عصرًا ذهبيًا للدعوة الإسلامية في إندونيسيا، مع كونه عصرًا انحطاطيًا للممالك الهندوسية والبوذية، سياسيا كان أم اجتماعيا. وقد قال المستشرق البريطاني توماس أرنولد في كتابه «The Preaching of Islam» بأن الإسلام جاء إلى إندونيسيا بسلام وليس بسلاح كما قد فعلت الحكومة الإسبانية والبرتغالية، الإسلام جاء إلى شرق آسيا بوئام، من غير سلاح، ولا عن طريق اغتصاب القوة السياسية، إن الإسلام جاء إلى نوسانتارا عن طريق ظهور الأخلاق الإسلامية مع احترام التقاليد المحلية والأديان الوضعية. ومع كون اشتغال الشعب الإندونيسي في تعلم الإسلام وإقامة الممالك الإسلامية بتمزيج ما هو فكر ديني بما هو فكر وضعي إندونيسي، جاء كثير من التجار المسلمين من بقاع العالم الإسلامي إلى إندونيسيا حيث كانت علاقتهم بالمجتمع الإندونيسي وثيقة جدا. وتاريخيا، كان أكثر المهاجرين العرب إلى إندونيسيا هم الحضرميون باليمن، وحسب كتاب تاريخ حضرموت هذه الهجرة تعتبر أكبر هجرة في التاريخ الحضرمي.
ومعروف لدى المؤرخين أن الدعوة الإسلامية في عهدها المبكر في نوسانتارا قام بها الصوفيون الذين منهم الشيخ الأكبر ملك إبراهيم الذي تعلم على يده العلماء المشهورين بالأولياء التسعة لدى الشعب الإندونيسي، ومن الجدير بالذكر أيضًا أن على يد هؤلاء الأولياء كانت المملكة الإسلامية "دماك بينطارا" في أرض جاوة أقوى مملكة في نوسانتارا سلاحيا وعسكريا، مع كون عاصمتها بدماك في جاوة الوسطى مركزًا للدعوة الإسلامية وانتشار العلوم الإسلامية.[2]
دعوتهم
وأما طرق دعوتهم الإسلامية فمعروفة حتى الآن، وهي بممارسة الغناء والأشعار والنظم والخطب الدينية المسماة بـ"سرات" Serat، وكذلك بإنتاج القصص الإسلامية المجسدة بالدمى. وليس لديهم أي مؤلَّف ككتاب، لأن الدعوة آنذاك لم تكن صالحة بالكتب، مع انشغالهم في تقوية المملكة الإسلامية دستوريا وعسكريا. وقد جاءت دعوتهم الإسلامية على أساس احترام التقاليد المحلية والعقائد الوضعية، وإن كانوا من عظماء المملكة. وخير دليل على ذلك هو وجود مسجد الأقصى في مدينة قدوس في جاوة الوسطى، الذي بُني على أساس التعاون الوثيق بين المسلمين والهندوسيين، ولذلك شكل هذا المسجد شبه المعبد لدى الهندوسيين. وانطلاقا من قوة الاحترام بين أبناء الأديان المختلفة أفتى الفقيه الشيخ جعفر الصادق المعروف باسم "سونن قدوس" أحد الأولياء التسعة على سكان مدينة قدوس بتحريم أكل لحوم البقر، احتراما للهندوسيين الذين يقدّسونها حسب معتقداتهم، وإلى الآن أهل مدينة قدوس لا يأكلون البقر.
وإضافة إلى ذلك، كان رادين شهيد "سونن كاليجاغا" أحد الأولياء التسعة قد أدخل القيم الإسلامية في التقاليد المحلية، مثل: تقاليد "ميتو، وياتوس، وييوو" أي حفلات للموتى مع إحراق البخور الجاوية، التي أدخل فيها رادين شهيد القيم الإسلامية؛ وهي إهداء ثواب قراءة القرآن للميت والذكر جماعة وسماع القصص والنصيحة الدينية من حضرة رادين شهيد. ومن حيث المسائل الدينية كان هؤلاء الفقهاء لا يفتون بذكر الآيات القرآنية والأحاديث النبوية حتى أقوال العلماء المعتبرة، وقد ابتعدوا عن قول "حرام"، و"بدعة"، و"شرك" أو "كفر"، بل عرضوا إجابتهم الفقهية بالمثل الجاوي أو بالمنطق، عملا بقوله ﷺ: "يسِّروا ولا تعسِّروا"، وبقوله أيضا: "كلموا الناس على قدر عقولهم". ومثل: الدعوة إلى فريضة ذبح الحيوان في يوم عيد الأضحى، فقد قال رادين شهيد: "من أراد دخول الجنة راكبا على غنمه أو جاموسه فعليه أن يذبحه في يوم عيد الأضحى لمن استطاع على ذلك"، ثم سُئل: يا شيخي، عندي جاموس واحد فهل يمكن في الآخرة أن يركب عليها ستة أشخاص وطفل صغير من أسرتي جميعًا؟ (في الفقه الشافعي أن الجاموس الواحد يكفي لستة أشخاص فقط)، فأجاب رادين شهيد: "عليك أن تذبح غنما واحدا لأن الطفل الصغير يحتاج إلى سُلّم لكي يستطيع أن يركب مع أسرتك على الجاموس".[2]
وبسبب دعوة هؤلاء الأولياء وُلد كثير من العلماء الإندونيسيين، وبعضهم قد وصل إلى المستوى الدولي؛ كالشيخ النووي البنتني المشهور بمفتي الشافعية في البلد الحرام الذي ألّف عدة كتب منها «التفسير المنير» أو «تفسير مراح لبيد»، و«قامع الطغيان»، و«نصائح العباد» وغيرها، والشيخ ياسين الفاداني المعروف بمسند الدنيا في الحديث وعلومه، والشيخ محفوظ الترمسي الذي أصبح كتابه «منهج ذوي النظر» مقررا لطلاب الماجستير في الحديث في الأزهر الشريف بالقاهرة، وغيرهم كثير.
المراجع
- شهاب, محمد ضياء; عبد الله بن نوح (1400 هـ). "الإمام المهاجر". جدة، المملكة العربية السعودية: دار الشروق. صفحة 174.
اقتباسات
- "دراسة لمنهج الصوفية في الدعوة إلى الله في عالم الملايو". Ana Ahtaj ila al-ilmi...Aku perlu ilmu...Ask Why. مؤرشف من الأصل في 3 نوفمبر 2019.
- "نبذة تاريخية عن مجيئ الإسلام إلى إندونيسيا". CAHAYA ILMU. مؤرشف من الأصل في 30 أكتوبر 2019.