محمد بن ظفر بن عمير بن أبي شمر الكندي هو أحد شعراء العصر الأموي من قبيلة كندة اليمنية في جنوب الجزيرة العربية[1][2]، من أهل حضرموت وُلد بـوادي دوعن[1]، قيل أنه لُقِبَ بالمقنع لأنَّه كان أجملَ وأحسن النَّاس وجهًا وأمدَّهم قامةً وأكملهم خلقًا، وكان إذا سفر اللثام عن وجهه أصابته العين ويمرض ويلحقه عنت؛ فكان لا يمشي إلا مقنعاً ساتراً وجهه متَلثماً خوفاً من العين، وقيل أيضاً لأنه فارس رئيس مغطى بالسلاح[1] كما قال الجاحظ وقال التبريزي في تفسيره للقبه أن المقنع هو اللابس لسلاحه، عاصر عبدالملك بن مروان وامتدحه[3]، كان له محل كبير وشرف ومروءة وكان المقنع يُعرف بمكانته ومنزلته الرفيعة داخل عشيرته[2]. يمتاز شعره برصانة الأسلوب وانتقاء الألفاظ والمفردات الشعرية بعناية فائقة تعرب عن تمكنه في صناعة الشعر وسمو مكانه بين شعراء العربية، كان سمح اليد بماله حتى نفد ما خلفه أبوه من مال؛ فاستعلى عليه بنو عمه بمالهم وجاههم وردوه حين خطب ابنتهم، وعيروه بتضييعه ماله وفقره ودينه فرَدّ على بني قومه حينما عاتبوه على كثرة أنفاقه والاستدانة في سبيلهم بقصيدة "دين الكريم"[1] توفي المقنع سنة 689م[2][4].
محمد بن ظفر بن عمير بن أبي شمر الكندي | |
---|---|
معلومات شخصية | |
الميلاد | 600م وادي دوعن. |
تاريخ الوفاة | 689م. |
الجنسية | الدولة الأموية |
العرق | عرب |
نشأ في | اليمن، جنوب شبه الجزيرة العربية. |
منصب | |
زعيم ورئيس قبيلة. | |
سبقه | ظفر بن عمير بن أبي شمر الكندي. |
الحياة العملية | |
المهنة | شاعر. |
أعمال بارزة | شعر دين الكريم. |
نسبه
محمد بن ظفر بن عمير بن أبي شمر بن فرعان بن قيس بن الأسود بن عبد الله بن الحارث بن عمرو بن معاوية بن كِنْدَة بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان[2][4].
حياته
ولد الكندي في وادي دوعن بحضرموت في قبيلة كندة اليمنية جنوب الجزيرة العربية، ولا تعرف سنة مولده ولكنه عاصر الدولة الأموية، أحبَّ ابنة عمِّه وخطبها إلى أبيها وإخوتها، فرفضوا تزويجه إيَّاها بحجة فقره ودَينه، لأنَّه كان لا يردُّ سائلاً، فقد كان كريمًا جوَّادًا سمح اليد، جيِّد السر والسَّريرة[2][4].
كان جدّ المقنع عمير زعيم كندة، وبعد موته نشأ خلاف بين والد المقنع وهو ظفر وعمه عمرو بن أبي شمر على الزعامة، لكنّه كان لا يصل إليها ويقصر عنها، وقد كان هذا الخلاف سبباً في الخلاف بين المقنع الكندي وأبناء عمّه في ما بعد وقد يكون هذا سبب رفض أبناء عمّه تزويجه أختهم[4].
مما قيل عنه
قال عنه الهيثم بن عدي:
كان عمير جده سيد كندة، وكان عمه عمرو بن أبي شمر ينازع أباه الرياسة ويساجله فيها، فيقصر عنه. نشأ محمد بن عمير المقنع، فكان متخرقاً في عطاياه، سمح اليد بماله، لا يرد سائلاً عن شيء حتى أتلف كل ما خلفه أبوه من مال، فاستعلاه بنو عمه عمرو بن أبي شمر بأموالهم وجاههم.
بنو عمه لم يزوجوه أختهم لفقره ودينه وهوي بنت عمه عمرو فخطبها إلى إخوتها، فردوه وعيروه بتخرقه وفقره وما عليه من الدين.
نشأ المقنع في وسط هذا وعرف بالإنفاق وحب العطاء فانفق ما تركه له والده حتى أصبح مديناً، وجاءت إحدى قصائده "الدالية" معبرة عن حاله بعد استدانته من أبناء عمه، وتعد هذه القصيدة من أطول القصائد التي كتبها، واشهرها، وفي هذه القصيدة قام بالرد على أقاربه بعدما عاتبوه على كثرة إنفاقه والاستدانة منهم، فهو الكريم الذي لا يرد سائل[2][4].
قال عنه الأصفهاني في أغانيه:
إنّه كان أجمل الناس وجها، وكان إذا سفر اللثام عن وجهه أصابته العين، فيمرض ويجلس طريح الفراش لا يغادره مدة من الزمن؛ ولهذا كان يغطي وجهه دائما بقناع خوفا وحيطة[4].
أشعاره
تعد قصيدة الدالية أو قصيدة دين الكريم من أشهر قصائد المقنع وفيها يقول:
يُعاتِبُني في الدينِ قَومي وَإِنَّما | دُيونيَ في أَشياءَ تُكسِبُهُم حَمدا | |
أَلَم يَرَ قَومي كَيفَ أوسِرَ مَرَّة | وَأُعسِرُ حَتّى تَبلُغَ العُسرَةُ الجَهدا | |
فَما زادَني الإِقتارُ مِنهُم تَقَرُّباً | وَلا زادَني فَضلُ الغِنى مِنهُم بُعدا | |
أسُدُّ بِهِ ما قَد أَخَلّوا وَضَيَّعوا | ثُغورَ حُقوقٍ ما أَطاقوا لَها سَدّا | |
وَفي جَفنَةٍ ما يُغلَق البابُ دونها | مُكلَّلةٍ لَحماً مُدَفِّقةٍ ثَردا | |
وَفي فَرَسٍ نَهدٍ عَتيقٍ جَعَلتُهُ | حِجاباً لِبَيتي ثُمَّ أَخدَمتُه عَبدا | |
وَإِن الَّذي بَيني وَبَين بَني أَبي | وَبَينَ بَني عَمّي لَمُختَلِفُ جِدّا | |
أَراهُم إِلى نَصري بِطاءً وَإِن هُم | دَعَوني إِلى نَصرٍ أَتيتُهُم شَدّا | |
فَإِن يَأكُلوا لَحمي وَفَرتُ لحومَهُم | وَإِن يَهدِموا مَجدي بنيتُ لَهُم مَجدا | |
وَإِن ضَيَّعوا غيبي حَفظتُ غيوبَهُم | وَإِن هُم هَوَوا غَييِّ هَوَيتُ لَهُم رُشدا | |
وَلَيسوا إِلى نَصري سِراعاً وَإِن هُمُ | دَعوني إِلى نَصيرٍ أَتَيتُهُم شَدّا | |
وَإِن زَجَروا طَيراً بِنَحسٍ تَمرُّ بي | زَجَرتُ لَهُم طَيراً تَمُرُّ بِهِم سَعدا | |
وَإِن هَبطوا غوراً لِأَمرٍ يَسؤني | طَلَعتُ لَهُم ما يَسُرُّهُمُ نَجدا | |
فَإِن قَدحوا لي نارَ زندٍ يَشينُني | قَدَحتُ لَهُم في نار مكرُمةٍ زَندا | |
وَإِن بادَهوني بِالعَداوَةِ لَم أَكُن | أَبادُهُم إِلّا بِما يَنعَت الرُشدا | |
وَإِن قَطَعوا مِنّي الأَواصِر ضَلَّةً | وَصَلتُ لَهُم مُنّي المَحَبَّةِ وَالوُدّ | |
وَلا أَحمِلُ الحِقدَ القَديمَ عَلَيهِم | وَلَيسَ كَريمُ القَومِ مَن يَحمِلُ الحِقد | |
فَذلِكَ دَأبي في الحَياةِ وَدَأبُهُم | سَجيسَ اللَيالي أَو يُزيرونَني اللَحدا | |
لَهُم جُلُّ مالي إِن تَتابَعَ لي غَنّى | وَإِن قَلَّ مالي لَم أُكَلِّفهُم رِفدا | |
وَإِنّي لَعَبدُ الضَيفِ ما دامَ نازِلاً | وَما شيمَةٌ لي غَيرُها تُشبهُ العَبدا | |
عَلى أَنَّ قَومي ما تَرى عَين ناظِرٍ | كَشَيبِهِم شَيباً وَلا مُردهم مُرداً | |
بِفَضلٍ وَأَحلام وجودِ وَسُؤدُد | وَقَومي رَبيع في الزَمانِ إِذا شَدّا |
وقال أيضاً:
إِنِّي أُحَرِّضُ أَهْلَ الْبُخْلِ كُلَّهُمُ | لَوْ كَانَ يَنْفَعُ أَهْلَ الْبُخْلِ تَحْرِيضِي | |
مَا قَلَّ مَالِيَ إِلاَّ زَادَنِي كَرَمًا | حَتَّى يَكُونَ بِرِزْقِ اللَّهِ تَعْوِيضِي | |
وَالْمَالُ يَرْفَعُ مَنْ لَوْلاَ دَرَاهِمُهُ | أَمْسَى يُقَلِّبُ فِينَا طَرْفَ مَخْفُوضِ | |
لَنْ تَخْرُجَ البِيضُ عَفْوًا مِنْ أَكُفِّهِمُ | إِلاَّ عَلَى وَجَعٍ مِنْهُمْ وَتَمْرِيضِ | |
كَأَنَّهَا مِنْ جُلُودِ الْبَاخِلِينَ بِهَا | عِنْدَ النَّوَائِبِ تُحْذَى بِالْمَقَارِيضِ | |
وَفي فَرَسٍ نَهدٍ عَتيقٍ جَعَلتُهُ | حِجاباً لِبَيتي ثُمَّ أَخدَمتُه عَبدا | |
وَإِن الَّذي بَيني وَبَين بَني أَبي | وَبَينَ بَني عَمّي لَمُختَلِفُ جِدّا | |
أَراهُم إِلى نَصري بِطاءً وَإِن هُم | دَعَوني إِلى نَصرٍ أَتيتُهُم شَدّا | |
فَإِن يَأكُلوا لَحمي وَفَرتُ لحومَهُم | وَإِن يَهدِموا مَجدي بنيتُ لَهُم مَجدا | |
وَإِن ضَيَّعوا غيبي حَفظتُ غيوبَهُم | وَإِن هُم هَوَوا غَييِّ هَوَيتُ لَهُم رُشدا | |
وَلَيسوا إِلى نَصري سِراعاً وَإِن هُمُ | دَعوني إِلى نَصيرٍ أَتَيتُهُم شَدّا | |
وَإِن زَجَروا طَيراً بِنَحسٍ تَمرُّ بي | زَجَرتُ لَهُم طَيراً تَمُرُّ بِهِم سَعدا | |
وَإِن هَبطوا غوراً لِأَمرٍ يَسؤني | طَلَعتُ لَهُم ما يَسُرُّهُمُ نَجدا | |
فَإِن قَدحوا لي نارَ زندٍ يَشينُني | قَدَحتُ لَهُم في نار مكرُمةٍ زَندا | |
وَإِن بادَهوني بِالعَداوَةِ لَم أَكُن | أَبادُهُم إِلّا بِما يَنعَت الرُشدا | |
وَإِن قَطَعوا مِنّي الأَواصِر ضَلَّةً | وَصَلتُ لَهُم مُنّي المَحَبَّةِ وَالوُدّ | |
وَلا أَحمِلُ الحِقدَ القَديمَ عَلَيهِم | وَلَيسَ كَريمُ القَومِ مَن يَحمِلُ الحِقد | |
فَذلِكَ دَأبي في الحَياةِ وَدَأبُهُم | سَجيسَ اللَيالي أَو يُزيرونَني اللَحدا | |
لَهُم جُلُّ مالي إِن تَتابَعَ لي غَنّى | وَإِن قَلَّ مالي لَم أُكَلِّفهُم رِفدا | |
وَإِنّي لَعَبدُ الضَيفِ ما دامَ نازِلاً | وَما شيمَةٌ لي غَيرُها تُشبهُ العَبدا | |
عَلى أَنَّ قَومي ما تَرى عَين ناظِرٍ | كَشَيبِهِم شَيباً وَلا مُردهم مُرداً | |
بِفَضلٍ وَأَحلام وجودِ وَسُؤدُد | وَقَومي رَبيع في الزَمانِ إِذا شَدّا |
انظر أيضاً
مراجع
- لغتي الخالدة: الفصل الأول/ وزارة التعليم-الرياض، 1430هـ
- "المقنع الكندي". www.alukah.net. 2009-10-08. مؤرشف من الأصل في 10 ديسمبر 201720 أكتوبر 2016.
- هاشم الأعلام ح6، ص320.
- "Al- Hakawati". al-hakawati.net20 أكتوبر 2016.