يتصف تاريخ المنقور التميمي للشيخ أحمد بن محمد المنقور التميمي بقلة الصفحات إذ تبلغ صفحاته ست عشرة صفحة، وسطور كل صفحة قليلة، وكذلك عدد كلمات كل سطر. وقد بين الدكتور الخويطر ذلك في مقدمته، بالإضافة إلى ابانته عدد من الأمور منها ماله صلة بالمؤلف وحياته الشخصية ومنها ماله صلة بالعمل فوضح في ذلك قيمة العمل من خلال توضيح الظروف المحيطة بتأليفه ومؤلفه وما تميز به عن غيره من مؤرخي القرون الأربعة الماضية.
المحتويات
ويعكس تاريخ المنقور حياة بلدات جرت بينها حروب عديدة لا ترحم بالرغم من أن وجود القرابة وأواصر النسب والانحدار من القبيلة الواحدة تربط بين سكانها في أغلب الأحوال. وما جاء في كتاب المنقور من تصوير لحالة الحروب الدائمة بين بلدات سدير على وجه الخصوص حيث عاش الكاتب وأرخ يعكس الطبيعة الإنسانية عبر العصور، ويرسم صورة تدرج الاستيطان وانتقاله من القرية إلى المدينة إلى دويلة المدينة إلى الدولة.
فعندما تقرأ ما جاء في كتاب ابن منقور تتذكر أحداث دويلات المدن في بلاد اليونان تلك الدويلات التي تكون كل دولة مدينة تحارب مدن الدويلات الأخرى إلى أن جاء فيليب المقدوني ثم ابنه الاسكندر الأكبر المقدوني وقاما بتوحيد جميع تلك المدن في دولة واحدة انطلقت عبر سواحل آسيا الصغرى لتحتل الشرق الأدنى القديم مكونة إمبراطورية مترامية الأطراف انقسمت إلى بضع ممالك بعد وفاة الاسكندر الأكبر ولكنها بقيت تحكم الشرق الأدنى القديم لمدة تزيد على الثلاثة قرون.
وتذكرنا الحالة نفسها بحالة دويلات المدن في بلاد الرافدين خلال الألف الثالث قبل الميلاد عندما كانت كل مدينة دولة بذاتها تحكمها أسرة يطلق عليها سلالة. حاربت تلك السلالات بعضها البعض لمدة من الزمن استمرت لقرون حتى جاء سرجون الأكادي ووحد تلك المدن في دولة واحدة عرفها المؤرخون باسم الإمبراطورية الأكادية استمرت ردحاً من الزمن.
وهكذا نجد ان صورة تطور الاستيطان ونموه تتكرر خلال الزمن، فتبدأ بالتجمع الأصغر الذي هو القرية، ثم المدينة، ثم الدولة. فالصورة ذاتها نجدها في الألف الثالث قبل الميلاد في بلاد الرافدين، وخلال القرن الرابع قبل الميلاد في بلاد اليونان، وخلال القرون الأربعة السابقة على عصرنا في شبه الجزيرة العربية. وعليه فالتاريخ واحد في احداثه وعبره القديم منه والحديث.