الرئيسيةعريقبحث

الطائفة الملكانية


☰ جدول المحتويات


ترنيمة ملكانية مخطوطة بالسريانية بخط أسطرنجيلي (القرن الحادي عشر)، دير سنت كاترين، سيناء.

الملكانية، أو التحزب للملكية، هي الدعوة للملكية أو الحكم الملكي. الملكي (أو المناصر للملكية) هو الفرد الذي يدعم هذا النوع من الحكم بغض النظر عن أي ملك محدد؛ أي الشخص الذي يبتنّى ملكاً معيناً هو ملكي. بالمقابل، يُشار أحياناً إلى المعارضة للحكم الملكي بالجمهوريانية.[1]

اعتماداً على البلد، قد يدافع الملكي عن حكم الشخص الذي يجلس على العرش أو المطالب بالعرش أو أي شخص كان سيحتل العرش لكنه خُلِع عنه.

الحكم الملكي من أقدم المؤسسات السياسية. ادعت الملكية في كثير من الأحيان الشرعية من سلطة أعلى (في وقت مبكر لأوروبا الحديثة الحق الإلهي للملوك، وفي الصين مذهب انتداب السماء).

في إنجلترا، تنازلت الملكية عن السلطة في كل مكان في عملية تدريجية. أجبرت مجموعة من النبلاء في عام 1215 الملك جون على التوقيع على الماغنا كارتا، والتي ضمنت لأصحابها بعض الحريات وأثبتوا أن سلطات الملك لم تكن مطلقة. في الفترة 1687-88، أسست الثورة المجيدة والإطاحة بالملك جيمس الثاني مبادئ الملكية الدستورية، والتي سيعمل بها لاحقاً لوك وغيره من المفكرين. ومع ذلك، بقيت الملكية المطلقة، والتي بررها هوبز في ليفياثان (1651)، مبدأ بارزاً في مكان آخر. شجع فولتير وآخرون في القرن الثامن عشر على «الاستبداد المستنير» والذي تبناه الإمبراطور الروماني المقدس جوزيف الثاني وكاترين الثانية لروسيا.

في أواخر القرن الثامن عشر، كانت كل من الثورة الأمريكية والثورة الفرنسية خطوتين إضافيتين لإضعاف قوة الممالك الأوروبية، كلّ بطريقته المختلفة كمثال على مفهوم السيادة الشعبية التي أيدها جان جاك روسو. بشّرتا في عام 1848 بموجة من الثورات ضد الملكية الأوروبية القارّية.

شهدت الحرب العالمية الأولى وما أعقبها نهاية ثلاث ممالك أوروبية كبرى: سلالة رومانوف الروسية، وسلالة هوهينزوليرن الألمانية، بما في ذلك جميع الممالك الألمانية الأخرى وسلالة هابسبورغ النمساوية الهنغارية.

أثار صعود الجمهورية السوفيتية الهنغارية في عام 1919 زيادة دعم الملكانية. ومع ذلك، فشلت الجهود التي بذلها الملكيون الهنغاريون في إعادة رئيس دولة ملكي، واستقر الملكيون على الوصي الأدميرال ميكلوس هورثي لتمثيل الملكية حتى يمكن استعادتها. كان هورثي وصياً في الفترة من عام 1920 إلى 1944. وعلى نفس المنوال، زعمت دولة فرانكو الاستبدادية (أو الأتوقراطية) في إسبانيا عام 1938 أنّها أعادت تشكيل الملكية الإسبانية غيابياً (واستسلمت في هذه الحالة لاستعادة الحكم من قبل الملك خوان كارلوس). في العشرينيات من القرن العشرين في ألمانيا، وقف عدد من الملكيين مع حزب الشعب الوطني الألماني والذي طالب بإعادة ملكية هوهنزولرن ووضع حد لجمهورية فايمار؛ احتفظ الحزب بقاعدة كبيرة من الدعم حتى ظهور النازية في الثلاثينيات من القرن العشرين.

مع وصول الاشتراكية إلى أوروبا الشرقية بحلول نهاية عام 1947، أُلغيت جميع ممالك أوروبا الشرقية المتبقية، وهي مملكة رومانيا ومملكة هنغارية ومملكة ألبانيا ومملكة بلغاريا ومملكة يوغوسلافيا واستُبدلت بجمهوريات اشتراكية. 

شهدت أعقاب الحرب العالمية الثانية أيضاً عودة التنافس الملكي والجمهوري في إيطاليا، أُجري استفتاء حول ما إذا كان ينبغي أن تبقى الدولة ملكية أو تصبح جمهورية. فاز الجانب الجمهوري في التصويت بفارق ضئيل، وأُنشئت بذلك جمهورية إيطاليا الحديثة.

تراجعت الملكانية كقوة سياسية على الصعيد الدولي بشكل كبير منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، بالرغم من لعبها لدور مهم في الثورة الإيرانية عام 1979، ولعبت دوراً أيضاً في الشؤون السياسية الحديثة لنيبال. كانت نيبال واحدة من آخر الدول التي كان لها حكم ملكي مطلق استمر حتى عزل الملك جيانيندرا بسلام في مايو 2008 وأصبحت البلاد بعد ذلك جمهورية فدرالية. أُلغيت واحدة من أقدم الممالك في العالم في إثيوبيا لعام 1974 مع سقوط الإمبراطور هيلا سيلاسي.

الخلاف بين الطائفة الملكانية والطائفة المونوفيزية

الطائفة المونوفيزية هي حزب القبط المونوفيزين وهم أهل مصر والحبشة. وكان المونوفيزيون يعتقدون أن للسيد المسيح طبيعة واحدة، وهي الإلهية التي تلاشت فيها طبيعة المسيح البشرية.
اشتد الخلاف بين الطائفتين في القرنين السادس والسابع الميلادي، حتى صار كأنه حرب عوان بين دينين متنافسين.

يقول الدكتور ألفرد. ج. بتلر:

«إن ذينك القرنين كانا عهد نضال متصل بين المصريين والرومانيين، نضال يذكيه اختلاف في الجنس واختلاف في الدين، وكان اختلاف الدين أشد من اختلاف الجنس، إذ كانت علة العلل في ذلك الوقت تلك العداوة بين الملكانية والمنوفيسية، وكانت الطائفة الأولى -كما يدل على اسمها- حزب مذهب الدولة الإمبراطورية وحزب الملك والبلاد، وكانت تعتقد العقيدة السنية الموروثة، وهي اذدواج طبيعة المسيح، على حين أن الطائفة الأخرى وهي حزب القبط المنوفيسيين -أهل مصر- كانت تستبشع تلك العقيدة وتستفظعها، وتحاربها حرباً عنيفة في حماسة هوجاء يصعب علينا أن نتصورها أو نعرف كنهها في قوم يعقلون، بل يؤمنون بالإنجيل» – محمد فريد أبو حديد، فتح العرب لمصر ص37-38

محاولة إنهاء الخلاف بين الطائفتين ونتائجها

حاول الإمبراطور هرقل (610-641م) توحيد المذهبين في مذهب جديد وهو المذهب المنوثيلي، وينص على أن يمتنع الناس عن الخوض في الكلام عن كنه طبيعة السيد المسيح، وعما إذا كانت له صفة واحدة أم صفتان، ولكن عليهم بأن يشهدوا بأن الله له إرداة واحدة أو قضاء واحد، وصار المذهب المنوثيلي مذهباً رسمياً للدولة.
رد فعل المنوفيسيين: تبرأوا من هذه البدعة والتحريف ونابذوه العداء واستماتوا في سبيل عقيدتهم القديمة.
الاضطهاد: وقع اضطهاد فظيع على يد مقوقس الحاكم البيزنطي لمصر استمر عشر سنين، وقع خلالها ما تقشعر منه الجلود؛ فرجال كانوا يعذبون ثم يقتلون إغراقاً، وتوقد المشاعل وتسلط نارها على الأشقياء حتى يسيل الدهن من الجانبين إلى الأرض، ويوضع السجين في كيس مملوء من الرمل ويرمى به في البحر، إلى غير ذلك من الفظائع.[2]

الممالك الحالية

غالبية الملكيات الحالية ملكيات دستورية. يتمتع الملك غالباً بسلطة رمزية فقط، رغم أنّه كحاكم يلعب دوراً أحياناً في الشؤون السياسية. في تايلاند على سبيل المثال، لعب الملك بوميبول أدولياديج، والذي حكم من عام 1946 إلى 2016، دوراً مهماً في الأجندة السياسية للدولة وفي الانقلابات العسكرية المختلفة. وبالمثل، في المغرب يتمتع الملك محمد السادس بسلطة كبيرة ولكن ليست مطلقة.

ليخنشتاين هي إمارة ديمقراطية منح مواطنوها بشكل طوعي مزيداً من السلطة لملكهم في السنوات الأخيرة.

بقيت هناك حفنة من الدول التي يكون فيها الملك هو الحاكم الحقيقي. غالبية هذه الدول ممالك إسلامية عربية منتجة للنفط مثل المملكة العربية السعودية والبحرين وقطر وعمان والإمارات العربية المتحدة. وتشمل الممالك القوية الأخرى بروناي وإسواتيني.

مبررات للحكم الملكي

تقف الملكية المطلقة كمعارضة للفوضوية وعصر التنوير والليبرالية والشيوعية.

دعا أوتو فون هابسبورغ إلى شكل من أشكال الملكية الدستورية على أساس أولوية الوظيفة القضائية العليا، مع وجود للخلافة الوراثية، تُكفل الوساطة من قبل المحكمة في حال وجود مشكلة أو شك في ملاءمة الملكية للحكم.[3][4]

رئيس دولة غير حزبي

بُررت الملكية على أساس أنّها تنص على كون رئيس الدولة غير متحيّز ومنفصلاً عن رئيس الحكومة، وبالتالي يضمن أن الممثل الأعلى للبلاد في الداخل والخارج لا يمثل حزباً سياسياً معيناً وإنما يكون ممثلاً لكل الناس.[5]

ضمانة للحرية

سعت الرابطة الملكية الدولية، والتي تأسست في عام 1943، دوماً إلى تعزيز الملكية على أساس أنّها تقوّي الحرية الشعبية في حالتي الديمقراطية والديكتاتورية، لأن الملك بحكم تعريفه ليس مديناً للسياسيين.

كتب الكاتب التحرري البريطاني الأمريكي ماثيو فييني، بمناسبة ولادة الأمير جورج لكامبريدج، الملك المستقبلي المحتمل للملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وإيرلندا الشمالية ومنطقة الكومنولث في عام 2013 ما يلي:[6]

«في الأعوام المئة الماضية، ظهرت العديد من الدول الأوروبية الفاشية والشيوعية والديكتاتوريات العسكرية. ومع ذلك، تمكنت الدول ذات الممالك الدستورية في معظمها من تجنب السياسة المتطرفة جزئياً لأن النظم الملكية توفر فحصاً لوصايا السياسيين الشعبيين.

حكمت الممالك الأوروبية -مثل الدنماركية والبلجيكية والسويدية والهولندية والنرويجية والبريطانية- على بلدان تعد من بين أكثر الدول استقراراً ورخاءً وحرية في العالم. يجعل الملوك الدستوريون إحداث التغييرات السياسية الجذرية أمراً صعباً، غالباً عبر تقديمهم للتقاليد والعادات التي لا يستطيع السياسيون استبدالها، وعدد قليل من المواطنين سيرغبون بالانقلاب.»

الصلة بالماضي

منذ منتصف القرن التاسع عشر، توقف بعض الملوك عن الدفاع عن الملكية على أساس المبادئ المجردة والعالمية المطبقة على جميع الأمم أو حتى على أساس أن الملكية ستكون أفضل أو أكثر حكومة عمليّة للأمة المعنية، وإنّما فضّلوا استحضار أسباب رمزية محلية والتي ستكون صلة أمة محددة بالماضي.

كانت المناقشات التي دارت بعد القرن التاسع عشر حول ما إذا كان ينبغي الحفاظ على الملكية أو اعتماد شكل جمهوري من الحكم في كثير من الأحيان مناقشات حول الهوية الوطنية، إذ كان الملك يعمل عموماً كرمز لقضايا أخرى.

على سبيل المثال في دول مثل بلجيكا وهولندا، غالباً ما يتركز الحديث المناهض للملكية على الرمزية المميزة للملك والتي تتناقض مع ثقافة المساواتية السياسية لتلك الدول. في بلجيكا يوجد عامل آخر يتمثل في المشاعر المعادية لبلجيكا بالحركة الفلمنكية الانفصالية. يرى هؤلاء أنّ الملكية مؤسسة ناطقة بالفرنسية بالدرجة الأولى والتي تمتد جذروها التاريخية في النخبة الناطقة بالفرنسية التي حكمت بلجيكا حتى حوالي الخمسينيات من القرن العشرين.  

وعلى النقيض من ذلك، تقدّم المناقشات حول الملكية في كندا وأستراليا نقاشات تتعلق قوتها الدافعة بعلاقة كل دولة منهما بالمملكة المتحدة والتراث الثقافي الذي تمثله هذه العلاقة.

رغبة الإنسان في التسلسل الهرمي

في مقال نشر عام 1943 في سبيكتاتور بعنوان «المساواة»، انتقد الكاتب البريطاني سي. إس. لويس المساواتية ودعوتها المشابهة لإلغاء الملكية كونها مناقضة للطبيعة الإنسانية، كاتباً في ذلك: «حين يحظّر على الناس تكريم الملك، سيكرمون أصحاب الملايين والرياضيين أو نجوم السينما، وحتى بائعات الهوى أو العصابات المشهورة. يجب الاهتمام بالطبيعة الروحية، وهي كالطبيعة الجسدية؛ احرمها من الطعام وستلتهم السم.»[7]

مراجع

  1. Webster's Encyclopedic Unabridged Dictionary of the English Language, 1989 edition, p. 924.
  2. ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين، أبو الحسن الندوي، الطبعة السابعة عشر 2007م، ص47
  3. https://web.archive.org/web/20200102223515/https://web.archive.org/web/20010210220645/http://home1.gte.net/eskandar/ottohabsburg.html. مؤرشف من الأصل في 2 يناير 2020.
  4. Otto von Habsburg "Monarchy or Republic?". ("Excerpted from The Conservative Tradition in European Thought, Copyright 1970 by Educational Resources Corporation.") نسخة محفوظة 4 مايو 2019 على موقع واي باك مشين.
  5. Bogdanor, Vernon (6 December 2000). "The Guardian has got it wrong". The Guardian. مؤرشف من الأصل في 19 نوفمبر 2019.
  6. Feeney, Matthew (July 25, 2013). "The Benefits of Monarchy". Reason magazine. مؤرشف من الأصل في 7 مارس 2019.
  7. C.S. Lewis (26 August 1943). "Equality". The Spectator. مؤرشف من الأصل في 16 مايو 2019.

موسوعات ذات صلة :