الرئيسيةعريقبحث

الاحتلال الإندونيسي لتيمور الشرقية


بدأ الاحتلال الاندونيسي لتيمور الشرقية في ديسمبر عام 1975 واستمر حتى أكتوبر عام 1999. بعد قرون من الحكم الاستعماري البرتغالي في تيمور الشرقية، أدت ثورة القرنفل عام 1974 في البرتغال إلى إنهاء استعمار مستعمراتها السابقة، ما أدى إلى زعزعة الاستقرار في تيمور الشرقية وجعلها تواجه مصيرها مجهولًا. بعد حرب أهلية صغيرة الحجم، أعلن حزب فريتيلين (الجبهة الثورية لتيمور الشرقية المستقلة) انتصاره في العاصمة ديلي وأعلن أيضًا استقلال تيمور الشرقية في 28 نوفمبر عام 1975.

غزت القوات العسكرية الإندونيسية تيمور الشرقية في 7 ديسمبر عام 1975 مدعين أن قادة تيمور الشرقية طلبوا مساعدتهم، وبحلول عام 1979، احتلوا كل شيء بل ودمروا المقاومة المسلحة للاحتلال أيضًا. عقب «الجمعية الشعبية» المثيرة للجدل التي قال الكثيرون أنها ليست إجراءً حقيقيًا لحق تقرير المصير، أعلنت إندونيسيا أن الإقليم مقاطعة إندونيسية (تيمور الشرقية).

بعد الغزو مباشرة، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرارات تدين أفعال إندونيسيا في تيمور الشرقية وتدعوها إلى الانسحاب الفوري من الإقليم. كانت أستراليا وإندونيسيا الدولتان الوحيدتان في العالم اللتان اعترفتا بتيمور الشرقية مقاطعة إندونيسية، وسرعان ما بدأتا مفاوضات لتقسيم الموارد الموجودة في فجوة تيمور. أيدت حكومات أخرى بما فيها الولايات المتحدة واليابان وكندا وماليزيا الحكومة الإندونيسية. غير أن غزو تيمور الشرقية وقمع حركة استقلالها ألحق ضررًا كبيرًا بسمعة إندونيسيا ومصداقيتها الدولية.[1][2]

على مدى أربعة وعشرين عامًا، أخضعت الحكومة الإندونيسية شعب تيمور الشرقية للتعذيب الروتيني والمنهجي، والاستعباد الجنسي، والقتل خارج نطاق القضاء، والمذابح، والتجويع المتعمد.[3] أثارت مذبحة سانتا كروز عام 1991 الغضب في جميع أنحاء العالم، ووردت تقارير عديدة عن عمليات قتل مماثلة. ظلت المقاومة ضد الحكم الإندونيسي قوية،[4] وفي عام 1996، مُنحت جائزة نوبل للسلام لرجلين من تيمور الشرقية، هما كارلوس فيليب اكسيمنس بيلو وجوزيه راموس هورتا، على جهودهما المستمرة لإنهاء الاحتلال سلميًا. أسفر تصويت في عام 1999 لتحديد مستقبل تيمور الشرقية عن أغلبية ساحقة مؤيدة للاستقلال، وفي عام 2002 أصبحت تيمور الشرقية دولة مستقلة. قدرت لجنة الاستقبال والحقيقة والمصالحة في تيمور الشرقية عدد القتلى أثناء الاحتلال بسبب المجاعة والعنف بنحو 90,800 إلى 202,600، بما فيها 17,600 إلى 19,600 حالة وفاة ناجمة عن العنف أو الاختفاء، من أصل 823,386 نسمة تقريبًا في عام 1999. حملت لجنة الحقيقة القوات الإندونيسية المسؤولية عن نحو 70% من جرائم القتل العنيف.[5][6][7]

بعد التصويت من أجل الاستقلال في عام 1999، نفذت الجماعات شبه العسكرية العاملة مع الجيش الإندونيسي موجة أخيرة من العنف دمرت خلالها معظم البنية الأساسية في الدولة. استعادت القوة الدولية لتيمور الشرقية النظام بقيادة أستراليا، وعقب خروج القوات الإندونيسية من تيمور الشرقية، تولت إدارة الأمم المتحدة الانتقالية في تيمور الشرقية إدارة الإقليم لمدة سنتين، وأسست وحدة الجرائم الخطيرة لتحقيق في الجرائم المرتكبة في عام 1999 ومحاكمة مرتكبيها. لكن نطاقها المحدود وقلة عدد الأحكام الصادرة عن المحاكم الإندونيسية دفع العديد من المراقبين إلى المطالبة بإنشاء محكمة دولية لتيمور الشرقية.[8][9]

عقدت جامعة أكسفورد إجماعًا أكاديميًا دعى الاحتلال الإندونيسي لتيمور الشرقية بالإبادة الجماعية، في حين تُدرسها جامعة ييل كجزء من برنامج دراسات الإبادة الجماعية. [10][11]

نبذة تاريخية

وصل البرتغاليون إلى تيمور أول مرة في القرن السادس عشر، وفي عام 1702 خضعت تيمور الشرقية لإدارة الاستعمار البرتغالي.[12] كان الحكم البرتغالي هشًا إلى أن تقاسمت البرتغال الجزيرة مع الإمبراطورية الهولندية في عام 1860.[13] احتل 20,000 جندي ياباني تيمور الشرقية، وكانت ساحة قتال بارزة خلال حرب المحيط الهادئ. ساعد القتال في منع الاحتلال الياباني لأستراليا، لكنه أسفر عن مقتل 60,000 من مواطني تيمور الشرقية.[14]

عندما حصلت إندونيسيا على استقلالها (الثورة الوطنية الإندونيسية) بعد الحرب العالمية الثانية بقيادة أحمد سوكارنو، لم تطالب بالسيطرة على تيمور الشرقية، وبصرف النظر عن الخطاب العام المناهض للاستعمار لم تعارض سيطرة البرتغال على الإقليم. لم تؤيد الحكومة الإندونيسية ثورة عام 1959 في تيمور الشرقية ضد البرتغال.[15] أشارت وثيقة الأمم المتحدة لعام 1962 إلى: «إعلان الحكومة الإندونيسية عن محافظتها على علاقات ودية مع البرتغال وليس لها أي حق بالمطالبة بتيمور البرتغالية...».[16] استمرت هذه التأكيدات إلى ما بعد تولي سوهارتو للسلطة في عام 1965. صرح مسؤول إندونيسي في ديسمبر عام 1974: «ليس لدى إندونيسيا أي أطماع إقليمية... بالتالي فإن مسألة رغبة إندونيسيا في ضم تيمور البرتغالية أمر مستبعد». [17]

في عام 1974، تسببت ثورة القرنفل في إحداث تغييرات كبيرة في علاقة البرتغال بمستعمرتها في تيمور.[18] عزز انتقال السلطة في أوروبا من حركات الاستقلال في مستعمرات مثل موزمبيق وأنجولا، وبدأت الحكومة البرتغالية الجديدة عملية إنهاء الاستعمار في تيمور الشرقية. كانت أول إجراءاتها افتتاح العملية السياسية. [19]

فريتيلين، ويوديتي، وأبوديتي

شُرعت الأحزاب السياسية في تيمور الشرقية لأول مرة في أبريل عام 1974، وبرزت ثلاث مجموعات باعتبارها جهات فاعلة رئيسية في المشهد ما بعد الاستعمار. أسست مجموعة من ملاك الأراضي الأثرياء حزب الاتحاد الديمقراطي التيموري (أو يوديتي) في مايو. كرس حزب الاتحاد الديمقراطي التيموري جهوده في البداية للحفاظ على تيمور الشرقية كمحمية تابعة للبرتغال، لكنه أعلن في شهر سبتمبر عن دعمه للاستقلال.[20] بعد أسبوع ظهر حزب الجبهة الثورية لتيمور الشرقية المستقلة (أو فريتيلين). نُظم حزب فريتيلين في البداية باسم الرابطة الديمقراطية الاجتماعية التيمورية (إيه أس دي تي)، وأيد «المذاهب الاشتراكية العالمية» و«الحق في الاستقلال».[21] نتيجة لتزايد التوتر في العملية السياسية، غير حزب فريتيلين اسمه وأعلن نفسه «الممثل الشرعي الوحيد للشعب».[22] شهدت نهاية شهر مايو تأسيس حزب ثالث، حزب الرابطة الديمقراطية الشعبية التيمورية (أو أبوديتي). أيد الحزب دمج تيمور الشرقية في إندونيسيا، وكان اسمه في الأصل «رابطة إدماج تيمور الشرقية في إندونيسيا»،[23] وأعرب عن قلقه هذا بأن تيمور الشرقية المستقلة ستكون عرضة للخطر وضعيفة اقتصاديًا.[24]

رأى المتشددون القوميون والعسكريون الإندونيسيون، لا سيما قادة وكالة الاستخبارات، كوبكامتب، ووحدة العمليات الخاصة، أوبوس، أن الانقلاب البرتغالي يعد فرصة لإدماج تيمور الشرقية في إندونيسيا. خشيت الحكومة المركزية والجيش من استخدام القوى غير الصديقة في إندونيسيا لتيمور الشرقية التي يحكمها اليساريون كقاعدة للتوغلات، وخشيت أيضًا من أن تبعث تيمور الشرقية المستقلة ضمن الأرخبيل مشاعر انفصالية داخل المقاطعات الإندونيسية. تلاعب الخوف من التفكك الوطني بالقادة العسكريين القريبين من سوهارتو، وظل أحد أقوى المبررات التي ساقتها إندونيسيا لرفض إمكانية استقلال تيمور الشرقية أو حتى حصولها على حكم ذاتي حتى أواخر التسعينيات من القرن العشرين.[25] سعت منظمات الاستخبارات العسكرية في البداية إلى وضع إستراتيجية ضم غير عسكرية، وعزمت على استخدام حزب أبوديتي كوسيلة للاندماج.[26]

المراجع

موسوعات ذات صلة :

  1. ClassicDoc (2016-01-20), Manufacturing Consent - Noam Chomsky and the Media - 1992, مؤرشف من الأصل في 04 مارس 2020,10 فبراير 2017
  2. Schwarz (1994), p. 195.
  3. "Archived copy" ( كتاب إلكتروني PDF ). مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 28 مايو 201503 ديسمبر 2013.
  4. Schwarz (1994), p. 195
  5. East Timor population World Bank نسخة محفوظة 2019-08-28 على موقع واي باك مشين.
  6. Chega! The CAVR Report - تصفح: نسخة محفوظة 13 May 2012 على موقع واي باك مشين.
  7. Conflict-Related Deaths In Timor-Leste: 1974–1999 CAVR نسخة محفوظة 2020-01-25 على موقع واي باك مشين.
  8. "East Timor: U.N. Security Council Must Ensure Justice". Human Rights Watch. 29 June 2005. Retrieved 17 February 2008. نسخة محفوظة 2008-08-28 على موقع واي باك مشين.
  9. In 2002 over 125 women from 14 countries signed a statement calling for an international tribunal. Other such demands have been issued by ETAN/US, TAPOL, and—with qualifications—Human Rights Watch and Amnesty International. نسخة محفوظة 2019-08-30 على موقع واي باك مشين.
  10. Payaslian, Simon. "20th Century Genocides". Oxford bibliographies. مؤرشف من الأصل في 24 مارس 2020.
  11. "Genocide Studies Program: East Timor". Yale.edu. مؤرشف من الأصل في 23 مارس 2020.
  12. "East Timor Country Profile". Foreign and Commonwealth Office of the United Kingdom. 2008. مؤرشف من الأصل في 6 يناير 200819 فبراير 2008.
  13. Jolliffee, pp. 23–41.
  14. Dunn (1996), pp. 19–22; Wesley-Smith, p. 85; Jardine, p. 22.
  15. Budiardjo and Liong, pp. 3–5; Dunn (1996), pp. 28–29; Taylor (1991), p. 20.
  16. Quoted in Taylor (1991), p. 20; similar assurances from Indonesian officials are quoted in Ramos-Horta, pp. 63–64.
  17. Quoted in Kohen and Taylor, p. 3.
  18. Hainsworth and McCloskey, p. 23
  19. Jolliffee, pp. 58–62.
  20. Dunn (1996), p. 53–54.
  21. Quoted in Dunn, p. 56.
  22. Quoted in Dunn, p. 60.
  23. Dunn, p. 62; Indonesia (1977), p. 19.
  24. Dunn, p. 62.
  25. Schwarz (1994), p. 208.
  26. Schwarz (1994), p. 201.