الرئيسيةعريقبحث

القيمة الاجتماعية والنفسية للمال


☰ جدول المحتويات


في وقتنا الحالي النقود الورقية هي المال ، وقد جعلت منها المخيلة البشرية رمزا للقيمة دون أن يكون لها في الحقيقة أية قيمة ذاتية. و بما أن اغلب البشر ليسوا مجهزين بالقدرة العقلية، أو العاطفية الكافية لتوفير القوت الكافي، والمأوى اللازم للبقاء على قيد الحياة، فالحصول على المال بالنسبة لملايين من البشر في جميع انحاء العالم هو الغاية و الهدف الوحيدين للعيش. فللقطعة النقدية، أو ورقة العملة النقدية قيمة عالية لأن البشر رضوا بأن تكون هي وسيلة التبادل الرمزية. فالقيمة الاقتصادية للمال كما تقاس بقوتها الشرائية هي موضوع نظرية اقتصادية. ومع ذلك، فإن علم الاقتصاد لا يفسر كيف بدأ البشر، والمجتمعات ككل بتقبل المال الرمزي كوسيلة تبادل، أو مخزن للقيمة. فعملية منح القيمة لرمز ما هي عملية نفسية، واجتماعية، فالمال هو مؤسسة اجتماعية بُنيت على موافقة السكان، ورمز نفسي بُني على موافقة الفرد. ولقد اكتسب المال هذه القيمة واسعة الانتشار التي يمتلكها اليوم من خلال عملية تطويرية بطيئة يمكن استيعابها بسهولة عن طريق تتبع أصولها الاجتماعية والنفسية من العصور القديمة.

القيمة المادية للمال

بذل البشر أنفسهم في حركات إنتاجية مثمرة تطلق طاقة وتحقق نتائج، فالحاجات المادية تحركهم و العقل يطالبهم بالعمل المثمر، فيحول الجسم تلك الطاقة إلى عمل و بذلك يستمتع بما يحصده من ثمار عمله. فالمال وسيلة لتحويل ثمار العمل البشري إلى شكل يمكن تخزينه إلى أجل غير مسمى، ويمكن تحويله و نقله بسهوله إلى شخص آخر لتبادل السلع أو الخدمات. بذلك اكتسب المال قيمته الفريدة لدى كل فرد لأنه يمثل قيمة الانتفاع للطاقة البشرية التي كرسها الفرد في العمل المنتج والسلع والخدمات الناتجة من ذلك العمل. فأصبح المال رمزا لتمثيل قيمة العمل والاشياء المنتجة والممتلكات التي تم إنتاجها أو أي إنتاج فائض قابل للتحويل.

القيمة الشخصية للمال

أصبح المال رمزا، ووسيلة لتخزين وتبادل الطاقة الإنتاجية للفرد. اجتماعيا يعتمد الناس على بعضهم البعض، ويبحثون عن المنفعة عن طريق المقايضة والتبادل، ويرون ما يملكه الآخرون وليس لديهم أو ما لا يمكنهم تحصيله بأنفسهم. أيضاً، يقوم الناس بتقدير المال لأنهم يقدرون منافع التبادل، فعن طريق التبادل تصبح الطاقة الإنتاجية للإنسان قوة لتفاعل إنساني بنّاء قادرا على تحقيق العديد من احتياجات الإنسان . يقدر الناس المال لانه يمكنهم من التمتع بنتاج عمل الآخرين. ولإن المال يُمكّن الناس من الاعتماد على بعضهم البعض بشكل بنّاء عند تبادل السلع والخدمات، فهو يتطلب قيمة شخصية أو تعاملية.. تصدر قيمة المال من حقيقه انها منتج اجتماعي. "المال هو رمز لقيمه تتعلق بشكل ايجابي على الاخرين للتبادل المادي."

القيمة الاجتماعية للمال

عندما عمل عدد كبير من البشر وحولوا نتاج أعمالهم إلى أموال، اكتشف المجتمع ان اعظم تبادل للطاقات يصبح ممكننا عن طريق المال الذي يحقق القوة والأمان والإنتاج والازدهار الأعظم للمنظومة. أيضا، شجع المال الناس على العمل بجد، و التعاون فيما بينهم، و تنسيق جهودهم، فمثل ما تستخدم لغة مشتركة بين الناس، فقد ساعدت الأموال على إيجاد شعور بالانتماء للمجتمع المحيط فيما بين الناس للذين لم تكن لهم معرفة جيدة ببعضهم البعض. فقد جمع المال شعوباً عظيمة العدد ببعضهم البعض في إطار المشاريع التعاونية والتبادل، وجمع افراد مستقلين إلى منظومة منسقة اجتماعيا. فعندما بدأ المجتمع بالاعتراف بقيمة المال لأجل بقائه، ونموه، وتطوره، أنشأ قواعد وترتيبات لدعم إنشاء المال وحفظهعن طريق نماذج موحدة للمال، و قوانين تنظم من يقوم بإنشائه، ومصانع صك العملة لإنتاجها، و بنوك لتخزين واقراض الأموال. ظهرت هذه المؤسسات الاجتماعية لأن المال اكتسب قيمة عالية في المجتمع ككل وكذلك لأفراد هذا المجتمع. فتنظيم الأموال بواسطة المجتمع حول قوة المعاملات والصفقات التجارية للأفراد إلى قوة منتجة قادرة على إنجاز أي مهام تكون المنظومة قادرة عليها. ولتعزيز القيمة الاجتماعية للمال فقد منح المجتمع المكانة والهيبة لمن ينتج الأموال، ويملكها، ويجمعها. فهم بهذا قد ساهموا بشكل عام لبقاء المنظومة شامخة وقوية وبالتالي أصبح المال عامل تقديري أساسي للأهمية النسبية، ومنح الامتياز لطبقات مختلفة من افراد المجتمع، و قوة تتعدى نشاط الميدان الاقتصادي . فقد اكتسب المال تأثير سياسي مهم وقوة في اتخاذ القرارات في كل الحكومات. بينما تعلم الافراد تقدير المال كوسيلة تسهل التبادل والتعامل مع افراد آخرين لتحقيق الاحتياجات الشخصية، تعلم المجتمع تقدير المال كوسيلة لتعزيز التطوير للمنظومة ككل. فان اعتراف المجتمع الباطن بقيمة المال نمت من إقرار عاطفي للمال من قبل الثقافة الجماعية التي كانت آنذاك منضوية في منظومة القيم لأفرادها. فبالتالي أصبح المال رمزا لبقاء، و نمو، و تطوير المجتمع، و للطاقة التطويرية التي تحث التقدم المستمر.

القيمة النفسية للمال

بالإضافة إلى قيمته الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، اكتسب المال قيمة نفسية عند الفرد أيضا، فقد غرس المجتمع تقدير المال الذي أصبح عاطفة تخدم الطاقات الإنتاجية لكل فرد، فالسلطة الاجتماعية للجماعة أصبحت كالسلطة الفردية في شخصية كل عضو في المجموعة التي تمارس قوة وقدرات إنتاجية، جاذبية، توظيفية ومراقبة الأموال. فكل ما زاد مستوى التعليم والحرية الاجتماعية، يصبح أعضاء الجماعة أكثر فردية. فبالإضافة إلى تلبية الاحتياجات، أو تحقيق القبول الاجتماعي، أو ممارسة النفوذ السياسي، فهم يسعون إلى الحصول على قيمة شخصية كأفراد بالإضافة إلى القيمة التي منحهم اياها المجتمع أو ليتميزوا عنها. ويسعون أيضا إلى تعزيز القيمة النفسية كأفراد لأن المال أصبح رمزاً لهذه القيمة النفسية وليس فقط من ناحية الأمان الاقتصادي والوضع الاجتماعي بل أيضا القدرات الفردية، فقد أصبح المال مصدر للثقة بالنفس واحترام الذات. كل فرد يصور القيمة المالية للنجاح، فينشئ قيمة مالية للحالة الاجتماعية، يستشعر بها قيمة المال كوسيلة للوفاء بالاحتياجات المادية. المال أصبح رمزاً للنجاح والكمال كفرد في الجماعة. وعوامل أخرى مثل، التعليم، و المهنة والكفاءة في العمل كلها تستحق هذه القيمة الرمزية ولكن ليست ايا منها ملموسة وقابلة للقياس كالمال. فلذلك لا يوجد شيء مقبول عالمياً كرمز للقيمة الشخصية كالمال.

القيمة الإنسانية للمال

المال هو عملية اكتساب مزيدا من القيمة كرمز وأداة لتطور واضح للإنسانية. فلقد تطور المجتمع من مراحل أولية حيث كانت السلطة، والمعرفة والثروة في أيدي نخبة صغيرة، إلى مراحل حيث صار التعليم، و الحقوق الديموقراطية والثروة موزعة على نطاق واسع. فخلال عملية التطور هذه، خضعت القوة الشخصية للحكام العسكريين لقوة مجهولة من قبل الحكومة الديموقراطية تحت قاعدة قانونية، و الوصول المحدود للعلم الديني كان قد نُشِر إلى نطاق أوسع من السكان بعد أن كان مقتصرا على الطبقة الكهنوتية. التحول نفسه يحدث الآن مع ما يتعلق بالامتيازات الاقتصادية التي كانت ذات مرة على نطاق طبقة ارستقراطية صغيرة. فالمال الذي كان سابقا رمزا للطبقه الراقيه الثريه هو الآن في طريقه ليصبح رمزا للقيمة الموروثة لكل البشرية. 

المراجع

موسوعات ذات صلة :