بدأ تاريخ الصحافة السودانية في ايام الحكم التركي المصري خاصة عهد الخديوي إسماعيل وذلك عندما بدأت صحيفة "الوقائع"المصرية تنتشر للادباء السودانين بتشجيع الحكمدار جعفر باشا مظهر.
اما تاريخ الضحافة الحديثة في السودان بدأ بصدور صحيفة السودان في سنة 1903م. وصدرت نصف شهرية بواسطة بعض الشوام الذين يعملون في البلاد آنذاك، وكانت بداية نشر الدوريات في السودان في تاريخ سابق لصدور جريدة السودان حيث أصدرت قوات كتشنر أثناء زحفها على السودان نشرتين هما في عام 1896م، وأصدرت الحكومة الاستعمارية الغازيتة السودانية عام 1899م، وصدرت صحيفة النيل وهي أول صحيفة سودانية يومية بتوجيه من السيد عبد الرحمن المهدي وترأس تحريرها الصحفي المصري حسن صبحي ، ولاننسي الفضل الكبير في الصحافة الذي يعود للصحفي رئيس تحرير مجلة الفجر ،وصدرت في الثلاثينات صحف أدبية انعكاسا لتأثير مصر على السودان، وكان عدد من السودانيين الذين تلقوا تعليمهم في مصر قد شاركوا بالكتابة في صحافة مصر وتأثروا بها.
صدر أول مرسوم لتنظيم مهنة الصحافة عام 1930 وكان يهدف إلى تكريس قبضة السلطات الاستعمارية على الصحافة التي أخذت آنذاك في النمو، خوفاً من دعم تطور الحركة الوطنية السودانية، ولكن تطورت الحركة الوطنية عقب تصاعد نشاط مؤتمر الخريجين وتبلور ذلك النشاط في قيام الأحزاب السياسية التي أصدرت صحفاً خاصة بها للتعبير عن أهدافها، حيث أصدر حزب الأمة صحيفة باسمه عام 1944م، وأصدرت حزب الأشقاء صحيفة باسمه عام 1948م، والحزب الشيوعي الذي أصدر صحيفة الميدان، والأخوان المسلمون لسان حال حركة الأخوان المسلمين.
وقد ساهمت الصحافة في تحقيق الاستقلال وكانت أداة فاعلة في تعبئة الرأي العام حول قضايا التحرير، واستطاعت أن توحد جهود أبناء السودان لنيل الاستقلال في العام 1956م. وقد مثلت فترة الأربعينات من القرن الماضي أخصب الفترات التي شهدتها الصحافة السودانية حيث شكلت البداية الأولى للصحافة السياسية الجادة، وهي الفترة التي ظهرت فيها أول مجلة سياسية مصورة تصدر في السودان (السودان الجديد استمرت مجلة لمدة أربع سنوات ثم تحولت إلى جريدة 1943م-1947م)، وهي الفترة التي شهدت صدور أول جريدة مسائية في السودان وربما الأخيرة (الرأي العام لفترة قصيرة وتحولت إلى جريدة صباحية 1945م)، وهي الفترة التي شهدت صدور أول جريدة إقليمية (كرد فان 1945م)، وهي الفترة التي شهدت صدور أول مجلة متخصصة للأطفال (الصبيان 1946م)، وهي الفترة التي شهدت صدور أول مجلة نسائية متخصصة (بنت الوادي 1946م)، وهي فوق كل ذلك الفترة التي شهدت ظهور الأحزاب السياسية (الأشقاء 1942م- الأمة 1945م)، وقد كانت هذه الفترة هي ضربة البداية لعهد جديد تشهده الصحافة الحزبية في السودان. وقد شكلت فترة الخمسينات انفجار النشر الصحافي في السودان حيث صدرت ما يزيد عن السبعين صحيفة جديدة، وهي الفترة التي صدرت فيها أول مجلة هزلية فكاهية تصدر في السودان (مجلة أضحك والتي أصدرها خالد أبو الروس عام 1951م)، وقد صدرت صحف السوداني 1950م، والأيام 1953م، والـ MORNING NEWS 1953م، والاتحاد 1953م، والأخبار 1955م كصحف سياسية، ومعها مجموعة أخرى من الصحف المتخصصة والعامة.
وتمكنت التعددية السياسية التي أحرزت الاستقلال من إنعاش الصحافة السودانية وتعددت الإصدارات الصحافية، وبرز جيل من رواد العمل الصحافي أمثال أحمد يوسف هاشم (السودان الجديد 1943م) الملقب بـ(أبو الصحف)، وفضل بشير (السودان الجديد)، وإسماعيل العتباني (الرأي العام 1945م) ويحي محمد عبد القادر (مجلة المستقبل 1949م)، وعبد الله رجب (الصراحة 1949م)، وبشير محمد سعيد (رئيس تحرير جريدة الأيام 1953م)، ورحمي سليمان (الأخبار 1955م)، ، وحسن نجيلة، وزين العابدين حسين شريف، محمد سعيد معروف، وعبد الرحمن مختار (الصحافة 1961م) ومحمود إدريس، والتجاني الطيب بابكر، ومحمد الحسن أحمد (الأضواء 1968م)، والفاتح التجاني (الرأي العام الأسبوعي)، ومجموعة أخرى من الصحافيين المتميزين الذين قدموا مثالاً طيباً لخدمة قضايا الوطن والمواطنين.وفى عام 1958م وبعد استيلاء أول نظام عسكري وهو نظام الفريق إبراهيم عبود على السلطة عطلت الأحزاب وتبع ذلك تعطيل الصحافة وأصدرت الدولة صحيفة (الثورة) وترأس تحريرها عبد الله رجب، محمد الخليفة طه الريفي، وقيلي أحمد عمر، و فضل الله محمد واستمرت حتى عام 1964 وظهرت الصحف المستقلة والحزبية عقب ثورة أكتوبر 1964م ثم توقفت الصحافة الحزبية عقب قيام نظام مايو 1969م وكان الرئيس نميرى قد أمم الصحافة في 1970م ومنع صدور الصحافة الحزبية بطبيعة نظام حكمه الذي ناهض التعددية، وصدرت صحيفة أخبار الأسبوع والأحرار للتعبير عن توجهات الدولة . وصحيفة القوات المسلحة آلتي كانت ثالث صحيفة تنطق باسم النظام بعد الصحافة والأيام . وفي عام 1973م صدر أول قانون وطني للصحافة والمطبوعات بديلا للقانون الاستعماري لعام 1930م ، وآلت بموجبه الصحف إلى ( الاتحاد الاشتراكي السوداني ) الحزب الحاكم تحت إشراف وزارة الثقافة والأعلام . واستثنى القانون الصحف غير السياسية آلتي يمكن إن تصدر بإجازة خاصة من مجلس الصحافة والمطبوعات . وكانت الصحيفة الوحيدة السياسية آلتي تم استثناؤها من المرسوم هي مجلة سودانا الأسبوعية آلتي تصدر من وزارة الثقافة والأعلام باللغة الإنجليزية .وتبع مجلس الصحافة والمطبوعات الذي نشأ بموجب قانون الصحافة والمطبوعات عام 1973م لوزارة الثقافة والأعلام وكانت شئون الصحافة قبله من اختصاص وزارة الداخلية.
وأصبح مجلس الصحافة والمطبوعات مكلفاً بإدارة نشاط الصحفيين وتصديق الشهادات وتخطيط العمل الصحفي عامة ليكون ملائماً لإطار أيديولوجية السلطة الحاكمة وصدرت صحيفتان يوميتان ، وهما الأيام والصحافة.