الرئيسيةعريقبحث

العزل العنصري في الولايات المتحدة


☰ جدول المحتويات


A sign reading "We Cater to White Trade Only
"نقدم الطعام للبيض فقط" على نافذة مطعم في أوهايو في 1938.

العزل العنصري في الولايات المتحدة مصطلح يشير عمومًا إلى العزل العرقي في المنشآت والخدمات والفرص مثل الإسكان والرعاية الطبية والتعليم والتوظيف والنقل في الولايات المتحدة. يدلّنا المصطلح أساسًا على الفصل القسري بشقيه القانوني والاجتماعي بين الأمريكيين من أصل إفريقي والأمريكيين البيض، لكنه استُخدم أيضًا عند الحديث عن فصل الأقليات العرقية الأخرى عن مجتمعات الأغلبية السائدة. اشتمل المصطلح على الفصل المادي وتوفير منشآت منفصلة لكل من البيض والسود في المرتبة الأولى، بالإضافة إلى تضمنه مظاهر أخرى مثل الفصل بين الأدوار والوظائف داخل المؤسسة.[1] لُوحظ الفصل بين وحدات السود ووحدات البيض في القوات المسلحة الأمريكية حتى الخمسينيات من القرن الماضي، بالإضافة إلى اختيار ضباط بيض لقيادة مجموعات السود.[2]

استخدمت لافتات لتحديد الأماكن التي يُسمح فيها للأمريكيين الأفارقة بالمشي أو التحدث أو الشرب أو الاستراحة أو تناول الطعام بشكل قانوني.[3] أيدت المحكمة العليا في الولايات المتحدة الطابع الدستوري للفصل في قضية بليسي ضد فيرغسون (1896)، مع اشتراط توفير مرافق «منفصلة ولكن متساوية»، وهو شرط نادرًا ما تحقق في الممارسة العملية.[4] ألغت المحكمة العليا برئاسة إيرل وارين هذا المبدأ بالإجماع في قضية براون ضد مجلس التعليم (1954)، وأصدرت المحكمة العليا في عهد وارين خلال السنوات التالية أحكامًا ضد الفصل العنصري في العديد من القضايا الشهيرة مثل قضية موتيل هارت أوف أتلاتنا ضد الولايات المتحدة (1964)، التي ساعدت في وضع نهاية لقوانين جيم كرو.[5][6][7][8]

اتّخذ العزل العنصري شكلين: العزل العنصري القانوني الذي يفرض العزل بين الأعراق بموجب القانون، وهو الشكل الذي فرضته قوانين العبيد قبل الحرب الأهلية وقوانين السود وقوانين جيم كرو في أعقاب الحرب. حُظر العزل القانوني بموجب قانون الحقوق المدنية لعام 1964، وقانون حقوق التصويت لعام 1965، وقانون الإسكان العادل لعام 1968. على أي حال، منعت محكمة وارين العزل العنصري في وقت سابق ضمن مناطق محددة، إبان حكمها في قضايا مثل قضية براون ضد مجلس التعليم الذي ألغى العزل العنصري في مدارس الولايات المتحدة. بالانتقال إلى الشكل الآخر، ألا وهو العزل العنصري الواقعي، أو العزل العنصري «في الواقع»، هو عزل لا يخضع لحكم القانون. يستمر وجود العزل العنصري الواقعي اليوم في مجالات شتى مثل العزل العنصري السكني والعزل العنصري المدرسي نتيجة السلوك المعاصر والإرث التاريخي اللذين تركهما العزل العنصري القانوني.[9]

نبذة تاريخية

إعادة الإعمار في الجنوب

أقر الكونغرس قانون إعادة الإعمار لعام 1867، بالإضافة إلى التصديق على التعديل الخامس عشر لدستور الولايات المتحدة عام 1870 والذي وفّر حق الاقتراع، وإصداره قانون الحقوق المدنية لعام 1875 الذي حظر الفصل العنصري في أماكن الإقامة. تبعًا لما سبق، كفلت قوات الاحتلال الفيدرالية في الجنوب حق السود بالتصويت وانتخاب قادتهم السياسيين. أكدت تعديلات هذه المرحلة على سيادة الدولة الوطنية والمساواة الرسمية بين جميع الأفراد داخلها تحت سقف القانون. على أي حال، لم يُحظر العزل في المدارس.[10]

أنشأ الجمهوريون إبان وصولهم إلى السلطة في الولايات الجنوبية بعد عام 1867 أول نظام للمدارس الحكومية الممولة من دافعي الضرائب. رغب السود الجنوبيون في ارتياد أطفالهم مدارس عامة، لكنهم لم يطلبوا مدارس قائمة على الاندماج العنصري. خيّم العزل العنصري على جميع المدارس الحكومية الجديدة تقريبًا، باستثناء مدارس قليلة في نيو أورليانز. خسر الجمهوريون السلطة في منتصف سبعينيات القرن التاسع عشر لصالح المحافظين البيض، الذين حافظوا بدورهم على أنظمة المدارس العامة، لكنهم قلصوا تمويلها بصورة حادة.[11]

سيطر العزل العنصري بصرامة على جميع الأكاديميات والكليات الخاصة في الجنوب تقريبًا. دعمت الجمعية التبشيرية الأمريكية تطوير وإنشاء العديد من كليات السود التاريخية، مثل جامعتي فيسك وشو. استقبلت حفنة من الكليات الشمالية خلال هذه الفترة طلابًا سود. أنشأت الطوائف الشمالية وجمعياتها التبشيرية مدارس خاصة في جميع أنحاء الجنوب لتوفير التعليم الثانوي، وساهموا بصورة طفيفة في العمل الجماعي. انخفضت الرسوم الدراسية إلى حدها الأدنى، ما ساعد الكنائس على دعم الكليات ماليًا، والمشاركة أيضًا في دفع أجور بعض المعلمين. أدارت الكنائس -التي وقع معظمها في الشمال- 247 مدرسة للسود في جميع أنحاء الجنوب عام 1900، بميزانية بلغت نحو مليون دولار، ووظفوا 1600 معلم وكفلوا تعليم 46,000 طالب. برزت أسماء عدة منشآت تعليمية، مثل جامعة هوارد، وهي مؤسسة اتحادية مقرها واشنطن، وجامعة فيسك في ناشفيل، وجامعة أتلانتا، ومعهد هامبتون في فرجينيا، وغيرها الكثير. تأسست معظم الكليات الجديدة في القرن التاسع عشر ضمن الولايات الشمالية.[12][13]

بحلول أوائل سبعينيات القرن التاسع عشر، تناقص اهتمام الشمال بتعزيز جهود إعادة الإعمار وتزامن سحب القوات الفيدرالية عام 1877 مع انشقاق الحزب الجمهوري في الجنوب وخسارته الدعم نتيجة انشقاقه، ما أدى إلى سيطرة المحافظين (الذين يطلقون على أنفسهم اسم «المخلصين») على جميع الولايات الجنوبية. بدأ العزل في عهد «جيم كرو» في وقت متأخر إلى حد ما، تحديدًا في ثمانينيات القرن التاسع عشر.[14] حُرم السود من حق الاقتراع في تسعينيات القرن التاسع عشر. لم تثمر مناصرة الحزب الجمهوري لحقوق الأميركيين الأفارقة خلال الحرب الأهلية ومساهمته كمنبر للصوت السياسي الأسود خلال حقبة إعادة الإعمار، إذ أبدى الجمهوريون البيض رد فعل عنيفًا تجسّد في ظهور حركة ليلي وايت الهادفة إلى إزالة الأمريكيين الأفارقة من مناصب الحزب القيادية، وحرضوا على أعمال الشغب بهدف تقسيم الحزب، واضعين نصب أعينهم هدفًا نهائيًا هو اجتثاث نفوذ السود. رسّخ الفصل العنصري أقدامه على امتداد الجنوب ومعظم المنطقة الحدودية بحلول عام 1910، ولم يُسمح سوى لعدد ضئيل من القادة السود بالتصويت في مختلف أنحاء الجنوب العميق.[15]

حقبة جيم كرو

أيّدت المحكمة العليا في الولايات المتحدة شرعية القوانين التي تشترط تطبيق العزل العنصري على السود في قضية بليسي ضد فيرغسون عام 1896، 163 رقم سجل 537. حافظت المحكمة العليا على دستورية قانون لويزيانا الذي يلزم شركات السكك الحديدية بتوفير أماكن إقامة «منفصلة ولكن متساوية» للمسافرين البيض والسود، ويُحظر على البيض والسود استخدام عربات السكك الحديدية غير المخصصة لعرقهم.[16]

سمحت قضية بليسي بتطبيق العزل، الذي أصبح معيارًا على امتداد جنوب الولايات المتحدة، وأضفى الطابع المؤسساتي على حقبة جيم كرو. كان من المفترض أن يحصل الجميع على المستوى نفسه من الخدمات العامة (المدارس والمستشفيات والسجون وغيرها)، لكن ضمن منشآت منفصلة لكل عرق، الأمر الذي لم يتحقق على أرض الواقع، إذ دائمًا ما كانت الخدمات والتسهيلات المخصصة للأمريكيين الأفارقة أقل جودة من الخدمات التي حصل عليها البيض، إن وُجدت أساسًا؛ مثلًا، حصلت معظم مدارس السود على قدر أقل من التمويل العام لكل طالب مقارنة بمدارس البيض القريبة. لم يُفرض العزل قانونيًا في الولايات الشمالية، ولكن ظهر نظام واقعي في المدارس، حيث التحق معظم الطلاب السود بالمدارس التي عُرفت بارتيادها من قبل السود بصورة شبه تامة. اقتصرت بالمقابل مدارس البيض في الجنوب على التلاميذ والمدرسين البيض، وضمت مدارس السود في المقابل تلاميذ ومدرسين من السود فقط.[17]

لم تُطبق بعض شركات الترام سياسة العزل بصورة طوعية، بل استغرقت الحكومة 15 عامًا لإخضاعها وكسر شوكتها.[18]

أقرّت المحكمة العليا بصورة علنية، أو سرية إن اقتضت الحاجة، فيما لا يقل عن ست مناسبات على مدار 60 عامًا تقريبًا، بأن مبدأ «منفصلون لكن متساوون» المعلن في بليسي كان الشكل الصحيح لتطبيق سيادة القانون، رغم أنه، وفي نهاية تلك الفترة، بدأت المحكمة في التركيز على ما إن كانت المنشآت المنفصلة متساويةً في الواقع.[19]

شغل إلغاء قوانين «منفصلون لكن متساوون» ركنًا أساسيًا في اهتمامات حركة الحقوق المدنية. حظرت المحكمة العليا العزل العنصري في منشآت التعليم العام بين السود والبيض على مستوى الولاية في قضية براون ضد مجلس التعليم، 347 رقم سجل 483 (1954). ألغى قانون الحقوق المدنية لعام 1964 جميع القوانين على المستويين الولاياتي والمحلي التي تشترط تطبيق العزل. على أي حال، جرت عملية الامتثال للقانون الجديد في خطوات متثاقلة في أحسن أحوالها، واستغرق إنفاذها سنوات مع العديد من القضايا في المحاكم الأدنى.

المراجع

  1. C. Vann Woodward, The Strange Career of Jim Crow (3rd ed. 1947).
  2. Harvard Sitkoff, The Struggle for Black Equality (2008)
  3. Leon Litwack, Jim Crow Blues, Magazine of History (OAH Publications, 2004)
  4. Margo, Robert A. (1990). Race and Schooling in the South, 1880–1950: An Economic History. Chicago: University of Chicago Press. صفحة 68.  . مؤرشف من الأصل في 27 مارس 2020.
  5. "Brown v. Board of Education of Topeka (1)". Oyez (باللغة الإنجليزية). مؤرشف من الأصل في 14 مارس 202024 سبتمبر 2019.
  6. "Heart of Atlanta Motel, Inc. v. United States". Oyez (باللغة الإنجليزية). مؤرشف من الأصل في 13 مارس 202024 سبتمبر 2019.
  7. "The Court's Decision - Separate Is Not Equal". americanhistory.si.edu. مؤرشف من الأصل في 13 مارس 202024 سبتمبر 2019.
  8. "The Rise and Fall of Jim Crow. A National Struggle . The Supreme Court | PBS". www.thirteen.org. مؤرشف من الأصل في 13 مارس 202024 سبتمبر 2019.
  9. Krysan, Maria; Crowder, Kyle (2017). Cycle of Segregation: Social Processes and Residential Stratification. New York: Russell Sage Foundation.  .
  10. Barbara J. Fields (1982). "Ideology and Race in American History". In J. Morgan Kousser; James M. McPherson (المحررون). Region, Race, and Reconstruction: Essays in Honor of C. Vann Woodward. New York: دار نشر جامعة أكسفورد. صفحة 163.  .
  11. Richard Zuczek (2015). Reconstruction: A Historical Encyclopedia of the American Mosaic. ABC-CLIO. صفحة 172.  . مؤرشف من الأصل في 27 مارس 2020.
  12. Annual Report: Hampton Negro Conference. 1901. صفحة 59. مؤرشف من الأصل في 27 مارس 2020.
  13. Joe M. Richardson, Christian Reconstruction: The American Missionary Association and Southern Blacks, 1861–1890 (1986).
  14. C. Vann Woodward, The Strange Career of Jim Crow (3rd ed. 1974)
  15. Armstead L. Robinson (2005). "Full of Faith, Full of Hope: African-American Experience From Emancipation to Segregation". In William R. Scott; William G. Shade (المحررون). African-American Reader: Essays On African-American History, Culture, and Society. واشنطن العاصمة: U.S. Department of State. صفحات 105–123. OCLC 255903231.
  16. Plessy v. Ferguson, 163 U.S. 537, 540 (1896) (quoting the Louisiana statute). From Findlaw. Retrieved on December 30, 2012. نسخة محفوظة 3 أكتوبر 2008 على موقع واي باك مشين.
  17. "Jim Crow's Schools". American Federation of Teachers (باللغة الإنجليزية). 2014-08-08. مؤرشف من الأصل في 11 مارس 202029 مايو 2018.
  18. Roback, Jennifer (1986). "The Political Economy of Segregation: The Case of Segregated Streetcars". Journal of Economic History. 56 (4): 893–917. doi:10.1017/S0022050700050634.
  19. Cumming v. Board of Education, 175 U.S. 528 (1899); Berea College v. Kentucky, 211 U.S. 45 (1908); Gong Lum v. Rice, 275 U.S. 78 (1927); Missouri ex rel. Gaines v. Canada, 305 U.S. 337 (1938); Sipuel v. Board of Regents, 332 U.S. 631 (1948); Sweatt v. Painter, 339 U.S. 629 (1950)

موسوعات ذات صلة :