الرئيسيةعريقبحث

المذبحة (لاماتزا)


☰ جدول المحتويات


المذبحة (بالإسبانية لاماتزا) حدثت انتفاضة فلاحية في 22 يناير 1932 في المقاطعات الغربية من السلفادور وقمعتها الحكومة، ثم قادها ماكسيميليانو هيرنانديز مارتينيز. أعدم الجيش السلفادوري، الذي كان متفوقًا إلى حد كبير بأسلحته وجنوده، أولئك الذين وقفوا ضده. كان التمرد خليطًا من الاحتجاج والانتفاضة وانتهى بإبادة عرقية،[1] راح ضحيته ما يقدر بنحو 10,000 إلى 40,000[2] من الفلاحين وغيرهم من المدنيين، كان الكثير منهم من سكان بيبل. [3]

الخلفية

بدأت الاضطرابات الاجتماعية السلفادورية في النمو في عشرينيات القرن العشرين، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى التجاوزات المعروفة للطبقة السياسية، والتفاوت الاجتماعي الواسع بين ملاك الأراضي والبيبل.[4][5] صرح ضابط في الجيش الأمريكي في عام 1931 أنه «يبدو أنه لا يوجد شيء بين هذه السيارات باهظة الثمن، والعربة التي يجرها الثور مع صاحبها الحافي القدمين. عمليًا لا توجد طبقة متوسطة».[6] تركت سياسات اللاتيفونديا 90% من أراضي البلاد في أيدي 14 عائلة، الذين استخدموا الأرض لزراعة القهوة باعتبارها من المحاصيل النقدية.[7]

اعتمد الاقتصاد السلفادوري إلى حد كبير على حبوب البن خلال أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، لدرجة أن هذه الفترة عرِفت باسم عصر «جمهورية القهوة». نمت صناعة البن الوطنية بتراكم ثروات مجموعة صغيرة من ملاك الأراضي والتجار الذين اشتروا أجزاء كبيرة من الأراضي، ووظفوا عددًا كبيرًا من الفلاحين، وكثير منهم من السكان الاصليين.[8][9] كانت ظروف العمل في المزارع سيئة للغاية. بحلول عام 1930، تألف الأجر من اثنين من التورتيلا، وملعقتين من الفاصولياء في بداية ونهاية كل يوم.[10] علاوةً على ذلك، دُفِعت أجور العمال على شكل سندات وكان بالإمكان استبدالها فقط في المتاجر التي يسيطر عليها أصحاب المزارع. أدى ذلك إلى احتكارات محلية دفعت أسعار المواد الغذائية إلى الارتفاع. أشارت التقديرات إلى أن تكاليف الغذاء للعمال لم تتجاوز 0.01 دولار في اليوم،[10][11] ما أدى إلى أرباح كبيرة لمالكي المزارع.

في عام 1932 كتب رئيس الوفد الأمريكي في سان سلفادور، دبليو. جاي. مكافرتي، رسالة إلى حكومته يوضح فيها الوضع السلفادوري، معلنًا أن حيوانات المزرعة تساوي أكثر من العمال لأنها مطلوبة بشدة وذات قيمة تجارية أفضل. [10]

عزز الوضع الاقتصادي العالمي الناجم عن الكساد الكبير نقص الفرص في دول مثل السلفادور.[12] بسبب انخفاض أسعار البن، أغلِقت العديد من المزارع وفقد العديد من الفلاحين وظائفهم، ما تسبب في اضطراب اقتصادي عميق. مع أن الأزمة أثرت على الناس في جميع أنحاء البلاد (وجميع دول أمريكا اللاتينية تقريبًا)،[13] لكن الأزمة كانت أكثر حدة في غرب السلفادور. جردت سياسات الرئيسين بيو روميرو بوسكي، وأرتورو أروجو جميع الأراضي تقريبًا من الفلاحين المحليين.[14] كانت هذه المنطقة مكتظة بسكان بيبل الأصليين.[15] طلب السكان الأصليون، المنفصلون عن التقدم الاقتصادي الشحيح، المساعدة من قادتهم. على الرغم من أن القانون لم يمنح أي سلطات أو اعتراف رسمي لزعماء القبائل،[16] لكن المواطنين احترموا سلطاتهم وأطاعوها. سعت الطبقة السياسية في كثير من الأحيان لنيل استحسان زعماء القبائل من أجل كسب دعم شعبهم خلال الانتخابات.[17]

بغية تخفيف حدة الأزمة الاقتصادية، نظم البيبل أنفسهم في شراكات تعاونية، جرى من خلالها توفير فرص العمل مقابل مشاركتهم في الاحتفالات الكاثوليكية. قاد زعماء القبائل هذه الشراكات، ومثّلوا العاطلين عن العمل أمام السلطات وأشرفوا على عملهم. فلسيانو آما، على سبيل المثال، كان واحدًا من أكثر زعماء القبائل نشاطًا، وحظي بتقدير كبير من قبل السكان الأصليين.[18] رتب آما لمساعدة اقتصادية من الرئيس روميرو مقابل دعم ترشحه. من ناحية أخرى، اشتدت الأزمة بسبب الصراع الدائم بين السكان الأصليين وغير الأصليين.[19] وبطبيعة الحال، كان لدى السكان غير الأصليين علاقات أفضل مع الحكومة، فعندما حدثت أعمال الشغب أو القتال، اعتقِل قادة السكان الأصليين وحكِم عليهم بالإعدام.

سبق التمرد عدم الاستقرار السياسي. حكمت النخب الليبرالية الاقتصادية السلفادور منذ عام 1871، والتي ترأست على مدى فترة طويلة من الاستقرار النسبي. بحلول الحرب العالمية الأولى، تناوبت عائلتا ملينديز، وكينيونز على الرئاسة فعليًا في تعاقب يشبه تعاقب السلالات الحاكمة. في عام 1927 انتخِب بيو روميرو بوسكي رئيسًا، وشرع في التحرر السياسي الذي أدى إلى ما يمكن القول إنه أول انتخابات حرة في التاريخ السلفادوري، والتي أجريت في عام 1931.

انتخِب أرتورو أروجو خلال انتخابات عام 1931، وسط أزمة اقتصادية حادة. بعد انقلاب عسكري، تولى نائب الرئيس ماكسيميليانو هيرنانديز مارتينيز حكم البلاد في ديسمبر عام 1931، ما شكل بداية الدكتاتورية العسكرية في السلفادور.[20] اتسم نظام هيرنانديز مارتينيز بصرامة قوانينه وعقوباته. فعلى سبيل المثال، يعاقب السارق ببتر اليد.[21] دعم مارتينيز قوات الشرطة وكان عدوانيًا خاصة في المسائل المتعلقة بالتمرد، إذ أصدر عقوبة الإعدام ضد أي شخص يعارض النظام الحاكم.

ومع أن حكم مارتينيز ربما أرضى الجيش، استمر السخط الشعبي في التزايد، واستمر معارضو الحكومة في التحريض. وفي غضون أسابيع خطط الشيوعيون، الذين اعتقدوا أن البلاد مستعدة لتمرد فلاحي، للتمرد ضد مارتينيز.

أسباب الصراع

أثرت العديد من الحوادث والمواقف تأثيرًا مباشرًا على الصراع. فمن جهة، نُظم الجيش السلفادوري لمنع أي ثورات. بدأ الفلاحون (من السكان الأصليين وغير الأصليين) بالانتفاض ضد السلطات المحلية بطريقة غير منظمة. وأخيرًا، انخرط الحزب الشيوعي السلفادوري في الأنشطة التي أدت إلى الانتفاضة.

الجيش السلفادوري عام 1932

نُظِم الجيش في أفواج من المشاة والمدفعية والرشاشات وسلاح الفرسان. كان السلاح الأكثر استخدامًا هو غيفيا 98 الألماني الصنع. لم تلعب القوات الجوية دورًا حاسمًا، واقتصرت مشاركتها في ذلك الوقت على الاستطلاع.[22]

خضع الجيش لأوامر مباشرة من الرئيس، وكان الدفاع عن الدولة هو هدفه الرئيسي. شملت القوات الأمنية المختلفة: الشرطة الوطنية، والحرس الوطني، وشرطة المزارع.[23]

تمرد الفلاحين السابق

بالنظر إلى ظروف الفقر وعدم المساواة، بدأ بعض الفلاحين الذين جردوا من أراضيهم واضطروا للعمل بأجور زهيدة بالتمرد ضد الملاك والسلطات. وبدأ ذلك على أساس فردي، ما سهل على السلطات اعتقال المتمردين أو تهديدهم. كان للملاك الكبار علاقات وثيقة بالسلطات العسكرية، لذلك تولت قوات الأمن الرسمية الدفاع عن المزارع.[24]

بعد عدة اعتقالات، بدأ الفلاحون في التنظيم بطريقة الشيء غير الظاهر، مفتقرين إلى أي نظام هرمي. ولذلك، بقيت الجهود معزولة ومتفرقة، ويسهل قمعها. اعتقلت قوات الأمن المتمردين، وحُكم على العديد منهم في وقت لاحق بالإعدام إما رميًا بالرصاص أو شنقًا. لا توجد بيانات عن عدد عمليات الإعدام التي نفذت في الأسابيع السابقة للمذبحة. غير أنه من المعروف أن العديد من قادة الفلاحين أدينوا، وكذلك العديد من المسؤولين الحكوميين الذين تعاونوا معهم بأي شكل من الأشكال.

الحزب الشيوعي السلفادوري

في الوقت الذي بدأت فيه النزاعات بين السكان الأصليين، والفلاحين، وأصحاب الأراضي، والسلطات، بدأ الحزب الشيوعي السلفادوري في توزيع كتيبات وتسجيل أعضاء جدد. تأججت الحركات بسبب الإحباط من الوعود التي قطعتها الحكومة والأحزاب السياسية.[25][26] بنى القادة الشيوعيون بقيادة فارابوندو مارتي منظمة سياسية تمكنت من الحصول على تعاطف السكان. بعد انقلاب عام 1931، اكتسبت الصحافة مزيدًا من الحرية في التعبير عن الآراء المعارضة، وزاد انتشار رسالة الحزب الشيوعي السلفادوري الثورية.

على الرغم من افتقارهم إلى برنامج حزبي محدد، فقد سجل الحزب الشيوعي السلفادوري مرشحين لانتخابات يناير 1932. تعرضت العمليات الانتخابية في تلك الفترة لانتقادات خطيرة. كان لا بد من إجراء التصويت علنًا مع السلطات. فضلت هذه الممارسة المرشحين الرسميين على نطاق واسع من خلال بث الخوف بين الناخبين وإعاقة المشاركة الديمقراطية. [27]

بعد الانتخابات، دفعت اتهامات التزوير القيادة الشيوعية إلى التخلي عن الثقة في العملية الانتخابية والسير في طريق الانتفاضة.

خًطط للانتفاضة في منتصف يناير 1932، وتضمنت دعم المتعاطفين الشيوعيين في الجيش. وقبل اندلاع الانتفاضة اعتقلت الشرطة مارتي وزعماء شيوعيين آخرين.[28] صادرت السلطات وثائق تثبت التمرد المخطط له، والذي استخدِم كدليل في المحاكمات العسكرية.

على الرغم من الضربة الأخلاقية والتنظيمية التي عانى منها الحزب، لم يلغَ التمرد. بحلول نهاية يناير 1932، أصبح الوضع الوطني فوضويًا. اعتقلت قوات الأمن أي جماعات أو أفراد متورطين في أعمال تخريبية أو ثورية. في هذه الأثناء، بدأ السكان الأصليون في الغرب في التمرد احتجاجًا على الظروف المعيشية السيئة.[29] لا يوجد دليل يدعم الموقف القائل بأن انتفاضة الفلاحين قام بها الحزب الشيوعي السلفادوري، ولكن بسبب التواريخ التي حدثت فيها كلتا الانتفاضتين، ردت القوات المسلحة بالتساوي على كلتا الحركتين.

المراجع

  1. Payés, Txanba (January 2007). "El Salvador. La insurrección de un pueblo oprimido y el etnocidio encubierto" (باللغة الإسبانية). مؤرشف من الأصل في 31 يوليو 200811 أغسطس 2008.
  2. University of California, San Diego (2001). "El Salvador elections and events 1902–1932". مؤرشف من الأصل في 21 مايو 200812 أغسطس 2008.
  3. CISPES (January 27, 2007). "La sangre de 1932" (باللغة الإسبانية). مؤرشف من الأصل في 09 مايو 202011 أغسطس 2008.
  4. "El Salvador en los años 1920–1932" (باللغة الإسبانية). مؤرشف من الأصل في 15 سبتمبر 200814 سبتمبر 2008.
  5. Armed Forces of El Salvador. "Revolución 1932" (باللغة الإسبانية). مؤرشف من الأصل في 19 يونيو 200814 سبتمبر 2008.
  6. LaFeber, Walter (1993). Inevitable Revolutions: The United States in Central America. W.W. Norton. صفحة 73.  . مؤرشف من في 9 مايو 2020.
  7. Uppsala Conflict Data Program Conflict Encyclopedia, El Salvador, In Depth, Negotiating a settlement to the conflict, http://www.ucdp.uu.se/gpdatabase/gpcountry.php?id=51&regionSelect=4-Central_Americas#, viewed on May 24, 2013
  8. Moreno, Israel (December 1997). "El Salvador: Un paisito en peligro de extinción". Revista Envío (باللغة الإسبانية). Universidad Centroamericana (189). مؤرشف من الأصل في 07 أبريل 201614 سبتمبر 2008.
  9. de La Rosa Municio, Juan Luis (January 2006). "El Salvador: Memoria histórica y organización indígena" (باللغة الإسبانية). مؤرشف من الأصل في October 8, 200814 سبتمبر 2008.
  10. Martínez, Néstor (يناير 13, 2007). "Las venas abiertas de los indígenas en El Salvador". Diario Co Latino (باللغة الإسبانية). مؤرشف من الأصل في أكتوبر 11, 2007أبريل 22, 2007.
  11. Causas y efectos de la Insurrección Campesina de enero de 1932 (باللغة الإسبانية). San Salvador: University of El Salvador. 1995.
  12. de La Rosa Municio, Juan Luis (January 2006). "El Salvador: Memoria histórica y organización indígena" (باللغة الإسبانية). مؤرشف من الأصل في October 8, 200822 أبريل 2007.
  13. Acosta Iturra, Mónica Gabriela (June 7, 2006). "La Crisis de 1929 y sus repercusiones en América Latina" (باللغة الإسبانية). مؤرشف من الأصل في 12 يوليو 201922 أبريل 2007.
  14. "Historia de El Salvador" (باللغة الإسبانية). Preselección Empresarial. مؤرشف من الأصل في سبتمبر 17, 2009أبريل 22, 2007.
  15. "Historia de Suchitoto" (باللغة الإسبانية). Oficina Municipal de Turismo de Suchitoto. مؤرشف من الأصل في 23 أكتوبر 201922 أبريل 2007.
  16. "Imagino a aquellos hombres fuertes". Diario Co Latino (باللغة الإسبانية). مارس 29, 2003. مؤرشف من الأصل في أبريل 28, 2003أبريل 23, 2007.
  17. Ministerio de Educación de la República de El Salvador (1994). Historia de El Salvador, tomo II (باللغة الإسبانية). San Salvador: MINED.
  18. Martínez Peñate, Oscar. "José Feliciano Ama es un mártir popular" (باللغة الإسبانية). مؤرشف من الأصل في سبتمبر 27, 2007أبريل 23, 2007.
  19. "La insurrección indígena de 1932". El Periódico Nuevo Enfoque (باللغة الإسبانية). مؤرشف من الأصل في سبتمبر 27, 2007أبريل 23, 2007.
  20. el Rojo, Heródoto. "El Salvador, de la esperanza a la desilusión" (باللغة الإسبانية). مؤرشف من الأصل في أبريل 8, 2010أبريل 23, 2007.
  21. Escobar, Iván (أبريل 2, 2005). "Jornadas de abril y mayo del 44" cumplen hoy 61 años". Diario Co Latino (باللغة الإسبانية). مؤرشف من الأصل في أبريل 13, 2005أبريل 23, 2007.
  22. "Revolución 1932" (باللغة الإسبانية). Fuerza Aérea de El Salvador. مؤرشف من الأصل في يونيو 19, 2008مايو 5, 2007.
  23. "El Salvador: La Segunda Guerra Mundial". Exordio (باللغة الإسبانية). July 20, 2004. مؤرشف من الأصل في 18 فبراير 2020May 5, 2007.
  24. Candelario, Sheila (January–June 2002). "Patología de una Insurrección: La prensa y la Matanza de 1932". Istmo: Revista virtual de estudios literarios y culturales centroamericanos (باللغة الإسبانية). 3. ISSN 1535-2315. مؤرشف من الأصل في 23 أكتوبر 201822 أبريل 2007.
  25. Álvarez, Joyce; Grégori, Ruth. "1932, las dos caras de una historia por contar". El Faro (باللغة الإسبانية). مؤرشف من الأصل في سبتمبر 13, 2009مايو 5, 2007.
  26. Santacruz, Domingo (November 12, 2006). "Aproximación a la historia del Partido Comunista Salvadoreño" (باللغة الإسبانية). El Centro de Documentación de los Movimientos Armados. مؤرشف من الأصل في 20 مايو 2019May 5, 2007.
  27. Galeano, Eduardo (2007). El siglo del viento (باللغة الإسبانية). Volume 3 (الطبعة 10th). Siglo XXI de España Editores. صفحة 136.  . مؤرشف من الأصل في 09 مايو 202029 أكتوبر 2017.
  28. "Farabundo Martí". Avizora (باللغة الإسبانية). مؤرشف من الأصل في 09 يناير 201723 أبريل 2007.
  29. Grégori, Ruth; Álvarez, Joyce (January 22, 2007). "Las huellas de la muerte en el presente de los indígenas". El Faro (باللغة الإسبانية). مؤرشف من الأصل في 26 سبتمبر 2007May 5, 2007.

موسوعات ذات صلة :