التقلبات متعددة الثقافات هي الاختلافات الثقافية التي تواصل الظهور مرة أخرى على الرغم من الجهود المتعددة التي تبذلها المجموعات المهيمنة للتأقلم مع ثقافات الأقلية. فمجرد وجودها يتحدى الممارسات المهيمنة داخل الهوية الوطنية السائدة ويخلق خطابًا بديلاً وفقًا لبارنور هيس.[1] وغالبًا ما ترفض المفاهيم التقليدية لتعريف الهوية الوطنية والثقافات المتضمنة في هذا التعريف إدماج ثقافات الأقليات والأعراق أو تعجز عن القيام بذلك. تتحدى التقلبات جوانب التعددية الثقافية التي تميل إلى محاولة دمج الاختلافات الثقافية في هوية وطنية واحدة. وتعد التقلبات نتيجة لمثل هذه الممارسات، التي تحجب تعريف الهوية الوطنية، لتسليط الضوء على "حقيقة أن العنصرية [يمكن] أن تكون سمة متأصلة للهوية الوطنية".[1] والتقلبات هي استجابة لرؤية الثقافة المهيمنة لغيرها من الثقافات على أنها أقل درجة. وتكون التقلبات "مزعجة ومقلقة" بالنسبة للهوية الوطنية "لأن أي اعتراف بحدوثها أو أهميتها ضمن الخطاب يهدد تماسك هذا الخطاب أو صحته".[1] وبالتالي، فقد يتم البدء في إعادة النظر في الهوية الوطنية مع مراعاة الممارسات المهيمنة التي تحتويها.
التعددية الثقافية مقابل التعدد الثقافي
من أجل فهم التقلبات متعددة الثقافات، يجب التمييز بين التعدد الثقافي والتعددية الثقافية. التعددية الثقافية هي نظام سياسي للخطاب تتميز بإدماج الاختلافات والأعراق المتنوعة في هوية وطنية واحدة مفردة ومطلقة.[2] وقد ناقشها ستيورت هول باعتبارها طريقة "لإدارة التنوع".[3] ومع ذلك، فكما لا يوجد نموذج واحد "صحيح" للإدارة، لا يوجد نظرية أو رأي واحد محدد للتعددية الثقافية. وقد تم وصف بعض النماذج المختلفة من التعددية الثقافية بأنها "محافظة"، و"ليبرالية"، و"تعددية".[1] وينبع كل نموذج من هذه النماذج من منظور سياسي مميز ورؤية للثقافات المختلفة على أنها تمتلك تأثيرًا إيجابيًا أو سلبيًا على المجتمع. وتقر التعددية الثقافية السائدة بالثقافات المختلفة المقدمة ولكنها تحاول دمجها في جنسية مفردة لا تشارك في الاختلافات الثقافية ولكنها تمحيها.[1] وعلى الجانب الآخر، يشير مصطلح التعدد الثقافي إلى الاختلافات الثقافية الواقعية أو "السمات الاجتماعية لأي مجتمع غير متجانس ثقافيًا".[4] ولأن التعدد الثقافي يشير إلى الاختلافات الثقافية، فقد أصبح تلقائيًا يرتبط بالتعددية الثقافية. ووجود اختلافات ثقافية يتحدى محاولات التعددية الثقافية في إدارة التنوع. وهكذا، وبهذا المعنى، يمكن للفرد فهم التقلبات متعددة الثقافات باعتبارها تحديات تواجه النموذج الوطني الفردي للتعددية الثقافية من خلال التناقضات متعددة الثقافات.
أمثلة
الإكوادور
يقول جون موتيبا ماهيير إن أداء منتخب الإكوادور لكرة القدم، الذي كان يتكون من لاعبين معظمهم إكوادوريين من أصل إفريقي، في بطولة كأس العالم عام 2006، كان تقلبًا نحو الخطاب العنصري الوطني. تم تحدي الهوية المستيزونية الوطنية الشعبية في الإكوادور، وهي شكل من أشكال التعددية الثقافية التي تسعى إلى إدماج جميع الأعراق في هوية وطنية واحدة، مع الظهور الواضح لهؤلاء اللاعبين السود باعتبار أنهم أصبحوا شخصيات تمثيلية بارزة للدولة من خلال نجاحهم الرياضي. فقد ظهر الإكوادوريون من أصل أفريقي، الذين عادةً ما كانوا مكونًا مهمشًا وأحيانًا غير مرئي للهوية الإكوادورية، فجأة في صدارة الوعي الوطني. فقد "اهتز، لبعض الوقت، النظام العنصري الإكوادوري وأساس المفاهيم التقليدية للهوية الوطنية وما يرافقها من بناء الإكوادوريين السود كما فعل غيرهم في نهاية المطاف".[5] وعلى الرغم من أن نجاحهم الرياضي لم يغير في النهاية العلاقات العرقية في البلاد، إلا أنه قد أبرز الخطاب العرقي والعنصرية وبناء الهوية الوطنية الإكوادورية، وهو الأمر الذي عادةً ما كانت تحجبه المفاهيم الشعبية للمستيزونية.[5]
أيرلندا
كما ذُكر في المقال الذي كتبته سوزانا تشان، قررت مؤسسة التعاون الصيني ومقرها بلفاست إنشاء مكانين محددين للشتات الصيني. كان أحدهم مسكنًا للصينيين المسنين والآخر كان مركزًا للموارد والمجتمع. كان هناك خلاف على الموقع المقترح للمركز في منطقة دانجول باس التي يقطنها غالبية بروتستانتية، من جانب البعض الذين شعروا أن المركز سيؤدي إلى المزيد من التفرقة داخل المجتمع وسيلحق الضرر باستخدام المركز المجتمعي المحلي من بين أمور أخرى.[4] وكان من أهم الأمور المثيرة للقلق أن هذا الموقع سيؤدي إلى المزيد من التحول في الهوية المحلية من "أرض الرب الصغيرة" البروتستانتية إلى "البلدة الصينية بلفاست".[4] وعلى الرغم من بناء المركز في النهاية في موقع آخر، فقد تم إنشاء الخطاب من خلال الاقتراح الذي قدم تقلبًا متعدد الثقافات لأنه شكل سعيًا نحو "المكان العرقي"، متحديًا المفهوم البريطاني الخاص "بالمكان المحايد".[4] وقد قلب المشروع المفاهيم المهيمنة للهوية البروتستانتية المحلية، وكذلك الهوية البروتستانتية الوطنية والكاثوليكية من خلال إبراز المطالبات الصينية بأماكن ثقافية مشروعة ومعترف بها اجتماعيًا.
المراجع
- Hesse, Barnor. Un/Settled Multiculturalisms: Diasporas, Entanglements, 'Transruptions' London; New York: Zed, 2000. Print.
- Rahier, Jean Muteba. “Race, Fútbol, and the Ecuadorian Nation: the Ideological Biology of (Non-)Citizenship.” Hemispheric Institute of Performance and Politics. Hemispheric Institute of Performance and Politics, 2009,2010. Web. 18 Apr. 2010.
- Chan, Suzanna. “'God's Little Acre' and 'Belfast Chinatown': Cultural Politics and Agencies of Anti-Racist Spatial Inscription.” Translocations 1.1 (2006): 56-75.
- Chan, Suzanna. “'God's Little Acre' and 'Belfast Chinatown': Cultural Politics and Agencies of Anti-Racist Spatial Inscription.” Translocations 1.1 (2006): 56-75. Print.
- Rahier, Jean Muteba. “Race, Fútbol, and the Ecuadorian Nation: the Ideological Biology of (Non-)Citizenship.” Hemispheric Institute of Performance and Politics. Hemispheric Institute of Performance and Politics, 2009,2010. Web. 18 Apr. 2010. <http://hemi.nyu.edu/hemi/en/e-misferica-52/rahier - تصفح: نسخة محفوظة 8 مايو 2012 على موقع واي باك مشين.>.