الرئيسيةعريقبحث

التغييرات الاجتماعية الأولى في العصر النبوي


☰ جدول المحتويات


حدث العديد من التغيرات في عهد النبي وبعد وفاته تحت ظل الإسلام عموما.

وقد اتفق المؤرخون بصفة عامة سواء المسلمين منهم أو غير المسلمين من المستشرقين ان في عهد النبي والخلفاء الراشدين حدث تغيرات في جميع المجالات مثل الضمان الاجتماعي وبنية الاسرة والعبيد وحقوق النساء

وعلى سبيل المثال يقول المؤرخ لويس برنارد Lewis Bernard حيث قال:

من اول امتيازات الإسلام هي إلغاء الأرستقراطية ، ورفض التسلسل الهرمي بين البشر، وأصبحت صيغة المهنة معتمدة على المواهب لا على الوسائط


ويمكن يرى هذا في العديد من الامثلة في التاريخ الإسلامي، فعلى سبيل المثال اعتمد النبي على بلال في ان يكون مؤذن رسول الله لحسن صوته وقد كان منبوذا في عهد العبودية قبل الإسلام لانه عبد حبشي اعجمي لكن رسول الله كرمه.

ونرى مثلا اخر في اعتماد النبي على المواهب فمثلا اعتمد على أسامة بن زيد على قيادة المسلمين ضد الروم ، فقد ولاَّه النبي -على صغر سنِّه- قيادة جيش المسلمين المتوجه لغزو الروم في الشام، وقال له:

روي عن العديد من الصحابة أن رسول الله قال:

" ان رسول الله قال لأسامة بن زيد

يا أسامة ، سر على اسم الله وبركته حتى تنتهي إلى مقتل أبيك، فأوطئهم الخيل، فقد وليتك على هذا الجيش، فأغر صباحًا على أهل أُبْنَى وحرق عليهم، وأسرع السير تسبق الخبر، فإن أظفرك الله فأقلل اللبث فيهم، وخذ معك الأدلاء، وقدم العيون أمامك والطلائع صحيح البخاري

"

ثم عقد الرسول لأسامة اللواء، ثم قال: «امض على اسم الله». وقد اعترض بعض الصحابة على ولاية هذا الغلام على المهاجرين الأولين، ولما علم رسول الله بذلك، غضب غضبًا شديدًا، فخرج وقد عصب على رأسه عصابة وعليه قطيفة ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:

روي عن العديد من الصحابة في صحيح البخاري:

" أما بعد، يا أيها الناس، فما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة بن زيد؟ والله لئن طعنتم في إمارتي أسامة لقد طعنتم في إمارتي أباه من قبله، وايم الله إن كان للإمارة لخليقًا، وإن ابنه من بعده لخليق للإمارة، وإن كان لمن أحب الناس إليَّ، وإن هذا لمن أحب الناس إليَّ، وإنهما لمخيلان لكل خير، فاستوصوا به خيرًا؛ فإنه من خياركم "

ويوجد امثلة عديدة كما سوف نستعرض.

بداية ظهور الإسلام

كانت الجزيرة العربية قبل ظهور الإسلام مجموعة من القبائل العربية والبدو الرحل ينتظمون في قبائل. ويعتبر الولاء للقبيلة وتحالفاتها الأساس في تنظيم المجتمع العربي (مفهوم العصبية). كانت الغالبية العظمى تدين في مكة بالوثنية إضافة للديانة اليهودية في يثرب والمسيحية في نجران ونجد ، وكانت مكة مركزا دينيا يؤمه العرب من كل صوب لأداء الحج إلى البيت الحرام الذي بناه إبراهيم.

في هذا الجو ظهر محمد ليجهر بالإسلام الذي نادى فيه بتوحيد الله والمساواة بين السادة والعبيد وتحريم وئد البنات وغيرها من التعاليم .واثناء هذا غضب ساده مكة واضطهدوا الرسول واتباعه اضطهادا شديدا حتى هاجر إلى المدينة المنورة.

وقد كتب لويس برنارد عن أهمية الانجازات التي قدمها محمد (ص) فقال:

«وكان محمد قد حقق قدرا كبيرا من النجاح، فقد حول العرب من الوثنية إلى التوحيد وأيضا المعايير الاخلاقية اصبحت على مستوى اعلى بكثير بما لا يقاس على وثنيتهم القديمة ، وفي القرون المتتابعة بعد ذلك كون ملايين لا تحصى من المؤمنين ،لكنه فعل اكثر من ذلك فقد وضع مجتمع ودولة منظمة تنظيما جيدا بالاضافة إلى القوة العسكرية المهيبة [1] »

دستور المدينة المنورة

بعد هجرة النبي وضع الدستور المعروف باسم ميثاق المدينة المنورة ويعتبر هذا الميثاق اتفاق رسمي بين النبي وجميع القبائل المتواجدة بثيرب والاسر الكبيرة، بما في ذلك المسلمون واليهود والوثنيين، وكان من ضمن ما نصت عليه تلك الوثيقة ردئ الصراع بين الأوس والخزرج ووضع عدد من الحقوق والواجبات لأفراد المجتمع من مسلمين ويهود ووثنيين، وكان نص ميثاق صحيفة المدينة كما يلي

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا كتاب من محمد النبي (رسول الله) بين المؤمنين والمسلمين من قريش وأهل يثرب ومن اتبعهم فلحق بهم وجاهد معهم.

إنهم أمة واحدة من دون الناس.

المهاجرون من قريش على ربعتهم يتعاقلون بينهم وهم يفدون عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين.

وبنو عوف على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدى عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين.

وبنو الحارس (من الخزرج) على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدى عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين.

وبنو سعادة على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدى عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين.

وبنو جشم على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدى عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين.

وبنو النجار على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدى عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين.

وبنو عمرو بن عوف على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدى عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين.

وبنو النبيت على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدى عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين.

وبني الأوس على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدى عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وأن المؤمنين لا يتركون مفرحاً بينهم أن يعطوه بالمعروف في فداء أو عقل. وأن لا يخالف مؤمن مولى مؤمن دونه.

وأن المؤمنين المتقين أيديهم على كل من بغى منهم أو ابتغى دسيعة ظلم أو إثماً أو عدواناً أو فساداً بين المؤمنين، وأن أيديهم عليه جميعاً ولو كان ولد أحدهم.

ولا يقتل مؤمن مؤمناً في كافر ولا ينصر كافراً على مؤمن.

وأن ذمة الله واحدة يجير عليهم أدناهم، وأن المؤمنين بعضهم موالي بعض دون الناس.

وأنه من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصر عليهم.

وأن سلم المؤمنين واحدة لا يسالم مؤمن دون مؤمن في قتال في سبيل الله إلا على سواء وعدل بينهم.

وأن كل غازية غزت معنا يعقب بعضهم بعضاً.

وأن المؤمنين يبئ بعضهم عن بعض بما نال دماؤهم في سبيل الله.

وأن المؤمنين المتقين على أحسن هدى وأقومه.

وأنه لا يجير مشرك مالاً لقريش ولا نفساً ولا يحول دونه على مؤمن.

وأنه من اعتبط مؤمناً قتلاًَ عن بينة فإنه قود به إلا أن يرضى ولى المقتول (بالعقل)، وأن المؤمنين عليه كافة لا يحل لهم إلا قيام عليه.

وأنه لا يحل لمؤمن أقر بما في هذه الصحيفة وآمن بالله واليوم الآخر أن ينصر محدثاً أو يؤويه، وأنه من نصره أو أراه فإن عليه لعنة الله وغضبه يوم القيامة ولا يؤخذ منه صرف ولا عدل.

وأنكم مهما اختلفتم فيه من شيء فإن مرده إلى الله وإلى محمد.

  • * *

وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين.

وأن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين لليهود دينهم وللمسلمين دينهم مواليهم وأنفسهم إلا من ظلم أو أثم فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته.

وأن ليهود بني النجار مثل ما ليهود بني عوف.

وأن ليهود بن الحارث مثل ما ليهود بني عوف.

وأن ليهود بني ساعدة مثل ما ليهود بني عوف.

وأن ليهود بني جشم مثل ما ليهود بني عوف.

وأن ليهود بني الأوس مثل ليهود بني عوف.

وأن ليهود بني ثعلبة مثل ما ليهود بني عوف إلا من ظلم وأثم فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته.

وأن جفته بطن من ثعلبة كأنفسهم.

وأن لبنى الشطبية مثل ما ليهود بني عوف وأن البر دون الإثم.

وأن موالى ثعلبة كأنفسهم.

وأن بطانة يهود كأنفسهم.

وأنه لا يخرج منهم أحد إلا بإذن محمد.

وأنه لا ينحجز على ثأر جرح، وأنه من فتك فبنفسه وأهل بيته إلا من ظلم وأن الله على أبر هذا.

وأن على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم، وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة، وأن بينهم النصح والنصيحة والبر دون الإثم.

وأنه لا يأثم أمره بحليفه وأن النصر للمظلوم.

وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين.

وأن يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة.

وأن الجار كالنفس غير مضار ولا آثم.

وأن لا تجار حرمة إلا بإذن أهلها.

وأنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده فإن مرده إلى الله وإلى محمد رسول الله ()، وأن الله على أتقى ما في هذه الصحيفة وأبره.

وأن لا تجار قريش ولا من نصرها.

وأن بينهم النصر على من دهم يثرب.

وإذا دعوا إلى صلح يصالحونه ويلبسونه فإنهم يصالحونه ويلبسونه، وأنهم إذا دعوا إلى مثل ذلك فإنه لهم على المؤمنين إلا من حارب في الدين.

على كل أناس حصتهم من جانبهم الذي قبلهم.

وأن يهود الأوس مواليهم وأنفسهم لأهل هذه الصحيفة مع البر المحض من أهل هذه الصحيفة، وأن البر دون الإثم لا يكسب كاسب إلا على نفسه وأن الله على أصدق ما في هذه الصحيفة وأبره.

وأنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم أو آثم، وأنه من خرج آمن ومن قعد آمن بالمدينة إلا من ظلم أو آثم، وأن الله جار لمن بر واتقى.(محمد رسول الله) .[2]


وفي تلك الحقبة انشأ النبي أول دولة إسلامية من حيث الدستور والحقوق الاجتماعية والحرية الدينية وأمن النساء والاطفال واستقرار العلاقات القبلية في المدينة المنورة، وتحديد النظام الضريبي لدعم المجتمع، وايضا دفاع القبائل عن بعضهم البعض على عكس ما كانوا قبل الإسلام يصارعون بعضهم بعض.

التغيرات الاجتماعية

لقد حارب محمد الشر الاجتماعي الموجود في مجتمعه كما وضح ذلك وليام لانجر والمؤلفون الأخرون لكتاب موسوعة تاريخ العالم فقد وصفوا محمد بهذا الوصف وكما سوف يتضح.[3]

تطبيقه العملي

يرى الدكتور جون إسبوسيتو ان النبي استطاع تغيير العادات الهمجية العربية مثل الوثنية ووأد البنات والربا واستغلال الفقراء وعدم الوفاء بالعقود والزنا والسرقة، ثم يقول أيضا ان محمد كان لديه اصرار على ان يكون كل شخص مسئولا شخصيا لا على القوانين العرفية القبلية لكن على القانون الإلهي الأسمى، وان محمد اعلن برنامج شامل للإصلاح الديني والاجتماعي.[4]

الضمان الاجتماعي

يقول وليام مونتجومري وات (William Montgomery Watt)‏ أن محمدا كان مصلحا اجتماعيا وأخلاقيا على حد سواء. وأكد أن محمد خلق "نظام جديد للأمن الاجتماعي وبنية الأسرة على حد سواء، وكان هذا قد تحسن كثير على ما كان من قبل. وكان هذا من خلال اتخاذ ما هو الأفضل في الأخلاق وتكييفها لاستقرار المجتمعات، وقد أسس محمد الإطار الديني والاجتماعي لرفع مستوى الحياة للأفضل.[4]

حقوق النساء في العهد النبوي

أنظر أيضا المرأة في الإسلام

يقول الدكتور حامد الرفاعي لقد اختص الإسلام المراة بامتيازات عن الرجل تقديرا واكراما لها، مقابل ما كلفها به من امرين عظيمين جليلين تتحمل مسؤوليتها العظيمة الرفيعة وهي :[5]

  • تحملها مهمة اعداد نفسها لتكون سكنا معنويا وروحيا وحسيا لزوجها ياوي اليها، يغسل في ظلال انوثتها ورحاب نفسها وغزارة عواطفها المتميزة بالرحمة والمودة ادران ومتاعب وهموم كدحه وكفاحة في ميادين ما كلف به من واجبات لم تكلف بها المراة ، في قول الله تعالى : ﴿ وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ۝ 
  • تحملها اعباء الحمل ومخاطره ومشقة الولادة والأمهات، ومسؤوليات الأموية في حضانة الأطفال وتنشئتهم، ومتابعة تربيتهم واعدادهم لتحمل مسؤولياتهم تجاه تكاليف الحياة التي تنتظرهم ... وانها لا شك مسؤولية تتصاغر امامها اية مسؤولية اخرى
  • مقابل هذين الامرين العظمين والمهمتين الجليلتين فقد اختص الإسلام المرأة بامتيازات عن الرجل ، بان خفف عنها بعض الأعباء دون انتقاص من حقوقها أو حقوق الزوج .. نذكر منها :
  1. لقد اعفى الإسلام المرأة من اعباء القيادة العليا ومسؤولياتها وتبعاتها في تصريف شؤون الحياة، وجعل ذلك العبء ومسؤولياته على عائق الرجل، وله ان يستعين بالمراة ما امكانها ذلك وبرغبتها متطوعة في ذلك من دون ارهاق لها أو تحميلها ما لا تطيق، كما هو في قول الله تعالى :( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ..) 34 النساء
  2. الإسلام المرأة من واجبات فريضة الحرب والقتال وجعل ذلك من واجبات الان رجال ومسؤولياتهم، دون ان تحرم النساء من رغبة المشاركة في الجهاد واباحته لهن اد أردن ذلك، من غير تحمل أي مسؤولية بسبب التقصير أو عملهن في ذلك تطوعي ليس بواجب
  3. خفف الإسلام عن المراة عبء مسؤولية الشهادة امام القضاء فجعل مسؤوليتها في ذلك نصف مسؤولية الرجل إذا تخلفت عن الشهادة أو نسيت مضمونها، بينما حمل الرجل كامل المسؤولية في ذلك كما في قول الله تعالى : (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى) 282 البقرة .. اما في الحالات الخاصة التي تمس مسؤوليتها في تحديد المولود ونسبة، فقد جعل مسؤوليتها في الشهادة في هذا الأمر مسؤولية كاملة من دون مشاركة لأحد معها من الرجال أو النساء في تقرير هذا الأمر العظيم الذي تترتب عليه أحكام المواريث والأنساب وغيرها، وهذه ثقة كبرى بالمرأة في التشريع الإسلامي .
  4. أعفى الإسلام المرأة من تكاليف النفقة في الحياة الزوجية، وجعل هذا العبء بكامله من مسؤولية الزوج فحسب، ابتداء من مهر الزوج وتكاليفه إلى تكاليف المنزل ومتطلبات الزوجة والأولاد، دون المساس بأموال الزوجة وممتلكاتها الشخصية التي لا يحق للرجل أن يطالبها بشيء منها، فإن فعل فإنما هو اعتداء واغتصاب لحق الغير، وهكذا فإن الإسلام أعطى للمرأة امتيازا ماليا غير عادي على الرجل.
  5. إن الإسلام مثلما اختص المرأة بامتيازات كثيرة مكافأة وتقديرا لها على المهام الأساسية الكبرى التي كلفها بها، فقد اختص الرجل بامتياز في حالة من حالات الإرث وذلك تقديرا وإنصافا له، مقابل ما كلفه من تحمل كامل لمسؤولية الإنفاق على الزوجة وغيرها من الأب والأم والأخوات وكل ذي رحم .
  6. وهكذا نجد أن الإسلام قد أقام علاقة تكاملية بين حقوق وواجبات الرجل والمرأة مع امتيازات خاصة بالمرأة تقديرا وتعظيما لمهمتها الإنسانية العظيمة.

ومنح الإسلام الأم من التكريم والتبجيل أكثر مما هو للرجل حيث أمر رسول الله محمد بصحبة «أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك» عندما سأله سائل من أولى الناس بصحبته، وفي حديث آخر «الجنة تحت أقدام الأمهات»

كما أوصى في نهاية خطبة الوداع بمراعاة حقوق النساء. ومن أطول سور القرآن سورة النساء التي تنص على قواعد يجب مراعاتها في معاملات متعلقة بالنساء.

حقوق الطفل

الطفل في الإسلام هو من لم يبلغ الحلم حد البلوغ ، ولا يتجاوز سنة الخامسة عشر. أما تحديد عمره بما لا يتجاوز الثامنة عشرة كما في وثيقة حقوق الطفل الدولية، فترى أن هذا التحديد غير صحيح، وربط الإسلام سنّ الطفولة بالبلوغ أحفظ للطفل والمجتمع والدولة.[6]

لقد سبق النبي صلى الله عليه وسلم، منظمات حقوق الطفل بأربعة عشر قرنا من الزمان، حيث قرر للطفل من الحقوق والمميزات مالا ينكر فضله الا جاحد أو مكابر، فقد روي عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "كما أن لوالديك عليك حقا، كذلك لولدك".[6]

ومن الحقوق النبوية للطفل ما يلي: حق الطفل في أبوين كريمين [6]

وهذا حق قرره النبي صلى الله عليه وسلم للطفل قبل أن يولد، وقبل أن يرتبط أبوه بأمه. فحسن اختيار كل من الزوجين الآخر حق من حقوق الطفل في الإسلام، كما قال النبي : " تنكح المرأة لأربع:لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك". وقوله : " إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، الا تفعلوا تكن فتنة في الارض وفساد كبير" .وقوله : " تخيروا لنطفكم فأنكحوا الأكفاء، وأنكحوا اليهم".[6]

حق الطفل في إثبات نسبه

للطفل الحق في التمتع بنسبه الصحيح، وليس لأحد حرمانه من ذلك لمجرد شبهة عرضت اليه. فقد جاء رجل إلى النبي فقال: ان امرأتي ولدت غلاما أسودا، واني أنكرته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" هل لك من إبل؟" قال: نعم. قال:" فما ألوانها؟" قال: حمر. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" هل فيهن من أورق؟" أي مائل إلى السمرة قال الرجل: ان فيها لورقا. قال النبي صلى الله عليه وسلم:" فأنى ترى ذلك جاءه؟" قال الرجل: يا رسول الله عرق نزعها. فقال النبي:" ولعل هذا عرق نزعه". [6]

ان مواثيق حقوق الطفل الدولية لم تشر إلى حق الطفل في أن يكون نتيجة علاقة طبيعية بين رجل وامرأة، وهذه العلاقة الشرعية هي الزواج التي تكفل للطفل حياة كريمة، وتلزم والديّ هذا الطفل برعايته والعناية به والانفاق عليه.[6]

وكان من نتاج إهمال هذا الجانب المهم أن أهدرت حقوق ملايين الأطفال اللقطاء في العالم، لأن هذه المواثيق لم تجعل للأسرة المحضن والراعي الأساس للطفل أي مكانة أو قيمة.[6]

حقوق العبيد أو الرق

شجع النبي محمد أتباعه على عتق العبيد حتى لو إضطروا لشرائهم أولاً. أمر محمد أصحابه في مناسبات عديدة أن يحرروا عدد كبير من العبيد. حرر محمد شخصياً 63 عبداً وزوجته عائشة اطلقت سراح 67 عبد أيضا. ومجموع العبيد الذين أطلقهم محمد واصحابه رضي الله عنهم 39,237 عبداً.[7]

ومن أبرز من حررهم محمد(ص) : صفية بنت حيي بن أخطب (التي أفرج عنها ثم تزوجها) ومارية القبطية (التي أرسلها له مسؤول بيزنطي) وسيرين (أخت ماريا التي حررها محمد ثم زوجها للصحابي حسان بن ثابت وزيد بن حارثة (الذي أطلقه محمد ثم تبناه).[7]

التغيرات الإقتصادية

كتب مايكل بونر (Michael Bonner) عن (محاربة القرآن للفقر) حيث قال:

القرآن قدم مخططا لنظام جديد في المجتمع، والذي به سيعامل الفقراء أفضل من قبل . هذا قد سميته بنفسي " اقتصاد الفقر " وقد سادت في النظرية الإسلامية وممارسة حتى القرن الثالث عشر والرابع عشر . وقبله كان مفهوم الملكية تعميم وتنقيته ، في جزء منه ، من خلال جمعية خيرية ، والذي يوضح ان طريقة الإسلام متميزة في تصور الخيرية ، والكرم ، والفقر اختلف اختلافا كبيرا عن " مفهوم المسيحي المعاملة بالمثل الدائمة بين الأغنياء والفقراء والمثل الأعلى للخيرية تعبيرا عن حب المجتمع " . يحظر القرآن النوع السيء من تداول الربا ، (وغالبا ما تفهم على أن الربا هي الفائدة) ويحفز على طرق التداول الجيدة (الزكاة والبيوع) وغيرها ، مثل الأيتام ، والآباء ، والمساكين . والمصطلح الأكثر شيوعا هو ثالوث الفقراء ، والمساكين، وابن السبيل [8].


مصادر

  1. Bernard Lewis, Arabs in History, p.45-46
  2. ميثاق المدينة المنورة
  3. Encyclopedia of World History (1998), p.452, Oxford University Press
  4. Nancy Gallagher, Encyclopedia of Women & Islamic Cultures, Infanticide and Abandonment of Female Children
  5. كتاب : الإسلام... وتكريم المرأة () تأليف : الدكتور حامد الرفاعي - الناشر : مؤتمر العالم الإسلامي 1426 هـ .
  6. https://web.archive.org/web/20200423170754/http://www.essahraelhora.info/body1.asp?field=islamic&id=133. مؤرشف من الأصل في 23 أبريل 2020.
  7. ^ Aydin, p.17 (citing Ibn Abdilberr, İstîâb, IV, p. 1868; Nawavî, Tahzib al Asma, I, p. 162; Ibn al Asîr, Usd al Ghâbe, VI, p. 160)
  8. Michael Bonner, "Poverty and Economics in the Qur'an", Journal of Interdisciplinary History, xxxv:3 (Winter, 2005), 391–406

موسوعات ذات صلة :