الشهادة اصطلاح إسلامي ويراد منه أن يقتل الإنسان في سبيل الله تعالى .وللشهيد في الإسلام مجموعة من الأحكام والسنن خاصة به من قبيل سقوط الغسل والكفن عمّن يستشهد في أرض المعركة حيث يدفن بملابسه. نعم، لا يشمل هذا الحكم الشهداء الذين يتوفون خارج ساحة المعركة، وكذلك الطبقات التي لها أجر الشهيد المذكورة في المصادر الروائية والفقهية والأخلاقية. وللشهادة مراتب فقد لقب الشهيد حمزة بن عبد المطلب عمّ النبي الأكرم بسيّد الشهداء ثم اطلق اللقب على الحسين بن علي بعد استشهاده يوم عاشوراء.
وجه التسمية
قيل إنّما سمّي الشهيد شهيداً لأنه مشهود له بالجنة بالنص أو لأن الملائكة يشهدون موته إكراما له ؛ أو لأنه شاهد على الأمم، أو لأن الله وملائكته شهود له بالجنة، أو لأنّه ممن يستشهد يوم القيامة على الأمم، أو لسقوطه على الشهادة وهي الأرض، أو لأنه حي عند ربه حاضر، أو لأنه يشهد ملكوت الله وملكه.[1]
الشهادة في القرآن الكريم
حظيت مفردة الشهيد والشهادة بأهمية كبيرة في القرآن الكريم، منها قوله تعالى "وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّـهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ" [2] وقوله عزّ من قائل: "ِإنَّ اللَّـهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّـهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ".[3] رافضا اعتبار الشهداء أمواتا بل هم احياء عند ربهم يرزقون "وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْوَاتٌ ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَـٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ .[4] و" وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ.[5]
وقد تحدثت الآية 23 من سورة الاحزاب عن الشهيد من الرجال المؤمنين ووفائهم بما عاهدوا الله عليه قائلة: "مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّـهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا".[5]
الشهادة في الأدعية
وردت مفردة الشهداء والدعاء بطلبها في أكثر من موضع من تراثنا الحديثي من قبيل: "اخْتِمْ لَنَا بِالسَّعَادَةِ والشَّهَادَةِ فِي سَبِيلِك[6] "واجْعَلِ الْوَفَاةَ نَجَاةً لِي مِنْ كلِّ شَرٍّ واخْتِمْ لِي عَمَلِي بِالشَّهَادَة[7] وجاء في الدعاء "إِلَهِي وخَالِقِي ومَوْلاي صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ واخْتِمْ لِي بِالشَّهَادَةِ والرَّحْمَة"[8] والدعاء "ولَيلَةَ الْقَدْرِ وحَجَّ بَيتِكَ الْحَرَامِ وقَتْلا فِي سَبِيلِكَ مَعَ وَلِيكَ فَوَفِّقْ لَنَا"[9] و"وأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ وَفَاتِي قَتْلًا فِي سَبِيلِكَ مَعَ أَوْليائِكَ تَحْتَ رَايةِ نَبِيك"[10] بل الدعاء بكون الشهادة على يد شرار خلق الله" فَإِذَا كانَ مَا لا بُدَّ مِنْهُ الْمَوْتُ فَاجْعَلْ مَنِيتِي قَتْلًا فِي سَبِيلِكَ بِيدِ شِرَارِ خَلْقِكَ مَعَ أَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيكَ مِنَ الْأُمَنَاءِ الْمَرْزُوقِينَ عِنْدَكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين"[11] و"ارْزُقْنِي أَشْرَفَ الْقَتْلِ فِي سَبِيلِكَ أَنْصُرُكَ وأَنْصُرُ رَسُولَكَ أَشْتَرِي الْحَياةَ الْبَاقِيةَ بِالدُّنْيا".[12]
امتيازات الشهيد
ذكرت الروايات الكثير من الامتيازات التي يحضى بها الشهداء ثمرة لتعاملهم مع الله تعالى، منها:
الشفاعة
روي عن النبي الأكرم إدراج الشهداء في عداد الشفعاء يوم القيامة حيث قال: "ثلاثة يشفعون إلى الله يوم القيامة فيشفعهم: الأنبياء، ثم العلماء، ثم الشهداء".[13]
سقوط التغسيل والتكفين
ذكر الفقهاء جملة من الأحكام الفقهية الخاصة بالشهداء فقد جاء في كتاب الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية: (والشهيد) وهو المسلم ومن بحكمه الميت في معركة قتال أمر به النبي أو الإمام أو نائبهما الخاص: وهو في حزبهما بسببه، أو قتل في جهاد مأمور به حال الغيبة كما لو دهم على المسلمين من يخاف منه على بيضة الإسلام، فاضطروا إلى جهادهم بدون الإمام أو نائبه، لا يغسل ولا يكفن بل يصلى عليه ويدفن بثيابه ودمائه، ومن خرج عما ذكرناه يجب تغسيله وتكفينه وإن أطلق عليه اسم الشهيد في بعض الاخبار، كالمطعون والمبطون والغريق، والمهدوم عليه والنفساء والمقتول دون ماله وأهله من قطاع الطريق وغيرهم.[14]
دخول الجنة بلا حساب
ومن كرامات ومميزات الشهيد التي جعلها الله له دخوله الجنة بلا حساب؛ نعم، ورد في بعض الروايات استثناء حقوق الناس يعني أن الشهيد يُسأل عن حقوق الناس شأنه شأن سائر الموتى.
سبق الدخول إلى الجنة
روي عن علي الرضا في كتاب عيون أخبار الرضا بِالأَسانيد الثَّلاثَة عن آبائه قال: قال رسولُ اَللَّه: أَوَّلُ مَنْ يدخلُ اَلجنَّةَ شهيدٌ وعبدٌ مملوك أَحسنَ عبادةَ ربِّهِ ونصح لسيده ورجُلٌ عَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عبادةٍ".[15]
المراجع
- دائرة المعارف، ج10 ص622 و مجمع البحرين، ج3 ، ص81
- آل عمران: 157
- التوبة: 111
- (البقره 154)
- (آل عمران 169)
- (بحار الأنوار، ج95، ص368)
- (بحار الأنوار، ج91، ص239)
- (بحار الأنوار ، ج94، ص332)
- (بحار الأنوار ، ج95، ص117)
- (بحار الأنوار ، ج94، ص376)
- (بحار الأنوار ، ج94، ص261)
- (بحار الأنوار ، ج91، ص239)
- قرب الإسناد، ج1، ص:31 و سفينه البحار، ج4، ص513
- الروضة البهية في شرح اللمعه الدمشقيه، ج1، ص126 ـــ 127
- (بحار ج71، ص:144)