يشير مصطلح المستوى البيولوجي للمعيشة إلى الطريقة التي ينمو بها الكائن البشري بطريقة جيدة في بيئته الاجتماعية الاقتصادية والوبائية وهو يجسد المحتوى البيولوجي المتعلق بالرفاهية أو السعادة أونوعية الحياة. ويؤكد على ضرورة عدم التفكير في الخبرة البشرية من جانب واحد: فالسعادة تتضمن ما هو أكثر من السيطرة على السلع والخدمات. وتسهم الصحة بوجه عام، بما في ذلك تكرار الإصابة بالأمراض ومدة المرض وطول العمر، في الرفاهية - وذلك بصرف النظر عن الدخل. وينوب عن المستوى البيولوجي للمعيشة بعض المؤشرات مثل طول العمر ونسبة انتشار المرض وعادةً ما يتم تمثيله من خلال قامة الجسم لأي مجموعة سكانية. وقد تم قياس الأخير بطريقة سهلة نسبيًا، حيث إنه يرتبط بشكل إيجابي بالنتائج الصحية حتى متوسط 185 سم للرجال و170 سم للنساء.
دخل الفرد
من نواحٍ كثيرة، توفر هذه المؤشرات نظرة دقيقة على مستوى رفاهية المجتمع لأغراض المقارنة بشكل أكبر من الدخل نفسه. وينبغي التعامل مع التحليلات الخاصة بالرفاهية، وهي مفهوم أساسى في الاقتصاد ويمكن القول بأنه مفهوم له أهميته أيضًا في فروع العلوم الاجتماعية الأخرى، على أنها متعددة الأبعاد، بدلاً من مساواتها بـ الدخل المالى والمنظور التقليدى المتعلق بـ مستوى المعيشة. وليست القوة الدافعة لهذا الشكل الأكثر دقة لـ الرفاهية ذلك العدد اللامتناهي فقط من نقاط الضعف التصورية لمصطلح مستوى المعيشة التقليدى، مثل الصعوبات في تحقيق "المنفعة" أو الرفاهية لجميع الأسر أو إلى المجتمعات السكانية بمرور الوقت، بل تم تحفيزها أيضًا من خلال نقص المعلومات الموثوق بها فيما يتعلق بالدخل لفترات زمنية طويلة، إضافة إلى نقص المعلومات المصنفة مكانيًا واجتماعيًا بما فيه الكفاية حسب النوع أو حسب السن. كيف يمكن تحديد مستوى الرفاهية التي يتمتع بها سكان سويتو، على سبيل المثال حيث يعيش الجزء الأكبر من السكان من الاقتصاد غير الرسمي دون كتابة تقارير حول ذلك وتسليمها إلى المؤسسات الإحصائية؟ في السياق التاريخي، يمكننا قول نفس الشيء عن الاكتفاء الذاتي للفلاحين وربات المنازل والخدم.
علاوةً على ذلك، تظهر المشكلات حتى في الأنظمة الاقتصادية المتقدمة حيث تتوفر بيانات الدخل الاسمية عند مستوى مصنف مكانيًا، ولكن تحولها إلى دخل حقيقى يمثل عائقًا في ظل غياب مؤشر أسعار دقيق على المستوى المحلي. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي عدم المساواة بين الدخل والمنفعة أو الرفاهية لأنه لا يأخذ في الاعتبار مقدار العجز أو متاعب الحصول على هذا الدخل وأيضًا يتجاهل الوظائف ذات المنفعة المترابطة؛ أي أن التقييم الذاتي لرفاهية شخص ما لا يتم بالشروط المطلقة كما هو مفترض، ولكن يتم بالتناسب مع الدخل الخاص بأعضاء مجموعة الأقران. يميل ذلك إلى أن يكون أقل من الحالة الخاصة بالرفاهية البيولوجية، إذ أننا لا نقوم بتقييم ألم الأسنان الذي يحدث لنا مقارنة بما يحدث للآخرين. وينطوي المفهوم الرمزي في الاقتصاد، المعروف باسم تعظيم الاستفادة الشخصية المتوقف على تقييد الدخل، على بعض المشكلات من وجهة نظر مقياس الرفاهية؛ وذلك فقط بقدر ما تتمكن الأقلية في أي مجتمع من اكتساب الدخل في حين أن باقي أفراد المجتمع يكونون في الأساس معالين إلى حد ما. ففى الولايات المتحدة الأمريكية، على سبيل المثال، كان 54% من نسبة السكان في عام 2003 يحققون دخلاً ، ولكن 36% منهم فقط كانوا يعملون بـ دوام كامل على مدار العام. من هنا، يصبح التعارض بين الدخل والرفاهية شيئًا ملحوظًا، وبشكل خاص بالنسبة لـ القُصّر وكذلك (الأناث في الغالب) من يعملون في الخدمة المنزلية. علاوة على ذلك، يتم تحديد مستوى التمتع بالصحة طيلة العمر بدرجة كبيرة أثناء مرحلة الطفولة، ومن ثم فإنه يتحدد من قبل الوالدين، وليس عن طريق الأطفال أنفسهم، فتوزيع الموارد داخل الأسرة يكون غامضًا إلى حد ما. ولا يمكن التراجع عن قرارت توزيع الموارد في مرحلة مبكرة من الحياة في أغلب الحالات، وبشكل خاص بعد أن أصبحت الأسواق غير متاحة لأغلب الجوانب الصحية. ونظرًا لأن الاتجار في الأعضاء البشرية محظور قانونًا، فإن الأسعار (أو الأسعار المستقبلية) لا تتوفر لمكونات الصحة، حتى في ظل وجود بعض أشكال التأمين. بالإضافة إلى ذلك، يعتبر اكتساب المعرفة بمحددات النتائج الصحية أمرًا مكلفًا، ونتيجة لذلك فإن المعلومات المتوفرة عن المستهلكين تكون ناقصة وتتسم بعدم المصداقية. وباختصار، فإن الأطفال لا يمتلكون أي دخل في حياتهم الخاصة، وإذا ما كان لديهم أي دخل فإنهم لن يتمكنوا من تحديد مستوى تمتعهم بالصحة طيلة العمر.
الدخل القومي
كذلك، هناك عيب في استخدام الدخل القومي كمقياس إذ لا يمكن تعديله وفقًا لـ توزيع الدخل أو وفقًا لحدوث العوامل الخارجية السلبية مثل التلوث أو الازدحام أو الجريمة أو الحروب أو الكوارث الطبيعية أو الضوضاء أو وفقًا للمخاطر الإضافية المحتملة التي تؤثر على بقاء الجنس البشرى الناجمة عن الاحتباس الحرارى على سبيل المثال. وفي المجتمعات الاستبدادية، تكون البيانات الاقتصادية غير موثوق بها على نحو معروف، في حين أنه قد تتوافر معلومات دقيقة حول الجوانب الأخرى للرفاهية. وتعتبر مقارنة الدخل عبر الأنظمة الاقتصادية المختلفة أمرًا ينطوي على الكثير من التحديات بسبب المشاكل المتعلقة بتطبيق قياس المفاهيم الاقتصادية في ظل أنظمة التأمين الوطني والإمكانات المختلفة على نحو كبير. ومع ذلك، وفي حين أن هذا الأمر مفيد بلا ريب من عدة طرق، فإن الكثير من العلماء ينظرون إلى الناتج المحلي الإجمالى لكل فرد أو الدخل الشخصي أو الأجور الشخصية باعتباره مقياس روتينى للرفاهية.
منشأ المصطلح
تم استخدام مفهوم المستوى البيولوجي للمعيشة في الأدب من قِبل جون كوملوز (John Komlos) في عام 1989.
مقالات ذات صلة
المراجع
- Craig, L. and T. Weiss (1998), ‘Nutritional Status and Agricultural Surpluses in the Antebellum United States’, in J. Komlos and J. Baten (eds), The Biological Standard of Living in Comparative Perspective, Stuttgart: Franz Steiner.
- Cuff, T. (2005), The Hidden Cost of Economic Development: The Biological Standard of Living in Antebellum Pennsylvania, Aldershot, Hants, England: Ashgate.
- Komlos, J. (1995) The Biological Standard of Living in Europe and America 1700-1900. Studies in Anthropometric History, Aldershot, England: Variorum Press, 1995.
- Komlos, J. (1995) The Biological Standard of Living on Three Continents: Further Essays in Anthropometric History, Boulder: Westview Press.
- Komlos, J. and Coclanis, P. (1997) "On the 'Puzzling' Antebellum Cycle of the Biological Standard of Living: the Case of Georgia," Explorations in Economic History, 34 (Oct.) 4:433-59.
- Komlos, J. and Kriwy, P. (2003) “The Biological Standard of Living in the Two Germanies,” German Economic Review 4, 4: 493-507.