القاعدة في اللغة الأساس، وفي الاصطلاح حكم كلي ينطبق على جميع جزيئاته أو أكثرها لتعرف أحكامها منه.
والقواعد الفقهية الكبرى 5 قواعد وهي كما يلي:
القاعدة الأولى: الأمور بمقاصدها
الأصل في هذه القاعدة حديث الرسول : ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه).
والمقصود بها: أن أعمال المكلف وتصرفاته من قوليه أو فعليه تختلف نتائجها وأحكامها الشرعية التي تترتب عليها باختلاف مقصود الشخص وغايته وهدفه من وراء تلك الأعمال والتصرفات.
مثال: من قال لغيره خذ هذه الدراهم، إما أن ينوي التبرع بها فتكون هبة، أو قرضا يجب إعادته، أو أمانة يجب المحافظة عليها ثم إعادتها.
القاعدة الثانية: الضرر يزال
أصل هذه القاعدة هو قوله صلى الله عليه وسلم : ( لاضرر ولاضرار). والضرر هو إلحاق مفسدة بالغير مطلقا، والضرار هو مقابلة الضرر بالضرر أو إلحاقه بالغير لا على وجه الجزاء المشروع.
المقصود بنفي الضرار مقابلة الضرر بالضرر، فهي تنفي فكرة الثأر لمجرد الانتقام، لأنها تزيد الضرر وتوسع دائرته.
مثال: من أتلف مال غيره لا يجوز أن يقابل ذلك بإتلاف ماله، لأن فيه توسع للضرر بلا منفعة، والأفضل هو تضمين المتلف ما أتلفه من أموال.
القاعدة الثالثة: العادة محكمة
هي من القواعد التي ترجع إلى نصوص من القرآن الكريم، فالعرف والعادة لهما نصيب كبير في تغير الأحكام بحسب تغيرهما، قال تعالى: (ولهنّ مثلُ الذي عليهنَّ بالمعروف)، ويقال "سنتكم بينكم" أي عادتكم وطريقتكم بينكم.
والعادة عند الفقهاء عبارة عما يستقر في النفوس من الأمور المتكررة المعقولة عند الطباع السليمة.
هل يختلف العرف عن العادة؟ البعض جعل العرف والعادة لفظيْن بمعنى واحد، ومنهم من فرق فأطلق العادة على ما يشمل عادة الفرد والجماعة، أما العرف فمخصوص بعادة الجماعة.
القاعدة الرابعة: المشقة تجلب التيسير
يقول الإمام الشاطبي- - "إن الأدلة على رفع الحرج عن هذه الأمة قد بلغت مبلغ القطع" قال تعالى: ( يريد الله أن يخفف عنكم)، (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وابشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة).
والمقصود بها: أن الأحكام التي ينشأ عن تطبيقها حرج على المكلف ومشقة في نفسه أو ماله فالشريعة تخففها بما يقع تحت قدرة المكلف دون عسر أو إحراج.
وهناك قواعد تابعة لهذه القاعدة منها: 1- الضرورات تبيح المحظورات. 2- ما جاز للضرورة يتقدر بقدرها. 3- إذا ضاق الأمر اتسع.
القاعدة الخامسة: اليقين لا يزول بالشك
هذه القاعدة يتجلى فيها التيسير في الشريعة الإسلامية، فهدفها أنها تقرر اليقين وتعتبره أصلا ثابتا ومعتبرا، وأن ترفع وتزيل الشك الذي ينشأ كثيرا عن الوسواس وخصوصا في باب الطهارة والصلاة. فاليقين هو جزم القلب مع الاستناد إلى الدليل القطعي، بينما الشك هو تجويز أمرين لا مزية لأحدهما على الآخر.
فالمقصود هنا أن الأمر المتيقن ثبوته لا يرتفع إلا بدليل قاطع ولا يحكم بزواله لمجرد الشك، كذلك الأمر المتيقن عدم ثبوته لا يحكم بثبوته بمجرد الشك، لأن الشك أضعف من اليقين فلا يعارضه ثبوتا وعدما.
والدليل على هذه القاعدة: ما جاء في السنة أن رجلا شكا إلى النبي الرجل الذي يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة فقال النبي: ( لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا).
وهذه القاعدة تدخل في معظم أبواب الفقه من عبادات ومعاملات وعقوبات وأقضية.لذلك قال السيوطي إن هذه القاعدة تتضمن ثلاثة أرباع علم الفقه.