النعمان بن امرئ القيس بن عمرو من أشهر حكام المناذرة حكم في الفترة (390-418)، ويلقب بالنعمان الأعور والنعمان السائح، وهو باني الخورنق، وفي عهده ازدهرت الحيرة ازدهارا كبيرا لم تشهد مثيله بل واقترن اسمه بالحيرة فعرفت عند بعض المؤرخين بحيرة النعمان، وهو أول من حارب بالكتيبتين كتيبة الشهباء ودوسر[1] اللتان كان يغزو بهما من لا يدين له من العرب[2] وله ثلاث كتائب اخريات غير نظامية بالإضافة للمذكورتين هي "الصنائع" و"الوضائع" و"الرهائن"، وكل الملك الفارسي الساساني يزدجرد بن سابور له رعاية أبنه بهرام الخامس فرباه منذ صغره ثم ساعده المنذر ابنه بعد ذلك على تولي العرش بعد محاولة بعض النبلاء اقصاء بهرام، وفي عهد النعمان بدأت جذور المسيحية التي كانت قد نبتت في عهد امرئ القيس الأول تنموا ويستقيم عودها، فقد اجتذب انعزال القديس سمعان العمودي على قمة جبل في منطقة حلب جمهورا كبيرا من عرب الحيرة العباد، وكانوا يقصدونه ليباركهم أو يشفيهم من أمراضهم. ولما بلغ ذلك النعمان خاف أن تتعرض مصالح دولته للأخطار نتيجة إقامة رعاياه الحيريين، في بلاد الرومان، الأعداء الألداء للفرس، فأمر بمنع هذه الرحلات، وهدد قصاد القديس بالتعرض للعقاب. لكن القديس سمعان أتاه في إحدى رؤياه، محاطا بشماسيه ونهره بشده، وأمر شماسيه بأن يضرباه بالعصا. فانتبه من نومه منهكا عليلا، وأيقن أن هذه الرؤيا إنذار سماوي، فأباح حرية ممارسة المسيحية، وأباح بناء الكنائس، وتلقى الرهبان الأساقفة وفي عهده شارك "هوشاع" اسقف الحيرة في مجمع اسحق الجاثليق عام 410م. وتم شفاؤه بعد ذلك ثم تنصر وعمده اسقف الحيرة[3]، واعتبرت الرؤيا معجزة من معجزات القديس سمعان. وقد روى هذه القصة القس كوزماس عن لسان قائد روماني يدعى أنطيخوس، سمعها بأذنه من فم النعمان نفسه، وذلك عندما زاره هذا القائد في الحيرة. ويضيف كوزماس قائلا أن النعمان كان من قبل ذلك يريد من قلبه اعتناق المسيحية لولا مداراته لملك الفرس[4]، وقيل إن الذي أشار عليه بالدخول في النصرانية أسقف كان بالحيرة اسمه شمعون بن حنظلة من بني لحيان من أهل الحيرة[5]، ويروي الإخباريون تأكيدا لهذه الرواية مايلي: "أن النعمان جلس في يوم من أيام الربيع في قصره الخورنق فأشرف منه على النجف وما يليه من البساتين والنخل والجنان والأنهار... فأعجبه ما رأى من الخضرة والنور والأنهار، فقال لوزيره وصاحبه: هل رأيت مثل هذا المنظر قط؟ فقال: لا، لو كان يدوم! قال: فما الذي يدوم؟ قال: ما عند الله في الآخرة، قال: فيم ينال ذلك؟ قال: بترك الدنيا وعبادة الله والتماس ما عنده. فترك ملكه من ليلته، ولبس المسوح مستخفيًا هاربًا لا يعلم به، وأصبح الناس لا يعلمون بحاله، فحضروا بابه، فلم يؤذن لهم عليه كما كان يفعل. فلما أبطأ الإذن عليهم، سألوا عنه، فلم يجدوه، وساح الملك منذ ذلك الحين في الأرض، فلم يره إنسان"[6] وقال ابن خلدون نقلا عن البيهقي أن أول من تنصر من بني نصر النعمان بن الشقيقة[7].
النعمان بن امرئ القيس | |
---|---|
رسم توضيحي يعود للقرن الحادي عشر للنعمان وهو يرمي سنمار من سطح قصر الخورنق.
| |
معلومات شخصية | |
الميلاد | القرن 4 |
أبناء | المنذر بن النعمان |
المصادر
- الطبري "2/ 73"، "2/ 67" "دار المعارف"، حمزة "ص 67".
- حمزة ص 68, الطبري ج 1 قسم 2 ص 853
- لويس شيخو: النصرانية "ص82"
- السمعاني "1/ 247"، الحيرة "151". Causin, 254
- المناقب المزيدية في اخبار الملوك الاسدية، ص42
- الطبري "2/ 73 وما بعدها"، "2/ 67"، "دار المعارف"، حمزة "ص 68". المعارف "ص 282".
- ابن خلدون ج2 ص567