الاشتراكية في هونغ كونغ هي تيار سياسي تعود جذوره إلى الماركسية واللينينية التي صدِّرت إلى هونغ كونغ وبرّ الصين الرئيسي في أواخر العقد الثاني ومطلع العقد الثالث من القرن العشرين. اتّخذت التيارات الاشتراكية صيغًا متنوعة من بينها الماركسية اللينينية والماوية والتروتسكية والاشتراكية الديمقراطية والاشتراكية الليبرالية، كانت الماركسية اللينينية الفصيل الأكثر سيطرةً نظرًا إلى نفوذ نظام الحزب الشيوعي الصيني في الجزء الرئيسي من البلاد. أضحى «اليساريون التقليديون» القوة الأكبر التي تمثّل المعسكر المؤيد لبكين في عقود ما بعد الحرب، والذين اتّسمت علاقتهم بالسلطات الكولونيالية بالتوتر. مع تبنّي الحزب الشيوعي الصيني لإصلاحاتٍ اقتصادية رأسمالية منذ عام 1978 فصاعدًا وتوجُّه الفصيل المؤيد لبكين ليصبح محافظًا بصورة أكبر، جرى تبنّي البرنامج الاشتراكي ببطء من قبل المعسكر المؤيد للديمقراطية الذي سيطر عليه الليبراليون.
الحركات العمالية في هونغ كونغ في عشرينيات القرن العشرين
استورِدت الماركسية إلى الصين في مطلع القرن العشرين وتُرجمت أدبياتها عن الألمانية والروسية واليابانية إلى الكانتونية والصينية الفصحى. في أعقاب ثورة أكتوبر الروسية التي قادها البلاشفة عام 1917، برز عدد من المثقفين الصينيين في حركة الرابع من مايو – التي رأت في الشيوعية حلًا لإنقاذ الصين من مأزقها الراهن. كانت مجموعة البحث الماركسية المنظمة الاشتراكية الأولى في هونغ كونغ عام 1920، وأُسّست من قبل المشرف التربوي في قسم التعليم لين جونوي وخريج جامعة كوينز زهانغ رينادو ومعلم المدرسة الابتدائية لي ييباو.[1]
في يوليو 1921، أُسّس رسميًا الحزب الشيوعي الصيني في شانغهاي.[2] تشكَّل الحزب وفق نظرية فلاديمير لينين الخاصة بحزب الطليعة، وكان تحت توجيهات الكومنترن الذي قاده السوفييت.[3] أقامت مجموعة البحث الماركسية اتصالاتٍ مع الحزب الشيوعي الصيني في غواندونغ وأَسّست في ما بعد نادي الطلاب الصينيين الجديد، فرع هونغ كونغ ولاحقًا رابطة الشباب الاشتراكيين الصينيين، الفرع الخاص في هونغ كونغ في ظل رابطة غواندونغ للشباب الاشتراكي. في أواسط عام 1924، أنشأ الحزب الشيوعي الصيني فرعًا في هونغ كونغ.
إضراب البحارة عام 1922
أصبح إضراب البحارة لعام 1922 الحلقة الأكثر أهمية في الحركة العمالية في الصين وهونغ كونغ. في 13 يناير 1922، وعلى خلفية ارتفاع حاد في الأسعار، أعلن البحارة في هونغ كونغ إضرابًا جيد التنظيم دام 56 يومًا وضمّ في أوجه 120 ألف بحارًا.[4] مع تلقّيهم دعمًا تنظيميًا وماليًا من حكومة الكومينتانغ ذات التوجه اليساري والتابعة لصن يات صن في غوانغزهو، قاد اتحاد البحارة الصينيين مُضربي هونغ كونغ إلى النصر.
على الرغم من أن الشيوعيين لم يلعبوا أي دور قيادي في الإضراب، شارك البعض منهم في هونغ كونغ وألقى آخرون في غوانغزهو المجاورة خطبًا داعمة وأصدروا بيان المضربين. انضم إلى الحزب الشيوعي في ما بعد سو زهاوزهينغ ولين فايمين، قائدا إضراب البحارة. توصّل هينك سنيفليت، ممثل الكومنترن في الصين الذي أثار نجاح الإضراب إعجابه إلى حد كبير، إلى أن الإضراب كان «دون شك الحدث الأكثر أهمية في التاريخ الباكر للحركة العمالية الصينية». وأجرى محادثاتٍ أيضًا مع صن يات صن منذ 23 حتى 25 ديسمبر عام 1921 في غويلين حول تعاون محتمل بين الكومنتانغ والشيوعيين. بات سنيفليت منخرطًا بصورة أكثر فاعلية في تنظيم الجبهة المتحدة الأولى بين الحزبين بعد رؤيته للدعم الذي قدّمه الكومنتانغ خلال إضراب بحارة هونغ كونغ.
إضراب غوانغزهو-هونغ كونغ عامي 1925-1926
كان إضراب غوانغزهو هونغ كونغ بين عامي 1925 و1926 حدثًا تاريخيًا محوريًا آخر في الحركة العمالية في هونغ كونغ. انطلق الإضراب إثر مقتل عامل يُدعى غو زهينغهونغ، الذي كان عضوًا في الحزب الشيوعي في مصنع امتلكته اليابان في فبراير 1925. نظّم الشيوعيون مظاهرةً مناهضة للإمبريالية في مستوطنة شانغهاي الدولية في 30 مايو، والتي يُشار إليها اليوم بحركة 30 مايو. استجابةً لأوامر البريطانيين أطلقت شرطة السيخ النار على حشد من المتظاهرين الصينيين، مما أسفر عن مقتل 9 وإصابة أعداد كبيرة من الحشد. أثارت الحادثة المزيد من المشاعر المعادية للبريطانيين في جميع أنحاء البلاد. منح الكومنتانغ الأموال للشيوعيين، الذين نظّموا بدورهم الإضراب في 18 يونيو، الذي بدأ بإضراب ما يزيد عن 80% من طلبة السنوات الأخيرة من كلية كوينز. قاد العديد من البحارة وسائقي الترام وعمال الطباعة والطلاب الإضراب واتجهوا إلى غوانغزهو. في 23 يونيو، فتحت القوات الفرنسية والبريطانية النار على المُضربين، مما أسفر عن مقتل 25 شخصًا وإصابة ما يزيد عن 170 متظاهرًا في منطقة الامتياز الأجنبي من جزيرة شاميان، مما دفع المزيد من العمال في هونغ كونغ الذين كانوا يعملون لشركاتٍ أجنبية للانضمام إلى الإضراب.[5]
عَقدت اتحادات عديدة تمثّل عمال هونغ كونغ والبر الرئيسي الصيني مؤتمرًا في غوانغزهو وشَكّلت لجنة إضراب غوانغزهو هونغ كونغ برئاسة سو زهاوزهينغ، تحت توجيهات الحزب الشيوعي الصيني. دعت لجنة الإضراب إلى مقاطعة جميع البضائع البريطانية ومنع السفن الأجنبية من استخدام موانئ هونغ كونغ. شَلّ الإضراب اقتصاد هونغ كونغ، وبدأت أسعار الأغذية بالارتفاع وانخفضت عائدات الضرائب بصورة حادة وبدأ النظام المصرفي بالانهيار.
بدأ الإضراب بالانهيار بعد وفاة صن يات صن في مارس عام 1925 واغتيال لياو زهونغكاي، القائد اليساري ضمن الكومنتانغ، في أغسطس. صادر القائد العام للجيش الثوري الوطني تشيانغ كاي شيك أسلحة لجنة الإضراب بعد تولّيه السلطة. تلقّى الإضراب دعمًا أقل مع بدء الصين لحملتها الشمالية أواسط عام 1926. في 10 أكتوبر 1926، رُفعت المقاطعة رسميًا بعد التوصل إلى تسوية مع البريطانيين، الأمر الذي أشار إلى نهاية الإضراب الذي استمر ل16 شهرًا. اضطُهدت اتحادات عمالية يسارية عديدة من بينها اتحاد البحارة الصنيين واعتُقل قادتها. سُنّت تشريعات جديدة لمنع الاتحادات من الارتباط بمنظماتٍ سياسية خارج المستعمرة وحُظرت الإضرابات كذلك لأسباب سياسية.
من ثلاثينيات حتى أربعينيات القرن العشرين: من التطهيرات ضد الشيوعيين إلى المقاومة ضد اليابانيين
القمع الكولونيالي
أفضت مجزرة شانغهاي في أبريل 1927 التي تسببت بها حكومة الكومنتانغ التابعة تشيانغ كاي سيك إلى هروب الحزب الشيوعي الصيني فرع غوانغزهو ونقل مقره إلى هونغ كونغ حتى تشكيل الجبهة المتحدة الثانية بين الكومنتانغ والحزب الشيوعي الصيني عام 1936. كان الشيوعيون في هونغ كونغ منخرطين بصورة فاعلة آنذاك في الأعمال العسكرية للإطاحة بحكومة الكومنتانغ في غواندونغ.[6]
شهِد الشيوعيون في هونغ كونغ فترة من الإرهاب الأبيض خلال أواخر عشرينيات القرن العشرين حتى ثلاثينياته، إذ طوّر حاكم هونغ كونغ سيسل كليمنتي علاقةً وثيقة مع الكومنتانغ بهدف قمع الشيوعيين والأنشطة الاشتراكية المشتبه بها.
على الرغم من التعرض لضغط من الحكومة الكولونيالية، تمكّن هو تشي منه من تأسيس الحزب الشيوعي الهندوصيني في هونغ كونع في فبراير 1930.
حرب العصابات المناهضة لليابان
خلال الحرب اليابانية الصينية الثانية، أنشأ الحزب الشيوعي مكتب هونغ كونغ التابع لجيش الطريق الثامن الذي انخرط في أعمال الجبهة المتحدة وجمع أموال تخفّت تحت اسم شركة يو هوا. نظّم اتحاد البحارة الصينيين أيضًا حركة مقاومة عبر تجنيد متطوعين للعبور إلى غوانغدونغ وشن حرب عصابات خلف الخطوط اليابانية بقيادة زينغ شينغ.
المراجع
- Loh, Christine (2010). Underground Front: The Chinese Communist Party in Hong Kong. Hong Kong University Press. صفحة 43.
- Dirlik, Arif (1989). Revolution and History: The Origins of Marxist Historiography in China, 1919-1937. University of California Press. صفحة 58.
- Van de Ven, Hans J. (1991). From Friend to Comrade: The Founding of the Chinese Communist Party, 1920–1927. University of California Press. صفحات 34–38. .
- Smith, Stephen Anthony (2000). A Road Is Made: Communism in Shanghai, 1920-1927. University of Hawaii Press. صفحات 37–8.
- Loh, Christine (2010). Underground Front: The Chinese Communist Party in Hong Kong. Hong Kong University Press. صفحات 48–52.
- Loh, Christine (2010). Underground Front: The Chinese Communist Party in Hong Kong. Hong Kong University Press. صفحات 56–64.