الرئيسيةعريقبحث

تأويلات مجازية عند أفلاطون


اعتقد العديد من مترجمي أعمال أفلاطون أن كتاباته تتضمن مقاطع ذات معنيين، تُدعى «المجازات» أو «الرموز»، تُضفي على الحوارات طبقات من المعاني الرمزية بالإضافة إلى معناها الحرفي المعتاد. بقيت هذه التأويلات المجازية لأفلاطون مهيمنة لأكثر من 150 سنة، منذ حوالي القرن الأول الميلادي وحتى عصر النهضة وامتدت حتى القرن التاسع عشر، وأيدتها شخصيات مهمة مثل أفلوطين، وبرقلس، ومارسيليو فيسينو. بدءًا من فيلون السكندري، أثرت وجهات النظر هذه على تأويلات اليهود، والمسيحيين، والمسلمين لكتبهم المقدسة. انتشرت على نطاق واسع في عصر النهضة وساهمت في نشر المجازية بين شعراء مثل دانتي أليغييري، وإدموند سبنسر، ووليم شكسبير.[1]

في بداية الفترة الحديثة، رفض العلم الكلاسيكي الادعاءات بكون أفلاطون رمزيًا. بعد هذا الانقسام، أُطلق على اتباع أفلاطون ممن قرأوا الحوارات باعتبارها مجازات مؤكَّدة اسم «الأفلاطونيين الحديثين»، واعتُبروا منحرفين. عقب نشر المقال الرائد لمؤسسة التيت عام 1929 بعنوان «أفلاطون والتأويلات الرمزية»، بدأ العلماء بدراسة النهج الرمزي لأفلاطون نفسه كخلفية أساسية لدراسات أفلاطون وكحدث مهم في تاريخ الفلسفة، والنقد الأدبي، والتأويل، والرمزية الأدبية. رفض المؤرخون أي انقسام بسيط بين الأفلاطونية واللا أفلاطونية، وأصبح التقليد الذي يتضمن قراءة أفلاطون بشكل مجازي مجالًا للأبحاث النشطة الآن.[2][3]

تطورت تعريفات كل من «المجازية»، و«الرمزية»، و«المعنى المجازي» مع الزمن. أصبحت كلمة «المجازية» (وتعني باليونانية "المعنى الآخر") أكثر تكررًا في القرون الميلادية الأولى وكانت تشير إلى اللغة التي تحمل معنى آخر بالإضافة إلى معناها الاعتيادي أو الحرفي. سابقًا في أثينا الكلاسيكية، بدلًا من استخدام المجاز، كان من الشائع استخدام «المعنى الضمني» الذي يشير إلى معاني مخفية أو عميقة. تُعتبر المجازية اليوم سلسلة مؤكَّدة من الاستعارات في العمل الأدبي، لكن من الواضح أن التعريف القديم مختلف، لأنه كان من الممكن حينئذ أن يكون مقطع واحد أو حتى اسم ما مجازيًا. بشكل عام، يجب دراسة المعاني المتغيرة لهذه المصطلحات ضمن كل سياق تاريخي على حدة.[4][5]

المجازية في حوارات أفلاطون

دخل أفلاطون في شبابه في جدالات مع أناكساغوراس وسقراط حول إذا ما احتوت قصائد هومر على مجاز. يشير أفلاطون إلى هذه الجدالات، وجعل المجازات وطبيعتها موضوعًا بارزًا في حواراته. يستخدم تقنيات مجازية عديدة ويلفت الانتباه إليها بوضوح. على سبيل المثال، في كتاب كهف أفلاطون، يروي أفلاطون حكاية رمزية ويفسر عناصراها واحدًا تلو الآخر. أما في كتاب فيدروس، ينتقد سقراط أولئك الذين يضعون تفسيرات منطقية ومجازية للأساطير. لطالما نُوقشت وجهات نظر أفلاطون حول التفسيرات المجازية و«المجازات». استنتج فورد أن:[6]

يعتبر أفلاطون المجاز طريقة غير مؤكدة وخطيرة عندما يتعلق الأمر بالأطفال، لكنه لا ينكر أبدًا إمكانية استخدامه بطريقة أكثر فلسفية. تكون أسباب الرفض في أحد مقاطع كتاب الجمهورية (378) تعليمية واجتماعية وليست دينية أو منهجية....يتركز قلق أفلاطون على وسائل نشر التفسيرات البارعة، وليس على المنهج نفسه.[7]

تُعتبر نظرية المثل (أو الأفكار) جوهر فلسفة أفلاطون، ووجد العديد من المؤلفين تبريرًا لاستخدام الرمزية الأدبية في النظرية الميتافيزيقية. على سبيل المثال، كتب فليتشر:[8]

لنظرية الأفكار الأفلاطونية جانبين قادا إلى التفسيرات المجازية للدلالات والأشياء... يُعتبر الحديث عن «فكرة شيء ما» طلبًا للعملية المجازية، لأن الفكرة تتجاوز الشيء نفسه، كما يبتعد خيال مستخدم المجاز عن المعنى الحرفي للكلام... والأهم من ذلك هو الترتيب الأفلاطوني لنظرية الأفكار على شكل بنية هرمية واسعة، من الأشكال الدنيا إلى الأشكال العليا... عن طريق التشكيك في القيمة الأساسية للطبيعة المادية، تفتح الجدلية الأفلاطونية الطريق باتجاه إضفاء الطابع الروحاني على الطبيعة، ويؤدي هذا في حالة أفلاطون إلى استخدام المجاز في هذه اللحظة بالضبط من حواراته عندما يصل تحليل الطبيعة إلى أعلى مراحل السمو التي يمكن وصفها في المصطلحات الطبيعية البشرية.[9]

المراجع

  1. For Ficino's influence on Spenser and Shakespeare, see Sears Jayne, 'Ficino and the Platonism of the English Renaissance,' Comparative Literature, v. 4, no. 3, 1952, pp. 214-238.
  2. J. Tate, Classical Quarterly, v. 23, no. 3-4, p. 142 ff.
  3. For a brief but general overview of the history of allegory, see لوك بريسون, How Philosophers Saved Myths: Allegorical Interpretation and Classical Mythology (Chicago: The University of Chicago Press, 2004). Translated by Catherine Tihanyi.
  4. P. Struck, Birth of the Symbol (Princeton: Princeton University Press, 2004).
  5. Plutarch says "allegories ... which the ancients called undermeanings" in an essay in the Moralia: De Audiendis Poetis, 4.19. Plato (Rep. II. 378d), Euripides (Phoenicians 1131-33), Aristophanes (Frogs 1425-31), Xenophon (Symposium III, 6), all use hyponoia to mean what is later subsumed under allegory. See Jean Pépin, Mythe et Allégorie (Paris: Etudes Augustiniennes, 1976), pp. 85-86.
  6. For Anaxagoras and Metrodorus, see Diogenes Laertius, II.1 and Plato's 'Ion,' 530c3-d3. For Antisthenes the Cynic, see the discussion in R. Pfeiffer,History of Classical Scholarship: from the beginnings to the end of the Hellenistic Age (Oxford: Clarendon Press, 1968), p. 36. See Robert Lamberton, Homer the Theologian: Neoplatonist Allegorical Reading and the Growth of the Epic Tradition (Berkeley: University of California Press, 1989).
  7. According to Plato's dialogue the 'Cratylus,' most interpreters at that time treated Homer allegorically. Socrates says 'Indeed, even the ancients seem to think about Athena just as those who are currently skilled concerning Homer do. For the majority of these in interpreting the poet say that he has made out Athena to be mind and thought' (407a8-b2).
  8. A. L. Ford, The Origins of Criticism: literary culture and poetic theory in classical Greece (Princeton: Princeton University Press, 2002, p. 86-7.
  9. Angus Fletcher, 'Allegory in Literary History,' in Dictionary of the History of Ideas online at http://xtf.lib.virginia.edu/xtf/view?docId=DicHist/uvaBook/tei/DicHist1.xml&query=Dictionary%20of%20the%20History%20of%20Ideas, pp. 43-44. See also A. Fletcher, Allegory: The Theory of a Symbolic Mode (Princeton: Princeton University Press, 2012).

موسوعات ذات صلة :