الرئيسيةعريقبحث

التربية الفنية في مصر


رواد التربية الفنية في مصر

التاريخ:

أنشئت مدرسة المعلمين العليا 1880 كمعهد تربوى لتخريج معلمين في كل التخصصات؛ للندريس بالمدارس التابعة لوزارة المعارف؛ ومنها تدريس «مادة الرسم» .ثم قامت وزارة المعارف سنة 1928 بتحويل هذه المدرسة العليا إلى «معهد التربية العالى للمعلمين» . واستمر المعهد في القيام بمهمته، حتى تم ضمه إلى «جامعة إبراهيم باشا»[عين شمس] سنة 1950؛ حيث يستكمل فيه الحاصل على مؤهل جامعى، إعداده المهنى كمعلم تربوى في تخصصه .أما «حبيب جورجى» [1892-1965] الذي يمثل الشخصية المحورية في تطور التربية الفنية؛فكان طالباً بقسم الرياضيات بمدرسة المعلمين، وعندما افتتح قسم الرسم [1918] كان أول المنضمين له؛وبعد تخرجه سافر ضمن أول بعثة دراسية[1920] من خريجى مدرسة المعلمين العلياإلى «إنجلترا» ومعه «شفيق زاهر» ؛ وهناك تبلورت أفكاره حول تنمية القدرةالإبداعية للأطفال من خلال ممارسة أنشطة التربية الفنية؛ فتعرفوا على المناهج الحديثة في التربية التي تهدف إلى خلق الشخصية الابتكارية. وقد ظل يدعو إلى تطوير مناهج التربية الفنية لتصب أهدافها في تنمية القدرة الإبتكارية من خلال «الرؤية المباشرة» للطبيعة والتعبير الفنى بحرية و بتلقائية؛ بدلاً من تحسين مهارات النقل عن «النماذج الجاهزة»[الأمشق] وعن «الزخارف» من الرسوم المطبوعة أو المرسومة على السبورة نقلا حرفيا؛دون السماح بتنمية القدرة على التخيل أوالابتكار. وفي سنة 1929 انشئت «شهادة الأهلية في التربية وطرق تعليم الرسم» بإشراف «حبيب جورجى».ثم تولى «محمد عبد الهادى» [1933-1939]رئاسة قسم الرسم بمعهد المعلين ومن بعده تولى «احمد شفيق زاهر» [1939-1941]و للمرة الثانية «محمد عبد الهادى» 1941-1944و«يوسف العفيفى» [1944-1950]. واستلهم القائمون على برامج التربية الفنية مناهج «جون ديوى» و«هربرت ريد» التي تؤكد أهمية التعبير بذاتية لإبراز الشخصية الفنية المتفردة.وبناء على توصيات «المؤتمر الدولى للتربية الفنية» الذي عقد في «باريس» [1936] أنشئ «المعهد العالى للتربية الفنية للمعلمين »[1937] ليقبل خريجى «الفنون الجميلة» و«الفنون التطبيقية» للدراسة لمدة عامين. وتولى «يوسف العفيفى» [1950-1953] مديرا لهذا المعهد ؛ ثم عين «شفيق رزق سليمان» [1953-1965] مديرا له ؛و كان منذ 1960 ؛قد أصبح القبول في «معهد التربية الفنية للمعلمين» للحاصلين على «شهادة الثانوية» .و بعد ذلك عين «محمود البسيونى» [1965-1966] عميداً في الفترة من سنة 1966وحتى سنة 1975 ؛ ثم عميدا لـ «المعهد العالى للتربية الفنية للمعلمين» بعدانضمامه لـ «المعهد العالى للفنون الجميلة للمعلمات»[الذي كان قد أنشئ سنة 1938] و تغير اسم المعهد وقتذاك [1973] وأصبح يسمى كلية التربية الفنية وفي سنة 1975 انضم إلى «جامعة حلوان» بعد إنشائهافى ذلك العام .

ويتمثل الدور التربوى لـ «يوسف العفيفى» [1902-1972]من خلال مناهج التدريس بمعهد التربية الفنية ، في تشجيع أكثر الاتجاهات الفنية «جرأة وحداثة » ؛والدعوة لاستلهام ما تقدمه اكتشافات «أساليب الفن الحديث» . ومن تلاميذ «العفيفى»؛ «سعد الخادم»[1913-1987] و«محمود البسيونى» و«حمدى خميس»[1919-1993] و«مصطفى الأرنؤوطى»[1920-1976]و«أبوخليل لطفى» [1920-1993]من الذين كان «البحث والتجريب» هو أسلوب عملهم في «حقل التربية الفنية» .أما «سعدالخادم» فأكد بأسلوبه الفنى على جرأة التشكيل، وعلى نقاء اللون و شفافيته بما يتوازن مع عاطفته النابعة من أعماق ذاته في التعبير بنزعة حداثية؛مما كان له تأثيره على تشكيل أسلوب الفنان «يوسف سيده» .بينما أظهر «حمدى خميس» من خلال تجريبه الفنى وبـ أسلوبه الرمزى -التجريدى إمكانية تجاوز مادة التشكيل للحدود الظاهرية، لتصل إلى التعبير عن مسائل روحية ومفاهيمية، وتدفع المشاهد لممارسة محاولات اكتشاف المعانى الماورائية؛والتي تتعلق بهموم إنسانية . وقد أثرت دراسة «مصطفى الأرنؤوطى» في «إنجلترا» في تنقية «حسه الفنى الرصين» وفي صقل «أدائه الشاعرى والمتقن» و في تنمية قدرته على النفوذ بحدسه عبر أعماق التشكيل، الذي يمثل تجربة روحية للتأمل الكونى في الحياة.وتفرد «أبو خليل لطفى» بتناوله الجسور للعمل الفنى كبيئة تتعايش فيها العلامات المجردة التي تشكل أنساقاً ذات دلالات نفسية ووجدانية عميقة.

وللفنان «حبيب جورجى» تجربة طليعية استغرقت 12 عاماً[1939-1950]حول أهمية التأكيد على قيمة التلقائية في التعبير الفنى عندالأطفال كسبيل لتحقيق أهداف التربية الفنية التقدمية. ومن هنا بدأ تعديل أساليب تعليم الفن في المدارس على أساس فكرة المحافظة على خصائص التعبير الفردى لشخصية التلاميذ، مع مراعاة المرحلة العمرية ،ودون التدخل بتقييد حرية التعبير عن الذات. وفي سنة 1928 تعدلت مناهج تعليم الرسم والتربية الفنية بحيث يصبح هدفها تنمية التعبير الفنى ؛والاستعانة بمجموعة من المواد التي تساهم في إعدادالدارس ؛مثل تاريخ الفن .ولنشر أفكاره، أنشأ «حبيب جورجى» جماعة «الدعاية الفنية» [1928] من خريجى «مدرسة المعلمين العليا » لإشباع الهويات الفنية بين أعضائها، على أساس «الرسم من الطبيعة» .وأغلب رسوم أعضاء الجماعة، كانت بالألوان المائية «بلمسات رومانسية»، تشبع الاحتياج الفطرى للجمال، ولنشرالوعى الجمالى، ثم قيام كل عضو في الجماعة بدوره في نقل مثل تلك «الأفكار التقدمية» لتلاميذه في المدرسة التي يقوم بتدريس التربية الفنية فيها.ومن بين هؤلاء التلاميذ مجموعة التحقت بـ «مدرسة الفنون الجميلة »وأصبحت من رموز الحركة الفنية الحديثة فيما بعد ؛ باتجاهاتهم الطليعية. ومن أقطاب «جماعة الدعاية للفن» «محمد عبد الهادى »و «سيد الغرابلى» و «أحمد شفيق رزق» [1905-1989]و «يوسف العفيفى» و «حامد سعيد»[1908-2006] و «حسين يوسف أمين» [1904-1984] .و لـ«رواد التربية الفنية» تاثيرهم على تكوين الجماعات الفنية في مصر، مثل «جماعة الفن والحرية» و«جماعة الفن المعاصر » و«جماعة الفن الحديث» و«جماعة الفن والحياة» حامد سعيد. تلك الجماعات قادت الثورة الفنية التي شهدتها مصر طوال الأربعينيات ؛من أجل إرساء «أسس الفنون الحديثة». أما «حسين يوسف أمين» الذي عاد إلى مصر [1931] بعد اتمام دراسته في «أكاديمية فلورنسا» فإنه أسس مع «يوسف العفيفى» [1937] «اتحاد مدرسى الرسم» وحرص على تدريب الموهوبين في الفن من الشباب، بل كان لأبحاثه التربوية ولدعوته لتحرير الحركة الفنية المصرية بالتعبير عن وجدان الحياة الشعبية المصرية ، تأثيرها على أحد رواد الفن المصرى الحديث وهو الفنان «راغب عياد» [1892-1982]. وكذلك على «جماعة الفن المعاصر» [ سمير رافع [1926-2004]–عبد الهادي الجزار[1925-1966]-حامد ندا [1924-1990] ]إذ شجع الفنانين الشباب على خوض أكثر التجارب الفنية جرأة وبجسارة بأفكارها ومن حيث التحمس للرسم بـأسلوب تعبيرى. ومن المفاهيم التي أثرت في «تطور التربية الفنية» أهمية التفسير الرمزى والمغزى النفسى «لرسوم الأطفال» و لعمليات «التصغير» و«التكبير» و«الحذف» و«التضخيم» في الرسم، على أساس إدراك الطفل للحقائق بطريقة غير مجزأة ؛على هيئة سلسلة من المواقف المتتابعة، مثلما اختبرها، ولذا فيلزم تغيير طرق التعليم التقليدية للفنون لدى الأطفال، كفنون رمزية ؛ حتى تتناسب مع الطبيعة الخيالية التي عبرت أغوار النفس العميقة.وقد تبدو «صور الإنسان» في رسوم الأطفال بتخطيطاتها الدائرية «محرفة» بالنسبة للذين يحكمون على رسوم الطفل بناء على معايير الفن الكلاسيكى.وقد ساهم رواد التربية الفنية في نشر [[المؤلفات في مجال التربية عن طريق الفن وفلسفة الفن وتاريخه. ومن بين هؤلاء، «محمود البسيونى»(1920-1993) الذي حصل على درجة الدكتوراه 1949،عبدالغنى الشال، و«سعد الخادم» و«لطفى زكى»[1918-] و«حمدى خميس» 1919- 1992 الذي حصل على درجة الدكتوراه من «جامعة أوهايو »[1951]«مصطفى الأرنؤوطى» الذي استكمل دراسته في «جامعة أوكسفورد» [1945-1950] و«محسن عطيه»[1947]الذي حصل على الدكتوراه من «أكاديمية الفنون والعمارة-سان بطرسبرج -روسيا الاتحادية» [1979]ونشرت مؤلفاته في النقد والتذوق وجماليات الفنون.

فنانون تربويون في حركة الفن المصرى الحديث

ومنذ أن تأسس «معهد للتربية الفنية» وينظم الفنانون التربويون من أعضاء هيئة التدريس معارضهم الفنية التشكيلية، حتى أصبحت معارضهم بمثابة ظاهرة طليعية لها أهميتها في حركة الفن المصرى الحديث ، بفضل تميز هؤلاء الفنانين بفكرهم المتجدد حول «الفن» و«الجمال» و«التربية الفنية».وهم أنفسهم فنانون مبدعون، وأصحاب الفضل في كل «تجديد» حدث، سواء في حقل «تعليم الفن بأساليب تربوية تقدمية»،أو في إثراء حركة الفن في مصر،في ضوء مبادئ الحرية والإبتكار والروح العصرية . لقد كان هؤلاء الرواد منحازين للاتجاهات التقدمية التي تعلى من شأن الفكرالتجريبى والبحثى ،عند تناول مسألة العلاقة بين الفن والمشاعر الذاتية والخيال والتلقائيةوالمعاصرة ، مما سوف يصبح من أهم أفكار «الجماعات الفنية الطليعية» ، التي تشكلت في الأربعينيات ؛مثل «جماعة الفن المعاصر» و «جماعة الفن الحديث».وتمتلئ المتاحف المحلية والعالمية بروائع من إبداعاتهم الفنية . واليوم نشاهد رواداً جدد ونجوماً جسورين ينتشرون «بفكرهم التقدمى» و«إبدعاتهم الحداثية» و«ما بعد الحداثية» ،وشعارهم الحرية التي هي المطلب الأساسى لكل فنان ثورى .وقد تحقق شعارهم بإرادتهم، التي تحول كل ما تتناوله أيديهم ومخيلتهم، مهما بدا عادياً، حتى ولو كان من «النفايات»،إلى تحف فنية مدهشة ،تعكس أبعاداً إنسانية،وتتحدى أى قمع يقف في سبيل الانطلاق نحو آفاق الخيال بعفوية، لاكتشاف المختبئ «وراء الأقنعة» ولا تقبل الانغلاق على النفس، أوالوقوع في أسر فكر عقيم لا يثمر.إنما الفكر التقدمى الذي تبنته التربية الفنية على مر تاريخها في مصر أساسه التفاعل المستمر مع كل ما تجود به «الاتجاهات الحديثة» في علم الجمال، ونظريات التعبيرالفنى ، والمفاهيم التربوية المعاصرة ،والأساليب النقدية والمفاهيمية والتركيبية التقدمية .وعندما يعثر الزائر لمثل هذه النوعية من المعارض، على تميزات قوية وعلى صور تبعث على التفكر وتهز المشاعر، فإن الفضل قطعاً للمبادئ التقدمية التي أرستهاالأجيال من الفنانين التربويين التقدميين.

وصلات خارجية

موسوعات ذات صلة :