لابد أن الكفاءة الاقتصادية تتضمن عوامل متعددة منها مصادر الثروة بالإضافة إلى المصادر البشرية، سواء كانت مهارات عملية أو فكرية أو إدارية. وترتبط الكفاءة الاقتصادية بنوع الحكم وطريقة إدارة الدولة، وكذلك المعتقدات. كانت إدارة الاقتصاد في المعسكرين الشرقي والغربي تعتمد على معتقدات متناقضة إلى حد أوصل إلى صراع حاد في التنافس بينهما ليثبت كل منهما خطأ الآخر. وتعتمد الكفاءة الاقتصادية على المؤهلات أيضا بالأخص المؤهلات وإلى حد كبير النزاهة وهذا المقوم جاء حديثا إلى هذا الميدان.
لقد أفلح كلا المعسكرين في إنتاج قدرات عملاقة في الكفاءة الاقتصادية، ولكن معظم العالم لم يصل إلى الرفاهية المطلوبة في كل العالم، وكان الصراع تييسرا لإنضاب الأرض من مصادرها، وهو أمر كتب فيه الكثير ()، وكان القرن العشرين قرن زيادة السكان وقرن الإنجازات العلمية التي أنقذت الإنسان من الدمار، إلا أن زيادة عدد السكان أدت إلى زيادة الفقر بدرجة مهولة أرغمت أصحاب الامتيازات في العالم إلى الاعتراف بأن الفقر يكلف الجميع أكثر مما يفيدهم، وربما كان لدى المستعمرين القدامة حلم أن ينفصلوا ضمن كانتونات معزولة بعيدا عن قذارة الفقر وتلويثه لجو الكرة الأرضية، ولكن ذلك لم يكن متاحا لهم فنحن جميعا نعيش على نفس المصادر، ونتدفأ بنفس الشف ونتنفس نفس الهواء، فكان قرار العولمة (والعولمة في جزء كبير منها اقتصاد بل واقتصاد كفوء إذا أردنا إنقاذ الأرض من الكوارث المحيقة بها).
تعتمد الكفاءة الاقتصادية على السلوك البشري في استعلاك الموارد ومن الواضح أن معتقدات الإنسان تؤثر على طريقة استهلاكه، حيث لدينا استهلاك مسرف، واستهلاك رشيد، واستهلاك استعراضي، وهذا يرتبط بالسلوك الاجتماعي، للحفاظ على الإنسان نحتاج إنسانا (صديقا للبيئة) كما طرح حديثا، قبلا كان الإنسان في تاريخه في حالة حرب مع نفسه ومع البيئة وكان صراعه مع البيئة محاولة للخلاص من ويلاتها، إلا أن الإنسان (الحكيم) اكتشف أخيرا أن تدمير المصادر الاقتصادية (مصادر الثروة) يعني تدمير الأرض وهلاك البشرية. ونراه الآن يحاول أن يصحح خطأه مع تطلع إلى الماضي، لأن المهمة صعبة وصعبة جدا، ولكنها ممكنة.