الرئيسيةعريقبحث

تاريخ إندونيسيا


☰ جدول المحتويات


منحوتة سفينة بوروبودور في بوروبودور، 800 م. فقد قامت زوارق التجارة الاندونيسية برحلات إلى الساحل الشرقي لأفريقيا في وقت مبكر من القرن الأول الميلادي.[1]

تأثر تاريخ أندونيسيا كثيرا بجغرافيتها التي كان لها الدور الأكبر في رسم تاريخها. كما كان لموارد هذا البلد والهجرات على مدى تاريخه بالإضافة إلى حروبه وصراعاته والطفرة الاقتصادية التي حصلت به دور كبير في تاريخه. يمكن الاستنتاج من بعض بقايا حفرية لإنسان منتصب عرف باسم إنسان جاوة إلى أن الإنسان كان يعيش في الأرخبيل الإندونيسي منذ مليوني سنة إلى 500,000 سنة مضت.[2] وقد وصل الإنسان العاقل (إنسان) إلى هذه المنطقة منذ نحو 45000 سنة مضت.[3] أما الشعوب الأسترونيزية الذين يشكلون غالبية السكان الجدد فقد وصلوا من جنوب شرق آسيا من تايوان في حوالي عام 2000 قبل الميلاد، وانتشروا من خلال الأرخبيل إلى المناطق التي كانت تقتصر على الشعوب الأصلية الميلانيزيية في مناطق الشرق الأقصى.[4] وبسبب الظروف المثالية للزراعة، فقد استطاعوا زراعة الرز في الحقول الرطبة منذ وقت مبكر من القرن الثامن قبل الميلاد، [5] مما ساعد في ظهور القرى والبلدات، فازدهرت الممالك الصغيرة في القرن الأول قبل الميلاد وعزز موقف إندونيسيا البحري الإستراتيجي بين الجزر وعزز تجارتها الدولية، بما في ذلك علاقاتها مع ممالك الهند والصين، التي أنشئت في فترة مبكرة قبل الميلاد.[6] ومنذ ذلك الوقت، فقد تميزت إندونيسيا بالتجارة بشكل أساسي.[7] فقد انتشر الإسلام إلى المناطق الإندونيسية الأخرى تدريجياً، وكان الدين السائد في جاوة وسومطرة بحلول نهاية القرن السادس عشر.

أسس المسلمون ممالك عدة في أندونيسيا فقد أسست "سلطنة بنتام" على يد السلطان حسن الدين في جاوة الغربية، و"سلطنة ماتارام" التي أقامها رجل عسكري يُدعى "سنافاني" في شرق جاوة، وكان هناك أيضًا "سلطنة آتشيه" في شمال سومطرة، و"سلطنة ديماك" في وَسَط جاوة، والتي أقامها رمضان فاطمي عام 832هـ، وكذلك "سلطنة بالمبانغ" في جنوب سومطرة. وقد كان أول وصول للأوروبيين إلى إندونيسيا في عام 1512 عندما وصلت السفن التجارية البرتغالية بقيادة فرانسيسكو سيراو وسعوا لاحتكار مصادر جوزة الطيب والقرنفل والكبابة في جزر الملوك.[8] وقد كانت البرتغال أُولَى الدول التي احتلَّت إندونيسيا وبعدها هولندا، وقد نَشِبَتْ معاركُ شديدة بين الإندونيسيِّين من ناحية والبرتغاليِّين والهولنديين من ناحية أخرى. وقد قاوم الإندونيسيِّين الاحتلال، وقاموا بثورات متعدِّدة ضدَّهم، وخاصَّة بعد أن قُتِل أحد ملوك إندونيسيا عام 1570م، وهو هارون "سلطان تيرنات"، والذي كانت سلطته تمتدُّ حتى الفلبين.

ما قبل التاريخ

في عام 2007، أظهر تحليل لعلامات جروح على عظمتين بقريتين وُجدتا في سانغيران أن الجروح حدثت قبل 1.5 إلى 1.6 مليون عام عبر أدوات صدفية. هذا هو الدليل الأقدم لوجود الإنسان الباكر في إندونيسيا. اكتُشفت بقايا متحجرة لإنسان منتصب (هومو إريكتوس)، تُعرف شعبيًا «بإنسان جاوة»، للمرة الأولى من قبل عالم التشريح الهولندي يوجين دوبوا في ترينيل عام 1891، ويُقدّر عمرها بما لا يقل عن 700 ألف عام، وكانت في ذلك الوقت أقدم سلف بشري عُثر عليه على الإطلاق. وُجدت بقايا إضافية لإنسان منتصب بعمر مماثل في سانغيران في ثلاثينيات القرن العشرين من قبل عالم الأنثروبولوجيا غوستاف هنريش رالف فون كوينيغسفالد، الذي كشف في الفترة التاريخية نفسها بقايا في نغاندونغ، بالإضافة إلى أدواتٍ أخرى متطورة، أُعيد تأريخ عمرها في عام 2011 بين 550 ألف عام و143 ألف عام.[9][10][11][12] في عام 1977، اكتُشفت جمجمة إنسان منتصب أخرى في سامبونغماكان. في عام 2014، اكتُشف أقدم دليل عُثر عليه لنشاط فني، في شكل نقوش قطرية صنعتها أسنان أسماك القرش، على بقايا عمرها 500 ألف عام لمِلزم وُجد في جاوة في تسعينيات القرن التاسع عشر مرتبط بالإنسان المنتصب.

في عام 2003، اكتُشفت على جزيرة فلوريس بقايا بشريّ صغير جديد يبلغ عمره بين 74 ألف و13 ألف عام سُمّي «إنسان فلوريس» (هومو فلوريسنسيس)، الأمر الذي أثار دهشة المجتمع العلمي. يُعتقد أن هذا الإنسان الذي يبلغ طوله 3 أقدام فصيل ينحدر من الإنسان المنتصب وتقلَّص حجمه على مدى آلاف السنين عبر سيرورة معروفة جيدًا سُمّيت التقزُّم الجزيري. يبدو أن إنسان فلوريس كان قد تشارك الجزيرة مع الإنسان العاقل (هومو سابينز) الحديث حتى فترة تعود إلى 12 ألف عام، الفترة التي انقرض فيها. في عام 2010، اكتُشفت أدوات حجرية في فلوريس تعود إلى مليون سنة مضت، وهي الدليل الأقدم في أي مكان في العالم امتلك فيه الإنسان القديم تقنيةً لإنشاء معابر بحرية في هذا الوقت المبكر جدًا.[13]

تشكَّل الأرخبيل خلال الذوبان بعد آخر عصر جليدي. سافر البشر الأوائل عبر البحر وانتشروا من براري آسيا شرقًا إلى غينيا الجديدة وأستراليا. وصل الإنسان العاقل إلى الإقليم قبل نحو 45 ألف عام. في عام 2011، كُشف الدليل في تيمور الشرقية المجاورة، مُظهرًا أن هؤلاء المستوطنين الأوائل كانوا قبل 42 ألف عام يمتلكون مهاراتٍ بحرية عالية المستوى، وضمنيًا التقنية الضرورية لإقامة معابر بحرية للوصول إلى آسيا وجزر أخرى، في حين كانوا يلتقطون أعدادًا كبيرة من سمك البحر مثل التونا ويستهلكونها.[14]

تشكّل الشعوب الأسترونيزية غالبية السكان الحديثين. من المحتمل أنهم قد وصلوا إلى أندونيسيا في عام 2000 قبل الميلاد تقريبًا، ويُظن أن أصولهم من تايوان.[15] امتدت حضارة دونغ سون إلى أندونيسيا جالبةً معها تقنيات زراعة حقول الأرز الرطبة، وشعائر تضحية بالجواميس، وصب البرونز، وتعلُّم تشكيل صخور الجندل، وطرائق حياكة إيكات. استمرت بعض هذه الممارسات في مناطق من بينها مناطق باتاقيون في سومطرة، وتوراجا في سولاويسي، وجزر عديدة في جزر سوندا الصغرى. كان الإندونيسيون الأوائل وثنيين كرّموا أرواح الموتى بإيمانهم بأن أرواحهم أو قوى حياتهم ما تزال قادرةً على مساعدة الأحياء.

أتاحت الظروف الزراعية المثالية وإتقان زراعة حقول الأرز الرطبة في وقت مبكر يعود إلى القرن الثامن قبل الميلاد الفرصة لازدهار القرى والمدن والممالك الصغيرة بحلول القرن الأول الميلادي. تطورت هذه الممالك (هي أكثر بقليل من من مجموعة من القرى التابعة لزعماء صغار) مع أديانها الإثنية والقبلية الخاصة بها. كانت درجات الحرارة المرتفعة والمنتظمة في جاوة، وأمطارها الوفيرة، وتربتها البركانية، مثاليةً لزراعة الأرز الرطب. تطلبت زراعة كهذه مجتمعًا منظمًا خلافًا لحقول الأرز الجافة التي هي نوع زراعة أبسط ولا تتطلب بنيةً اجتماعية متطورة لتدعهما.[16]

ازدهرت صناعة الفخار في حضارة بوني في الساحل الشمالي غرب جاوة وبنتن في وقت بين عام 400 قبل الميلاد وعام 100 ميلادي. من المحتمل أن حضارة بوني كانت سلف مملكة تاروماناغارا، إحدى أقدم الممالك الهندوسية في إندونيسيا، منتجةً نقوشًا كثيرة ومشيّدةً بداية الفترة التاريخية في جاوة.

الحضارات الهندوسية البوذية

الممالك الأولى

تأثرت إندونيسيا مثل معظم جنوب شرق آسيا بالثقافة الهندية. انتشرت الثقافة الهندية على امتداد جنوب شرق آسيا، منذ القرن الثاني عبر السلالات الهندية مثل بالافا، وغوبتا، وبالا، وتشولا في القرون اللاحقة وحتى القرن الثاني عشر.[17]

تظهر في الكتابات السنسكريتية منذ عام 200 قبل الميلاد إشارات إلى دفيبانتارا أو ياوادفيبا، وهي مملكة هندوسية في جاوة وسومطرة. في ملحمة الهند الأقدم، الرامايانا، سوغريفا، أرسل قائد جيش راما رجاله إلى ياوادفيبا، جزيرة جاوة، بحثًا عن سيتا. وفقًا للملحمة القديمة مانيميكالاي المكتوبة باللغة التاميلية، امتلكت جاوة مملكةً مع عاصمة تُسمى ناغابورام.[18] البقايا الأثرية الأقدم التي اكتُشفت في إندونيسيا هي من حديقة يونغ كولون الوطنية، غرب جافا، حيث وُجد صرح هندوسي قديم لغانيشا على قمة جبل راسكا في جزيرة بانايتان يُقدّر أنه يعود إلى القرن الأول. ثمة أيضًا أدلة أثرية لمملكة سوندا غرب جاوة تعود إلى القرن الثاني، بالإضافة إلى معبد جيوا في باتوجايا، كاراوانغ، غرب جاوة الذي يُحتمل أنه بُني في هذا الوقت تقريبًا. امتدت الثقافة الهندية الجنوبية إلى جنوب شرق آسيا عبر سلالة بالافا الهندية الجنوبية في القرنين الرابع والخامس. بحلول القرن الخامس، وُجدت نقوش صخرية كُتبت بخط بالافي في جاوة وبورنيو.[19]

ازدهر عدد من الدول الهندوسية والبوذية ثم تلاشت في جميع أنحاء إندونيسيا. وُجدت ثلاث قواعد صلبة تعود إلى بداية القرن الرابع في كوتاي شرق كالمنتان قرب نهر ماهاكام. حملت القواعد نقشًا بخط بالافي هندي يقول «هدية إلى الكهنة البراهمة». كانت تاروماناغارا واحدةً من هذه الممالك القديمة، وازدهرت بين عامي 358 و669 ميلادي. تقع أقدم النقوش المعروفة في جاوة التي أسَّسها ملك القرن الخامس، بورناوارمان، في جاوة الغربية على مقربة من جاكرتا في يومنا هذا، وتقع نقوش شياروتيون قرب بوغور. بالإضافة إلى نقوش أخرى باسم نقوش باسار أوي ونقوش مونكول. نقش الملك بورناوارمان اسمه على هذا الصرح وترك بصمات أقدامه، بالإضافة إلى بصمات أقدام فيله. تقول النقوش المرافقة «هنا آثار أقدام بورنافارمان الفاتح البطل للعالم». كُتب هذا النقش بخط بالافي وبالسنسكريتية وهو ما يزال واضحًا بعد مرور 1500 عام. بنى بورناوارمان كما يبدو قناةً غيرت مجرى نهر كاكونغ وجففت المنطقة الساحلية لأهداف زراعية واستيطانية. ربط بورناوارمان، في نقوشه الصخرية، نفسه بفيشنو وصان البراهمة بصورة شعائرية المشروع المائي من الخطر.[20]

أُسّست مملكة كالينغا في جاوة الوسطى شمال الساحل في الفترة ذاتها تقريبًا، في القرن السادس وحتى القرن السابع، وذُكرت في حكاية صينية. استُمدّ اسم هذه المملكة من مملكة كالينغا الهندية القديمة، الأمر الذي يُشير إلى رابط قديم بين إندونيسيا والصين.[21]

سيطرت مملكة سريفيجايا الواقعة في سومطرة على التاريخ السياسي للأرخبيل الهندي خلال القرن السابع حتى القرن الحادي عشر وسيطرت سلالة سيلندرا المتمركزة في جاوة على جنوبي شرق آسيا وبَنت بوروبودور، الصرح البوذي الأضخم في العالم. التاريخ السابق للقرنين الرابع عشر والخامس عشر غير معروف كفاية بسبب ندرة الأدلة. بحلول القرن الخامس عشر، سيطرت دولتان على هذه الفترة؛ ماجاباهيت في جاوة الشرقية، أعظم الولايات الإندونيسية ما قبل الإسلامية، ومالاكا على الساحل الغربي لشبه جزيرة مالاي، وهي ربما إحدى أعظم الإمبراطوريات التجارية الإسلامية،[22] وقد شكّل هذا صعود الدول الإسلامية في الأرخبيل الإندونيسي.

مراجع

  1. كولين بروان، لمحة تاريخية قصيرة من إندونيسيا: الأمة غير المتوقعة، ص:13 (2003) isbn=1-86508-838-2
  2. Pope, GG (1988). "Recent advances in far eastern paleoanthropology". Annual Review of Anthropology. 17: 43–77. doi:10.1146/annurev.an.17.100188.000355. cited in Whitten, T (1996). The Ecology of Java and Bali. Hong Kong: Periplus Editions. صفحات 309–12. ; Pope, GG (15 August 1983). "Evidence on the age of the Asian Hominidae". Proceedings of the National Academy of Sciences of the United States of America. 80 (16): 4988–92. doi:10.1073/pnas.80.16.4988. PMC . PMID 6410399. مؤرشف من الأصل في 21 نوفمبر 2008. cited in Whitten, T (1996). The Ecology of Java and Bali. Hong Kong: Periplus Editions. صفحة 309. ; de Vos, JP (9 December 1994). "Dating hominid sites in Indonesia" ( كتاب إلكتروني PDF ). Science Magazine. 266 (16): 4988–92. doi:10.1126/science.7992059. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 29 سبتمبر 2009. cited in Whitten, T (1996). The Ecology of Java and Bali. Hong Kong: Periplus Editions. صفحة 309. مؤرشف من الأصل في 21 نوفمبر 2008.
  3. "The Great Human Migration". Smithsonian. 2008: 2. مؤرشف من الأصل في 13 ديسمبر 2013.
  4. تالور (2003)، الصفحات: 5-7
  5. تايلور(2003)، الصفحات: 8-9
  6. تايلور (2003)، الصفحات: 15-18
  7. تايلور (2003)، الصفحات: 3، 9–11، 13–5، 18–20، 22–3؛ فيكرز (2005)، الصفحات: 18–20، 60، 133–4
  8. ريكلفس (1991)، الصفحات: 22–24
  9. "Finding showing human ancestor older than previously thought offers new insights into evolution". Terradaily.com. مؤرشف من الأصل في 26 مايو 202028 أبريل 2013.
  10. Pope, G. G. (1988). "Recent advances in far eastern paleoanthropology". Annual Review of Anthropology. 17 (1): 43–77. doi:10.1146/annurev.an.17.100188.000355. cited in Whitten, Soeriaatmadja & Suraya (1996), pp. 309–312
  11. Pope, G (15 August 1983). "Evidence on the Age of the Asian Hominidae". Proceedings of the National Academy of Sciences of the United States of America. 80 (16): 4988–4992. doi:10.1073/pnas.80.16.4988. PMC . PMID 6410399. cited in Whitten, Soeriaatmadja & Suraya (1996), p. 309
  12. de Vos, J.P.; P.Y. Sondaar (9 December 1994). "Dating hominid sites in Indonesia" ( كتاب إلكتروني PDF ). Science Magazine. 266 (16): 4988–4992. doi:10.1126/science.7992059. cited in Whitten, Soeriaatmadja & Suraya (1996)
  13. "Flores Man Could Be 1 Million Years Old – Science News". redOrbit. 18 March 2010. مؤرشف من الأصل في 15 فبراير 202028 أبريل 2013.
  14. "Evidence of 42,000 year old deep sea fishing revealed : Archaeology News from Past Horizons". Pasthorizonspr.com. مؤرشف من الأصل في 15 مايو 201328 أبريل 2013.
  15. Taylor (2003), pp. 5–7
  16. Taylor (2003), pp. 8–9
  17. Becoming Indian: The Unfinished Revolution of Culture and Identity by Pavan K. Varma p.125
  18. The Tamils Eighteen Hundred Years Ago by V. Kanakasabhai p.11
  19. History of Humanity: From the seventh century B.C. to the seventh century A.D. by Sigfried J. de Laet p.395
  20. Mary Somers Heidhues. Southeast Asia: A Concise History. London: Thames and Hudson, 2000. Pp. 45 and 63.
  21. R. Soekmono (1988) [1973]. Pengantar Sejarah Kebudayaan Indonesia 2 (الطبعة 5th reprint). Yogyakarta: Penerbit Kanisius. صفحة 37.
  22. Ricklefs (1993), p. 15

موسوعات ذات صلة :