مسألة الحسن والقبح العقليين هي من المسائل المهمة في بحث العدل الإلهي الذي يعتبر من المواضيع الرئيسية في علم الكلام. و يراد بها أدراك العقل بذاته لحُسن بعض الأفعال وقبح بعضها.
علاقة العدل الإلهي بمسألة الحسن والقبح العقليين
إنّ العدل عند المتكلمين عبارة عن تنزّه الباري تعالى عن فعل ما لا ينبغي، وهذا أحد معاني الحكمة، فالعادل الحكيم هو الذي لا يفعل القبيح ولا يخلّ بالحسن، والتصديق بثبوت هذه الصفة للباري تعالى مبني على القول بالتحسين والتقبيح العقليين.
مسألة الحسن والقبح العقليين
يعتقد العدلية ( الإمامية و المعتزلة و غيرهم ) أن دور العقل في درك حسن وقبح الأفعال هو كالتالي:
- أوّلاً: أن العقل يدرك حسن وقبح بعض الأفعال بالضرورة والبداهة. مثال: حسن العدل وشكر المنعم والصدق النافع، وقبح الظلم وكفران المنعم والكذب الضار .
- ثانياً: أنه يدرك حسن وقبح بعض الأفعال بالتفكّر والتأمّل . مثال : كحسن الصدق الضار وقبح الكذب النافع.
- ثالثاً: أنه لا يدرك حسن وقبح جملة من الأفعال لا ضرورة ولا بالتفكّر والتأمّل، وبالتالي فلا يكون للعقل سبيل لمعرفة حسن وقبح هذه الأفعال إلاّ عن طريق تحسين وتقبيح الشارع كالعبادات. مثال : تحسين الشارع صوم شهر رمضان، وتقبيحه صوم يوم عيد الفطر.[1][2]
المعتقدون به
المذاهب الإسلامية المعتقده بمسألة الحسن والقبح العقلي، هي:
1.الإمامية: الذين يثبتون ذلك بصريح العقل وتأييده بآيات القرآن الكريم وأحاديث المعصومين، كقول الإمام جعفر الصادق: ( فبالعقل عرف العباد خالقهم، وعرفوا به الحسن من القبيح).
2.المعتزلة يقول الإيجي:(...العقـل عنـد الأشـاعرة لا يحسن ولا يقبح، فلا ثبوت ولا عقاب قبل ورود الشرع في حين آمنـت المعتزلـة بالحسـن والقـبح العقليـين، كمـاأن الماتريديـة اقتربـت مـن المعتزلـة في هـذا الصـدد بقـدر مـا ابتعـدت عـن الأشـعرية في منهجهـا الشـرعي للحسـن والقبح العقليين).[3] و أول من بحث هذه المسألة من أهل الكلام هو الجهم بن صـفوان، حـين وضـع قاعدته المشهورة (إيجاب المعارف بالعقل قبل ورود السمع ). واخذ بهذا القول المعتزلـة وبنو عليه أصلهم ووافقهم عليه الكرامية .[4]
قال أبو الهذيل العلاف:(ويجب على المكلف قبل ورود السمع أن يعرف الله تعـالى بالدليل من غير خاطر وإن قصر في المعرفة استوجب العقوبة أبدا ويجب ان أيضا حسـن الحسن وقُبح القبيح فيجب عليه الإقدام على الحسن كالصدق والعدل والإعراض عن القبيح كالكذب والفجور).[4].
4.الكرامية
المنكرون له
- الأشاعرة، و هم القائلون بأن الحسن والقبح شرعيان، ولا حكم للعقل في حُسْن الأَشياء وقبحها، فالحاكم بالحسن والقبح في جميع الأفعال إنما هو الشرع لا غير [5] و بالتالي لا حَسَنَ إلاَّ ما حسّنه الشارع، ولا قبيح الاَّ ما قبحه. فلو كان الظلم قبيحاً، فلأن الشارع نهى عنه، ولو كان العدل حَسَناً فلأنه أمَر به. ولو عكس وجعل العدل قبيحاً والظلم حَسَناً، لكان كما قال. و الأشعري، هو أوّل من قام بالبحث الكلامى في ردّ قاعدة التحسين والتقبيح العقليين.[6][7]
- الظاهريون، وهم أيضا من المنكرين للقاعدة، وهم من أهل الحديث والحنابلة من أهل السنّة.[8]
دليلهم
- أنّ العقل عاجز عن إدراك حسن الأفعال وقبحها.
- أيضا من الأدلة التي يستدل بها الأشاعرة على قولهم: إنّ الكذب كفعل قبيح عقلا قد يحسن فيما لو اشتمل على مصلحة عامة من قبيل إنقاذ نبي من يد ظالم .
وإنّ الصدق كفعل حسن عقلا قد يقبح فيما لو اشتمل على مفسدة عامة من قبيل هلاك نبي على يد ظالم.
فلو كان الحسن والقبح ذاتيين، لما زال هذا الحسن والقبح، وبالتالي فما حسن الكذب وقبح الصدق أبداً.
و أجاب المخالفين لهم
- إنّ قبح الكذب لا يزول أبداً .
و القول بحسن الكذب عند اشتماله على مصلحة عامة ليس لكونه كذباً، بل لاشتماله على المصلحة العامة، فيكون الحُسن للمصلحة العامة لا للكذب.
- إنّ حسن الصدق لا يزول أبداً .
و القول بقبح الصدق عند اشتماله على مفسدة عامة ليس لكونه صدقاً، بل لاشتماله على المفسدة العامة، فيكون القبح للمفسدة العامة لا للصدق .[9]
من أقوال العلماء في إثباته
من أقوال علماء الإمامية في إثبات هذه المسألة، قول أبوإسحاق ابن نوبخت والذي هو من علماء الكلام الأقدمين: (و الأفعال قد يستقلّ العقل بقبح بعضها دون بعض وبحسنه، كالظلم والإنصاف، والكذب والصدق).
قال العلاّمة الحلّي : "ذهبت الإمامية ومن تابعهم من المعتزلة إلى أنّ من الأفعال ما هو معلوم الحسن والقبح بضرورة العقل، ومنها ما هو معلوم بالاكتساب أنه حسن، أو قبيح، كحسن الصدق الضار، وقبح الكذب النافع. ومنها ما يعجز العقل عن العلم بحسنه أو قبحه فيكشف الشرع عنه كالعبادات".[10]
مؤلفات في الحسن والقبح العقليين
- رسالة في التحسين والتقبيح العقليين؛ لـجعفر السبحاني.
- العدل الإلهي، لـ مرتضى مطهري.
مواضيع ذات صلة
المصادر
- http://www.alhassoon.com/book/adl/2/ الحسون، علاء، العدل عند مذهب أهل البيت عليهم السلام
- العلامةالحلي،نهج الحق وكشف الصدق، ص 82 - 85
- سيدبي، جمال رجب، العقل والدين في النسق الكلامي
- خميس، مصطفى، الحسن و القبح العقليين عند المعتزلة
- شرف الدين، عبد الحسين، المراجعات، ص412
- المحاضرات - تصفح: نسخة محفوظة 07 ديسمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- http://almaaref.org/maarefdetails.php?subcatid=110&id=561&cid=1&supcat=1&bb=33&number=9 شبكة المعارف الإسلامية
- http://dlia.ir/paygah.e.m/mazaheb/a_books/kalam/26.htm پایگاه اطلاع رسانی مذاهب اسلامی
- الدليل الثاني للأشاعرة علي إنكار الحسن والقبح العقليّين - تصفح: نسخة محفوظة 05 أبريل 2018 على موقع واي باك مشين.
- العلامة الحلي، نهج الحق وكشف الصدق، ص 82 - 85