الرئيسيةعريقبحث

تأثير جائحة كوفيد-19 على صناعة اللحوم في الولايات المتحدة


☰ جدول المحتويات


تفشى فيروس كورونا المستجد في مصانع اللحوم والدواجن في الولايات المتحدة خلال جائحة كوفيد-19. أثرت هذه الجائحة على عشرات المصانع، ما أدى إلى إغلاق بعضها وتعطيل مصانع أخرى، وشكل ذلك تهديدًا كبيرًا لإمدادات اللحوم في الولايات المتحدة، وبحلول 27 أبريل سُجلت إصابات في أكثر من 115 منشأة لصناعة اللحوم في 23 ولاية أمريكية، وشُخصت إصابة أكثر من 4,913 عامل بفيروس كورونا المستجد، وهو ما يُشكل 3% من مجمل القوى العاملة في صناعة اللحوم، مع تسجيل 20 حالة وفاة،[1] وبحلول 5 مايو ارتفع عدد العمال المصابين إلى أكثر من 10 آلاف عامل في 29 ولاية يعملون في 170 مصنع، وتوفي أكثر من 45 منهم.[2]

خلفية

أصدر مكتب محاسبة الحكومة الفيدرالي في الولايات المتحدة تقريرًا في عام 2016 أكد أن أمراض عمال اللحوم والدواجن مرتفعة نسبيًا مقارنة بالعاملين في القطاعات الأخرى، ولكن هؤلاء العمال كانوا أقل تبليغًا عن الأمراض التي يتعرضون لها خوفًا من فقدان وظائفهم حتى قبل حدوث جائحة كوفيد-19. يكون هؤلاء العمال قريبين جدًا من بعضهم أثناء العمل ما يجعل من تطبيق التباعد الاجتماعي أمرًا مستحيلًا تقريبًا وفقًا لمتحدث باسم منظمة مراقبة الأغذية والمياه.[3] انتقد عدد من هؤلاء العمال ومديريهم التوصيات التي أصدرتها مراكز مكافحة الأمراض والوقاية حول تطبيق التباعد الاجتماعي وتدابير الحماية الشخصية معتبرين أن هذه التوصيات غير قابلة للتنفيذ. [4]

خففت وزارة الزراعة الأمريكية في أبريل 2020 تدابير الحماية في 15 مصنعًا للدواجن من خلال السماح بتسريع الإنتاج ويادة كميته، وقد انتقد الاتحاد الدولي لعمال الأغذية والتجارة هذا القرار لأنه سيؤدي إلى ظروف عمل أكثر ازدحامًا، ما يرفع خطر الإصابة بفيروس كورونا المستجد.[4]

التأثير العام

شُخصت أكثر من 3400 إصابة بفيروس كورونا المستجد في 62 مصنع لحوم في 23 ولاية أمريكية بحلول 23 أبريل، وبحلول 1 مايو بلغ عدد مصانع تعبئة وتغليف اللحوم التي حدثت فيها حالات مؤكدة (بما في ذلك المخابز ومصانع منتجات الألبان) أكثر من 99 منشأة، وشُخصت إصابة أكثر من 6800 عامل مع 25 حالة وفاة.[5] أصدرت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها تقريرًا يفيد بأنه بحلول 27 أبريل كان هنا 4913 عاملًا على الأقل في مصانع اللحوم والدواجن مصابون بفيروس كورونا المستجد يعملون في 115 مصنع في 19 ولاية أمريكية، وقد توفي منهم 20 شخصًا على الأقل.[6] قال عالم الاجتماع لورديس جوفيا إن تفشي وباء كوفيد-19 كشف عن ظروف خطرة طويلة الأمد يتعرض لها عمال اللحوم أثناء عملهم.[7]

التأثير على إمدادات الغذاء

قالت كريستين ماكراكين التي تعمل كمحللة لحوم في مؤسسة رابوبانك العالمية: إن إنتاج اللحوم في الولايات المتحدة انخفض بنسبة 20% بحلول أواخر أبريل، وتوقعت أن ترتفع أسعار لحوم الجملة، وأن ترتفع أسعار البيع بالتجزئة للحوم البقر المفرومة على وجه الخصوص.[8] خلص تحقيق أجرته صحيفة يو إس إيه توداي ومركز ميدويست الاستقصائي إلى أنه وبحلول 21 أبريل انتشرت عدوى فيروس كورونا المستجد في أكثر من 48 معمل لتعليب اللحوم في الولايات المتحدة، ما أدى إلى إصابة أكثر من 2200 عامل ووفاة 17 مصاب من بينهم، وأن الوباء قد أدى أيضًا لإغلاق أكثر من 17 مصنع. ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز، فقد كشفت جائحة كوفيد-19 كيف أصبحت هذه المعامل أضعف حلقة في سلسلة إمدادات الغذاء في البلاد، ما شكل تحديًا خطيرًا لإنتاج اللحوم.[9]

وفقًا لتقرير ديلي لايفستوك ريبورت الذي نشرته شركة ستينر كونسولتينغ: انخفض ذبح الماشية في الولايات المتحدة بنسبة 19% في الأسبوعين الثاني والثالث من أبريل 2020 مقارنة بالفترة نفسها من عام 2019.[10][11] وأوضح تقرير نشرته وكالة بلومبرغ نيوز في 23 أبريل أنَّ إمدادات لحم الخنزير والبقر والدواجن المُخزنة في برادات التخزين تكفي لأسبوعين تقريبًا، ومع استمرار إغلاق المصانع لمدة 14 يومًا لأسباب تتعلق بالسلامة فإن احتمال توقف إمدادات اللحوم وارد جدًا، وتوقع دنيس سميث من شركة آرتشر في نفس التقرير السابق أن يحدث نقص اللحوم في محلات البيع بالتجزئة بعد أسبوعين من الآن، مضيفًا أن المتاجر الكبيرة ستتمكن من تأمين احتياجاتها، بينما لن تتمكن المتاجر الأخرى من ذلك.[12][13]

أبلغت شركة تايسون فود مستثمريها في 4 مايو أن إنتاج لحم الخنزير في الولايات المتحدة انخفض بنسبة 50%، وفي نفس اليوم فرضت شركة كاستكو قيودًا على مبيعات اللحوم الطازجة، ما حد من شراء العملاء لثلاثة أصناف تشمل منتجات الدواجن ولحم البقر ولحم الخنزير،[14][15] وفرضت سلاسل متاجر كروغر ويغمانز قيودًا مماثلة على مبيعات اللحوم، وحذت حذوها سلاسل متاجر أخرى شهيرة. توقفت مطاعم وينديز في 5 مايو[16] عن تقديم الهامبرغر في حوالي 20% من مطاعمها في الولايات المتحدة البالغ عددها 5,500، إذ تستخدم هذ المطاعم اللحم المفروم الطازج وليس المجمد، وتركز النقص في الولايات التي أغلقت فيها مصانع معالجة لحوم البقر الرئيسية. ذكرت صحيفة الغارديان في 29 أبريل أنه قد أعدم حوالي مليوني رأس من الماشية نتيجة إغلاق مصانع اللحوم.[17]

السياسات وتطبيقها

توفي اثنان من مفتشي وزارة الزراعة الأمريكية نتيجة إصابتهما بكوفيد-19 في 23 أبريل، وكان أحد هؤلاء المفتشين يعمل في مكتب شيكاغو المسؤول عن عمليات التفتيش التي تتعلق بسلامة الأغذية، وقبل وفاته كان يقوم بمهامه الدورية التي يزور من خلالها مختلف مرافق تجهيز اللحوم وتصنيعها. أثبتت الاختبارات لاحقًا وجود 137 إصابة بفيروس كورونا على الأقل بين موظفي وزارة الزراعة الأمريكية، بالإضافة لتوقف 704 موظف عن العمل بسبب نقص معدات الواقية اللزمة للعمل في بيئة عالية الخطورة.[18]

أصدرت إدارة السلامة والصحة المهنية التابعة لوزارة العمل الأمريكية ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في 26 أبريل توصيات ومبادئ توجيهية لمعامل تعبئة اللحوم وتجهيزها داعيةً إلى وجود مسافة أمان تُقدر بستة أقدام على الأقل بين العمال، بالإضافة لإجراء الفحوصات الصحية الضرورية وارتداء العمال للأقنعة، وفي 28 أبريل أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه ينوي إصدار أمر تنفيذي بموجب قانون الإنتاج الدفاعي ينص على بقاء المصانع المنتجة للحوم البقر والخنزير والدواجن والبيض مفتوحة.[19] تشاور المستشار العام للبيت الأبيض بات سيبولون مع العديد من الشركات لصياغة تفويض فيدرالي يبقي المصانع مفتوحة ويسمح بتزويدها بتجهيزات إضافية لاختبار الفيروسات بالإضافة إلى معدات واقية، لكن ستيوارت أبلباوم أحد رؤساء النقابات العمالية صرَّح ردًا على ذلك: أتمنى أن تهتم هذه الإدارة بحياة العمال كما تهتم بلحوم البقر والخنازير ومنتجات الدواجن. أصدر مارك بيرون رئيس الاتحاد الدولي لعمال الغذاء بيانًا ردَّ فيه على ترامب وأشار إلى أن ما لا يقل عن 20 عاملًا في تعليب اللحوم قد ماتوا بشكل مأساوي بسبب فيروس كورونا، في حين أُدخل أكثر من 5000 عامل إلى المستشفى أو ظهرت عليهم أعراض الإصابة بالفيروس، وحث الإدارة الأمريكية على أن تسنَّ على الفور معايير سلامة واضحة وقابلة للتنفيذ تجبر جميع شركات تعليب اللحوم على توفير أعلى مستوى من معدات الحماية من خلال الوصول إلى المخزون الفدرالي من معدات الحماية الشخصية، وضمان إجراء الاختبارات اليومية للعمال ومن يحيط بهم، وفرض التباعد الاجتماعي في جميع المصانع، ومنح إجازة مرضية مدفوعة الأجر لأي عامل مصاب، ويجب مراقبة هذه المصانع باستمرار من قبل مفتشين فدراليين، ويجب أن يحصل العمال على التمثيل المناسب لضمان عدم انتهاك حقوقهم.[20][21]

توصيات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها

تعد مصانع اللحوم والدواجن من الدعامات الأساسية للبنية التحتية، ووفقًا لتوصيات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، قد يُسمح للعمال بمواصلة العمل حتى بعد التعرض المحتمل لفيروس كورونا بشرط ألا تظهر أي أعراض على المصاب، وأن تتخذ احتياطات إضافية لحماية المصابين والمجتمع. ورغم ذلك، أشارت التوصيات إلى احتمال أن تساهم بيئات العمل بإصابة عمال اللحوم، لأنهم غالبًا ما يعملون بالقرب من بعضهم البعض أثناء نوبات العمل الطويلة.[22]

أما بالنسبة للضوابط الهندسية فتركز التوصيات على تهيئة بيئات العمل المجتمعية بحيث تحقق تباعد بين العمال بما لا يقل عن ستة أقدام، بما في ذلك العمال على طول خطوط المعالجة، واستخدام الحواجز المادية مثل الستائر أو الزجاج الشفاف لفصل العمال عن بعضهم البعض، وضمان التهوية الكافية. وبالنسبة للضوابط الإدارية يُنصح بتنظيم موعد وصول العمال واستراحتهم ومغادرتهم بشكل مدروس، وتوحيد ورديات العمال بحيث يعمل كل فريق مع بعضه بشكل دائم، وتجنب استخدام السيارات للتنقل من وإلى العمل، وتطبيق برنامج لفحص العمال قبل الدخول إلى مكان العمل ووضع معايير للعودة إلى العمل للعمال المعافين واستبعاد المرضى أو المشبوهين عن العمل. توصي مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها باستخدام العمال واقيات خاصة للوجه، والنظر في السماح بالاستخدام الطوعي لأجهزة التنقية مثل أقنعة N95، وتوصي بارتداء أقنعة الوجه القماشية التي يجب استبدالها إذا أصبحت مبللة أو متسخة أو ملوثة بشكل واضح أثناء نوبة العمل، على الرغم من أن أقنعة الوجه القماشية لا تعتبر من معدات الحماية الشخصية.[22][22]

المراجع

  1. Dyal, Jonathan W. (2020). "COVID-19 Among Workers in Meat and Poultry Processing Facilities ― 19 States, April 2020". MMWR. Morbidity and Mortality Weekly Report (باللغة الإنجليزية). 69. doi:10.15585/mmwr.mm6918e3. ISSN 0149-2195. مؤرشف من الأصل في 18 مايو 2020.
  2. Dempsey, Pam (May 5, 2020). "Meatpacking industry hits grim milestone of 10,000 coronavirus cases linked to plants". Midwest Center for Investigative Reporting. Collaboration with يو إس إيه توداي. مؤرشف من الأصل في 18 مايو 202011 مايو 2020.
  3. "3 USDA meat inspectors dead, about 145 diagnosed with COVID-19". www.cbsnews.com. مؤرشف من الأصل في 16 مايو 202006 مايو 2020.
  4. "Coronavirus at meatpacking plants worse than first thought, USA TODAY investigation finds". www.usatoday.com (باللغة الإنجليزية). مؤرشف من الأصل في 19 مايو 202006 مايو 2020.
  5. "Mapping COVID-19 in meat and food processing plants". Food and Environment Reporting Network (باللغة الإنجليزية). 2020-04-22. مؤرشف من الأصل في 19 مايو 202001 مايو 2020.
  6. Galvin, Gaby (May 1, 2020). "CDC: Nearly 5,000 Meat Processing Workers Infected by COVID-19". يو إس نيوز آند وورد ريبورت. مؤرشف من الأصل في 18 مايو 2020May 2, 2020.
  7. Laughland, Oliver; Holpuch, Amanda (2 May 2020). "We're modern slaves': How meat plant workers became the new frontline in COVID-19 war". The Guardian. مؤرشف من الأصل في 17 مايو 202006 مايو 2020.
  8. Elejalde-Ruiz, Alexia (April 24, 2020). "Higher meat prices, fewer choices at supermarkets as slaughterhouses close over COVID-19 cases. For farmers, 'some tough choices' ahead". شيكاغو تريبيون. مؤرشف من الأصل في 11 مايو 202024 أبريل 2020.
  9. Bagenstose, Kyle; Chadde, Sky; Wynn, Matt (April 22, 2020). "Coronavirus at meatpacking plants worse than first thought, USA TODAY investigation finds". يو إس إيه توداي. مؤرشف من الأصل في 19 مايو 202022 أبريل 2020.
  10. Corkery, Michael; Yaffe-Bellany, David (April 18, 2020). "The Food Chain's Weakest Link: Slaughterhouses - A relatively small number of plants process much of the beef and pork in the United States, and some of them have closed because workers are getting sick". نيويورك تايمز. مؤرشف من الأصل في 19 مايو 202020 أبريل 2020.
  11. Condon, Jon (April 22, 2020). "North America continues to struggle under COVID-19 processing plant closures". Beef Central. مؤرشف من الأصل في 22 أبريل 202022 أبريل 2020.
  12. Munshi, Millie (April 23, 2020). "Another Big Meat Plant Shutters With U.S. on Brink of Shortages". بلومبيرغ نيوز. مؤرشف من الأصل في 18 مايو 202023 أبريل 2020.
  13. Samaha, Albert; Baker, Katie J.M. (April 20, 2020). "Smithfield Foods Is Blaming "Living Circumstances In Certain Cultures" For One Of America's Largest COVID-19 Clusters: New details show how Smithfield Foods failed to take action in the crucial days before the plant turned into one of the nation's largest coronavirus clusters". BuzzFeed News. مؤرشف من الأصل في 18 مايو 202021 أبريل 2020.
  14. Reiley, Laura (May 4, 2020). "Tyson says nation's pork production is down 50%, despite Trump's order to keep meat plants open: Numbers raise doubts about effectiveness of recent executive order". واشنطن بوست. مؤرشف من الأصل في 17 مايو 2020May 5, 2020.
  15. Murphy, Coral (May 4, 2020). "Costco to temporarily limit meat purchases to 3 items per person". يو إس إيه توداي. مؤرشف من الأصل في 17 مايو 2020May 5, 2020.
  16. Watertown Daily Times (May 4, 2020). "Price Chopper, Tops announce limits on meat". The Post-Star. غلينز فولز. مؤرشف من الأصل في 18 مايو 2020May 5, 2020.
  17. Farzan, Antonia. "Where's the beef'? Hamburgers vanish from Wendy's menus amid shortages of fresh beef". واشنطن بوست. مؤرشف من الأصل في 19 مايو 2020May 5, 2020.
  18. Fernandez, Bob (April 24, 2020). "A U.S meat inspector asks "Is this the day I contract COVID-19?" Meat inspectors lack basic protective equipment and have to scrounge from the plants they cover". Philadelphia Inquirer. مؤرشف من الأصل في 7 مايو 202024 أبريل 2020.
  19. "U.S. Labor Department Issues New Guidance for Meatpacking Workers". نيويورك تايمز. Reuters. April 26, 2020. مؤرشف من الأصل في 19 مايو 202026 أبريل 2020.
  20. Jacobs, Jennifer (April 28, 2020). "Trump to Order U.S. Meat Plants to Stay Open Amid Pandemic". بلومبيرغ نيوز. مؤرشف من الأصل في 18 مايو 202028 أبريل 2020.
  21. Staff (April 29, 2020). "UFCW releases a response to president's executive order on meat processing plants". WLFI-TV. لافاييت (إنديانا). مؤرشف من الأصل في 15 مايو 202029 أبريل 2020.
  22. "Meat and Poultry Processing Workers and Employers". U.S. Centers for Disease Control and Prevention (باللغة الإنجليزية). 2020-04-26. مؤرشف من الأصل في 19 مايو 202008 مايو 2020.


موسوعات ذات صلة :