يغطي التمويل السياسي جميع الأموال التي تُجمع وتُنفق لأغراض سياسية. تشمل هذه الأغراض جميع المنافسات السياسية على تصويت المواطنين، لا سيما الحملات الانتخابية لشغل مختلف المناصب العامة التي تديرها الأحزاب والمرشحون. علاوة على ذلك، تدير جميع الديمقراطيات الحديثة مجموعة متنوعة من المنظمات الحزبية الدائمة، كاللجنة الوطنية الديمقراطية واللجنة الوطنية الجمهورية في الولايات المتحدة أو مكتب المحافظين المركزي ومقر حزب العمال («جون سميث هاوس» و«برج ميلبانك») في المملكة المتحدة. يستلزم اعتبار الميزانيات السنوية لهذه المنظمات كتكاليف للمنافسة السياسية أيضًا. في أوروبا، كثيرًا ما يُستخدم مصطلح الحلفاء «تمويل الحزب». يشير المصطلح فقط إلى الأموال التي تُجمع وتُنفق من أجل التأثير على نتائج نوع ما من المنافسة الحزبية. ما زالت مسألة إدراج أغراض سياسية أخرى، كحملات العلاقات العامة التي تقوم بها جماعات الضغط، مسألة غير محسومة. يشير النطاق المحدود للأغراض السياسية (الحملات والنشاط الحزبي) إلى أن مصطلح «تمويل الحملة» (الذي يُستخدم كعنوان لهذا الموضوع في كتالوجات مكتبة الكونغرس) ضيق للغاية، إذ لا يغطي جميع الأموال المستخدمة في العملية السياسية.[1]
المصروفات المخصصة للعمل السياسي
يمكن أن تكون المصروفات المخصصة للعمل السياسي ما يلي:
● الحملات الانتخابية التي ينظمها المرشحون أو لجان المرشحين أو جماعات الضغط أو الأحزاب السياسية.
● التنافس على الترشيح أو إعادة اختيار المرشحين البرلمانيين.
● أنشطة تدريب الناشطين في الأحزاب، وشاغلي المناصب أو المرشحين.[2]
● تطوير السياسات من جانب الأحزاب أو الهيئات ذات الصلة بالأحزاب.
● العمليات الحالية للمنظمات الحزبية على المستوى الوطني أو الإقليمي أو المحلي.
● بذل الجهود لتثقيف المواطنين بشأن المبادرات الشعبية أو قضايا الاقتراع أو الاستفتاءات.
في أغلب الأحيان وفي معظم البلدان، تكون الأحزاب (المقر الرئيسي والفروع الرئيسية والفروع المحلية) المنظمات التي تجمع الأموال وتنفقها لأغراض سياسية. ينفق مقر الحزب على العلاقات العامة، والإعلام (بما في ذلك اللوحات الإعلانية)، ومقابل خبرة الخبراء الاستشاريين والمكاتب. تغطي فروع الأحزاب المحلية (كالدوائر الانتخابية أو الاتحادات القيادية)، التي تعتمد على المتطوعين (الناشطين في الحزب)، رسوم الاتصالات والبريد فضلًا عن إيجار وتدفئة المكاتب، والتي تُستخدم كمراكز للنشاط السياسي.[3]
مصادر التمويل
يمكن جمع الإيرادات السياسية من صغار المانحين أو من فرادى المواطنين («جمع التبرعات الشعبية»)، الذين يقدمون مساهمات صغيرة أو يدفعون رسوم العضوية في الحزب، ومن الأثرياء، ومن المنظمات بما في ذلك الشركات، وجماعات الضغط، والمنظمات المهنية، والنقابات، ومن التقييمات الضريبية لأصحاب المناصب (تسمى «ضريبة الأحزاب»)، ومن الإعانات الحكومية، أو من الأنشطة غير المشروعة عمومًا، بما في ذلك الكسب غير المشروع، والانتفاع من السياسيين أو المناصب، أو المكانة أو اللقب، وابتزاز الأثرياء واستغلال النفوذ. صنف جي. إم. غيدلوند الخيارات المتاحة لجمع الأموال في ثلاث فئات: العضوية، والتمويل العام، والتمويل البلوتوقراطي. نظرًا إلى أن أهمية أعضاء الحزب المشتركين ومستحقاتهم يمكن أن تختلف فيما بين الديمقراطيات، فإن مصطلحات جمع التبرعات الشعبية، والتمويل البلوتوقراطي، والتمويل العام قد توفر إطارًا عامًا أكثر ملاءمة.[4][5]
جمع التبرعات الشعبية
يعتقد كثيرون أن مفهوم الحكم الشعبي (ديمقراطية فولغو)، كمفهوم معياري، ينبغي أن يتطلب من الناس، على نحو عام، أن يغطوا تكاليف ديمقراطيتهم. مع هذا، لا يمكن القيام بذلك إلا على أساس طوعي، لأن جميع أشكال المشاركة السياسية في الديمقراطية هي طوعية من حيث المبدأ. في أوقات الانتخابات يمتنع كثيرون عن التصويت. على نحو مماثل، يمتنع أغلب المواطنين أيضًا عن التبرع للخزائن السياسية.[6] مع ذلك، يعتقد الكثيرون أن جمع الأموال على نطاق واسع من المانحين الصغار هو الشكل المثالي للتمويل. ينبغي على القائمين بجمع التبرعات السياسية أن يحاولوا «استغلال قوة العطاء الكامنة لدى عموم الناس» وأن يبذلوا كل جهد ممكن لجمع «مبالغ كبيرة… من باقي النقود أو الفكة القليلة». ينطبق ذلك، بشكل خاص، على جميع الديمقراطيات التي تتمتع بمستوى معيشة مرتفع لأغلبية مواطنيها.
قد يشكل التمويل الشعبي بالنسبة للسياسة مصدرًا مهمًا للدخل السياسي (كما هو الحال في الولايات المتحدة وكندا وهولندا وسويسرا). غير أنه ليس مصدرًا ثابتًا وموثوقًا به. تتذبذب أعداد أعضاء الحزب، الذين يدفعون مستحقاتهم بانتظام، على مر الزمن كلما رغبت الأحزاب الديمقراطية في تجنيدهم. اليوم، حتى الأحزاب التقليدية ذات العضوية الجماهيرية في اليسار الديمقراطي (الاشتراكيون الديمقراطيون أو الأحزاب العمالية) تجمع أقل من ربع أموالها من القاعدة الشعبية. يعتمد جمع التبرعات الصغيرة اعتمادًا كبيرًا على المزاج الحالي لمشاعر الناس تجاه السياسة والسياسات والسياسيين. تتوافر مجموعة متنوعة من الطرق لجمع التبرعات الشعبية (عمليات اليانصيب على مستوى الدولة، ومحطات البريد المباشر، والتنافس بين الأقران، والتماس التبرعات عبر الإنترنت أو أبناء الحي، والمناسبات الاجتماعية على المستوى المحلي، وحتى ساحات المبيعات).[7] في خمسينيات القرن العشرين، كان التماس التبرعات بشكل شخصي (من الباب إلى الباب أو من مجموعة من الأقران) شائعًا على نحو عام. منذ ستينيات القرن العشرين، حل التليثون والمراسلات الجماعية المحوسبة محل التماس التبرعات بشكل شخصي. في السنوات الأخيرة، لعب التماس التبرعات عبر الإنترنت دورًا رئيسيًا.
التمويل البلوتوقراطي
في الماضي وفر الأرستقراطيون وأصحاب المشاريع الناجحون في الطبقات الحاكمة الأموال اللازمة للسياسة الديمقراطية. في وقت لاحق، وفرت جماعات الضغط وغيرها الأموال. رغم أن النقابات العمالية التي مولت أحزاب يسار الوسط كانت من بين موردي الأموال، فإن الأموال اللازمة للحملات الانتخابية جاءت من عدد صغير نسبيًا من كبار المانحين.[8]
في بعض الحالات، أساءت الأحزاب الحاكمة استعمال سلطاتها بالسعي وراء الريع. سعى البعض نحو الكسب غير المشروع للحصول على ترخيص أو خدمة، بينما سعى آخرون إلى الخصومات أو التخفيضات (في كيبيك) أو إلى الرشوة (في إيطاليا) لأغراض المشتريات العامة. في بعض الأحيان والأماكن، كان يتوقع من شاغلي المناصب (بمن فيهم أعضاء البرلمان والمشرعون والمستشارون) أن يدفعوا «تقييمًا ضريبيًا» على رواتبهم عن المناصب السياسية.
الإعانات الحكومية
بعد الحرب العالمية الثانية، وجد السياسيون ومن ضمنهم لويس مونيوث مارين في بورتوريكو، وجيرهارد شتولتنبرج في ألمانيا، وجان ليساج في كيبيك، وتاج إيرلاندر في السويد طريقة لوضع «تكاليف الديمقراطية» مباشرة على عاتق دافعي الضرائب.[9]
تقدم معظم الديمقراطيات الحديثة (بطريقة أو بأخرى) إعانات حكومية للنشاط الحزبي، عادة ما تكون نقدًا و/ أو بحرية الوصول إلى وسائل الإعلام العامة أو الخاصة. تُعد الهند وسويسرا من بين الاستثناءات الأبرز. قد تكون الإعانات العامة صغيرة نسبيًا (كما في المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية) أو سخية جدًا (كما في السويد وألمانيا وإسرائيل واليابان)، وعادة ما تكون جنبًا إلى جنب مع جمع الأموال من القطاع الخاص. عادة ما تتلقى المنظمات الحزبية والمجموعات البرلمانية (التجمعات الحزبية) والمرشحون الدعم العام (نقدًا أو عينًا).[10]
رغم أن الإعانات الحكومية أصبحت شائعة الآن في الديمقراطيات الغربية، فإن مثل هذه الإعانات تظل مثيرة للجدل. نظرًا إلى أن التمويل المناظر والإعفاءات الضريبية تتوقف على المساهمات المالية من فرادى المواطنين، فإن هذا الدعم يتلاءم مع الديمقراطية التشاركية أكثر من المنح الثابتة التي لا تتطلب جهودًا محددة من جانب منظمات جمع التبرعات.[11]
يقدم دافعو الضرائب على مستوى القارة الأوروبية والديمقراطيات غير الغربية (مثل إسرائيل واليابان) مبالغ للنشاط الحزبي أعلى من نظرائهم الأنجلوسكسونيين. تغطي العديد من المقار الحزبية في البلدان التي تتلقى إعانات مالية مرتفعة ما بين 40 و60 في المئة من ميزانيتها السنوية عن طريق المنح العامة. تتطلب مثل هذه المشاركة القوية من جانب دافعي الضرائب توخي أقصى قدر من الشفافية في التعامل مع الأموال السياسية.
المراجع
- see http://catalog.loc.gov - تصفح: نسخة محفوظة 2020-05-14 على موقع واي باك مشين.
- Examples from the 1976–80 election cycle are given by Adamany, David, 'Political parties in the 1980s'. In: Malbin, Michael J. (ed.), Money and politics in the United States. Chatham, NJ: Chatham House, 1984, pp. 80–81, 89. "نسخة مؤرشفة". Archived from the original on 14 مايو 202014 مايو 2020.
- R. Kenneth Carty, Canadian Political Parties in the Constituencies. Toronto: Dundurn Press, 1991, is an unmatched (nationwide) case study of local party organizations. "نسخة مؤرشفة". Archived from the original on 14 مايو 202014 مايو 2020.
- Gidlund, Gullan M., Partistöd (in Swedish with an English summary). Umea: CWK Gleerup, 1983, pp. 55, 353. "نسخة مؤرشفة". Archived from the original on 14 مايو 202014 مايو 2020.
- The only example documented in Paul Webb, David M. Farrell and Ian Holliday (eds.), Political Parties in Advanced Industrial Democracies. Oxford, UK: Oxford University Press, 2002, p. 127, is France. For details from other countries see Richard S. Katz and Peter Mair, Party organizations – a data handbook. London: Sage Publications, 1992. "نسخة مؤرشفة". Archived from the original on 14 مايو 202014 مايو 2020.
- Alexander Heard, The costs of democracy. Chapel Hill, NC: University of North Carolina Press, 1960, pp. 251, 250 (i.e. in reverse order). "نسخة مؤرشفة". Archived from the original on 14 مايو 202014 مايو 2020.
- For details see Herbert E. Alexander, Financing politics – money and political reform. 4th ed., Washington, DC: CQ Press, 1992, pp. 58–64, 73–5; W. T. Stanbury, Money in politics – financing federal parties and candidates in Canada. Toronto: Dundurn Press, 1991, pp. 213–24, 536–40; Ruud Koole, 'The modesty of Dutch party finance'. In: Alexander, Herbert E. (ed.), Comparative political finance in the 1980s. Cambridge, UK: Cambridge University Press: 1989, p. 206; Ruud Koole, 'Dutch political parties: Money and the message'. In: Herbert E., and Shiratori, Rei (eds.), Comparative political finance among the democracies. Boulder, CO: Westview Press, 1994, pp. 127–29; Ladner, Andreas, and Brändle, Michael, Die Schweizer Parteien im Wandel. Zürich: Seismo, 2001, p. 180. "نسخة مؤرشفة". Archived from the original on 14 مايو 202014 مايو 2020.
- Pinto Duschinsky, Michael, British political finance, 1830–1980. Washington, DC: American Enterprise Institute, 1981, pp. 52–8. "نسخة مؤرشفة". Archived from the original on 14 مايو 202014 مايو 2020.
- For some details see Wells, Henry, Government financing of political parties in Puerto Rico. Princeton, NJ: Citizens' Research Foundation, 1961, pp. 16–21; Adams, Karl-Heinz, Parteienfinanzierung in Deutschland. Marburg: Tectum Verlag, 2005, pp. 112–26; Angell, Harold M., Provincial party financing in Quebec. Lanham, MD: University Press of America, 1996, pp. 31–53; Walter, Hanfried, "Staatliche Parteienfinasnzierung in Schweden seit dem Reichstagsbeschluss vom 15. Dezember 1965". In: Zeitschrift des öffentlichen Rechts und Völkerrechts, 1966, vol. 26, no. 2, pp. 371–404. "نسخة مؤرشفة". Archived from the original on 14 مايو 202014 مايو 2020.
- For an overview see Casas Zamora, Kevin, Paying for democracy: political finance and state funding for parties. Colchester, UK: ECPR Press: 2005, pp. 30–1. "نسخة مؤرشفة". Archived from the original on 14 مايو 202014 مايو 2020.
- Michael Pinto-Duschinsky, 'It's their party, and we pay for it'. In: The Sunday Times, October 22, 2006; a brief compilation of pros and cons in: Casas-Zamora, Kevin, Paying for democracy: political finance and state funding for parties. Colchester, UK: ECPR Press: 2005, pp. 28–9. نسخة محفوظة 2020-05-14 على موقع واي باك مشين.