الرئيسيةعريقبحث

الطيف السياسي اليساري-اليميني



الطيف السياسي اليساري-اليميني هو نظام لتصنيف المواقف، والأيديولوجيات، والأحزاب السياسية، بدءًا من الإيمان بالمساواة على اليسار، إلى الإيمان بالتسلسل الهرمي الاجتماعي على اليمين.[1] غالبًا ما تُعرض السياسة اليسارية والسياسة اليمينية على عكس ذلك، على الرغم من أن فردًا أو جماعة بعينها قد تتخذ موقفًا يساريًا تجاه مسألة، وموقفًا يمينيًا في مسألة أخرى؛ وقد تتداخل بعض المواقف وتُعتبر إما يسارية أو يمينية اعتمادًا على الأيديولوجية المنطلق منها.[2] يطلق في فرنسا، حيث نشأت هذه المصطلحات، على اليسار اسم «حزب الحركة»، وعلى واليمين «حزب النظام».[3][4][5][6] يسمى الموقف الوسيط بينهما «توسطية» أو «اعتدالية»، والشخص الذي لديه مثل هذا الموقف يكون معتدلًا أو وسطيًا.

تاريخ المصطلحين

ظهر المصطلحان «يسار» و «يمين» خلال الثورة الفرنسية عام 1789 عندما انقسم أعضاء الجمعية الوطنية إلى مؤيدي الملك وكانوا جالسين على يمين رئيس الجلسة، ومؤيدي الثورة على يساره. شرح أحد النواب وهو البارون دي جوفيل: «بدأنا نتعرف على بعضنا البعض: أولئك الذين كانوا موالين للدين وتولي الملك للعرش جلسوا على يمين الكرسي لتفادي الصيحات، والبذاءة التي كانت منتشرة بشدة في الطرف الآخر من الجلسة».[7]

استمرت الانقسامات برغم استبدال الجمعية الوطنية في عام 1791 بجمعية تشريعية تضم أعضاء جدد بالكامل. جلس «المبتكرون» على اليسار، وتجمع «المعتدلون» في الوسط، بينما جلس «المدافعون بضمير عن الدستور» على اليمين، حيث اجتمع المدافعون عن النظام القديم سابقًا. استمر ترتيب الجلوس نفسه عندما انعقد المؤتمر الوطني في عام 1792، ولكن في أعقاب الانقلاب الذي وقع في 2 يونيو 1793، وإلقاء القبض على الجيرونديين، خلا الجانب الأيمن من المجلس، ونُقل أي من الأعضاء الباقين الذين جلسوا هناك سابقًا إلى المركز. ومع ذلك، بعد رد فعل ترميدورين في عام 1794، استُبعد أعضاء أقصى اليسار وأُلغيت طريقة الجلوس هذه. تضمن الدستور الجديد قواعد بشأن الجمعية من شأنها أن «تفكك التجمعات الحزبية». ومع ذلك، بعد استعادة بوربون في 1814-1815 شُكلت التجمعات السياسية مجددًا. اختارت الغالبية القصوى أن تجلس على اليمين. جلس «الدستوريون» في الوسط، بينما جلس المستقلون على اليسار. اُستخدمت مصطلحات مثل اليميني المتطرف، واليساري المتطرف، وكذلك اليميني الوسطي، واليساري الوسطي لوصف الفروقات الأيديولوجية البسيطة للأطراف المختلفة للجمعية.[8]

لم يُستخدم مصطلحي «يسار»، و «يمين» للإشارة إلى الأيديولوجية السياسية في حد ذاتها، ولكن فقط للإشارة لمكان الجلوس في الهيئة التشريعية. بعد عام 1848، كانت المعسكرات الرئيسية المعارضة هي «الاشتراكيين الديمقراطيين»، و «الرجعيين» الذين استخدموا الأعلام الحمراء والبيضاء لإظهار انتمائهم الحزبي. مع تأسيس الجمهورية الثالثة في عام 1871، اعتُمدت المصطلحات من قبل الأحزاب السياسية: اليسار الجمهوري، اليمين الوسطي واليسار الوسطي (1871)، واليسار المتطرف (1876)، واليسار الراديكالي (1881). كانت معتقدات المجموعة التي يطلق عليها «اليسار الراديكالي» أقرب في الواقع إلى «اليسار الوسطي» من معتقدات أولئك الذين يطلق عليهم «اليسار المتطرف». ابتداءً من أوائل القرن العشرين، ارتبط مصطلحا «يسار»، و «يمين» بأيديولوجيات سياسية محددة، واستخدما لوصف المعتقدات السياسية للمواطنين، واستُبدلا تدريجيًا بمصطلحي «الحُمر»، و «الرجعيين». غالبًا ما أطلق أولئك الموجودون على اليسار على أنفسهم اسم «جمهوريين»، بينما غالبًا ما أطلق هؤلاء الجالسين على اليمين اسم «المحافظين». استُخدمت في البداية كلمتا «يسار ويمين» من قبل خصومهم كإهانة.[9]

بحلول عام 1914، كان النصف الأيسر من الهيئة التشريعية في فرنسا مؤلفًا من الاشتراكيين الموحدين، والاشتراكيين الجمهوريين، والراديكاليين الاشتراكيين، في حين أن الأحزاب التي سُميت «اليسار» أصبحت تجلس على الجانب الأيمن. انتشر استخدام عبارة «اليسار واليمين» من فرنسا إلى بلدان أخرى، وأصبح يُطبق على عدد كبير من الأحزاب السياسية في جميع أنحاء العالم، والتي غالبًا ما تختلف في معتقداتها السياسية.[10] كان هناك عدم تناسق في استخدام مصطلحات اليسار واليمين من قبل الجانبين المتعارضين. نفى اليمين في الغالب أن طيف اليسار-الأيمن كان ذا معنى لأنهم رأوا أنه مصطنع ومضر بالوحدة. ومع ذلك، فإن اليسار الساعي لتغيير المجتمع، عزز هذا التمييز. لاحظ ألان في عام 1931: «عندما يسألني الناس عما إذا كان الانقسام بين أحزاب اليمين وأحزاب اليسار، رجال اليمين ورجال اليسار، ما زال منطقيًا، فأول ما يتبادر إلى ذهني هو أن الشخص الذي طرح هذا السؤال بالتأكيد ليس يساريًا». أصبح مصطلحا «اليمين» و«اليسار» شائعي الاستخدام في السياسة البريطانية لأول مرة في أواخر ثلاثينيات القرن الماضي في المناقشات الدائرة حول الحرب الأهلية الإسبانية. قال عالم الاجتماع الأسكتلندي روبرت م. ماكيفر في «شبكة الحكومة» (1947):

إن اليمين دائمًا هو الجزء الحزبي المرتبط بمصالح الطبقات العليا أو المسيطرة، بينما يعبر اليسار عن الطبقات الاقتصادية أو الاجتماعية الدُنيا، ويعبر الوسط عن مصالح الطبقة الوسطى. هذا المعيار يبدو مقبولًا في الإطار التاريخي. إذ دافع اليمين المحافظ عن الصلاحيات، والامتيازات، والسلطات الراسخة؛ وهاجمهم اليسار. كان اليمين أكثر ملاءمة للوضع الأرستقراطي، أو التسلسل الهرمي للميلاد أو الثروة؛ ناضل اليسار من أجل تحقيق المساواة في الفرص أو الميزات، من أجل مصالح الناس الأقل حظًا. التقى الدفاع والهجوم في ظل ظروف ديمقراطية، ليس باسم الطبقة ولكن باسم المبدأ؛ قابلت المبادئ المتعارضة مصالح الفئات المختلفة بشكل عام.[11]

أماكن التجمعات الأيديولوجية على الطيف

بشكل عام، يتميز الجناح اليساري بالتركيز على «أفكار مثل الحرية، والمساواة، والإخاء، والحقوق، والتقدم، والإصلاح، والعالمية»، بينما يتميز اليمين بالتركيز على «مفاهيم مثل السلطة، والتراتبية، والنظام، والواجب، والتقاليد، والرجعية، والقومية».[12]

يرى علماء السياسة وغيرهم من المحللين أن اليسار يشمل اللاسلطويين، والشيوعيين، والاشتراكيين، والاشتراكيين الديمقراطيين، والديمقراطيين الاجتماعيين، والليبراليين اليساريين، والتقدميين، والليبراليين الاجتماعيين. رُبطت حركات المساواة العرقية والنقابية أيضًا باليسار.[13]

يرى علماء السياسة وغيرهم من المحللين أن اليمين يشمل المحافظين، واليمينيين الليبراليين، والمحافظين الجدد، والإمبرياليين، والملكيين، والفاشيين، والرجعيين، والتقليديين.[14]

هناك عدد من الحركات السياسية المهمة التي لا تتناسب بدقة مع طيف اليسار-اليمين، وتتضمن الديمقراطية المسيحية، والنسوية، والإقليمية. على الرغم من اعتبار القومية في كثير من الأحيان عقيدة يمينية، فالعديد من القوميين يفضلون التوزيع المتساوي للموارد. هناك أيضًا «قوميين ليبراليون». للشعبوية مظاهر يسارية ويمينية. غالبًا ما تُعتبر حركة السياسة الخضراء حركة يسارية، لكن من الصعب تصنيف الحركة الخضراء بشكل قاطع على أنها يسارية أو يمينية.[15]

المراجع

  1. A Dictionary of the Social Sciences. Oxford University Press. 1967. صفحة 416.  . مؤرشف من الأصل في 10 مارس 2020.
  2. Milner, Helen (2004). "Partisanship, Trade Policy, and Globalization: Is There a Left–Right Divide on Trade Policy" ( كتاب إلكتروني PDF ). International Studies Quarterly. 48: 95–120. doi:10.1111/j.0020-8833.2004.00293.x. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 15 يونيو 2017.
  3. Knapp & Wright, p. 10.
  4. Adam Garfinkle, Telltale Hearts: The Origins and Impact of the Vietnam Antiwar Movement (1997). Palgrave Macmillan: p. 303.
  5. "Left (adjective)" and "Left (noun)" (2011), Merriam-Webster Dictionary. نسخة محفوظة 18 ديسمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
  6. Roger Broad, Labour's European Dilemmas: From Bevin to Blair (2001). Palgrave Macmillan: p. xxvi.
  7. Geoffrey M. Hodgson (2018). Wrong Turnings: How the Left Got Lost. University of Chicago Press. صفحة 32.  . مؤرشف من الأصل في 10 مارس 2020.
  8. Gauchet, pp. 247–49
  9. Marc Crapez, "De quand date le clivage gauche/droite en France?", Revue française de science politique, 48 (1), février 1998, pp. 70–72.
  10. Gauchet, pp. 255–259.
  11. Lipset, p. 222
  12. Andrew Heywood, Key Concepts in Politics and International Relations (2d ed.: Palgrave Macmillan, 2015), p. 119. نسخة محفوظة 10 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
  13. Van Gosse, The Movements of the New Left, 1950–1975: A Brief History with Documents, Palgrave Macmillan, 2005, (ردمك )
  14. Feser, Edward C. (2008). "Conservative Critique of Libertarianism". In Hamowy, Ronald (المحرر). Thousand Oaks, CA: SAGE؛ معهد كاتو. صفحات 95–97. doi:10.4135/9781412965811.n62.  . LCCN 2008009151. OCLC 750831024 - تصفح: https://web.archive.org/web/20200216001926/https://books.google.com/books?id=yxNgXs3TkJYC. مؤرشف من الأصل في 16 فبراير 2020. Libertarianism and conservatism are frequently classified together as right-wing political philosophies, which is understandable given the content and history of these views.
  15. * Andrew Dobson, Green Political Thought (3d ed.: Routledge, 1995: 2000 printing), pp. 27-28; "If ... we take equality and hierarchy as characteristics held to be praiseworthy within left-wing and right-wing thought respectively, then ecologism is clearly left-wing, arguing as it does for forms of equality among human beings and between human beings and other species. However, to argue that ecologism is unequivocal left-wing is not so easy. For instance, green politics is in principle adverse to anything but the most timid engineering of the social and natural world by human beings."
    • Robyn Eckersley, Environmentalism and Political Theory: Toward an Ecocentric Approach (SUNY Press, 1992), p. 120: "The growing influence of اشتراكية بيئية ideas within the Green movement (most notably in Europe and Australia rather than in North America) has rendered the popular Green slogan "neither left nor right" somewhat problematic. While this slogan originally served to publicize the Green movement's efforts to find a distinct, third alternative to the growth consensus of capitalism and communism, it has since served to generate a lively and sometimes acrimonious debate within the Green movement concerning the proper political characterization of Green politics .... In particular, ecosocialists have mounted a challenge to the presumed left-right ideology neutrality of Green politics by pointing out the various egalitarian and redistributional (and hence 'leftist') measures that are needed to ensure an equitable transition toward a conserver society."

موسوعات ذات صلة :