ولدت بارك يون مي أو (يون مي بارك) في 4/10/1993م، هي ناشطة في مجال حقوق الإنسان ولكنها هربت من كوريا الشمالية إلى الصين في عام 2007م ثم استقرت في كوريا الجنوبية في عام 2009م؛ تنحدر من عائلة متعلمة وذات نفوذ سياسي كبير ساعد العائلة في العمل بالتجارة في السوق السوداء خلال الانهيار الاقتصادي في كوريا الشمالية في التسعينيات.[1] واجهت يون مي وعائلتها الموت جوعاً بعد أن أُرسل والدها إلى مخيمات العمل كعقوبة له بسبب عمله في التهريب، مما جعلهم يهربون إلى الصين إلا أنهم وقعوا في قبضة المتاجرين في البشر قبل أن يستطيعوا الفرار إلى منغوليا؛[2] أما اليوم تعتبر بارك يون مي من المدافعين عن ضحايا الإتجار بالبشر في الصين كما أنها تعمل على تعزيز حقوق الإنسان في كوريا الشمالية والعالم أجمع.
حصلت بارك على مكانتها العالمية بعد خطابها الشهير في قمة "عالم شاب واحد" –One Young World- في عام 2014م، في دبلن، إيرلندا (وهي قمة سنوية تجمع الشباب من كل أنحاء العالم لتطوير حلول للمشاكل العالمية التي تواجه الشباب).[3] من الجدير بالذكر أن الخطاب الذي ألقته في تلك القمة حول تجربة الهروب المروعة التي خاضتها حصل على مليونين مشاهدة على موقع يوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي خلال يومين فقط، أما اليوم فقد تجاوز الثمانين مليون مشاهدة.[4] نُشر كتابها "من أجل أن نحيا: رحلة فتاة كورية شمالية نحو الحرية" - In Order to Live: A North Korean Girl's Journey to Freedom – في شهر أيلول في عام 2015م.[5]
على أنَّ عدداً من خبراء دولة كوريا الشمالية يُشكّكون بمصداقية بارك يون مي.[6]
الحياة المبكرة
ولدت بارك في الرابع من تشرين الأول من عام 1993م في هيسان، ريانجانج، كوريا الشمالية. كان والدها موظفاً حكومياً يعمل في مجلس مدينة هيسان كجزء من حزب العمال الحاكم، أما والدتها فكانت ممرضة للجيش الكوري الشمالي؛ لاحقاً أسس والدها تجارة تعتمد على تهريب المعادن في العاصمة بيونغ يانغ حيث استقر معظم أيام السنة في حين بقيت زوجته وابنته في هيسان؛ على الرغم من أن عائلتها كانت غنية وذات نفوذ كبير في كوريا الشمالية إلا أنها واجهت الموت جوعاً بعد سجن الوالد بسبب مشاركته غي أعمال غير قانونية؛[7] من الجدير بالذكر أيضاً أن لبارك أختاً أكبر منها تدعى إيونمي.
الهروب من كوريا الشمالية
بدأت وجهة نظر بارك بالتغير تجاه العائلة الحاكمة في كوريا الشمالية بعد مشاهدتها لفيلم التايتنك على DVD مهرب، وتقول أن الفيلم ساعدها لتدرك الطبيعة الظالمة لحكومة كوريا الشمالية كما أنه علّمها المعنى الحقيقي للحب وعرّفها على طعم الحرية.[8]
عندما تم لم شمل العائلة شجع والد بارك عائلته على الهرب من كوريا الشمالية إلى الصين، لكن لسوء الحظ هربت شقيقة بارك الكبرى إيونمي في وقت مبكر بدون إخطار عائلتها لذلك خشيت بارك والعائلة من أن تتم معاقبتهم على هروب إيونمي لذلك فروا إلى الصين بمساعدة بعض المهربين الذين ينقلون الأشخاص من كوريا الشمالية إلى الصين؛ لاحقاً قام المبشرون المسيحيون الكوريون والصينيون بمساعدة العائلة على الانتقال إلى منغوليا، ومن ثم سهل الدبلوماسيون في كوريا الجنوبية انتقال العائلة إلى سيئول حيث اختتمت هذه الرحلة المؤلمة في عام 2009م.[1]
الصين
هربت بارك والدتها من كوريا الشمالية وعبرتا الحدود إلى الصين في 30 آذار من عام 2007م بمساعدة مهربي البشر، عبرت بارك وأمها نهراً متحمداً وثلاثة جبال للوصول إلى الحدود الصينية، كان والد بارك مريضاً فبقي في كوريا الشمالية خوفاً من أن يبطئ عملية الهروب،[1][9] بعد عبور الحدود الصينية توجهت بارك وأمها إلى مقاطعة جيلين الصينية من أجل البحث عن إيونمي وعندما فشلا في ذلك اعتقدتا أنها ماتت.[1]
هدد أحد المتاجرين بالبشر بالإبلاغ عن بارك ووالدتها إن لم يمارس الجنس مع بارك لكن بسبب خوف والدة بارك على طفلتها عرضت هي نفسها على المتاجرين، ولاحقاً أرسلت بارك رسالة لوالدها من أجل التحضير لتهريبه إلى الصين حيث اكتشف هناك أنه مصاب بسرطان القولون غير القابل للعلاج.في عام 2008م بينما كانت الأسرة تعيش في الخفاء، توفي والد بارك عن عمر يناهز 45 عاماً، ولم تتمكن الأسرة من إقامة عزاء مناسب خوفاً من أن يتم اكتشافهم من قبل السلطات الصينية، وتم دفن الأب في جبل قريب وقد قالت بارك إثر هذه الحادثة: "لم يكن هناك جنازة، لاشيء. لم أستطع حتى أن أفعل ذلك من أجل والدي. لم أتمكن من الاتصال بأي أحد لأخبرهم أن والدي توفي".
عثرت بارك ووالدتها على مأوى مسيحي يقوم عليه مبشرون صينيون وكوريون جنوبيون في مدينة تشينغداو الساحلية في الصين، وبمساعدة المبشرين وبسبب كثرة السكان الكوريين في المدينة تمكنت بارك ووالدتها من الإفلات من انتباه السلطات الصينية لتفرا معاً إلى كوريا الجنوبية عبر منغوليا.[1]
منغوليا
في شباط 2009م، بعد تلقي المساعدات من نشطاء حقوق الإنسان والمبشرين المسيحيين، سافرت بارك ووالدتها إلى منغوليا لطلب اللجوء من الدبلوماسيين الكوريين الجنوبيين الذين كانوا يسافرون عبر صحراء غوبي.[1] عندما وصلوا إلى الحدود المنغولية أوقفهم الحراس وهددوهما بترحيلهما إلى الصين، وقالت بارك أنها في هذه المرحلة تعاهدت مع أمها على قتل نفسيهما بسكاكينهما الخاصة إن عادتا إلى الصين وقالت أيضاً "ظننت أنها نهاية حياتي، كنا نقول وداعاً لبعضنا البعض". وبسبب هذه الأفعال اقتنع الحراس بإدخالهما إلى الحدود لكنهما وُضعتا رهن الاعتقال[10] وتم احتجازهما في مركز احتجاز في أولانباتار –عاصمة منغوليا-؛ في 1 نيسان من عام 2009م تم إرسال بارك ووالدتها إلى مطار جنكيز خان في أولان باتور لنقلهم إلى سيئول، شعرت بارك أنها حرة للمرة الأولى منذ زمن طويل.[1]
كوريا الجنوبية
في البداية واجهت بارك ووالدتها صعوبة في التكيف مع حياتهما الجديدة في كوريا الجنوبية، لكنهما نجحتا في العثور على عمل كمساعدتين في المتاجر ونادلتين؛ واصلت بارك تعليمها في جامعة دونجونك في سيئول،[1][11] وفي نيسان 2014م أبلغت المخابرات الكورية الجنوبية بارك أن شقيقتها هربت إلى كوريا الجنوبية عبر الصين وتايلاند، وفي نهاية المطاف تم لم شمل الشقيقتان مع والدتهما.[1]
الولايات المتحدة الأمريكية
انتقلت بارك إلى مدينة نيويورك في عام 2014م لإكمال كتابها أثناء توسيع عملها كناشطة في مجال حقوق الإنسان، ودرست بعض الفصول الدراسية في كلية بارنارد ثم تقدمت بطلب التحاق بكلية الدراسات العامة بجامعة كولومبيا بدءاً من العام الدراسي في خريف 2016م وهي تتابع حالياً دراستها للحصول على بكالوريوس في الاقتصاد.[12]
النشاطات وردود الفعل
منذ أن هربت، كتبت بارك وتحدثت علناً عن حياتها في كوريا الشمالية كما كتبت لصحيفة واشنطن بوست (Washington Post) كما أجرت صحيفة ذا غارديان (The Guardian) مقابلة معها بهذا الخصوص،[13][14] تعتبر بارك من المتطوعين في البرامج الناشطة بمجال حقوق الإنسان مثل مؤسسة مصنع الحرية وهو مركز أبحاث لتطوير الأفكار المجتمعية في كوريا الجنوبية،[13] كما أصبحت عضواً في -LiNK- (الحرية في كوريا الجنوبية) - Liberty in North Korea – وهي منظمة غير ربحية تعمل على إنقاذ اللاجئين الكوريين الشماليين المختبئين في الصين وإعادة توطينهم في كوريا الجنوبية والولايات المتحدة الأمريكية. في الفترة الممتدة من 12 إلى 15 حزيران 2014م حضرت بارك قمة لينك -LiNK- في جامعة - Pepperdine - في ماليبو، كاليفورنيا، حيث عملت –بالتعاون مع عدة ناشطين كوريين مثل جو يانغ (Joo Yang) وسيونغمين لي (Seongmin Lee)- على شرح ظروف الحياة في كوريا الشمالية للمشاركين بالإضافة إلى شرح طرق مساعدة اللاجئين. شاركت بارك أيضاً في حملة لينك - The Jangmadang (장마당) -؛ وكانت بارك صريحة جداً في انتقاد نظام الحكم الكوري الشمالي حتى في مجال السياحة حيث كانت تقول أنه على الزوار الانحناء أمام تماثيل كيم جونغ إيل وكيم إيل سونغ.[15] تم اختيارها لتكون واحدة من الـ 100 امرأة في بي بي سي -BBC- لعام 2014م، كما أنها عضو في مجموعة هيلينا،[16][17] بالإضافة إلى أن برنامج تيد إكس الشهير -TEDx- تناول قصة هروب بارك في أكثر من حلقة وفي عدة أحداث عالمية. عملت أيضاً بارك كمضيفة ومحاورة مشاركة مع كايسي لارتيج - Casey Lartigue – في برنامج حواري يدعى بودكاست كوريا الشمالية اليوم، يناقش البودكاست مواضيع كوريا الشمالية وحياة اللاجئين بعد هروبهم؛ تطوعت بارك لهذا العمل لجعل العالم يدرك القمع الذي يتعرض له شعب كوريا الشمالية. أعلنت بارك زواجها في 1 كانون الثاني 2017م من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وتزوجت من إزيكييل[18] وأنجبت منه ولد في آذار 2018م.[19]
المعتقدات
تعتقد بارك أن هناك إمكانيات إيجابية وسلبية لإعادة توحيد الكوريتين، كما أنها تعتقد أنه لا يوجد كوريون شماليون وكوريون جنوبيون في كوريا وإنما فقط كوريون.[3] تعتقد بارك أن التغيير قد يحدث في كوريا الشمالية طالما أنها هي والمنشقون الكوريون الآخرون مستمرون في الدفاع عن حقوق الإنسان في كوريا الشمالية؛ وفقاً لمجلة - National Review – فإن بارك تفترض أن النظام سيتكيف في كوريا الشمالية مع متطلبات الشعب تماماً كما حدث مع الشيوعيين الصينيين والشيوعيين الفيتناميين،[11] وهذا من شأنه أن يسمح للشيوعيين الكوريين الشماليين بالثبات على مواقفهم لمدة غير محددة من الزمن، وبالتالي سيضطر الزعيم الكوري الشمالي عندها أن يركز على شعبه أكثر مما سيخلق أبواباً واسعة من الانفتاح على العالم. كما أن السوق السوداء ستتحول لسوق متطور يحسن من الوضع المجتمعي في البلاد وقد يوفر وصول أوسع إلى وسائل الإعلام العالمية، بحسب تعبير بارك. وتقول بارك أيضاً :" إذا عدت إلى كوريا الشمالية يوماً ما بعد إصلاحها، سأكون بقمة سعادتي للقاء زملائي وأصدقائي في الوقت الذي سنكون نحاول فيه جلب الثروة والحرية للأشخاص الذين عانوا من الفقر في ظل حكم عائلة كيم".[20] تقول بارك أيضاً أن كيم جونغ أون قائد قاسٍ بسبب استمراره في إساءة معاملة شعبه، كما قالت: "إنه مجرم، إنه يقتل الناس هناك، بعد أن حصل على السلطة قتل 80 شخصاً في يوم واحد لأسباب تافهة مثل مشاهدة فيلم أو قراءة الإنجيل، هذا الشاب قاسٍ جداً، لقد أمر بإطلاق النار على كل من يحاول الخروج من البلاد".[21]
في ظهور جديد لبارك على الإنترنت قالت أن وجود بعض التناقضات في أقوالها يعود إلى محدودية معرفتها باللغة الإنكليزية بالإضافة إلى بعض التشويش الذي تعاني منه حول ذكريات طفولتها.[6]
المراجع
- Phillips, Tom (October 10, 2014). "Escape from North Korea: 'How I escaped horrors of life under Kim Jong-il". ديلي تلغراف. مؤرشف من الأصل في 11 سبتمبر 201818 سبتمبر 2015.
- "Kim Jong Un doesn't like me at all," says 21-year-old defector from North Korea". مؤرشف من الأصل في 26 ديسمبر 201718 سبتمبر 2015.
- Gupta, Priyanka. "Escaping North Korea: one refugee's story". www.aljazeera.com. مؤرشف من الأصل في 01 أغسطس 201825 سبتمبر 2015.
- "Video by Higher Perspective". Higher Perspective (facebook). 12 March 2017. مؤرشف من الأصل في 06 أكتوبر 201713 مارس 2017.
- Park, Yeonmi; Vollers, Maryanne (29 September 2015). In Order to Live: A North Korean Girl's Journey to Freedom. New York: Penguin Press. . OCLC 921419691. مؤرشف من الأصل في 17 مارس 2019. نسخة محفوظة 17 مارس 2019 على موقع واي باك مشين.
- Diplomat, Mary Ann Jolley, The. "The Strange Tale of Yeonmi Park". مؤرشف من الأصل في 13 سبتمبر 2018.
- "Summit Speaker — Yeonmi Park - Liberty in North Korea". مؤرشف من الأصل في 12 يونيو 201825 سبتمبر 2015.
- Hakim, Danny (2014-10-25). "The World's Dissidents Have Their Say". The New York Times. ISSN 0362-4331. مؤرشف من الأصل في 03 أغسطس 201825 سبتمبر 2015.
- Vollers, Maryanne. "The woman who faces the wrath of North Korea". the Guardian. مؤرشف من الأصل في 12 سبتمبر 201825 سبتمبر 2015.
- TomoNews US (21 October 2014). "Yeonmi Park's story: Escapee from North Korea speaks out". مؤرشف من الأصل في 30 أكتوبر 2014 – عبر YouTube.
- Nordlinger, Jay (November 17, 2015). "Witness from Hell". National Review. مؤرشف من الأصل في 23 مارس 201725 سبتمبر 2015.
- "News School". gs.columbia.edu. مؤرشف من الأصل في 23 يونيو 2018.
- Crocker, Lizzie (October 31, 2014). "How 'Titanic 'Helped This Brave Young Woman Escape North Korea's Totalitarian State". ذا ديلي بيست. مؤرشف من الأصل في 04 مايو 2017November 1, 2014.
- Park, Yeon-mi; Shearlaw, Maeve (October 29, 2014). "The North Korean defector who continues to defy regime – live Q&A as it happened". الغارديان. مؤرشف من الأصل في 20 يوليو 2018November 1, 2014.
- Thompson, Nathan A. "The Ethics of Taking a Trip to North Korea as a Tourist". NBC News. مؤرشف من الأصل في 05 أغسطس 201803 نوفمبر 2014.
- "Who are the 100 Women 2014?". BBC. 26 October 2014. مؤرشف من الأصل في 28 مايو 201804 ديسمبر 2016.
- "Helena Group Members". Helena Group Foundation. 2017. مؤرشف من الأصل في 21 يوليو 2018.
- "Yeonmi & Ezekiel – Wedding – Battery Park – Love's Long Journey". مؤرشف من الأصل في 09 مارس 201823 مارس 2018.
- https%3A%2F%2Fwww.facebook.com%2FOfficialYeonmiPark%2Fposts%2F1576895062428580 "Yeonmi Park". مؤرشف من https%3A%2F%2Fwww.facebook.com%2FOfficialYeonmiPark%2Fposts%2F1576895062428580 الأصل في 13 ديسمبر 201923 مارس 2018.
- "North Korea's best hope". post-gazette.com. مؤرشف من الأصل في 15 فبراير 201813 مايو 2017.
- Gupta, Priyanka (15 October 2014). "Escaping North Korea: one refugee's story". Al Jazeera. مؤرشف من الأصل في 01 أغسطس 201813 مايو 2017.